كأس العالم للألعاب الإلكترونية... ليس مجرد فعالية رياضية في السعودية

منصة اقتصادية متكاملة

اكسيل رانغل غارسيا/المجلة
اكسيل رانغل غارسيا/المجلة

كأس العالم للألعاب الإلكترونية... ليس مجرد فعالية رياضية في السعودية

تتجه الألعاب الإلكترونية لتكون ممرا جديدا لدخول الدول إلى الاقتصاد العالمي من أبواب مختلفة خلال السنوات المقبلة والتحول في السياسات الاقتصادية الحديثة. فهي صناعة قائمة على خبرات الفنون الرقمية المتعددة التي تتطلب جهدا كبيرا لتنميتها، وتطورا في إنتاج نظم الكومبيوتر والإنترنت وصولا إلى الذكاء الاصطناعي، مما يحولها من ألعاب شبابية لتمضية الوقت إلى مباراة دولية تتطلب تحضيرا يشارك فيه الآلاف. فيما بدأت تُبنى مع هذه الألعاب فكرة لتحويل اللعب إلى وظيفة عبر "العب لتكسب" التي تسمح للمشاركين من أي فئة بكسب المال، وتؤدي إلى التفرغ الكامل أو الجزئي.

في العاصمة السعودية، الرياض، انطلقت يوم السابع من يوليو/تموز الجاري ولمدة سبعة أسابيع، النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية وهي أكبر حدث تنافسي في تاريخ الألعاب، إذ يجمع نخبة بطولات الألعاب الإلكترونية.

ويؤكد المنظمون أنه في النسخة الثانية من الألعاب يجري تنافس غير مسبوق في 24 من أهم الألعاب وأكثرها جماهيرية، بمشاركة 2000 لاعب من 100 دولة، يتنافسون على أكبر مجموع جوائز مالية على الإطلاق في تاريخ الرياضات الإلكترونية، ويبلغ أكثر من 70 مليون دولار.

في البطولة الأولى عام 2024، خُصصت جوائز بقيمة 60 مليون دولار أميركي، لتأتي نسخة 2025 بجائزة قياسية هي 70 مليون دولار مع دعم إضافي بقيمة 25 مليون دولار لتحفيز الأندية على تطوير المواهب الشابة والمشاركة

واستقطب الحدث العام الماضي في الرياض أيضا، 500 مليون مشاهدة عبر الإنترنت، وشهد حضورا جماهيريا تخطى المليونين وخمسمئة ألف مشاهد.

في البطولة الأولى عام 2024، خُصصت جوائز بقيمة 60 مليون دولار أميركي، لتأتي نسخة 2025 بجائزة قياسية هي 70 مليون دولار مع دعم إضافي بقيمة 25 مليون دولار لتحفيز الأندية على تطوير المواهب الشابة والمشاركة.

سوق مفتوحة

تجذب هذه الألعاب عشرات الآلاف من الزوار من مختلف الدول، بينهم لاعبون وجماهير وإعلاميون وشركات. وتنشط خلالها الفنادق والمطاعم والمواصلات وخدمات الترفيه، مدفوعة بزيادة عدد المشاهدين وفرص الرعاية والشعبية المتزايدة للألعاب التنافسية بين الفئات السكانية المتنوعة، في الوقت الذي تحوّلت فيه هذه الألعاب إلى هدف ومحفز لملايين من الشباب في مختلف أنحاء العالم.

واس
لاعب نادي النصر كرستيانو رونالدو في إعلان لبطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية

وتدعم كأس العالم للألعاب الإلكترونية توجه السعودية لتنويع مصادر الدخل بعيدا من النفط ضمن "رؤية 2030"، محاولة ترسيخ موقعها كمركز عالمي لصناعة الترفيه والألعاب. كما تساهم في خلق وظائف مباشرة في التنظيم والإعلام والترجمة والتسويق والتصميم والخدمات اللوجستية.

بالإضافة إلى فرص دائمة في قطاع تطوير الألعاب والبرمجة وإدارة الفعاليات والبث المباشر، مما يعزز الثقة الدولية في السوق السعودية كمكان مستقر لاستضافة فعاليات ضخمة، ويشجع شركات الألعاب على فتح مكاتب وتطوير أعمال في المملكة. ويعتبر المنظمون أن السياحة والترفيه والتقنية والتوظيف هي ركائز أساسية ضمن برنامج "جودة الحياة" و"التحول الوطني"، التي تهدف إلى رفع المشاركة الاقتصادية وتحقيق تنويع فعال يعزز الاستدامة بعيدا من اقتصاد النفط.

يعتبر المنظمون أن السياحة والترفيه والتقنية والتوظيف هي ركائز أساسية ضمن برنامج "جودة الحياة" و"التحول الوطني"

قدرة السعودية على نقل البطولة إلى مدن مثل القدية ونيوم، أو السودة داخل المملكة، يمكن أن يشجع على تدفق جديد للاستثمارات، ويعزز نجاح المشاريع الترفيهية الكبرى، مثل القدية التي تستهدف 17 مليون زائر سنويا وإضافة 325 ألف وظيفة في حلول 2030.

إن كأس العالم للألعاب الإلكترونية ليست مجرد فعالية رياضية رقمية، بل منصة اقتصادية متكاملة تعزز النمو في قطاعات السياحة والترفيه والتقنية والتوظيف الداخلي والإقليمي وحتى الدولي.

الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية
لاعبين وجمهور الفرق المشاركة في بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية في الرياض

وتعطي السعودية الأولوية لـ13 قطاعا ضمن "رؤية 2030"، منها قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بهدف تنويع اقتصاد المملكة بعيدا من تصدير النفط الذي تعتمد عليه بشكل رئيس في اقتصادها.

عروض في كأس العالم

وتصاحب كأس العالم للألعاب الإلكترونية فعاليات فنية، منها حفلات تستضيف مجموعة من نجوم الموسيقى العالميين، وتقام الحفلات في مسارح داخل "مدينة اللاعبين"  أو في بولفار رياض سيتي.

ولفتح الباب أمام أنواع مختلفة من الجماهير، تعمل الهيئة المنظمة على تشغيل عروض ضوئية وتكنولوجية عبر الطائرات المسيرة، وعروض الواقع المعزز  والواقع الافتراضي، التي تحاكي ألعاب الفيديو. بالإضافة الى ألعاب نارية ومؤثرات سمعية–بصرية. كما تستضيف الألعاب عروض "ستاند أب كوميدي" لكبار المؤثرين والكوميديين المحليين والدوليين، وعروضا مسرحية خفيفة موجهة الى جمهور الشباب والعائلات، بزخم اقتصادي وتقني وثقافي، يتجاوز كأس العالم للألعاب الإلكترونية كونها حدثا ترفيهيا نحو لعب دور محوري في تشكيل ملامح الاقتصاد الجديد في السعودية. فالرياض، تقدم نموذجا لتوظيف الابتكار الرقمي والترفيه في خدمة أهدافها الاستراتيجية. ومع تنوّع الفعاليات المصاحبة من فنون وموسيقى وتكنولوجيا، يرسخ هذا الحدث مكانته كبوابة للاستثمار والتحول الاقتصادي، ويؤكد أن الرياضات الإلكترونية لم تعد مجرد هواية شبابية، بل رافعة تنموية شاملة تساهم في بناء مستقبل متكامل يجمع بين الإبداع والتوظيف والاستدامة ضمن رؤية طموحة تتطلع إلى ما بعد النفط.

font change