في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهدت دبي واحدة من أكثر نسخ "جايتكس غلوبال" إثارة وزخما منذ انطلاقه قبل عقود. "جايتكس" منصة رائدة تقام على مستوى العالم لجمع القيادات التكنولوجية وصناع القرار، وتعد محركا رئيسا للابتكار والاستثمار، حيث تعمل على مزامنة جهود القطاع الحكومي ومراكز الإبداع والشركات الناشئة لتقديم حلول وخدمات متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بهدف دعم التنوع الاقتصادي وتعزيز الموقع التنافسي عالميا.
لكن الأمر هذا العام، لم يعد مجرد معرض تكنولوجي ضخم كما اعتدناه، بل تحول إلى منصة استراتيجية عابرة للقطاعات، تكشف عما يحدث خلف الكواليس في عالم يموج بالتحولات الجيوسياسية والتنافس المحموم على الذكاء الاصطناعي. تدفقت الوفود من خمس قارات لمناقشة مستقبل التقنيات والذكاء الاصطناعي
حضر الحدث وزراء ورؤساء هيئات رقمية ومسؤولون حكوميون من عشرات الدول، إلى جانب كبار المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا العملاقة مثل "مايكروسوفت"، "إنفيديا"، "أمازون"، و"هواوي"، وعدد من الشركات التي أصبحت تقود سباق الرقائق والبيانات والروبوتات. أما الشركات الناشئة—المئات منها—فقد جاءت بحثا عن نافذة للانطلاق، في سوق لا تعترف إلا بمن يبتكر أسرع ويتحول أسرع. على هامش الحدث، أعلنت صفقات ضخمة، ووقعت مذكرات تفاهم، وعرضت تقنيات نوعية من نماذج لغوية عملاقة إلى روبوتات قادرة على اتخاذ قرارات معقدة في وقت حقيقي.
وسط هذا الضجيج التكنولوجي، ارتفع مصطلح واحد ليصبح العنوان غير المعلن للمعرض، "سيادة الذكاء الاصطناعي". لم يعد التعبير مجرد فكرة تنظيرية تناقش في غرف البحث أو أداة تسويقية تستخدمها الشركات لجذب الانتباه. بل تحول إلى مبدأ سياسي واقتصادي يمثل طموح الدول في أن تمتلك قرارها الرقمي، وأن تتحكم في بياناتها، ونماذجها الذكية، وبناها التحتية السحابية، وسلاسل توريد الرقائق التي تعد الوقود الحقيقي لعصر ما بعد الثورة الرقمية.



