قدم الفنان بطرس المعري في معظم معارضه الفنية السابقة أعمالا تميزت بتنوع الأساليب الفنية التي طوعها كي تصبح قنوات لتظهير أفكاره ومشاعره. لم يستسغ البعض هذا التنوع الشديد، إن في المواد المستخدمة أو في طريقة التعبير، غير أن سمة التنوع هذه هي أبرز ما اتسمت به شخصية هذا الفنان الملول، وانسحبت بالتالي على أعماله الفنية. اليوم يقدم بطرس المعري معرضا لا يخرج على هذا المنطق، بعنوان "السلام عليكِ" في صالة "وادي فينان" الأردنية، ليهديه بشكل خاص إلى المرأة الفلسطينية وإلى المرأة العربية بشكل عام لا سيما تلك التي تقع أوطانها تحت خط النار.
سكون "السلام عليكِ"
احتضنت صالة "وادي فينان" الأردنية ما يقارب 30 عملا جديدا للمعري مشغولة بمادة الأكريليك ومواد أخرى، أما اللوحة الأم في المعرض فهي تلك التي أعطاها عنوان "السلام عليكِ"، ثم اشتغل على لوحة ثانية هي من الأجواء الروحية والفنية نفسها، ثم ثالثة ورابعة وخامسة كرست مع سابقاتها الجو المسيطر على المعرض. سألنا الفنان عن مضمون اللوحة التي حملت عنوان "السلام عليكِ"، فأجاب: "موضوع فلسطين ليس بجديد في أعمالي وقد تناولتها في أكثر من عمل. اليوم مشهد غزة خصوصا وفلسطين عموما، طغى على كل المشاهد وترك أثرا عميقا في وجداني. التفكير في الاحداث التي جرت والتدهور الفظيع والتدمير والمجازر في حق أهلنا بغزة والشعور بخيبة أمل هائلة من المجتمع الدولي، كونت في أعماقي رغبة شديدة في التعبير عما أشعر به".
الناظر إلى اللوحة سيرى كيف طغى اللون الأسود عليها دون أن يمنع ذلك من ظهور بضعة أزهار صفراء علقها الفنان في فضائها إلى جانب مفتاح يحيل حتما إلى مفتاح العودة. في اللوحة عجوز تجلس وحدها متكئة على عصاها وأمامها كوب قهوة وفنجان مقلوب لتحاول لاحقا، بعد أن يجف البن في قعره، "أن ترى فيه تشكل صور تبشر بحدوث أمر جميل كعودة ابن مفقود أو عائلة بأكملها أو وطن لا زيال حلما"، على قول الرسام.