سيتعين علينا انتظار بعض الوقت للتأكد من أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران سيدخل فعلا حيز التنفيذ، رغم إعلان الطرفين التزامهما به.
تجربة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" غير مشجعة في هذا الإطار، إذ تواصل إسرائيل حتى الآن هجماتها في لبنان ضد أهداف تقول إنها لـ"حزب الله" وضد كوادر "الحزب"، وقد كثفت هجماتها في اليومين الماضيين.
فهل سنكون أمام السيناريو نفسه في إيران، بحيث تواصل إسرائيل هجماتها ضد أهداف إيرانية مستفيدة من الطريق الجوي المفتوح إلى قلب إيران؟ أو تعود إسرائيل إلى "حرب الظل" لكن بصيغة مكثفة أكثر؟
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال إن الحرب ستنتهي إلى الأبد بين الطرفين، وبشّر الشرق الأوسط والعالم بالسلام. لكن لم تكد تمضي ساعات قليلة على إعلان ترمب ذاك حتى أطلقت إيران مجددا صاروخين على إسرائيل التي توعدت بالرد بدورها وتحدثت تقارير عن قصف في طهران والشمال. وسرعان ما نفت طهران أن تكون هي من أطلق هذين الصاروخين.
لكن ليس محسوما بعد ما إذا كانت هذه الضربات المتبادلة بعد الاتفاق هي "الضربات الأخيرة" أم إننا سنكون أمام تدحرج جديد لتبادل الضربات.
الأكيد أن تطبيق الاتفاق سيخضع لموازين القوى التي كرستها المواجهة الأخيرة، وهو ما حصل فعلا في لبنان بعد الحرب، إذ ظهر سريعا جدا أن إسرائيل التي وجهت ضربات قاسمة لـ"حزب الله" تتمتع بحرية حركة في الأجواء اللبنانية، لمهاجمة أي هدف تعتبره تهديدا ضدها، تحت عنوان منع "حزب الله" من إعادة بناء قدراته.
لا نعرف بعد ما هي مضامين الاتفاق بين إسرائيل وإيران والذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية-أميركية، بعد ساعات من قصف "الحرس الثوري" الإيراني لقاعدة العديد الأميركية في قطر. لكن ما يجدر بنا التوقف مليا عنده أن مسار الأحداث في المنطقة منذ السابع من أكتوبر 2023 يؤكد أن إسرائيل تتصرف وفق عقيدة قتالية وسياسية قوامها أنها ستعمل على تقويض التهديدات ضدها في طول المنطقة وعرضها.
وغالب الظن أن هذه العقيدة ستنطبق على إيران مثلما انطبقت سابقا على "حزب الله و"حماس" والحوثيين وحتى الميليشيات العراقية التي تلقت ضربة إسرائيلية صباح الثلاثاء.
هل هذا يعني أن إسرائيل في وضع مريح وقادرة على تنفيذ أهدافها كلها دون عوائق؟
الواقع أن أي مواجهة خاضتها إسرائيل ولا تزال سواء في غزة أو لبنان أو اليمن وأخيرا إيران، ليست من دون أكلاف عليها، لكنها قادرة- على ما يبدو من سلوكها حتى الآن- على تحمل هذه الأكلاف وكان أصعبها عليها نتائج القصف الصاروخي الإيراني لمدنها.