عكست أفلام "مهرجان كان السينمائي" 2025 في أسبوعه الأول تنوّعا ملحوظا في الأساليب والمقاربات، حيث اتجهت معظم الأعمال المعروضة إلى التعامل مع مفاهيم الذاكرة والانتماء من زوايا مختلفة تراوحت بين البعدين الشخصي والتاريخي، ومن جانب آخر، بين التجريب البنيوي والتعبير البصري المكثف. ولا يقف هذا التنوع عند حدود المواضيع، بل حتى طرائق البناء، إذ بدت بعض الأعمال مشغولة بتفكيك السرد التقليدي، في حين اختارت أخرى الاعتماد على الأثر الحسي والانفعال المباشر أكثر من البنية الحكائية الصارمة.
لعل اللافت في دورة هذا العام هو الحضور الكثيف لأعمال تشتبك مع الزمن بوصفه عنصرا غير مستقر، لا يُقاس بسلاسل الأحداث، لكنه يتشكل عبر التقطيع والتراكب الصوتي والانزياحات البصرية عن الواقعية المباشرة. وقد حضرت ثيمات العائلة والانفصال والعبور في أكثر من فيلم، بأشكال متعددة تتراوح بين الحميمي الرمزي والمحمول السياسي، وهو ما يمنح دورة هذا العام طابعا جماليا يتعامل مع السينما بوصفها مساحة للبحث والمساءلة.
إجازة ليوم واحد
في هذا السياق يأتي الفيلم الفرنسي "إجازة ليوم واحد" Partir un Jour، فيلم افتتاح الدورة الحالية، وهو التجربة الروائية الطويلة الأولى لأميلي بونا Emily Bonnin، وهي مكانة غالبا ما تحمل طاقة افتتاحية رمزية أو مزاجا عاما يضبط إيقاع النغمة. إلا أن الفيلم، رغم احتوائه على بعض الملامح العائلية الدافئة، لم يرتقِ إلى هذا الموقع. بل يمكن القول إنه، لولا وضعه الافتتاحي، لما التفت إليه أحد خارج نطاق توزيعه الفرنسي المحلي.