لم يفلح "الإطار التنسيقي" في عدائه المعلن ضد "الوضع الجديد" في سوريا ولا في رفضه الشديد لرئيسها أحمد الشرع. إذ عجز عن تسجيل نقاط إقليمية أو حتى محلية عراقية ضد سوريا ما بعد الأسد. ففيما تُفتح الأبواب الإقليمية والدولية أمام الشرع على نحو متصاعد، تُغلق الكثير من هذه الأبواب أو تكاد في وجه عراق تنظر له المنطقة والعالم على أنه تابع لإيران التي تضعف على نحو متزايد، خصوصا بعد الضربات العسكرية الإسرائيلية ضدها وتهديد أميركا بضربات جديدة ضدها.
يزعج القبولُ الإقليمي والدولي المتزايد للشرع والاستعداد السياسي المصاحب لمساعدة سوريا وتأهيلها عبر دمجها في النظامين الإقليمي والعالمي "الإطارَ التنسيقي" كثيرا. فمثلا لم يكن مشهدا سارا للإطار ومؤيديه رؤية الشرع، في العاصمة السعودية، الرياض، يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويجتمع به، بعد إعلان الأخير قراره برفع العقوبات الأميركية على سوريا، ليُتبعها بعد ذلك بتصريحات إيجابية عنه وعن رغبته في أن يرى سوريا التي عانت كثيرا تتعافى. عبر هذا المشهد كله، كان الشرع محط الاهتمام والأضواء عالميا وإقليمياَ، في وقت كان معظم الإطار التنسيقي يعترض بقوة على مجيئه للعراق لحضور القمة العربية الرابعة والثلاثين التي استضافتها بغداد. وقبل أيام من استقبال الشرع في الرياض والاحتفاء العام به هناك، كان أحد زعماء الإطار التنسيقي، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، يحاجج بأنه لا يمكن استقبال الشرع في بغداد قائلا: "أرفض زيارة الشرع جملة وتفصيلا، وقلت ذلك في أكثر من مناسبة. مجيؤه إلى بغداد في هذا التوقيت الحساس لا يصب في مصلحة العراق". المالكي أضاف حينها أن مجيء الشرع إلى العاصمة العراقية مجازفة بحجة أن العراق لا يستطيع أن يضمن سلامته، في ما بدا تهديدا غير مباشر للشرع، وهو التهديد الذي كررته، على نحو مباشر، شخصيات قريبة من الإطار. زعيم "عصائب أهل الحق"، الشيخ قيس الخزعلي، الذي يُعد أحد الرافضين بشدة حضور الشرع في قمة بغداد، أشار، على نحو غير صحيح، إلى أن هناك أمرا قضائيا عراقيا باعتقال الشرع على خلفية أعمال إرهابية قام بها في العراق أثناء وجوده فيه بين عامي 2003 و2011، وهي الفترة التي قضى الرجل معظمها في سجون أميركية وعراقية في البلد قبل إطلاق سراحه بأيام قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية السورية ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار 2011.