لأبواب المدن غواية، ذات أثر معماري جمالي، فضلا عن وظيفتها العملية، وقد اكتسبت هذه المدن شهرة أكبر بتحف بواباتها هذه، ما أن يذكر اسم الحواضر، حتى تعن في البال أبوابها كأنها متلازمة بالضرورة.
تنتصب الأبواب للمدن، كشواهد تكتنز رمزيا حضارة لحظتها التاريخية، بملء أثرها الفني كعلامة ثقافية كبرى، تومئ بهوية البلد، زد على ذلك إفصاحها عن جبروت السلطة، وفي انفتاحها وانغلاقها تتألق ازدواجية الحرب والسلم.
في هذا المنحى، تبزغ أسماء مدن، بالنظر إلى أيقونات بواباتها السامقة، مثل أبواب القدس (العامود، الأسباط، الخليل...)، وباب العراق في بغداد، وبوابة برندنبورغ في برلين، وقوس النصر في باريس، وبوابة الشمس في مدريد، وبوابة الهند في بومباي، وباب البحر في تونس، وباب زويلة في القاهرة، وبوابة ألبرتين في فيينا، وبوابة نامديمون في سيول بكوريا الجنوبية، وبوابة السلام السماوي في بكين، وباب الجديد في المدينة المنورة، وبوابة جافا في جاكرتا بإندونيسيا.
شعرية الأبواب
استأثرت الأبواب بقيمة مركزية في هندسة القلاع والقصبات والمدن المغربية، في أتون حكم الدول العظمى، من مرابطين وموحدين ومرينيين وسعديين وعلويين. أبواب عملاقة تتماهى وقوة المعمار الذي يعلن سطوته في انتصاب الأسوار الضخمة، وسموقها أمام أي خطر يأتي من الخارج. سطوة المعمار هنا تتطابق مع سطوة اللحظة التاريخية.