غزة: في شرق مدينة غزة، حيث حي الدرج، المكان المنذر بالإخلاء من سكانه من جانب الاحتلال الإسرائيلي، تبرز محاولة أخرى للتمسك بالحياة، حيث عاد رواد ثقافيون غزيون، لتفعيل مبادرة "سينما الشارع"، التي توقفت بفعل حرب الإبادة، مثلها مثل معظم الفعاليات الثقافية في المدينة، حيث، وبشكل تدريجي، هدم الاحتلال بطريقة ممنهجة، معظم المؤسسات الثقافية والمسارح والمكتبات، واغتال الكثير من الشعراء والفنانين، خلال هذه الحرب.
انطلقت "سينما الشارع" عام 2021، بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية، وتعزيز دور الفن في حياة الغزيين، وقدمت الى الجمهور الفلسطيني العديد من العروض السينمائية، من أبرزها فيلم "سواقة الباص". كما اهتم الفريق بالجانب الترفيهي مع الأطفال من خلال تقديم العديد من العروض الفنية المخصصة لهم.
فقبل أيام انطلق الأطفال وأهاليهم إلى "مسرح هوليست"، ليشاهدوا عروضا جديدة لمبادرة "سينما الشارع"، يضحكون ويتأملون، يفكرون ويستعيدون، ولو قليلا، صورة الحياة القديمة التي غادرت غزة منذ انطلاق الحرب.
السينما والحقيقة
تسعى المبادرة إلى مقاومة الموت، وإشاحة النظر ولو مؤقتا عن واقع بائس وصلت إليه الحياة في غزة. إنها إرادة أخيرة للقول بأن غزة لم تمت، والأرض لا تزال تصدر الثقافة، ورعاية الهوية، بالرغم من كل أشكال الخراب. فهل من مغزى لاستعادة تلك الثقافة، بينما يباد المكان والإنسان؟ إنه سؤال حول ماهية الوجود بأسره، وكذلك ماهية الجمال في عمق حرب تبيد كل شيء.
"المجلة" التقت الفنان والناشط محمد ياغي، المشرف على فعاليات "سينما الشارع": "المدنية راحت". فلا شيء من شكل المدينة القديمة بقي كما كان، ولا شيء في أذهان الناس سوى أسئلة بدائية تعود بالإنسان إلى أول مخاوفه: كيف سنأكل؟ أين نحتمي؟ متى تتوقف هذه الحرب؟ ثم يضيف بشيء من الحماسة، كمن يبحث عن كنز: "لكن حين عدتُ لأعرض لهم أفلاما وألعابا لأطفالهم، شعرت أنني أقول لهم: ما زالت هناك حياة. ما زالت هناك أحلام. ما زال هناك أمل".