زكريا يابيج أوغلو لـ"المجلة": تلبية مطالب الأكراد ستُسهم في تسريع تقدم تركيا

زعيم "الإسلاميين الأكراد" في تركيا يفند نقاط الاختلاف مع "العمال الكردستاني" ويرى أن المشكلة الكردية أساسها "العقلية الكمالية"

الموقع الرسمي لحزب "هدى بار"
الموقع الرسمي لحزب "هدى بار"
زكريا يابيج أوغلو

زكريا يابيج أوغلو لـ"المجلة": تلبية مطالب الأكراد ستُسهم في تسريع تقدم تركيا

في حديث مطول مع مجلة "المجلة" شرح رئيس حزب "الدعوة الحرة/هدى بار" زكريا يابيج أوغلو رؤية حزبه للأوضاع الداخلية في تركيا والمنطقة، محددا ما يعتبرها الأسس السليمة لتفكيك المسألة الكردية في تركيا، وموضحا الفروق الجوهرية بين حزبه "الإسلامي" والقوى السياسية الكردية المقربة من حزب "العمال الكردستاني"، معلقا على المسائل الكردية في باقي دول المنطقة، المرتبطة حيويا بالمسألة الكردية المركزية، أي في تركيا.

يابيج أوغلو راهنا عضو في البرلمان التركي، ويترأس كتلة مؤلفة من أربعة أعضاء من حزبه، هي جزء من "تحالف الجمهور" الحاكم، إلى جانب حزبي "العدالة والتنمية" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان و"الحركة القومية" بقيادة بهجلي. وكان قد تزعم حزبه خلال فترات متقطعة منذ عام 2012، وهو يرفض أن يُصنف حزبه "الهدى" كامتداد لـ"حزب الله" الكردي/التركي، رغم الاتهامات الشديدة التي تطال أعضاء بارزين من حزبه. فهذا التنظيم كان خلال أوائل التسعينات متهماً بقتل عشرات الناشطين والساسة وحتى المثقفين القوميين الأكراد في تركيا.

لم ينجح حزب "الهدى" في الفوز بأي مقعد نيابي خلال كل الدورات السابقة، لكنه تحالف في الانتخابات الأخيرة مع حزب "العدالة والتنمية" وترشح ضمن قوائمه، فأحزر أربعة مقاعد. أثبتت مختلف استطلاعات الرأي والانتخابات البرلمانية أن الحزب ينشط فقط في "البيئة الكردية" في تركيا، وتتراوح شعبيته بين 1-5 في المئة من مجموع المصوتين الأكراد.

وهذا نص الحوار كاملا:

* كيف تقيّمون دعوة زعيم حزب "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان من سجنه في إمرالي؟

- منذ اليوم الأول، كنا نؤكد أن المشكلات الداخلية لا يمكن حلها بالعنف، ونرى أن أي جهد في هذا الاتجاه أمرٌ ذو قيمة، إن دعوة عبد الله أوجلان بعد 47 عاماً على تأسيس التنظيم الذي أنشأه إلى إلقاء السلاح وحلّ نفسه، هي خطوة إيجابية. لقد أودت أعمال العنف المسلح والتي استمرت أكثر من أربعين عاماً بحياة آلاف الأشخاص، بمن فيهم عدد كبير من المدنيين، بالإضافة إلى إخلاء قرى كاملة، لذلك فإن إنهاء هذا العنف أمر بالغ الأهمية.

لقد تضرر الجميع من الإرهاب والعنف، إلا أن المتضرر الأكبر كان الأكراد أنفسهم، شعبنا يريد السلام الآن، ونحن ندعم كل خطوة تُتخذ لإخراج البلاد من دوامة العنف، ومع ذلك ينبغي أن لا ننسى أن عبد الله أوجلان أطلق دعوات مشابهة في السابق، لكنها لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة.

كنا نؤكد دوما على أن الدولة يجب أن تستجيب للمطالب الشرعية للأكراد سواء تم إلقاء التنظيم سلاحه أم لا، فمسألة إلقاء السلاح شيء، وتلبية مطالب الأكراد المشروعة شيء آخر

نأمل بصدق أن يكون زعيم ومؤسس حزب "العمال الكردستاني" جادا في دعوته، وأن يأخذ تنظيمه هذه الدعوة بعين الاعتبار، ويقوم بحل نفسه بكل مكوناته دون تأخير. إن تخلي التنظيم عن السلاح وحلّ نفسه سيكون في مصلحة الجميع، بل وفي مصلحة بلادنا والمنطقة بأسرها، لكننا سننتظر لنرى إن كان هذا سيحدث أم لا.

إن توقيت هذه الدعوة يرتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات السياسية الداخلية والخارجية، فقد أدى انهيار نظام "البعث" في سوريا والتهديدات الأمنية الإقليمية إلى زيادة الحاجة داخل تركيا إلى "تحصين الجبهة الداخلية".

* قبل إعلان هذه الدعوة، كانت هناك حوارات ومشاورات بين الأحزاب السياسية في تركيا، بصفتكم حزب "الهدى" المعروف بعلاقاته الجيدة مع حزب "العدالة والتنمية" والرئيس، ما الدور الذي لعبتموه؟

- كما تعلمون، بعد فشل المسار السياسي السابق في عام 2015، عاد خطاب السلطة إلى القول إنه "لا توجد قضية كردية، بل إن هناك مشكلة إرهاب"، أما نحن في حزب "الهدى"، فكنا نؤكد في كل المنابر أن القضية الكردية ما زالت قائمة وتنتظر الحل، وأن تحميل الأكراد وحدهم مسؤولية فشل "عملية الحل" بسبب أخطاء ذلك المسار أمر غير مقبول، كما كنا نرفض ربط الترتيبات التحسينية المتعلقة بالحقوق الأساسية بشروط تتعلق بإلقاء التنظيم للسلاح.

الموقع الرسمي لحزب "هدى بار"
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حزب "الدعوة الحرة/هدى بار" زكريا يابيج أوغلو في المجمع الرئاسي في أنقرة

كنا نؤكد دوما على أن الدولة يجب أن تستجيب للمطالب الشرعية للأكراد سواء تم إلقاء التنظيم سلاحه أم لا، فمسألة إلقاء السلاح شيء، وتلبية مطالب الأكراد المشروعة شيء آخر، وكنا نطالب بأن يكون التفاوض مع حزب "العمال الكردستاني" محصوراً فقط بشرط التخلي عن السلاح.

كما أننا منذ البداية كنا ضد استخدام العنف كوسيلة لحل المشكلات، وكنا نؤكد على ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة دائما، وقد عبّرنا عن هذا الموقف مرارا في لقاءاتنا مع كل من الحكومة والأحزاب المعارضة، وكنّا نبرز في لقاءاتنا أهمية معركة "ملاذ كرد" التي جمعت الأكراد والأتراك على أساس الإسلام، مشددين على إمكانية تحقيق وحدة مشابهة اليوم على الأرضية ذاتها.

منذ تأسيس حزب "الهدى"، ونحن نعمل على إرساء العدالة وتعزيز أواصر الأخوّة، وسنواصل مستقبلا الدفاع عن الحق والعدل والأخوّة عبر العمل السياسي.

للأكراد تاريخ عريق وثقافة أصيلة، وفي جوهر هذا الفهم الحضاري والثقافي توجد العقيدة الإسلامية كمكون لا يمكن الاستغناء عنه

* الأكراد المقيمون خارج تركيا، وخصوصا في "أجزاء كردستان الأربعة" وفي أوروبا، يدركون أن هناك حزبين لهما علاقات قوية مع المجتمع الكردي في تركيا، وهما حزبكم وحزب "المساواة وديمقراطية الشعوب". ما الفرق في الرؤية السياسة بينكما فيما يخص المسائل السياسية في تركيا؟

- بدايةً، إيماننا ورؤيتنا للعالم مختلفان، وبناءً على ذلك، فإن نظرتنا للمشاكل القائمة في البلد ومقترحاتنا للحل، وأسلوبنا في السياسة مختلف، نحن حزب يعتمد على أسلوب السياسة الإيجابية، في سياستنا وفي خطابنا، نضع مصلحة أمتنا وبلادنا فوق المصالح الشخصية والحزبية، وعند طرح المشكلات وإيجاد الحلول، نفضل رؤية المشكلة ودفعها نحو الحل بدلا من الضغط على الحكومة في مواقف صعبة.

قد نقول بعض الأشياء المتقاربة عند تشخيص بعض المشاكل أو المطالبة بحلها، لكن نظرتنا لهذه المشاكل ومقترحاتنا للحل مختلفة، نحن لا نأخذ المشاريع التي تضعها القوى التي تمارس الهندسة الاجتماعية على بلادنا، وهي غريبة عن جوهرنا، بل ننتج حلولا محلية تتناسب مع بنية المجتمع ووفقا لقيمنا العقائدية، نعتقد أن إحياء القيم الإسلامية سيؤثر على العالم الإسلامي ككل، كما سيساعد على حل المسألة الكردية.

بينما يهدف حزب "العمال الكردستاني" وامتداداته السياسية إلى إبعاد الأكراد عن الإسلام، فمنذ البداية قاموا بأعمال مسلحة في هذا الاتجاه، ولا يزالون حتى اليوم يدافعون عن ماركسية عتيقة ولا تتناسب مع العصر، وحتى إن الخطاب الذي يوجهونه للأكراد هو الخطاب الذي تخلت عنه حتى الحركات اليسارية في أوروبا، وبالنسبة لهم المسألة الكردية ليست إلا أداة لنشر الماركسية وعداء الإسلام في هذا السياق.

ومن ناحية أخرى، نحن نؤيد حل مشاكل الدول الإسلامية من خلال الحوار والأساليب السياسية دون إحالتها إلى الإمبريالية، نحن نعتقد أنه لا توجد مشكلة في تركيا لا يمكن حلها من خلال الحوار، أما حزب "العمال الكردستاني" وامتداداته، فهم يسعون لعرض مشاكلنا على القوى الإمبريالية الغربية وعلى الولايات المتحدة، التي نعلم جميعاً أنها رأس الإمبريالية، وعلى الصهيونية المعادية للإنسانية، لذلك يعتبرون الحماية الأميركية والتقارب مع إسرائيل نعمة، بينما نعتبر نحن أن تأثيرهم على المنطقة كارثة ونقمة.

أ.ف.ب
مقاتلون من حزب العمال الكردستاني خلال جلسة تدريب صباحية في منطقة أميديا ​​شمال العراق، على بُعد 10 كيلومترات من الحدود التركية، 20 يونيو 2007

للأكراد تاريخ عريق وثقافة أصيلة، وفي جوهر هذا الفهم الحضاري والثقافي توجد العقيدة الإسلامية كمكون لا يمكن الاستغناء عنه، فإذا فصلتم الأكراد عن عقيدتهم الإسلامية، فلن تبقى هناك ثقافة ولا تاريخ ولا حضارة، هذه الهوية الثقافية هي فطرة الأكراد، وحمايتها قضية وجودية.

الركائز الفكرية والأسس الأيديولوجية لحزب "العمال الكردستاني" وكل مكوناته في حالة صدام مع هذا الإرث الثقافي، فمنذ تأسيسه ألحق حزب "العمال الكردستاني" أكبر أذى بالإيمان والإرث الثقافي، وفرض على الأكراد عقلية علمانية متطرفة وغربية، بهدف إفساد فطرتهم وإبعادهم عن ثقافتهم. من هذا المنطلق، لديهم فلسفة حياة تتماشى مع الكمالية (المقصود الأيديولوجيا العلمانية القومية لمؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك)، التي أنكرت وجود الأكراد، وارتكبت بحقهم أبشع أنواع الظلم من خلال التنكيل والإبادة الجماعية من أجل خلق "أمة موحدة" متجانسة، وربما هذه النقطة الأساسية التي نختلف فيها عن حزب "العمال الكردستاني".

إلقاء حزب "العمال الكردستاني" السلاح سيساهم في تحرير الشعب الكردي من الضغوط التي يفرضها الحزب، ومن سياسات الوصاية المسلحة

* لكي يتخلى حزب "العمال الكردستاني" عن السلاح ويتوصل إلى توافق سلمي، يجب على الدولة التركية أن تهيئ لذلك أساسا قانونيا، ما القوانين التي يجب أن تُسن في هذه العملية كأداة لتحقيق السلام بالنسبة لحل مشكلة حزب "العمال الكردستاني" والأكراد؟

- بالطبع، هناك خطوات يجب اتخاذها لحل مسألة الأكراد، إحدى هذه الخطوات هي إعداد دستور جديد مدني وعادل، يجب أن يعتمد هذا الدستور على مبدأ المواطنة المتساوية، وضمان حقوق المجتمع الكردي في مجالات اللغة والثقافة والإيمان والهوية مثل باقي المجتمعات... التعديلات الدستورية على أي حال مطروحة على جدول الأعمال، وبعد خروج السلاح من المعادلة، سيتسع المجال السياسي، وسيكون من الأسهل مناقشة القضايا عند كتابة الدستور الجديد، وستُجرى بعض التعديلات من أجل "تعزيز الجبهة الداخلية".

لكن يجب فصل مسألة العنف أو الإرهاب بشكل قاطع عن مسألة الأكراد، الحكومة التركية تقول إن الأولوية هي لإلقاء السلاح، وإنه لا يمكن قبول الشروط التي ستُطرح لهذا الغرض. إن اتخاذ خطوات نحو قبول تنظيم يتخذ قرارا بحل نفسه كطرف، وجعل الحقوق الأساسية موضوعا للتفاوض، أمر غير صحيح.

ويمكن تحديد المناطق التي سيقوم فيها حزب "العمال الكردستاني" بتسليم سلاحه، كما ينبغي معالجة مسألة الأماكن التي سيُقيم فيها أعضاء ومقاتلو التنظيم الذين تخلوا عن السلاح. وفي النهاية، يمكن إعداد قانون عفو سياسي يشمل التنظيم الذي يكون قد حلّ نفسه وتخلى عن العمل المسلح.

الموقع الرسمي لحزب "هدى بار"
زكريا يابيج أوغلو (يسار)

* لديكم علاقات جيدة مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ومع السيد مسعود بارزاني، وقد التقيتم به عدة مرات، كما أن هناك عددا كبيرا من عناصر حزب "العمال الكردستاني" في مناطق جبلية مثل جبال قنديل، وفي سهول مثل سنجار ومخمور ضمن إقليم كردستان العراق، برأيكم كيف يمكن لكل من حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية عمومًا أن تساهم وتؤثر في عملية السلام الجارية في تركيا؟

- السيد مسعود بارزاني شخصية سياسية بارزة، ومن المؤكد أننا نجري معه مشاورات بشأن قضايا المنطقة والسياسة العالمية، ونستفيد من آرائه القيّمة، وهو يدرك جيدا أهمية حل قضية الأكراد بشكل شامل يراعي مصالح المنطقة بأكملها، ويعبّر عن هذا الموقف في مختلف المنصات، كما يُبدي ارتياحه لتبادل وجهات النظر معنا.

حل قضايا الأكراد في سوريا أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وهذا لا يصب فقط في مصلحة سوريا، بل في مصلحة تركيا أيضا

نحن نؤمن بأن كل فاعل محلي في المنطقة قد تضرر من حزب "العمال الكردستاني"، وأن كل فاعل خارجي يستغله ويستخدمه كأداة، لذلك نعتقد أن السيد مسعود بارزاني يملك رغبة صادقة في الإسهام بإنهاء العنف المرتبط بالحزب.

أما الحكومة العراقية، فتبدو مرتاحة لاحتمال تخلي الحزب عن السلاح، ويمكن لكل من الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان أن تلعبا دورا ميسرا في هذه العملية، من خلال توفير معسكرات مؤقتة لعناصر التنظيم الذين تخلوا عن السلاح، وذلك إلى حين تهيئة الشروط القانونية المناسبة داخل تركيا، كما يمكن تخصيص مناطق معينة لتسليم السلاح ضمن أراضي الإقليم.

* كيف تجدون المشهد السوري بشكل عام، وما تقييمكم لوضع الأكراد في سوريا، وخاصة في ظل وجودهم الكبير على الحدود مع تركيا؟

- لقد عانى الأكراد في سوريا طويلا، بدءا من الاحتلال الفرنسي وحتى حكم البعث، فقد حُرموا من أبسط الحقوق، ولم تُمنح لهم حتى حقوق المواطنة الأساسية، حيث تم تسجيل كثيرين منهم بصفة "بدون جنسية/أجانب"، وقد صودرت ممتلكاتهم، وزُجّ بهم في السجون، وتم دفع أبنائهم للابتعاد عن دينهم وثقافتهم وهويتهم الأصلية تحت تأثير حزب "البعث".

ومن المهم أن تعلن الإدارة السورية الجديدة عن إدراكها لهذه المظالم، وعن التزامها بمنح الأكراد حقوقا متساوية على أساس المواطنة الكاملة، كما هو الحال لبقية مكونات المجتمع، لذلك ينبغي أن يُسهم سقوط نظام "البعث" في تحرير الأكراد كما حرر العرب، وأن يُعاد إرساء العدالة الاجتماعية على أساس الأخوّة الإسلامية في سوريا.

الموقع الرسمي لحزب "هدى بار"
خلال احتفال لحزب "هدى بار"

إن إقامة نظام حكم عادل يشمل الأكراد وغيرهم من المكونات السورية سيكون في مصلحة الجميع، فكل الجماعات الإثنية والطائفية في سوريا يجب أن تُعامل بعدالة ومساواة.

ولا يمكن لسوريا أن تصبح دولة قوية إلا بعد معالجة مشاكلها الداخلية، ونحن نؤمن بأن التعايش القائم على العدل والأخوّة بين شعوب المنطقة هو السبيل إلى السلام، وأن الحل لا يكون عبر التشكيلات المسلحة، بل من خلال الحوار والتفاهم.

حل قضايا الأكراد في سوريا أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وهذا لا يصب فقط في مصلحة سوريا، بل في مصلحة تركيا أيضا.

نؤمن بأنه ينبغي تحقيق توافق قوي قائم على الحقوق والقانون بين الأكراد وإدارة دمشق، إلى جانب ضمان التوافق الداخلي بين الأكراد أنفسهم، إن تحقيق ذلك لن يُسهم فقط في إزالة المعاناة، بل سيخفف أيضا من مخاوف الجهات الواعية في تركيا.

الشعب الكردي اليوم يريد السلام والأخوّة، ويريد أن تُحل قضاياه بطرق سلمية، وهو يرغب في العيش بسلام وأخوّة مع إخوانه الأتراك، على أساس من العدالة

"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) هيكل تنظيمي أنشأته الولايات المتحدة، وتضم في صفوفها عددًا كبيرًا من العشائر العربية والمجموعات اليسارية المسلحة التركية، أما العنصر المهيمن فيها فهو حزب "الاتحاد الديمقراطي"، أحد الأفرع الإقليمية لحزب "العمال الكردستاني" والحليف للولايات المتحدة، يمارس الحزب في المناطق التي يسيطر عليها ضغوطا أيديولوجية تحول دون منح أي مجال لبقية الحركات السياسية الكردية، وقد اضطر مئات الآلاف من الأكراد للجوء إلى تركيا وإقليم كردستان العراق هربا من ممارسات حزب "العمال الكردستاني" و"الاتحاد الديمقراطي".
لا يمكن أبدا أن يؤدي التعويل على القوى الخارجية أو التحرك بناء على توجيهاتها إلى أي حل، نحن أمام أيام حرجة، فإما أن تتحرك "قسد" في إطار مصالح قوى الفتنة العالمية وتدفع بالأكراد السوريين إلى نار عظيمة، أو أن تبحث عن أرضية للتفاهم مع الأكراد المعارضين والحكومات في المنطقة، وتسهم في إنهاء الصراع.

* هل أنتم في حزب "الهدى" مستعدون للانخراط في جبهة سياسية كردية موحدة في تركيا، تطالب بحل المسألة الكردية في البلاد؟

- رغم اختلافنا في الرؤية الفكرية ومقترحات الحل عن بعض الأحزاب الأخرى، فإننا دائما ما أعلنا استعدادنا للحوار مع الجميع من أجل حل القضايا الأساسية في البلاد. وبالطبع يمكننا أن نكون في تواصل وتنسيق من أجل المطالب الأساسية والعادلة للشعب الكردي.     
صحيح أنه لا يمكن أن نتحد تحت مظلة واحدة مع الأحزاب اليسارية والاشتراكية بسبب الهوية الأيديولوجية المختلفة، لكن لا شيء يمنع من الالتقاء حول مطالب العدالة وتحديد سياسات مشتركة.

أ ف ب
أكراد سوريون يلوحون بأعلام تحمل صور مؤسس حزب "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، أثناء تجمعهم في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا للاستماع إلى رسالة من الزعيم المسجون في 27 فبراير 2025

وقد نظمنا في حزب "الهدى" يومي 15-16 فبراير/شباط بمدينة ديار بكر "ورشة الحل الإنساني للقضية الكردية". دعونا خلالها شخصيات من توجهات سياسية مختلفة للتعبير عن مواقفهم ورؤاهم حول حل القضية الكردية، وسجلنا ذلك للتاريخ، كما نؤكد في كل المنصات دعمنا للخطوات التي تُتخذ في هذا الإطار.    
نحن في حزب "الهدى" نؤمن بأن القضية الكردية ينبغي أن تُحل على أساس المواطنة المتساوية والعدالة، ونؤكد أن السبب الجوهري للمشكلة هو الذهنية الكمالية، وأنه لا يمكن الوصول إلى حل سليم دون مواجهة الجرائم التي ارتكبتها هذه الذهنية وإزالة آثار التخريب التي سببتها.
كما نرى أن حل القضية الكردية سيجلب الراحة للأتراك بقدر ما يجلبها للأكراد، فالأغلبية الساحقة من الأكراد تؤيد وحدة تركيا وسلامتها، ونحن نرى أن وحدة تركيا تصب في مصلحة الجميع، وهي ضرورية لتحقيق الاستقرار.     
الشعب الكردي اليوم يريد السلام والأخوّة، ويريد أن تُحل قضاياه بطرق سلمية، وهو يرغب في العيش بسلام وأخوّة مع إخوانه الأتراك، على أساس من العدالة، إن تلبية المطالب المشروعة للأكراد لن تعزز فقط روابط الأخوّة، بل ستُسهم أيضا في تسريع تقدم تركيا.

font change