الشيباني يدخل لبنان من الباب

الشيباني يدخل لبنان من الباب

استمع إلى المقال دقيقة

وزير الخارجية السوري في بيروت، في زيارة رسمية. اختار أسعد الشيباني أن يصل إلى لبنان عن طريق مطار رفيق الحريري الدولي، في رسالة لإعادة تأكيد احترام سوريا الجديدة للدولة اللبنانية وسيادتها واستقلالها، في لبنان كل شيء له مغزى، من لحظة الوصول إلى ما بعد المغادرة.

انتهت حقبة "شعب واحد في بلدين" وبدأت حقبة شعبان في دولتين، لكن تنقية الذاكرة ولملمة الجراح على جانبي الحدود تحتاج إلى جهد مستمر يجب أن يشترك به الجميع وليس فقط الحكومات.

بين البلدين الكثير من الملفات العالقة والشائكة، وبينهما أيضا مصالح مشتركة. جاءت زيارة وزيري الخارجية والعدل السوريين أسعد الشيباني ومظهر الويس إلى بيروت لاستكمال مسار بدأ بعد سقوط نظام الأسدين في سوريا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، زار حينها رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي دمشق والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع، وبعدها زار رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام دمشق أيضا والتقى الرئيس الشرع، الرئيسان السوري واللبناني التقيا أكثر من مرة ولكن على هامش قمم ولقاءات عربية ودولية.

حساسية العلاقة بين سوريا ولبنان تفوق حساسيات الملفات الحساسة جدا بينهما. العبارة التي قيلت مرارا خلال لقاءات الشيباني في بيروت هي "الإرادة السياسية" للوصول لأفضل العلاقات بين الدولتين، ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية أخذ طريقه إلى الحل وستظهر النتائج تباعاً، ضبط الحدود مصلحة مشتركة، لبنان ملتزم أمام المجتمع العربي والدولي بضبط حدوده أمام تهريب السلاح والمخدرات، كان هذا أحد الشروط أيضاً لوقف الحرب الإسرائيلية الأخيرة على "حزب الله"، في المقابل مصلحة سوريا ف ضبط الحدود أيضا، تدرك الدولة السورية أن إيران ومن خلفها "حزب الله" خسرا بخسارتهما نظام الأسد أهم معبر لتهريب السلاح وتجارة المخدرات الممول الأول للميليشيات الإيرانية.

ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا والاغتيالات التي ارتكبها نظام الأسدين في لبنان كلها ملفات شائكة، ولكن "الإرادة السياسية" موجودة عند الطرفين لحل جميع العقبات.

في لبنان يغرق البعض بالتفاصيل، وفي سوريا دولة تحاول النهوض وعدم الوقوع بأي فخ

تعليق العمل بالمجلس الأعلى السوري اللبناني خبر تلقاه اللبنانيون كرسالة إيجابية من دمشق قبيل وصول الشيباني إلى بيروت، مجلس ينتمي لحقبة انتهت منذ زمن، وكان يجب أن ينتهي معها.

الشيباني التقى الرئيسين عون وسلام ونائب رئيس الحكومة طارق متري المكلف بمتابعة العلاقة بين الجانبين، كما نظيره اللبناني، زيارة من دولة إلى دولة بحثت بملفات تعني الجانبين، ولكن بسبب الحساسية المرتفعة عند البعض وقبل أن تنتهي الزيارة بدأت التأويلات عن سبب عدم اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الجانب السوري يؤكد لـ"المجلة" أن لا لقاء مع بري كون البحث تناول ملفات تعني السلطة التنفيذية، وأن اللقاء مع رئيس السلطة التشريعية اللبناني يقوم به نظيره السوري (لا يوجد رئيس سلطة تشريعية في سوريا حتى اللحظة)، ومع ذلك وبدل أن يكون عدم اللقاء مع بري رسالة إيجابية لناحية عدم تدخل السوريين في الشأن اللبناني واحترام جدول الأعمال والسلطات، نسي البعض في لبنان سياسيا وإعلاميا أهمية الحدث وزيارة الشيباني إلى بيروت وراح كل فريق يعطي تأويلات لعدم اللقاء مع بري تتناسب مع أجندته السياسية.

في لبنان يغرق البعض بالتفاصيل، وفي سوريا دولة تحاول النهوض وعدم الوقوع بأي فخ، الرئيس الشرع قال سابقاً "تنازلت عن الجرح الموجود داخل سوريا بسبب اعتداءات حزب الله علينا، ولم أحاول إطلاق تصريحات قد تحمس أطرافا داخل لبنان، وحاولت الوقوف على مسافة واحدة من دون إلغاء أي طرف". وأكد أنه لم يكن يحب أن يفهم اللبنانيون أن "سوريا الجديدة تريد التحكم في لبنان والتنظير عليه، وأفضل شيء لسوريا دخول البيوت من أبوابها فحتى تنجح الأفكار يجب مناقشتها مع الأطراف الفاعلة". دخل الشيباني إلى بيروت من الباب، أعلنت دمشق نيتها فتح "صفحة جديدة بيضاء لتحسين العلاقات السورية-اللبنانية، وأهم شيء فيها إلغاء الذاكرة السلبية الماضية"، واليوم الإرادة موجودة عند الدولتين، وعلى لبنان السياسي أن لا يُدخل السوريين بزواريب السياسة اللبنانية ولا يقحمهم بالتفاصيل اللبنانية، فتتعرقل العلاقة الوليدة والتي دفع سوريون ولبنانيون حياتهم ثمنا لها.

font change