أسرار الصين للسيطرة على الإنترنت

يستخدم "الحزب الشيوعي" قوة عاملة كبرى وليس فقط التكنولوجيا للحد من حرية التعبير

Xinhua News Agency
Xinhua News Agency
الرئيس الصيني شي جين بينغ في الوسط، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني العشرين لـ"الحزب الشيوعي الصيني" في العاصمة بكين

أسرار الصين للسيطرة على الإنترنت

عندما أصبح الوصول إلى الإنترنت متاحاً للمرة الأولى في أنحاء العالم كله، كان المتفائلون يأملون في أن تتمكّن الشبكة من كسر قدرة الأنظمة الاستبدادية على التحكم بالمعلومات. وتوقّع أصحاب هذا التفكير أن تعجز الديكتاتوريات عن صد ثورة المعلومات التي أتاحتها الطبيعة اللامركزية للإنترنت. وعام 2000، قارن الرئيس الأميركي بيل كلينتون محاولات الصين السيطرة على الفضاء السيبراني بـ"محاولة تثبيت جيلو على الحائط".

مع ذلك، لم يفكّر القادة الصينيون بالطريقة نفسها. على الرغم من افتقارهم إلى خطة شاملة في البداية، طوّروا تكتيكات على مدى عقود ثبّتت "الجيلو" المجازي في "جدار الحماية العظيم" الذي بنته الصين. ويُعَدّ نهج بكين لترويض ثورة المعلومات فريداً من نوعه: لقد ركّز على التحكّم في الوصول إلى الإنترنت، وليس فقط فرض الرقابة على محتواها. تعطي السلطات الصينية الأولوية إلى معرفة "من" يتصلون بالإنترنت – وهذا يسمح لها بتحديد أولئك الذين يشكلون تهديداً محتملاً، ومتابعتهم وترهيبهم ومعاقبتهم.

هذا المفهوم – الذي تسميه الدولة الصينية "السيطرة على ساحة المعركة" – يدعم أحد تكتيكات المراقبة الأكثر استخداماً في بكين سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع. بالنسبة إلى "الحزب الشيوعي الصيني"، الذي يرى في قمع أي تهديدات لسلطته مسألة من مسائل الحياة أو الموت، يُعَدّ الفضاء السيبراني ساحة معركة جديدة. لا يعتمد "الحزب الشيوعي الصيني" على التكنولوجيا للسيطرة عليه فقط. هو يستخدم أيضاً التكنولوجيا لمعرفة أين ومتى تُنشَر قوة بشرية إضافية في جبهات حربه الهادفة إلى السيطرة العامة، سواء كانت هذه الجبهات محطات للقطارات أو مراكز للتسوق أو فنادق أو جامعات.

بدأ "الحزب الشيوعي الصيني" بتأكيد سيطرته على الإنترنت في منتصف تسعينات القرن العشرين، لكنه لم يؤسس حتى عام 2014 "المجموعة المركزية الرائدة للأمن السيبراني والمعلوماتية"، وهي وكالة متكاملة على صعيد البلاد

للسيطرة على ساحة المعركة في الفضاء السيبراني، تعتمد الحكومة على هيئتين للمراقبة: اللجنة المركزية لشؤون الفضاء السيبراني، وهي جزء من "الحزب الشيوعي الصيني"، ووحدات من الشرطة. تحدد الرقابة الحزبية المحتوى الذي يجب حجبه أو تصفيته، في حين تفرض الشرطة الرقابة من خلال تكتيكات مثل تركيب أجهزة مراقبة، ومنع اتصالات المشتبه فيهم وتصفيتها، وإجراء التحقيقات وتنفيذ الاعتقالات.

سيطرة الحزب على الفضاء السيبراني

بدأ "الحزب الشيوعي الصيني" بتأكيد سيطرته على الإنترنت في منتصف تسعينات القرن العشرين، لكنه لم يؤسس حتى عام 2014 "المجموعة المركزية الرائدة للأمن السيبراني والمعلوماتية"، وهي وكالة متكاملة على صعيد البلاد مكلفة مسؤوليات تنظيمية ورقابية (عام 2018، رقّى الرئيس شي جين بينغ المجموعة إلى لجنة مركزية). وفي الوقت نفسه، أنشأت السلطات القضائية المحلية مكاتب مماثلة ملحقة بلجان "الحزب الشيوعي الصيني".

AFP
الرئيس الصيني، أثناء ترحيب الحضور به عند وصوله حفل افتتاح المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين، 4 مارس 2023

تفتقر المنافذ المحلية للجنة شؤون الفضاء السيبراني – سأشير إلى المنافذ باسم "الوكالات السيبرانية" – إلى القوة العاملة والقدرات التكنولوجية لإجراء مراقبة متطورة. بدلاً من ذلك، تتمثل مهامها الرئيسة في الرقابة الروتينية ونشر معلومات مضللة. مثلاً، أفادت وكالة الإنترنت البلدية لمدينة لونغنان، التي تضم أقل من ثلاثة ملايين شخص، بأنها استخدمت، في حلول أواخر عام 2010، بيانات ضخمة (Big Data) وحوسبة سحابية لمراقبة الرأي العام عبر الإنترنت؛ وعام 2019، راقبت الوكالة 515 ألف معلومة عبر الإنترنت تتعلق بلونغنان، اعتبرت ثمانية آلاف منها سلبية. كذلك تجنّد وكالات الإنترنت المحلية معلقين إلكترونيين للقيام بحملات عبر الإنترنت للتلاعب بالرأي العام ونشر معلومات مضللة.

وحدات "الشرطة السيبرانية"

من جهة أخرى، تتولى وحدات الشرطة السيبرانية مسؤولية الإنفاذ والمراقبة. نُظِّمت الشرطة السيبرانية للمرة الأولى في مكاتب الأمن العام في أنحاء الصين كلها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأفادت وحدة الشرطة السيبرانية في مدينة يانان بأن مهامها الرئيسة تشمل "مراقبة المعلومات الضارة والسيطرة عليها؛ وجمع معلومات عن التطورات على الإنترنت وتحليلها والإبلاغ عنها؛ وإنفاذ التنظيمات في مقاهي الإنترنت؛ والتحقيق في الجرائم السيبرانية والتعامل معها". وتُعَدّ وحدات الشرطة السيبرانية في مكاتب الأمن العام المحلية صغيرة نسبياً على الرغم من أنها تؤدي واجبات كهذه. وتضم وحدة شرطة الإنترنت النموذجية في أي منطقة من خمسة إلى ستة ضباط.

تنشر كل من الوكالات السيبرانية المحلية ووحدات الشرطة السيبرانية حلولاً بالتكنولوجيا المتفوقة لمراقبة الإنترنت على مدار الساعة. مثلاً، استخدمت الوكالة السيبرانية لمنطقة سانتاي تكنولوجيا لمراقبة الإنترنت تُسمَّى "ريل تايم إكسشاينج" (Real Time eXchange). ويُطلَب من ضباط شرطة الإنترنت إبلاغ قيادة مكتب الأمن العام عن التطورات المهمة، وكذلك لجنة الحزب في المنطقة والحكومة.

يتطلب عمل المراقبة والسيطرة عمالة مكثفة – يجب على شرطة الإنترنت القيام بتحقيقات شخصية وزيارات للأفراد المشتبه في ارتكابهم انتهاكات مثل نشر مواد خاضعة إلى الرقابة

يبدو أن وكالات الإنترنت تحدد المحتوى الذي يجب حذفه وحظره ثم توجه الشرطة لتنفيذه، على الرغم من أن السجلات المحلية لا تحدد ذلك. مثلاً، صرّحت وحدة الشرطة السيبرانية التابعة لبلدية مدينة أرغون بأنها مسؤولة عن "تنظيم 'العمل الروتيني' لوكالة الأمن السيبراني في إرغون وتنفيذه" (يشير "العمل الروتيني" في شكل شبه مؤكد إلى فرض رقابة على المحتوى عبر الإنترنت). كذلك تشير التقارير التي تفيد بأن الشرطة السيبرانية تتلقى رشاوى من رجال أعمال لحذف منشورات ناقدة لهم، إلى أن الشرطة السيبرانية مكلفة الإنفاذ. وعندما تكتشف الوكالات السيبرانية مواد عبر الإنترنت تتطلب التحقيق، تنبّه الشرطة السيبرانية. مثلاً، بمجرد أن وكالة الإنترنت في منطقة يونليان علمت بما سمته "شائعة إنترنت" خطيرة عام 2017، اتصلت بوحدة الإنترنت في مكتب الأمن العام بالمنطقة للتحقيق.

جدار الحماية العظيم

هذا التقسيم للعمل منطقي من الناحية الإدارية. وليس من الضروري تكرار القدرات التكنولوجية بين الوكالات، كما يواجه وضع قدرات المراقبة في مباني الشرطة خطراً أمنياً أقل، لأن هذه المباني تخضع إلى حراسة أفضل من المباني الحكومية. كذلك تدير الشرطة "النظام العام للمراقبة والتحكم بأمن شبكة المعلومات" في الصين – أو ما يُسمَّى جدار الحماية العظيم.

Shutterstock
صورة توضيحية لمجموعة من المخترقين الصينيين

يتطلب عمل المراقبة والسيطرة عمالة مكثفة – يجب على شرطة الإنترنت القيام بتحقيقات شخصية وزيارات للأفراد المشتبه في ارتكابهم انتهاكات مثل نشر مواد خاضعة إلى الرقابة. عام 2016، أجرت شرطة الإنترنت في منطقة باييون حيث تقع مدينة غوييانغ تحقيقات شخصية مع 85 شخصاً. وكانت شرطة الإنترنت في منطقة مجاورة، منطقة يونيان، أكثر عدوانية، إذ أبلغت عن 200 تحقيق من هذا القبيل ذلك العام. وتشمل العقوبات المفروضة على الأنشطة الضارة على الإنترنت الاحتجاز والغرامات و"النقد والتعليم".  

تستخدم الشرطة السيبرانية تكتيكات عدة للكشف عن هويات المخالفين والمخالفين المحتملين. تتمثل إحدى الطرق في متابعة عناوين بروتوكولات الإنترنت (IP addresses)، وهي التعريف الفريد المرتبط بشبكة محلية تتصل بالإنترنت الأوسع. من السهل القيام بذلك لأن الوصول عبر الإنترنت توفره شركات اتصالات مملوكة من الدولة. لكن المستخدمين الأكثر تطوراً يستطيعون تجنب هذا النوع من تحديد الهوية من طريق توجيه حركة المرور الخاصة بهم عبر الإنترنت إلى شبكة خاصة افتراضية (virtual private network، أو VPN).

وبرزت حاجة إلى تدابير إضافية من أجل تحديد أصحاب حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، التي تسمح بالنشر المجهول. في فبراير/شباط 2015، تطلبت القواعد الجديدة من مستخدمي الإنترنت جميعاً تقديم أسمائهم الحقيقية عند تسجيل الحسابات في غرف الدردشة، وتطبيق المراسلة الشهير "وي تشات" (WeChat)، وخدمة التدوين المصغر النشطة للغاية "ويبو" (Weibo)، ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى كلها.

تطبّق شرطة الإنترنت القواعد بصرامة وتدرّب أيضاً "حراساً أمنيين" في مقاهي الإنترنت، يُفترَض أنهم يضمنون الامتثال للتنظيمات وربما يتجسسون أيضاً على العملاء

حراس مقاهي الانترنت

تراقب شرطة الإنترنت أيضاً نقاط الوصول، مثل مقاهي الإنترنت وشبكات البث اللاسلكي الدقيق (wireless fidelity، أو Wi-Fi) العامة في الفنادق ومراكز التسوق والمطارات وغيرها من الأماكن لتحديد المستخدمين خارج شبكاتهم المنزلية (ليست مقاهي الإنترنت شائعة اليوم كما كانت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنها لا تزال تُستخدَم على نطاق واسع، ولا سيما هواة الألعاب المتصلة بالإنترنت). وتساعد التنظيمات شرطة الإنترنت على القيام بذلك. عام 2001، فرضت الحكومة على مقاهي الإنترنت الخاصة، التي كان من المفترض أن تطلب بطاقة هوية من كل مستخدم، الاحتفاظ بمعلومات العملاء، بما في ذلك الهويات والأنشطة عبر الإنترنت، لمدة 60 يوماً. وبات من الواجب على مشغلي مقاهي الإنترنت أيضاً الحصول على ترخيص من مكتب الأمن العام والمكتب الثقافي المحليّين، علماً بأن المكاتب الثقافية وكالات حكومية تنظم قطاع الترفيه. وتتطلب القواعد الأحدث أن تثبّت مقاهي الإنترنت أجهزة لقراءة بطاقات الهوية فلا يتمكّن العملاء من الوصول إلى الإنترنت إلا بعد مسح بطاقات الهوية التي تخزن معلومات التعريف، بما في ذلك صورة ملونة للوجه.

AFP
شبان في مقهى للإنترنت في العاصمة بكين، 26 يناير 2024

ثمة تنظيمات مماثلة سبقت حتى إطلاق الشرطة السيبرانية لكنها كانت تُطبَّق في شكل فضفاض. اليوم، تطبّق شرطة الإنترنت هذه القواعد بصرامة وتدرّب أيضاً "حراساً أمنيين" في مقاهي الإنترنت، يُفترَض أنهم يضمنون الامتثال للتنظيمات وربما يتجسسون أيضاً على العملاء. بل إن بعض السلطات القضائية تتطلّب من مقاهي الإنترنت تركيب كاميرات لمراقبة العملاء.

أما بالنسبة إلى مراقبة شبكات البث اللاسلكي الدقيق العامة، فبدأت الشرطة السيبرانية المحلية، أواخر عام 2000، بمطالبة المشغلين بتطبيق "تدابير تقنية أمنية" غير محددة. ومن المرجح أن يكون جهد وطني متضافر قد بدأ على هذا الصعيد عام 2014. فذلك العام، أطلقت شرطة ووهان، مثلاً، برنامجاً مدته ثلاث سنوات لتثبيت "أنظمة لإدارة الأمن" في شبكات البث اللاسلكي الدقيق العامة. وعام 2016، ركّب مكتب الأمن العام في يونيان 560 نظاماً عاماً لمراقبة هذه الشبكات. ورُكِّبت الآلاف من الأنظمة المماثلة في منطقتين بمقاطعة سيتشوان بين عامي 2017 و2018. وفي المتوسط، يكلّف جهاز مراقبة كل شبكة من شبكات البث اللاسلكي الدقيق نحو 306 دولارات، مما يشير إلى أن برنامج المراقبة هذا – بما في ذلك تكاليف الصيانة والتشغيل بعد التثبيت – يتطلب موارد كبيرة. 

تصنيف المستخدمين وقوائم سوداء

وتولي شرطة الإنترنت اهتماماً خاصاً بالمستخدمين المصنفين "أفراداً أساسيين (key individuals)"، وهم أشخاص وضعتهم السلطات المحلية على القائمة السوداء لمشاركتهم في أنشطة تُعَدّ بمثابة تهديدات لأمن النظام والسلامة العامة. ومن المحتمل أن يشمل هؤلاء المنشقين السياسيين والعلماء الليبيراليين ونشطاء حقوق الإنسان وأعضاء المنظمات الدينية غير القانونية وأعضاء الفالون غونغ (Falun Gong) وغيرها من الحركات التي تعتبرها الدولة "طوائف شريرة". وتورد تقارير أن الأفراد - المفاتيح يشملون أيضاً بعض الشخصيات المعروفة الموالية للحكومة، مما يشير إلى ارتياب الحزب في الأفراد الذين يتمتعون بشعبية بغض النظر عن ولائهم السياسي.

يختلف عدد الأفراد الأساسيين النشطين عبر الإنترنت في أجزاء مختلفة من الصين، مما يدل على أن السلطات القضائية تمتلك حرية واسعة في وضع هذه التصنيفات. عام 2018، كان مئة فرد رئيس قيد المراقبة في منطقة هينغيانغ. وأفادت شرطة الإنترنت في أوروغين بمنغوليا الداخلية بأن 25 شخصاً كانوا قيد المراقبة عام 2015. وأعلنت مدينة تشانغتشو بمنطقة يونهي أن شرطتها كانت على تواصل شخصي مع 62 فرداً أساسيا عام 2016. غير أن سلطات قضائية عدة حددت عدداً أكبر من ذلك بكثير. كانت منطقة جيشان تضع قيد المراقبة عام 2018 ألفاً و141 شخصاً مستهدفاً كهؤلاء، أي ما يقرب من 0.3 في المئة من سكانها. وبين عامي 2011 و2014، عمدت شرطة الإنترنت في منطقة تانتشنغ إلى "تسجيلٍ ومراقبةٍ" في ما يتعلق بثلاثة آلاف و475 فرداً رئيساً، أي نحو 0.4 في المئة من السكان.

يكشف نجاح الصين في السيطرة على ساحة المعركة في الفضاء السيبراني عن قدرة "الحزب الشيوعي الصيني" على التكيف التكتيكي في مواجهة أي تهديد جديد لقبضته على السلطة

على الرغم من وجود القليل من التفاصيل العامة حول كيفية مراقبة الصين للأفراد الأساسيين، إلا أن الإجراء يُعَدّ أحد أهم تكتيكات المراقبة في الصين لأنه يسمح للسلطات بمتابعة الأفراد الذين من المرجح أن يتسببوا بمشاكل. ويبدو أن الشرطة السيبرانية تملك في الحد الأدنى ملفات خاصة عن الأشخاص المستهدفين من قبلها، كما يرد من العديد من السلطات القضائية. مثلاً، ووفق تقرير صادر عن مكتب الأمن العام في مدينة نيجيانغ في فبراير/شباط 2011، صدرت تعليمات إلى وحدة الشرطة السيبرانية بجمع المعلومات الأساسية عن أنواع الأفراد الأساسيين كلها، وتعيين ضباط لاستخدام "وسائل تقنية مختلفة" للتدقيق في شؤونهم واستخدام قاعدة بيانات غير محددة تخص الشرطة للتأكد من هوياتهم عبر الإنترنت. ويذكر التقرير أيضاً مراقبة الأشخاص المستهدفين في الوقت الحقيقي من خلال المعلومات التي جرى الحصول عليها من الجهات المزودة لخدمات الإنترنت ومقاهي الإنترنت. 

القمع الوقائي

يسمح نظام للمراقبة الموزعة كهذا لدولة المراقبة الصينية بالسيطرة على ساحة المعركة في الفضاء السيبراني وتحييد التهديدات المحدقة بحكم "الحزب الشيوعي الصيني". وكما هي الحال مع أشكال القمع الوقائي الأخرى، تسمح هذه التكتيكات للدولة بمراقبة أنشطة معارضي النظام وتقييد حريتهم في العمل.

تعتمد دولة المراقبة هذه على نقاط قوة الحزب الشيوعي الصيني في التنظيم والتعبئة. وتتشكل البيروقراطيات المتخصصة الجديدة – في هذه الحالة، الوكالات السيبرانية والشرطة السيبرانية – بسرعة لتنفيذ أجندة الدولة المركزية. وعلى الرغم من أهمية التكنولوجيا، يؤدي المخبرون وتحقيقات الشرطة والترهيب أدواراً ضرورية. ويكشف نجاح الصين في السيطرة على ساحة المعركة في الفضاء السيبراني عن قدرة "الحزب الشيوعي الصيني" على التكيف التكتيكي في مواجهة أي تهديد جديد لقبضته على السلطة. وفي أي حال، هو يُظهِر أن علينا ألا نقلل أبداً تصميم الحزب على إدامة حكمه – أو قدراته على القيام بذلك.

font change

مقالات ذات صلة