بعد قصف إسرائيل مطار صنعاء الدولي للمرة الثانية في 28 مايو/أيار وتدمير آخر طائرة للأسطول الجوي اليمني، فور وصولها من العاصمة الأردنية عمان لتقل عشرات الحجاج إلى جدة، ردا على استمرار جماعة الحوثيين في استهدافاتها غير المجدية للمصالح الإسرائيلية، لا يمكن وصف ما يحدث بين إسرائيل وجماعة الحوثيين في اليمن من هجمات وهجمات انتقامية مضادة، على خلفية ما يجري في غزة سوى أنه عبث غير مُجد وغير مؤثر أو محسوب العواقب، بل شبيه بانتحار سياسي لكلا الطرفين بلا معنى. إذ لا أحد فيه منتصر على أحد، حيث تفسد إسرائيل صورتها وسمعتها أكثر فأكثر جراء ما تفعله في غزة واليمن، فيما تتسبب هجمات الحوثيين بردود فعل إسرائيلية مدمرة تكلف اليمن الفقير والمنكوب الكثير من أصوله المدنية ومقدراته المتواضعة.
الصورة أصبحت واضحة تماما ولا تحتاج إلى مزيد من التفسير، ليست مربعة بل مثلثة، أضلاعها الأساسية:
تَرْكُ إدارة ترمب أمر الحوثيين لإسرائيل، بحجة توصل واشنطن إلى تفاهم هش بواسطة عُمانية، تعهد بموجبه هؤلاء بعدم التعرض للسفن العسكرية والتجارية الأميركية في البحار التي يطل عليها اليمن، في حين أن الهجمات الإسرائيلية أكثر فتكا باليمن من نظيرتها الأميركية حيث لا تميز بين هدف عسكري ومنشأة مدنية يستخدمها الحوثيون لأغراض عسكرية أو تدر عليهم أموالا يستفيدون منها في دعم مجهودهم الحربي.
ثاني تلك الأضلاع هو توحش إسرائيل ليس في غزة وحدها بل في اليمن أيضا حيث تنتهك سيادته وتنسف موانئه ومطاراته ومحطات الطاقة الكهربائية حتى خلال احتفاله بالذكرى الـخامسة والثلاثين لتوحيد شطريه في 22 من مايو عام 1990 وقيام دولته التي يحاول الحوثيون تفكيكها، وذلك من خلال غاراتها العنيفة المكثفة على صنعاء (العاصمة التاريخية) لليمن الموحد.
ثالث هذه الأضلاع هو ألاعيب إيران من تحت الطاولة بـ"الورقة الحوثية" في محاولة لتشتيت الأنظار عن دورها الإقليمي المزعزع لاستقرار المنطقة، ولتخفيف الضغط عليها بشأن برنامجها النووي.