خلافا لمن يقرأ في انتخابات العراق السادسة الكثير من المفاجآت، فإنها لم تحمل الا متغيرات طبيعية جاءت كنتيجة للبيئة السياسية التي أنتجتها انتخابات 2021 السابقة. وما نتج عنها من انسحاب التيار الصدري من البرلمان بعد فشله في تجاوز التوافقية وتشكيل حكومة الأغلبية السياسية، ومن ثم تشكيل الحكومة من اشتراك القوى السياسية في تحالف إدارة الدولة. وتغيير قانون الانتخابات من الدوائر المتعددة واحتساب الأصوات وفق نظام الفائز الأول، إلى نظام المحافظة دائرة واحد واحتساب الأصوات وفق "نظام سانت ليغو المعدل" (1.7).
ولذلك شهدت انتخابات 11-11-2025 عودة نشاط الماكينات الانتخابية للأحزاب السلطوية التي تملك احترافية في تجميع أصوات "زبائنها" من الناخبين. إذ استفاد في بغداد، "ائتلاف الإعمار والتنمية" الذي يترأسه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني كثيرا من قانون "سانت ليغو المعدل" بعد حصول السوداني رئيس القائمة على أكثر من 92 ألف صوت، وكذلك رئيس قائمة "تقدم" محمد الحلبوسي الذي حصل على أكثر من 71 ألف صوت، وأيضا حصول رئيس قائمة "دولة القانون" نوري المالكي على أكثر من 68 ألف صوت. وكذلك ساهم هذا القانون الانتخابي بعودة تحالف "قوى الدولة" الذي يترأسه السيد عمار الحكيم إلى البرلمان بثمانية عشر مقعدا. وبمعادلة حسابية لقانون "سانت ليغو المعدل" (1.7) نجد أن قرابة الثلاثة ملايين صوت قد تشتت بين عدد من المرشحين في القوائم الكبيرة، والقوائم الصغيرة.
قد يعد البعض خسارة القوى المدنية وأغلب الشخصيات التي دخلت البرلمان كممثلين عن "حركة تشرين" الاحتجاجية، أكثر مفاجآت انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2025. ولكنها، أيضا نتيجة طبيعية لتغيير قانون الانتخابات، وتشتت القوى المدنية في أكثر من قائمة، وغياب الاحترافية السياسية لدى الكثير منهم، ودخول النواب الذين حصلوا على مقاعدهم بعنوان ممثلي "احتجاجات تشرين" تحت أجنحة القوى التقليدية في هذه الانتخابات.

