حرب الـ12 يوما فاتحة لصراع طويل بين إسرائيل وإيران

"حرب الظل" التي كانت قائمة ستتحول إلى حرب هجينة

"المجلة"
"المجلة"

حرب الـ12 يوما فاتحة لصراع طويل بين إسرائيل وإيران

في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية، صاغ صحافي فرنسي ما يُعرف اصطلاحا بـ"الحرب الزائفة" (وهي فترة هدوء خادع تسبق التصعيد) لوصف الأشهر الأولى من الهدوء التي تلت الإعلان الرسمي للحرب بين فرنسا وألمانيا. ورغم الاختلافات، يبدو أن الحرب الإسرائيلية-الإيرانية التي اندلعت في 13 يونيو/حزيران والتي جاءت بعد عقود من القتال في الظل، قد دخلت هي الأخرى مرحلة "الحرب الزائفة" الخاصة بها، فترة هدوء قلق يُخطئ في تفسيرها كسلام حقيقي من لا يدرك طبيعتها.

انتهى النزاع الذي استمر أكثر من عشرة أيام بين إسرائيل وإيران بسرعة، وسط سلسلة من التحركات غير المسبوقة. كان أبرزها عملية حملت اسم "مطرقة منتصف الليل"، حيث شنّت الولايات المتحدة غارات جوية استهدفت البنية التحتية النووية الإيرانية، بما في ذلك منشأة فوردو للتخصيب المحصنة والمحفورة بعمق في الجبال قرب مدينة قم. شكّل هذا الهجوم لحظة محورية في المواجهة المحتقنة منذ عقود حول الطموحات النووية لطهران، وقد يطيح بسنوات من التوازن الدبلوماسي الهش. ومع ذلك، أعلن الرئيس ترمب بعد وقت قصير أن العملية كانت "ضربة لمرة واحدة"، مرسلا إشارات واضحة عن استعداده لتهدئة الموقف.

ولحسن الحظ، يبدو أن هذه الرسالة قد لقيت صدى كبيرا. فعلى الرغم من التوقعات المتزايدة باحتمال اندلاع "الحرب العالمية الثالثة"، والارتفاع المفاجئ في أسعار النفط، واستعادة ذكريات غزو العراق عام 2003، إلى جانب سيل من التعليقات المتكررة التي تجاوز فيها بعض المحللين حدود قدراتهم وتحليلاتهم في ليلة واحدة، أطلقت إيران هجوما معلنا مسبقا على قاعدة العديد في قطر. ومع انطلاق الصواريخ من إيران باتجاه قطر، كان من الجلي أن طهران أبلغت مسبقا بنيتها الهجوم. فقد أغلقت الدوحة مجالها الجوي، واستُهدفت قاعدة كانت قد أخليت فعليا من أي أهداف ذات أهمية. ويبدو أن الأضرار الناتجة كانت محدودة للغاية، إذ لم يتمكن سوى صاروخ واحد من اختراق الدفاعات. وفي لحظة أخرى من "الحرب الزائفة"، شكر ترمب إيران على تحذيرها المسبق.

خلال اثني عشر يوما فقط، تبيّن لإيران أن قدرتها على الردع قد تضررت إلى حد يصعب إصلاحه

وخرجت إيران من هذه الجولة وهي تتخبط، إذ إن جراحها أعمق من أن تُخفيها مظاهر التحدي. قد يجد أنصارها بعض العزاء في نجاحها في إطلاق صواريخ على إسرائيل وقتل عدد من المدنيين، لكن من الواضح أن ما يُعرف بـ"محور المقاومة"، والذي كان يُفترض أن يشكل حاجزا متقدما يمنع استهداف إيران مباشرة، ويعمل كـ"جدار من الدماء الأجنبية" لحماية الجمهورية الإسلامية، قد انهار ذاتيا. وستحتاج طهران إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها. وكنتيجة لذلك، تجد المنطقة نفسها أمام نوع مختلف من التهديد، ذاك الذي ينبعث من إيران الجريحة والمطوّقة بخيارات سيئة ومحدودة.

غير أن هزيمة إيران لا تعني انتصارا لإسرائيل. ما بدأ بانفجار في 13 يونيو انتهى بتغريدة، أو "حقيقة" كما وصفها البعض (نسبة إلى شبكة "الحقيقة" الخاصة بترمب)، ما زال يترك شعورا لدى الإسرائيليين بأن الأمر لم يُحسم بعد. وهذه ملامح حرب قادمة، لا شروط سلام دائم.

الاستراتيجية الإيرانية في حالة من الفوضى

خلال اثني عشر يوما فقط، تبيّن لإيران أن قدرتها على الردع قد تضررت إلى حد يصعب إصلاحه. ففي الساعات الأولى من العملية الإسرائيلية "الأسد الصاعد"، تخلّت طهران عمليا عن خيار استخدام وابل صاروخي لتعطيل القواعد الجوية الإسرائيلية.

أ.ف.ب
صورة للجنرالات العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين الذين قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي في 13 يونيو فوق الطريق، ومن الخلف يتصاعد الدخان الكثيف والنار فوق مصفاة نفط في جنوب طهران، بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية ليلية، في 15 يونيو

كان هذا الخيار سيشكّل أسرع طريقة لوضع إسرائيل، التي تبعد أكثر من 1500 كيلومتر، في موقف دفاعي. بل إن المخططين العسكريين الإسرائيليين أخذوا في الحسبان احتمال أن الطائرات المرسلة لقصف إيران قد لا تتمكن من العودة، نظرا إلى خطة إيرانية محتملة بإطلاق وابل هائل من آلاف الصواريخ بهدف شل سلاح الجو الإسرائيلي. غير أن هذا السيناريو لم يتحقق، وقبل كل شيء، لأن "حزب الله"، الوكيل الأساسي لإيران في لبنان، كان قد تلقى ضربة موجعة لدرجة أنه لم يشارك في المعركة مطلقا. ويُعد غياب "حزب الله" على الأرجح أبرز انتصار حققته إسرائيل، إذ إن إيران استثمرت عقودا من العمل المتقن لبناء ترسانة الحزب الصاروخية، لا بدافع الكرم، بل باعتبارها جزءا لا يتجزأ من خط الدفاع الإيراني. فلم يكن "حزب الله" مجرد وكيل، بل مكون فعّال في "درع" إيران الاستراتيجية.

ومع ذلك، أظهرت الضربة الإيرانية على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتي شملت إطلاق 200 صاروخ باليستي، أن الجمهورية الإسلامية قد تحاول توجيه ضربة ساحقة للقواعد الجوية الإسرائيلية من مسافات بعيدة. وأُفيد حينها بوقوع إصابات في قاعدة نفاتيم، وهي منشأة جوية إسرائيلية رئيسة تضم أسرابا من مقاتلات "إف-35". ومع ذلك، فإن محاولة أكثر جدية لتعطيل قاعدة واحدة– فضلا عن مجمل القواعد– كانت ستتطلب وابلا أكبر بكثير من مئات أو حتى آلاف الصواريخ. ولعل جزءا من دوافع الهجوم الإسرائيلي في يونيو كان يكمن في نية إيرانية لزيادة مخزونها من الصواريخ الباليستية على نحو واسع، وربما لهذا الغرض بالتحديد.

بعد أكثر من خمسة عشر عاما من التردد إزاء القنبلة، قد تكون تطورات الأيام الاثني عشر الماضية قد أقنعت طهران بأن خطأها لم يكن في السعي وراء السلاح النووي، بل في عدم استكمال هذا المسار حتى نهايته

غير أن الضربة الافتتاحية لإسرائيل في 13 يونيو، ونجاحها النسبي في تعقّب منصات إطلاق الصواريخ، حالت دون تمكن إيران من تنفيذ تلك الخطة. وبدلا من ذلك، لجأت طهران تقريبا على الفور إلى "حرب المدن"، بإطلاق وابل من الصواريخ على مراكز حضرية كبرى بدلا من استهداف منشآت عسكرية. ورغم أن الأضرار التي لحقت بالجبهة الداخلية الإسرائيلية شكلت كلفة مروعة، فإن ذلك لم يكن كفيلا بإنهاء النزاع بسرعة.

وربما ما يثير قلق إيران أكثر من غيره هو إدراكها أن آخر وأقوى أوراق ردعها، أي تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، لم يُفلح في ردع الرئيس ترمب عن تنفيذ هجوم غير مسبوق على منشأة فوردو النووية المحصنة. فقد حذّرت إيران مرارا من أن أي استهداف لمواقعها النووية سيقابل برد قاس، سواء ضد القواعد الأميركية في المنطقة أو عبر إغلاق مضيق هرمز الحيوي.

لكن الرد المحدود على قاعدة العديد أظهر أن التهديد بإغلاق أحد أهم المعابر البحرية في العالم أسهل قولا منه تنفيذا. ولا شك أن إيران تمتلك القدرة على تعطيل الملاحة، على الأقل لفترة، باستخدام زوارق هجومية صغيرة، وألغام بحرية، وصواريخ، وطائرات مسيّرة مفخخة. وقد كشفت حملة الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، وردود الفعل الدفاعية والهجومية عليها، مدى صعوبة إعادة حركة الملاحة إلى طبيعتها إذا ما قررت إيران شن حرب استنزاف. غير أن السبب الأبرز لامتناع طهران عن هذا "السيناريو الكارثي" هو أنه كان سيجلب الحرب إلى قلب إيران بشكل أعنف من عملية "الأسد الصاعد" ذاتها. فإغلاق المضيق كان على الأرجح سيستدعي حملة من الغارات الجوية، لا من جانب إسرائيل فقط، بل أيضا من قبل الولايات المتحدة وهي خصم أكثر تصميما. وإذا تعطلت شرايين الطاقة العالمية، كان بوسع إسرائيل تنفيذ ضربات على البنية التحتية الإيرانية للنفط والغاز. والأخطر من ذلك، أن المخاطرة بمواجهة مباشرة مع واشنطن تعني أن عملية دفاعية لإعادة فتح المضيق قد تتحول بسهولة إلى حملة لتغيير النظام في حال قررت الولايات المتحدة التدخل بشكل كامل.

أ.ف.ب
بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه فوق قطر، حيث كان ملقى على رصيف في 23 يونيو

اللجوء إلى الخيار النووي

كان من الممكن أن يتجسد رد إيراني محفوف بالمخاطر في اندفاع إيران نحو تصنيع قنبلة نووية، مما سيحوّل تحذيرات نتنياهو بشأن اقتراب إيران من تجاوز العتبة النووية إلى نبوءة تتحقق بذاتها. ولا يزال هذا الخيار مطروحا، ويتوقف إلى حد بعيد على قدرة إيران واستعدادها لتحمّل المخاطر. فمن جهة المكاسب بالنسبة للنظام الإيراني، قد يضمن امتلاك قنبلة نووية بقاء النظام، ويوقف الهجمات الأميركية والإسرائيلية أو على الأقل يمنعها من التمادي، ويشجع على استئناف المفاوضات على أسس مختلفة.

بعد أكثر من خمسة عشر عاما من التردد إزاء القنبلة، قد تكون تطورات الأيام الاثني عشر الماضية قد أقنعت طهران بأن خطأها لم يكن في السعي وراء السلاح النووي، بل في عدم استكمال هذا المسار حتى نهايته. وهناك تفسير بديل، يرى أن إيران أهدرت سنوات من حسن النية الغربية، واستثمرت في برنامج نووي لم يردع العدوان بل ساهم في إشعاله، تماما كما أن استراتيجية "حلقة النار" الإيرانية تجاه إسرائيل جلبت الحرب إلى الداخل الإيراني بدلا من إبقائها على الحدود. كذلك، فإن مضاعفة إيران شراكتها مع روسيا، من خلال تزويدها بالطائرات المسيّرة التي تُستخدم حاليا لقصف دول أوروبية، لم تؤتِ ثمارها، إذ اقتصر دعم الكرملين على الجوانب المعنوية في الغالب. غير أن الوصول إلى هذا الاستنتاج يستدعي تخليا أوسع عن جوهر العقيدة الثورية للجمهورية الإسلامية، وهو ما يصعب على القيادة الإيرانية الإقدام عليه من دون تحول داخلي كبير.

استهدفت إسرائيل والولايات المتحدة معظم مواقع التخصيب في فوردو ونطنز وأصفهان، لكن حجم الضرر الدقيق لم يُكشف بعد

يبقى السؤال المطروح: هل تمتلك إيران القدرة على تجاوز العتبة النووية؟ قبل الهجوم، ظهرت مؤشرات واضحة على سعي إيران لتقليص الوقت اللازم لبناء قنبلة نووية. ورغم استمرار الجدل حول ما إذا كانت إيران قد اتخذت قرارا فعليا ببناء القنبلة، فإن سلوكها أشار إلى أنها كانت تختبر مدى قدرتها على إنتاج القنبلة بسرعة إذا ما قررت ذلك. وتتشابه هذه التحضيرات إلى حد بعيد مع الخطوات الفعلية لبناء السلاح النووي. أما بالنسبة لإسرائيل، فالسؤال لا يتعلق بما إذا كانت طهران قد قررت صنع القنبلة، بل بكونها على بُعد أسبوع أو أسبوعين فقط من تحقيق ذلك.

بعد الهجوم، تغيّر المشهد، وإن لم يكن ذلك بالضرورة نحو الأفضل. فقد استهدفت إسرائيل "مجموعة الأسلحة" الإيرانية، وهي الخلية المسؤولة عن تركيب الرأس النووي على صاروخ. هذا الاستهداف، إلى جانب تقارير تشير إلى أن إسرائيل دمّرت أو استولت على أرشيف سري لجهود التسلح النووي الإيراني، قد يعني أن إيران لن تتمكن بسهولة من تركيب قنبلة على صاروخ، حتى لو تمكنت بطريقة ما من تخصيب اليورانيوم إلى درجة تصنيع الأسلحة.

أ.ف.ب
الرئيس الأميريكي دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، واشنطن في 21 يونيو 202

أما في ما يتعلق بالتخصيب، فما زال الوضع غامضا. لقد استهدفت إسرائيل والولايات المتحدة معظم مواقع التخصيب في فوردو ونطنز وأصفهان، لكن حجم الضرر الدقيق لم يُكشف بعد. وتستند المزاعم بأن إيران نقلت اليورانيوم المخصب من فوردو إلى أدلة ضعيفة حتى الآن، من بينها صور أقمار صناعية لشاحنات يُرجّح أنها كانت تنقل رمالا وصواريخ لإغلاق مداخل المنشأة، ما يوحي بأن إيران كانت تحاول منع هجوم بري، لا نقل مواد ومعدات ثمينة من الموقع. ومع ذلك، يظل التهديد الأوسع قائما، خاصة وأن الجزء الأكبر من مخزون اليورانيوم الإيراني لم يكن موجودا في فوردو على الأرجح. ولا يبدو أن أحد المواقع المحصنة تحت الأرض في أصفهان،  وهو توسعة حديثة للمجمع إلى منشأة جديدة، قد تعرّض للقصف حتى الآن. وقد كُشف عن الموقع مؤخرا مع إعلان إيران أنه "فارغ"، ولم يدخل مفتشو الأمم المتحدة إليه بعد. وربما يحتاج موقع آخر إلى ضربات إضافية لتدميره بشكل أكثر شمولا. وقد أشار نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، إلى أن الولايات المتحدة لا تعرف بالضرورة موقع مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، رغم أن نتنياهو لمح لاحقا إلى أن إسرائيل قد تكون على علم به.

إذا ما احتفظت إيران بمخزونها من اليورانيوم وتمكنت من تشغيل خطوط أجهزة الطرد المركزي، فقد لا يفصلها سوى بضعة أسابيع عن امتلاك كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة لصنع قنبلة واحدة أو أكثر، بحسب ما تبقى من المخزون الأصلي. ومع ذلك، ستواجه الجمهورية الإسلامية صعوبة في استخدام القنبلة، إذ من المرجح أن يكون برنامجها التسليحي قد تلقى ضربات قاسية. لكنها قد تركز على تفجير جهاز بدائي، وهو رهان محفوف بالمخاطر. فبدون وسيلة واضحة لإيصال القنبلة إلى خارج الحدود، قد تلجأ إيران إلى اختبارها، لكنها قد لا تتمكن من تركيبها على صاروخ. وهذا قد لا يحقق قوة ردع فاعلة، بل ربما يشكّل ذريعة لمزيد من الضربات من إسرائيل والولايات المتحدة.

إن ما يُطلق عليه اسم "وقف إطلاق النار" ليس إلا تسمية شكلية. فالحرب الطويلة والغامضة بين إسرائيل وإيران، والتي كانت قائمة قبل أن تبادر إيران بإطلاق صواريخ على إسرائيل العام الماضي

حرب مفتوحة

من المؤكد أن مجرد امتلاك إيران لمسار محتمل نحو القنبلة النووية يثير قلق خصومها على المدى الطويل.  ففي غياب أي اتفاق نووي، قد تجد إسرائيل، وكل من يساوره القلق من هذا المسار، نفسه مضطرا إلى مراقبة التطورات عن كثب، والاستعداد للضرب في أي لحظة. وهذه مهمة ليست بالهينة، إذ إن أي خطأ في التقدير الاستخباراتي قد تكون كلفته فادحة.

ويعني استمرار حالة التأهب القصوى أن حرب الأيام الاثني عشر قد تشكل بالفعل الضربة الافتتاحية لصراع مفتوح أوسع بين إيران وإسرائيل. وقد بدأت ملامح هذه الذهنية المرتبطة بـ"الحرب المفتوحة" تتجلى بالفعل في لبنان، حيث تواصل إسرائيل استهداف "حزب الله" بينما يحاول الأخير إعادة بناء ترسانته. لكن المخاطر مع إيران أعلى بكثير، ومن المرجح أن ترد طهران على أي هجوم مباشر.

وقد طرح بعض المراقبين أن إيران، بما تملكه من موارد شاسعة وجغرافيا استراتيجية، قد تكون قادرة نظريا على التفوق على إسرائيل في حرب استنزاف طويلة الأمد. وقد يحمل هذا الطرح بعض الصحة لو أن إيران قدّمت جبهة موحدة في مواجهة إسرائيل، إلا أن الأسابيع،  بل السنوات، الماضية أظهرت أن النظام الإيراني يعاني من فقدان شعبيته بين أغلبية الإيرانيين، وأن إسرائيل نجحت في استغلال هذا الضعف. ومن غير المرجح أن يتوقف هذا النهج، فمع تحول النزاع إلى ماراثون طويل بدلا من سباق سريع، قد تسعى إسرائيل بصورة أوضح إلى تقويض النظام الإيراني، بل إن الضربات الأخيرة التي استهدفت أجهزة القمع الإيرانية تُشير بوضوح إلى أن هذه هي الاستراتيجية المتبعة من قبل تل أبيب.

إذا صح هذا التصور، فإن ما يُطلق عليه اسم "وقف إطلاق النار" ليس إلا تسمية شكلية. فالحرب الطويلة والغامضة بين إسرائيل وإيران، والتي كانت قائمة قبل أن تبادر إيران بإطلاق صواريخ على إسرائيل العام الماضي، ستتحول إلى حرب هجينة تتخللها موجات من العنف المباشر ضمن حملة تُخاض بين الحروب، مع احتمال دائم بأن يتطور أي حادث صغير إلى مواجهة عسكرية شاملة.

font change

مقالات ذات صلة