عندما زار رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، ووفده واشنطن في مايو/أيار، كانوا يأملون في إعادة ضبط العلاقات بعد أشهر من التوتر مع إدارة دونالد ترمب. لكنهم بدلاً من ذلك، وقعوا في كمين في المكتب البيضاوي، كما حدث سابقا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأُجبِروا على مشاهدة مقطع فيديو يزعم حدوث ما يسمى "الإبادة الجماعية" للبيض في جنوب أفريقيا. واتضح لاحقا أن إحدى الصور التي رفعها ترمب كانت في الواقع لقطة من فيديو لـ"رويترز" جرى تصويره في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وليس في جنوب أفريقيا.
كثيرا ما ضخّم حلفاء ترمب مزاعم العنف ضد الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، ومن بينهم إيلون ماسك، وهو نفسه من مواليد بريتوريا في جنوب أفريقيا، ومقدم البرامج السابق في قناة "فوكس نيوز" تاكر كارلسون، الذي بث مقاطع عن الإبادة الجماعية المزعومة خلال ولاية ترمب الأولى. تباينت ردود الفعل على استجابة رامافوزا، فأشاد البعض برباطة جأشه وسلوكه التصالحي في مواجهة غضب ترمب، فيما انتقده آخرون لعدم الرد بقوة أكبر.
وكان الرئيس زيلينسكي قد سبق رامافوزا في الوقوع بفخ ترمب في وقت سابق من هذا العام، حين وجد نفسه في خضم مواجهة محتدمة وعَلنية مع دونالد ترمب خلال اجتماعهما في المكتب البيضاوي. أما رامافوزا، فقد تعامل مع استفزاز مشابه بهدوء وروح مرحة، مقدّما لبقية قادة العالم نموذجا ناجحا في احتواء مسرحيات ترمب التصادمية، ما قد يثني الرئيس الأميركي عن تكرار مثل هذه الأساليب في المستقبل.
وفيما هتفت الجماعات اليمينية في جنوب أفريقيا لتصرف ترمب، أوضح نقاد آخرون أن البلد تديره حكومة وحدة وطنية متعددة الأحزاب. وقد روى رامافوزا لاحقاً هذه الواقعة بروح الدعابة، فقال: "كنت قد بدأت أعتاد على التفاعل مع هذا الرجل، عندما سمعته فجأة يقول: لا، أخفضوا الأضواء. وصف الكثيرون ذلك بأنه كمين، أما أنا فكنت في حيرة من أمري، ورحت أفكر: ما الذي يحدث؟".
في بلده، يواجه رامافوزا وحزبه، "المؤتمر الوطني الأفريقي"، (ANC)، ضغوطا متزايدة، حيث يمر الاقتصاد في حال من الركود، والجريمة والبطالة مرتفعتان، والفساد مستمر، والخدمات العامة متعثرة، والبنية التحتية متداعية، وسط غياب شبه كامل لآليات المساءلة.
ولا يزال حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي"، الذي يعاني من انقسامات داخلية، عالقا منذ ما يقرب من عام في ائتلاف غير مستقر– حكومة الوحدة الوطنية– مع عشرة أحزاب أخرى، حين أُجبر على تقاسم السلطة بعد أداء انتخابي سيئ. وكانت رحلة رامافوزا إلى واشنطن تهدف جزئيا لتأمين اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وهو أمر حيوي لتحفيز اقتصاد جنوب أفريقيا ومكافحة البطالة.