من آن إلى آخر، تفرز صناعة السينما فيلما يثير نجاحه طفرة حول العالم. قد لا يظهر في الفيلم بطل محبوب أو نجم شباك، وقد لا يكون وراء صناعته مخرج ذائع الصيت، لكن الفيلم/ الظاهرة نفسه قد يتفوق بنجاحه على أفلام أخرى تتمتع مسبقا بكل هذا الدعم المضمون. فيلم Sinners الأميركي أحد هذه الأفلام، وتجربة مشاهدته تثير السؤال الحتمي: ما الاستثنائي فيه، بحيث يحصد إلى جانب إيرادات شباك التذاكر، على منصة السينما العالمية IMDB تقييما مرتفعا بشكل لافت: 8.1 / 10؟
يقدم رايان كوغلر، مخرج "الخطاة" وكاتبه، عملا يمزج أكثر من نوع سينمائي هوليوودي بذكاء وحيوية. دراما، وأكشن، وقصة بلوغ فتى سن الرشد وسط مجتمع أميركي في ثلاثينات القرن الماضي، حيث الفصل العنصري لا يزال قائما، ورعب من مصاصي الدماء الذين ينتظرون في الظلام دعوة للدخول إلى حفل جماعي. اللافت ليس فقط في مزج هذه الأنواع، وكل منها نوع مكرس على حدة يستأهل انجذابا جماهيريا من النوع الشعبي بطبيعة الحال وليس النخبوي. إنما الجديد هنا هو قدرة صناع الفيلم على الابتكار في تنفيذ هذه الخلطة، على خلق تجديد ما، فارق نسبي، بما يجعل الفرجة في "الخطاة" لا فقط تجربة ممتعة، إنما أيضا، وعلى نحو ما مبهرة.
الببغاء ومصاص الدماء
يتأسس "الخطاة" على فكرة فلسفية أو روحية يشرحها لنا كاملة صانع الفيلم قبل البدء في دراما قصته، وهي قابلية الجمال للاختبار. وتقضي بأن الجميل وحده، هو الذي يتعرض لاختبار الشر أو الظلام، وتفترض أنه لولا وجود الجمال تقريبا، لما وقع الاختبار.