في صباح يوم الاثنين 20 أكتوبر/تشرين الأول، بينما كانت العواصم تستيقظ على روتينها المعتاد، وقعت الحادثة التي بدت في لحظتها عابرة، لكنها ستصبح خلال ساعات مادة لنشرات الأخبار ومراكز الأبحاث وشركات التأمين وشاشات التداول المالي.
ففي السادسة والنصف صباحا بتوقيت واشنطن، بدأت مؤشرات الخطأ في لوحات مراقبة شركة "أمازون ويب سيرفيسز" بالارتفاع. خطوط حمراء أخذت تتكاثف في منحنيات الأداء داخل غرفة التحكم الزجاجية بمركز بيانات ضخم في فيرجينيا الشرقية. وفي غضون دقائق، انتقلت موجات الخلل عبر شبكات الألياف البصرية، من خادم إلى آخر، من عقدة إلى عقدة، حتى وصلت إلى العصب الأساس لنظام أسماء النطاقات، المعروف اختصارا بـ DNS، ذلك النظام الذي يحفظ للإنترنت ذاكرته ومكانه.
في المقاهي التي يعمل فيها المبرمجون المستقلون، وفي مكاتب الشركات الكبرى، وحتى في البيوت التي تعتمد على الأجهزة الذكية، بدأت الشكوى نفسها، فالتطبيق لا يعمل. أصبحت الشاشة سوداء، ودائرة تحميل تدور ولا تنتهي. البعض ظنها مشكلة في الإنترنت المحلي، آخرون أعادوا تشغيل أجهزتهم، ثم بدأت الحقيقة تتضح على منصات المراقبة مثل "داون ديتكتور" التي قالت إن هناك خللا عالميا مصدره "أمازون ويب سيرفيسز"، وإن الشركة التي تقدم بنية الإنترنت لمئات الآلاف من التطبيقات، من البنوك إلى الألعاب، توقفت فجأة عن العمل.
"أمازون ويب سيرفيسز" ليست مجرد شركة تقنية. فهى البنية التحتية غير المرئية التي يعتمد عليها كل ما نفعله تقريبا في العالم الرقمي. عندما تفتح تطبيقا لحجز رحلة، أو ترسل رسالة، أو تطلب وجبة عبر تطبيق توصيل، هناك احتمال كبير أن الطلب يمر عبر خوادم تلك الشركة، فهي الطبقة التي تدير الطبقات الأخرى، والأرض الصلبة تحت الغيوم التي نسميها "السحابة". لذلك، عندما تتعطل، لا يتأثر موقع واحد، بل يتأثر جزء من العالم نفسه.
بعد ساعة من بدء العطل، كانت التقارير تتدفق" خرج "سناب شات" من الخدمة، وأصبح موقع "ريديت" لا يستجيب، وتوقف موقع "فينمو"، وزووم بطيء، وحتى خدمات "أمازون" نفسها – من "برايم فيديو" إلى "أليكسا" – بدأت تتجمد. في مطارات الولايات المتحدة، تعذرت عملية تسجيل المسافرين على رحلات "دلتا ويونايتد" وشكا الركاب من اختفاء حجوزاتهم. كما لم تعد بعض أنظمة الدفع قادرة على التحقق من العمليات. في لحظة واحدة، امتد أثر العطل من غرف المراهقين الذين لا يستطيعون تشغيل ألعابهم المفضلة إلى مكاتب الطيارين الذين ينتظرون إشارة التشغيل من نظام الحجز المركزي.
لم يأت العطل من فراغ. فبحسب التحقيقات الأولية التي أجرتها "أمازون"، بدأ الخلل في خدمة مراقبة صحة الشبكة داخل منظومة EC2 – التي تعد القلب التشغيلي لخدمات "أمازون"، إذ أنها مسؤولة عن توزيع الحمل بين آلاف الخوادم بحيث لا يتكدس الضغط على مكان واحد.

