في السنوات الأخيرة، تصاعد الجدل الطبي في الولايات المتحدة حول الطريقة المثلى لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال الصغار، وخصوصا من هم في سن ما قبل المدرسة.
ورغم أن الإرشادات الطبية الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال تنص بوضوح على ضرورة البدء بالعلاج السلوكي لمدة لا تقل عن ستة أشهر قبل التفكير في وصف الأدوية، تكشف دراسة جديدة قادها باحثون من جامعة ستانفورد، عن واقع مغاير. فقد أظهرت السجلات الطبية لآلاف الأطفال أن نسبة كبيرة منهم تتلقى الأدوية فور التشخيص، في تجاهل للتوصيات الطبية، وهو ما يثير مخاوف جدية في شأن مستقبل هؤلاء الصغار وتأثيرات العلاج الدوائي عليهم في المدى الطويل.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، المعروف اختصارا بـ"ADHD"، لم يعد مجرد مصطلح طبي يرد في كتب علم النفس أو عيادات الأطباء المتخصصين. بل أصبح قضية مجتمعية متشابكة، تهم الأسر والمدارس وصناع القرار الصحي على حد سواء. تشير التقديرات إلى أن هذا الاضطراب يصيب ما بين 5% إلى 7% من الأطفال عالميا، مع تفاوت في الأرقام من بلد الى آخر. وفي الولايات المتحدة، حيث جرى التركيز في الدراسة الأخيرة الصادرة عن جامعة ستانفورد، يمثل الاضطراب واحدا من أكثر التشخيصات السلوكية شيوعا في مرحلة الطفولة.
يظهر ذلك الاضطراب عادة في صورة ثلاثة محاور أساسية هي فرط الحركة غير المبرر، وضعف القدرة على التركيز لفترات مناسبة للعمر، والسلوك الاندفاعي. هذه الأعراض ليست مجرد "شقاوة أطفال" كما قد يتصور البعض، بل تتجاوز ذلك إلى كونها تحديا يوميا يعرقل حياة الطفل الأسرية والتعليمية والاجتماعية.
الطفل الذي لا يستطيع الجلوس بهدوء داخل الفصل، أو يقطع كلام الآخرين بشكل متكرر، أو يفقد أدواته المدرسية باستمرار، قد يكون في الواقع يواجه اضطرابا نمائيا يحتاج إلى رعاية خاصة وليس مجرد توبيخ.