رام الله- ما إن اندلعت المواجهة العسكرية غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران في الثالث عشر من يونيو/حزيران، حتى بدأت أصداء الشعور بالزهو والثقة العالية بما أحدثته صواريخ طهران المنهمرة على تل أبيب تتردد في مكاتب قادة "حماس" السياسيين في الخارج وسراديب قادتها العسكريين في قطاع غزة في الوقت الذي اعلنت الدوحة ان المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" واسرائيل ستستأنف خلال ايام قليل. فيما باتت الحركة التي تخوض مفاوضات شاقة منذ أشهر بوساطة مصرية-قطرية ورعاية أميركية بهدف التوصل لوقف إطلاق نار في غزة، أكثر تشددا في مطالبها، الأمر الذي طرح تساؤلا فيما إذا عززت صواريخ إيران المستهدفة لإسرائيل حسابات "حماس" التفاوضية، ومنحتها جرعة معنوية آنذاك؟
وفي هذا السياق، أكدت مصادر قريبة من الدوحة أن حسابات "حماس" تغيرت بعيد نشوب المواجهة العسكرية وأنها أصبحت أقل مرونة وأكثر تصعيدا مع إصرارها على مطالب كانت قد قبلت سابقا بتأجيلها أو تعديلها، وأنها لم تعد مستعدة لتقديم تنازلات، الأمر الذي أشار لارتفاع معنويات قادتها في أعقاب الرد الإيراني على إسرائيل، واعتقاد قادتها بأن إيران باتت في موقع قوة. وربما تكون الحركة التي تربطها بطهران علاقات وطيدة قد تلقت ضوءا أخضر من طهران للتشدد وعدم الاستعجال في توقيع صفقة لوقف إطلاق نار في غزة، حيث رأت طهران في تصعيد موقف حلفائها في غزة وسيلة ضغط إضافية على إسرائيل، ما يعكس الطبيعة المتشابكة للتحالف الإيراني-الفلسطيني على الساحة الأمنية.
لقد انتظر قائد "حماس" السابق في غزة يحيى السنوار- الذي اغتالته إسرائيل في أكتوبر الماضي- انخراط إيران في المعركة ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وعندما لم تفعل شعرت قيادة "حماس" العسكرية بأن حليفتهم إيران قد خذلتهم وتخلت عنهم، غير أن إيران دخلت المعركة ضد إسرائيل فقط عندما هوجمت من قبل تل أبيب، لكن الدمار المادي وحالة الهلع اللذين أحدثتهما الصواريخ الإيرانية المستهدفة لإسرائيل عززت شعور واعتقاد "حماس" أن بلدا صغيرا جغرافياً وسكانياً كإسرائيل لن يستطيع تحمل حالة حرب طويلة وخسائر مادية وبشرية واقتصادية وتكلفة عسكرية باهظة الثمن.
ولا يبدو موقف "حماس" من المواجهة العسكرية التي اندلعت بين إيران وإسرائيل سابقة غريبة، إذ صرح زعيم الحركة البارز خالد مشعل بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 بأن ما كانت قد قبلت به حركة "حماس" قبل 7 أكتوبر من دولة فلسطينية على حدود عام 1967 لم يعد مقبولا بعد أحداث يوم 7 أكتوبر وأن الوضع قد اختلف. وكانت الحركة قد اعلنت إنها ستطلق سراح الرهائن الاسرائيليين لديها إذا وافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار دائم وانسحبت من غزة لكنها رفضت مناقشة مسألة نزع سلاحها.
وفي هذا السياق، يقول دبلوماسي عربي رفيع المستوى- تتوسط بلاده بين "حماس" وإسرائيل- مفضلا عدم ذكر اسمه لـ"المجلة"، إن إيران أرادت الاستفادة من الموقف الغربي المناوئ لإسرائيل بسبب فظائع حربها بغزة، فلو وافقت "حماس" على التوصل لوقف إطلاق نار مع إسرائيل في غزة خلال المواجهة العسكرية فإن الموقف السلبي لدى الغرب ضد إسرائيل سيتلاشى ويتحول ليصبح مؤيدا لإسرائيل في حربها ضد إيران وهو ما لا تريد طهران حدوثه.