شرق أوسط بنكهة سعودية

شرق أوسط بنكهة سعودية

استمع إلى المقال دقيقة

العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ليست جديدة، بل هي من أكثر العلاقات الاستراتيجية تأثيرا في الشرق الأوسط، لكن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام إلى واشنطن لم تكن زيارة عادية ولا حدثا بروتوكوليا، كانت زيارة من نوع آخر، زيارة تقول الكثير عن تطور العلاقات بين البلدين.

منذ زيارة ولي العهد الأخيرة إلى الولايات المتحدة في عام 2015 شهدت المنطقة تحولات جذرية، المملكة تغيرت كثيرا ، وحقق ولي العهد قفزات نوعية في شتى المجالات داخل السعودية وحتى بعلاقاتها مع دول المنطقة والعالم، وواشنطن في زمن الرئيس دونالد ترمب لا تشبه واشنطن في زمن الرئيس الأسبق باراك أوباما أو جو بايدن.

مراسم الاستقبال الرسمية كانت الأرفع لأي زائر يأتي إلى البيت الأبيض، كرر خلالها ترمب تعبيره عن العلاقة الخاصة التي تجمعه مع ولي العهد.

برز التحول الكبير بالعلاقة بين البلدين بموافقة ترمب على تزويد السعودية بطائرات "F-35"، رغم اعتراض تل أبيب، ودون شرط التطبيع مع إسرائيل، إذن هو تغير كبير في العلاقة التي تربط الرياض بواشنطن، العلاقة القوية بين البلدين كانت توصف سابقا على أنها ضمان إمدادات النفط مقابل المظلة الأمنية والسياسية للمملكة. تطورت هذه العلاقة إلى ما هو أبعد من نفط وأمن وتحولت إلى شراكة في كثير من الملفات بمعزل عن إسرائيل.

مراسم الاستقبال الرسمية كانت الأرفع لأي زائر يأتي إلى البيت الأبيض، كرر خلالها ترمب تعبيره عن العلاقة الخاصة التي تجمعه مع ولي العهد

فلم يعد تأثير هذه العلاقة محدودا فقط بالدولتين، بل صار لها أثر بارز في رسم السياسات الإقليمية، وسوريا اليوم هي المسار الأوضح الذي تتقاطع به المصالح السعودية والأميركية.

في سوريا انهزم المشروع الإيراني، وخسرت طهران الجغرافيا التي كانت تسهل لها التمدد وتهديد أمن المنطقة وزعزعة استقرارها، أدركت الرياض منذ اللحظة الأولى لسقوط نظام الأسد أهمية التغيير الحاصل في سوريا وقررت أن تكون الداعم الأول للمرحلة الانتقالية في دمشق ومنع أي محاولة لزعزعة استقرار تحت أي مسمى، لأن الفوضى قد تسمح لإيران باستعادة بعض من نفوذها، لعب الأمير محمد بن سلمان الدور الأكبر في إقناع الرئيس الأميركي بأهمية ما حصل في سوريا وإعطاء السلطة الجديدة في دمشق الفرصة، فكان اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، وكان رفع العقوبات عن سوريا، ومن ثم حضور الشرع للجمعية العمومية للأمم المتحدة ومن بعدها زيارته لواشنطن ولقاؤه ترمب في البيت الأبيض.

العائق اليوم أمام سوريا رغم الدعم الأميركي والسعودي والإقليمي لاستقرارها هو بنيامين نتنياهو، الهارب دوما من أزماته الداخلية بافتعال أزمات وحروب خارجية، أبدت دمشق المرونة الكافية بما يتعلق بالعلاقة وفق المستطاع مع تل أبيب، وأكد الشرع مرارا أن سوريا لا ترغب في الدخول بحروب أو مشاكل مع أي دولة بما في ذلك إسرائيل، ورغم ذلك يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على انتهاك السيادة السورية واحتلال أراض جديدة والاحتفاظ بها ورفض الانسحاب من الأراضي التي احتلها بعد سقوط نظام الأسد، وهنا يبرز السؤال الرئيس: هل يستطيع ترمب لجم جنوح نتنياهو نحو سياسة سيكون لها أثر سلبي على رؤية الولايات المتحدة في المنطقة، أم إن نتنياهو على استعداد للمغامرة بعلاقته مع ترمب كما المغامرة بإعطاء إيران الفرصة لتلتقط أنفاسها في سوريا لإنقاذ مستقبله السياسي؟

font change