في القرن التاسع عشر، ازدادت معدلات قتل الفيلة بشكل غير مسبوق بغرض الحصول على أنيابها التي كانت تُستخدم في صناعة العاج. وفي نهاية الستينات من القرن نفسه، طوّر عالِم كيميائي أميركي يُدعى جون ويزلي هايت أول بوليمر صناعي يمكنه محاكاة العاج والمواد الطبيعية الأخرى المستنزفة من خلال معالجة السليلوز، وذلك بعد أن عرضت شركة أميركية عام 1863 جائزة قدرها 10 آلاف دولار لمن يخترع بديلا للعاج المستخدم في صناعة كرات البلياردو، مما حفز هايت على ابتكار "السليولويد" الذي نال استحسان الكثيرين كبديل للعاج، حتى إنه أُطلق على ذلك الابتكار "منقذ الفيلة"، ومن هنا انطلقت ثورة البلاستيك. وتبعه عدد من الباحثين الذين اجتهدوا لإنتاج بلاستيك صناعي كامل.
وبالفعل تمكّن الكيميائي البلجيكي ليو هندريك بيكلاند في مطلع القرن العشرين من ابتكار أول بلاستيك صناعي كامل يتمتع بخصائص فيزيائية فريدة، وأقوى من السيلولويد، وعُرف ابتكاره باسم "باكيليت". وقد نال إعجاب الكثيرين أيضا، خاصة أن ذلك الابتكار كان قائما على بوليمرات صناعية لا تعتمد على أي مواد طبيعية. وقتها كانت يُسوّق للباكيليت على أنه "مادة ذات ألف استخدام". تمر الأيام والسنوات والعقود، ويصير البلاستيك جزءا أساسيا من الحياة اليومية، فقد حقق انتشارا واسعا في احتياجات الحياة العصرية كافة، إذ ساهم في تطوير الحاسوب والهواتف الذكية، إضافة إلى دوره في تطور الطب، وغيرها.
قد يبدو أمرا محمودا، لكن الحقيقة أن الخسائر كانت أعمق من ذلك، إذ أن البلاستيك مادة مصنعة، لا تتحلل بيولوجيا، وهذا يعني أنها تتراكم في الطبيعة، وتتسبب بتلوث بلاستيكي. إضافة إلى أن إنتاج البلاستيك ودورة حياته تساهم في إطلاق انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري. ففي عام 2019، وصلت نسبة الانبعاثات الناتجة من البلاستيك نحو 3.4% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة.
انتباه إلى مشكلة دولية
ازدادت الحاجة إلى البلاستيك، خاصة مع اندلاع الحروب العالمية، وفي منتصف القرن العشرين، انتبه البشر إلى أزمة التلوث البلاستيكي التي صارت عبئا على الكوكب. ففي عام 1960، كانت هناك مجموعة بحثية تدرس صحة الحياة البحرية في المحيطات عبر جهاز يُسمى "مسجل البلانكتون المستمر" وهو عبارة عن أداة تُسحب خلف السفن لجمع عينات وبيانات لمجتمعات العوالق على مسافات طويلة، هذا يوفر معلومات حول توزيعها ووفرتها، مما يعطي مؤشرا إلى مدى صحية المحيطات. علما بأن العوالق هي الغذاء الرئيس للأنواع البحرية، ووجودها ضروري لحفظ النظام البيئي الأرضي.
وفي أثناء عملية التسجيل، لاحظ الباحثون أن هناك شيئا ما قد تشابك مع مسجل البلانكتون المستمر، وكان هذا الجسم المتشابك عبارة عن كيس بلاستيكي قبالة سواحل أيرلندا. ولاحظوا أيضا أن الجهاز قد سجل بعض البيانات حول البلاستيك الذي رصده.