كتابة السيرة الذاتيّة أو سيرة الآخرين أتراها ضربا في "اليوتوبيا" أو كتابة الوهم والخرافة أو فلنقل هي نصّ على نصٍّ تضعه أو تقتبسه، مخيّلة الكاتب عن سواه في المنحيَين السلبي والإيجابي؟
كثيرة هي السير التي وُضعت عن كاتب أو سياسي، أو مفكّر، وكوّنت صورة ما عنه، قابلتها سِيَر أخرى عن الأشخاص الآخرين أنفسهم، وإنما بصورٍ متناقضة ومختلفة.
فكتابة السيرة الذاتية لا تنتمي إلى الواقعية، والكتابة نفسها ليست فنّا واقعيّا بقدر ما هي "فنّ اللاواقع" في الرؤيا الخاصة، والصوغ الخاص والإحساس الخاص، وكتابة السيرة لا تشذّ عن القاعدة أو أنها مهما وثّقت وادّعت الموضوعيّة والتنقيب والربط والمقارنات واعتماد الصدق والصراحة، تبقى فنّا خاصّا عن شخصية ما. ولهذا عندما توضع سيرة شخصيّة بأقلام عدّة، أي بحساسيات عدّة، وبأزمنة عدّة، وبأمكنة عدّة، فإنّ حقيقة هذا الشخص الخاضع لمباضع كتّاب السِّيَر (ولمبضعه) الذاتي تختفي تحت التراكمات حتى لا يبقى من الشخص المعني سوى بقايا أو أطلال تجمّل أو تلوّن أحيانا وتشوِّه أحيانا أخرى.