هل انتهى زمن العنف ؟

هل انتهى زمن العنف ؟

[escenic_image id="5514924"]

في صباح يوم 11 أبريل/ نيسان من عام 2007، هز انفجار مدمر وسط الجزائر العاصمة، عندما انفجرت سيارة مفخخة أمام قصر الحكومة. في نفس اللحظة، وقع هجومان إرهابيان آخران في الضواحي الشرقية للعاصمة، وأصابا مركزين أمنيين. وسرعان ما ارتفع عدد الوفيات إلى 30 شخصا، بينما أصيب مئات آخرون. وأعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسئوليته عن المذبحة، وتعهد "بتحرير أرض الإسلام من الصليبيين وحلفائهم المرتدين". ونشر موقع إلكتروني للناشطين الجهاديين صورًا للثلاثة انتحاريين، وتم التعرف على الانتحاري الوحيد الذي أظهر وجهه، وكان يدعى مروان بودينا، وهو فتى جانح صغير تحول للتطرف على يد إمام يتمتع بالجاذبية، وكان مروان مراهقًا من ضواحي الجزائر العاصمة المكتظة بالسكان، والذي لقي حتفه تحت اسم الحرب المستعار معاذ بن جبل.

 وكانت صدمة المجتمع الجزائري رهيبة في هذا الحادث الذي فاق في تأثيراته كل التوقعات، حتى أثناء ذروة العنف السياسي، أي خلال "العقد الأسود" للتسعينيات كانت الهجمات الانتحارية غير معروفة (وحدث الاستثناء الوحيد نتيجة لخطأ على الأرجح، حين فجر إرهابي نفسه بشكل غير متوقع باستخدام القنبلة التي كان يحملها). وكان من المفترض دفن أهوال الحرب الأهلية ضد المقاتلين الإسلاميين في الماضي. كما أن توصُّل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى "قانون للوفاق المدني" حظي بموافقة واسعة حين طرح للاستفتاء. وبعد ستة أعوام، وسّع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مبادرته من خلال "ميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية"، وأقره الاستفتاء أيضًا. ورغم كل هذا عاد الإرهاب ليضرب الجزائر مرة أخرى باسم الجهاد، تحت لواء تنظيم القاعدة.

 ولكي نفهم هذه العملية برمتها، لا بد أن نعود إلى تاريخ الجزائر الحديث، ففي أكتوبر/ تشرين أول 1988، عندما اندلعت أعمال شغب اجتماعية في العاصمة. كان المحتجون من الشبان المحرومين يقلدون "ثورة الحجارة" الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، فقاموا باستفزاز قوات الأمن بالطوب والنبال، وتحدوا نظام الحزب الواحد المتمثل في جبهة التحرير الوطنية، كما نددوا بتفشي الفساد والفشل الاقتصادي الذي تعاني منه الجزائر رغم كل ثروة البلاد النفطية. فسحقت السلطات هذه الانتفاضة الاجتماعية دون رحمة، ولقي مئات من مثيري الشغب مصرعهم. ومع مرور السنين لم يعد مقبولًا احتكار جبهة التحرير الوطنية للحياة السياسية، واقتضت الضرورة الموافقة على أحزاب أخرى، بما فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهى ائتلاف من أشكال مختلفة من الإسلام السياسي. واعتبرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن الجزائر لا تزال "تحت الاحتلال"، على الأقل من الناحية الثقافية، وتعهدت باستعادة "الهوية الإسلامية" للبلاد من خلال قتال "حزب فرنسا" وهم النخبة العلمانية التقدمية الناطقة باللغة الفرنسية.

 وكانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ تراهن على آليات التحول الديمقراطي لتحقيق أهدافها الإسلامية، واكتسبت هذه المقامرة على "الجهاد السياسي" زخمًا بعد تحقيق الجبهة لانتصار ساحق في الانتخابات البلدية في شهر أبريل/نيسان لعام 1990. لكن الرياح لم تأت بما تشتهي الجبهة بسبب قلة يصفون أنفسهم بقدامى المقاتلين خلال الحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، يرتدون الزي الأفغاني (عيونهم مكتحلة ولحاهم مصبوغة بالحناء): خرجوا إلى الشوارع يستعرضون قوتهم ويدعون للجهاد العسكري ضد الكفار، ورغم أن الرئيس الجزائري وقتها، الشاذلي بن جديد، كان صادقًا في التزامه بتحقيق التحرر السياسي. فإن تصرفات هذه القلة الصاخبة أثارت حفيظه مسئولي الاختيار العسكريين، الذين يصفهم الشعب الجزائري بأنهم "صناع القرار" فقد تزايد قلقهم من تصاعد المد الإسلامي. لذلك عندما فازت الجبهة بالجولة الأولى في الانتخابات التشريعية 1991، تدخلت القيادة وعزلت الرئيس بن جديد، ووضعته قيد الإقامة الجبرية في منزله و"أوقفت" العملية الانتخابية.

 كما ألقت قوات الأمن القبض على الآلاف من نشطاء وأنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في حين توارت الشبكات "الأفغانية" وشنت الخلايا الجهادية هجمات عنيفة على موظفي الخدمة المدنية والمفكرين العلمانيين. وفي نهاية المطاف، اندمجت هذه القوى في أكتوبر/تشرين أول 1992، ليشكلوا (الجماعة الإسلامية المسلحة)، بينما أسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجناح العسكري الخاص بها، وسمته الجيش الإسلامي للإنقاذ. وطردت المملكة العربية السعودية أسامة بن لادن في ذلك الحين. ومن مقره الجديد في السودان، كان بن لادن يعزز تنظيم القاعدة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. ولكن انفتاحه على الجماعة الإسلامية المسلحة لم يكن متبادلا، لأنه حتى الجهاديين المتشددين رفضوا أي تدخل من خارج الجزائر في كفاحهم ضد النظام الجزائري. وأصبحت الجماعة الإسلامية المسلحة غارقة أيضًا في دوامة من المذابح الدموية، أولا ضد التجمعات المؤيدة للحكومة، ثم ضد معاقل الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنافسة، ثم في نهاية المطاف ضد الجماعات الجهادية المنشقة.

 كما ساد الارتباك في صفوف النظام، حيث أعادوا أحد الأعضاء المؤسسين لحزب جبهة التحرير الوطنية، وهو محمد بوضياف، من منفاه في المغرب ليكون رئيسًا جديدًا للدولة. إلا أنه لقي مصرعه على يد حارسه الشخصي في شهر يونيو/ حزيران 1992، في ظروف غامضة. وهكذا أصبحت الجزائر تحت حكم زعامة جماعية، وخرج منها الجنرال اليميني زروال، بوصفه الرجل الأقوى.

 وفي نوفمبر/تشرين ثان 1995، أقيمت أول انتخابات رئاسية متعددة الأطراف، وحصل فيها زروال على  61 ٪ من الأصوات، بينما حصل منافس إسلامي لا ينتمي للجبهة الإسلامية للإنقاذ على 25 ٪. وهو ما منح زروال الشرعية والقوة التي مكنته من التوصل إلى مفاوضات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، من أجل إيقاف الحرب الأهلية. وبالفعل استجابت الجبهة وأعلنت في سبتمبر/ أيلول، عام 1997، وقف إطلاق النار، في حين استمرت الجماعة الإسلامية المسلحة أكثر عنفا، مع تزايد عزلتها، وارتكبت سلسلة من المجازر الجماعية المروعة. وهو ما دفع أحد قادة الجماعة الإسلامية المسلحة، حسن حطّاب، إلى إدانة سفك الدماء، وقاد فصيلًا منشقًا عنها وأسماه "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، في شهر سبتمبر/ أيلول عام 1998.

 واستطاع زروال إعلان الانتصار على التمرد الجهادي قبل نهاية ولايته المقدرة بأربعة أعوام، وقرر التنحي عن الرئاسة. وقدرت حصيلة الضحايا الهائلة للحرب الأهلية ما بين مئة ومائتي ألف شخص من القتلى، ولكن تضاعفت التكلفة الإنسانية للأزمة نتيجة الخروج المكثف للطبقة الحضرية من الناطقين باللغة الفرنسية من البلاد، والذين فروا من الإرهاب الجهادي إلى الخارج، وخرجوا إلى مناطق بعيدة مثل كندا.

 وكان خليفة زروال في شهر أبريل/ نيسان، لعام 1999، هو عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان وزيرًا للشئون الخارجية في بلاده خلال عقد السبعينيات، الذي يعتبرونه  "العصر الذهبي" لحكم جبهة التحرير الوطنية. ولكن بوتفليقة دخل الانتخابات بوصفه مرشحًا مستقلًا، وحصد ثلاثة أرباع الأصوات (انسحب منافسوه احتجاجًا على الانتخابات المدبرة). وتعهد بتكريس معظم عائدات النفط لتضميد الجروح المفتوحة من جراء الحرب الأهلية. ولقي "قانون الوفاق المدني" الذي شرعه تأييدًا واسعًا لأن أغلبية السكان الجزائريين أرادوا إغلاق هذا "العقد الأسود" أكثر من أي شيء آخر.
وصاحبت سياسة التسامح تجاه الجهاديين التائبين الذين يلقون أسلحتهم زيادة الضغط العسكري على الجماعات المتحدية. وبدا أن انحدار الجماعة الإسلامية المسلحة لا رجعة فيه، وتحول فرعها في الصحراء لينضم إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وأصبحت الجماعة الإسلامية المسلحة آخر تنظيم جهادي يتحدى الدولة الجزائرية. وكان حطّاب يتملكه هاجس الحفاظ على مظهره، وتوارى عن الأضواء على الساحة الدولية، وركز هجماته على قوات الأمن. ولكنه صادف متاعب في محاولة كبح جماح مقاتلي الجماعة السلفية للدعوة والقتال في جنوب الجزائر. والذين استمروا في التجوال في منطقة الصحراء، من موريتانيا إلى مالي، وحتى تونس أو ليبيا. وكان تهريبهم للمخدرات والأسلحة والمهاجرين غير الشرعيين مربحًا جدًا، ولكن كان اختطافهم للسياح الغربيين أكثر ربحًا.

 وتعرضت هيبة حطّاب كزعيم للجماعة السلفية للانتقاص، بسبب وقفة التحدي من مرؤوسيه في جنوب الصحراء، والانتقادات التي وجهت إليه من النشطاء الأصغر سنًا، وهما نبيل صحراوي وعبد الملك دروكدال، اللذان انبهرا بتنظيم القاعدة، وأمام كل هذا أجبر حطاب على التنحي في أغسطس/ آب 2003،  لمصلحة صحراوي، والذي قتل في وقت لاحق في كمين أمني، مما فتح الطريق أمام دروكدال ليصبح زعيمًا بلا منازع للجماعة السلفية.

وبتزعم دروكدال للجماعة وجد بن لادن، بعد سنوات من رفضه من قبل الجهاديون المناهضون للأجانب في الجزائر، شركاء محتملين له. وإن كان دروكدال كنموذج كان أقل أهمية بالنسبة إلى مؤسس القاعدة من أبو مصعب الزرقاوي، زعيم فرع تنظيم القاعدة في العراق. حتى إن دروكدال اختار لقب حرب يحاكي لقب الزرقاوي، وهو أبو مصعب عبد الودود (ويرجع كلا اللقبين إلى مصعب بن عمير، والذي مات شهيدًا في غزوة أحد في عام (625 ميلادية). وازداد التعاون بين كلا المصعبين في الشرق والغرب، رغم أنهما لم يلتقيا وجهًا لوجه أبدًا. وأصبحت الجماعة السلفية للدعوة والقتال مركزًا إقليميًا لتنظيم القاعدة في العراق، وحولت المتطوعين من جميع أنحاء شمال أفريقيا للانضمام إلى "الجهاد المبارك" ضد الاحتلال الأمريكي. فقرر الزرقاوي رد الجميل فقام بخطف وإعدام اثنين من الدبلوماسيين الجزائريين في بغداد، في شهر يوليو/ تموز لعام 2005. واعتبرت القيادة الأمريكية أن ربع الانتحاريين في العراق في عام 2005، قدموا من شمال أفريقيا، وأغلبهم عبر الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

 ثم قرر دروكدال التقدم للاندماج رسميا مع تنظيم القاعدة. وكان يبحث عن رؤية دولية مطورة من خلال الشبكات المطلعة لتنظيم القاعدة، لكنه كان يأمل أيضًا في تفادي تأثير "المصالحة الوطنية" وسط أتباعه، خاصة وأن كثيرًا من الجهاديين السابقين تجاوبوا معها وفي مقدمتهم حطّاب، مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال، الذي رد بالإيجاب على نداء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإنهاء العنف. ولهذا تحول دروكدال إلى الاتجاه العالمي للهروب من هذا الفخ السياسي، حيث كانت جميع الجماعات الجهادية تتساقط الواحدة تلو الأخرى.

وفي عام 2006،  تعهد دروكدال علنًا بالولاء لأسامة بن لادن، وفي يناير/كانون ثان 2007، تحولت الجماعة السلفية للدعوة والقتال رسميًا إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لتفاجئ الجميع ـ مواطنين ونظام حاكم ـ في أبريل/ نيسان، من نفس العام بثلاثة تفجيرات انتحارية في الجزائر العاصمة. ولكن الأسوأ لم يأت بعد؛ ففي 11 ديسمبر/ كانون أول 2007، وقع هجومان متزامنان حيث ضربا المحكمة الدستورية ومقر الأمم المتحدة في المنطقة.

 ثم أعيد انتخاب الرئيس بوتفليقه في شهر أبريل/ نيسان 2004، بنسبة 85 ٪ من الأصوات. وخصص بوتفليقه جزءًا كبيرًا من عائدات النفط ، من أجل بدء برنامج ضخم للبنية الأساسية في مختلف أنحاء الجزائر. حيث شعر بوتفليقة أن رصيده ومكانته الدولية تتعرضان للتحدي. ولذلك عاودت الأجهزة الأمنية الهجوم وسحقت الخلايا الجهادية المعزولة في عام 2008، وبذلك احتوت "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في مثلث الموت" (ثلاث مقاطعات وهم بومرداس والبويرة وتيزي أوزو، حيث يتمركز دروكدال ورفاقه شرق الجزائر).

وانهارت آليات تجنيد الأنصار التي أدخلها الجهاد المناهض للولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع أزمة تنظيم القاعدة في العراق، حيث تحولت المقاومة الوطنية ضد أتباع بن لادن. ولم يعد دروكدال قادرًا على ربط شبكته بهذا الإقليم العامر بالمقاتلين المحتملين، وشعر أيضًا بالإحباط تجاه جهوده لدمج الجماعات الجهادية سويًا من المغرب وتونس. وعلى هذا فشل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في تحقيق التزامه بتوسيع الجماعة السلفية للدعوة والقتال في "بلاد المغرب الإسلامي". كما أصيب التنظيم بالإحباط في محاولاته المتكررة لتصدير الإرهاب إلى شمال البحر الأبيض المتوسط؛ لأن أجهزة الأمن الأوروبية كانت دائمًا في حالة تأهب، وتتعاون بنشاط لمكافحة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي حاول دون جدوى اجتذاب وتجنيد أعضاء جدد.

ومن ثم اضطر دروكدال  إلى الاعتماد أكثر على فرع التنظيم في الصحراء، والذي يديره في جنوب الجزائر واحد من أكثر القادة ولاءً له وهو؛ يحيى جوادي. ولكن الوحدتين العسكريتين الكبيرتين (المسماة بالكتيبة)، رغم أنهما تحظيان بملاذ آمن في الأراضي الجزائرية فإن تركيزهما كان على الدول المجاورة، وهما كتيبة مختار بلمختار في موريتانيا، وكتيبة أبو زيد في مالي.

وجميع هؤلاء القادة جزائريون، ولكن جنودهم من خليط واسع، ويضم أعضاء من موريتانيا، ومالي، وليبيا، أو حتى من تشاد. ورغم الخطاب الديني السطحي، فإن النشاط الرئيسي لهذه القوات، كثيرة الحركة، هو التهريب غير المشروع، مع القيام أحيانًا بعمليات تعتمد علي الكر والفر ضد قوات الأمن المحلية. وأصبح خطف المواطنين الغربيين أمرًا مربحًا جدًا، ليس فقط بالنسبة لفرع التنظيم في الصحراء، ولكن لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ككل. ولم تكن هناك سوى حالة واحدة عندما أعدم سائح بريطاني في مايو/ آيار 2009، تحت ضغط مباشر من القيادة العليا لتنظيم القاعدة، حيث كانوا يريدون "الانتقام من جرائم الصليبيين ".

في الجزائر، شعر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بثقة كافية لتعديل الدستور من خلال التصويت في البرلمان، في ديسمبر/كانون أول 2008، مما يسمح له بالترشح لولاية ثالثة. وأعيد انتخابه في عام 2009 بنسبة  90 ٪ من الأصوات. وعلى الرغم من ضعف الإقبال والجدل الساخن حول الانتخابات، فإن بوتفليقه ادّعى أنه حظي  بتأييد شعبي لم يسبق له مثيل. ويبدو التهديد الجهادي، الذي كان مريعا في عام 2007، هامشيًا الآن في المناقشات العامة، ولكن في الأحاديث الجانبية، لا يزال شبح تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أمرًا رهيبًا.

كانت الجزائر طرفا فاعلًا في "الحرب العالمية على الإرهاب" بقيادة الولايات المتحدة، وانضمت إلي "شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء" التي ترعاها الولايات المتحدة. ولكن من الواضح أن الجزائر تفضِّل التعاون الإقليمي مع جيرانها في الجنوب دون أي تدخل غربي. وتحث الدبلوماسية الجزائرية على الالتزام الدولي الخاص بحظر دفع أي فدية إلى الجماعات الإرهابية. ولكي تشجع مثل هذا الانضباط الجماعي، قالت الجزائر: إن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على خطف المواطنين الغربيين لتمويل شبكاته بشكل عام.

وبعد "الحقبة السوداء" في التسعينيات، والبداية "الرمادية" إلى حد ما لهذه الألفية، عندما تمكن تنظيم القاعدة من دمج الجماعة السلفية الجزائرية معه، سوف تنبئنا السنوات القادمة ما إذا كانت الجزائر تستطيع أخيرًا أن تطوي صفحة هذا العنف السياسي.

جان بيار فيليو -- أستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية (معهد العلوم السياسية)، وكان أستاذًا زائرًا في جامعة جورج تاون في (واشنطن العاصمة). وحصل علي الجائزة الرئيسية لمجمع التاريخ الفرنسي عن كتابه "نهاية العالم في الإسلام"، والذي سينشر قريبًا باللغة الإنجليزية بواسطة مطبعة جامعة كاليفورنيا.

font change