جيد أن تتوقف الهجمات المتبادلة، وغير المتكافئة، بين جماعة الحوثيين الموالية لإيران وكل من القوات الأميركية والجيش الإسرائيلي، سواء باتفاق أو بنصف اتفاق، مؤقتا أو دائما، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المرافق والمنشآت المدنية "الوطنية" اليمنية العامة التي طالتها الحرب على الحوثيين، وفي مقدمتها الموانئ والمطارات والمصانع ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من الأصول المدنية التي يُتهم الحوثيون باستخدامها لأغراض عسكرية.
الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الولايات المتحدة والحوثيين، بوساطة عمانية، غير مكتوب أو موقَّع عليه، بل غير واضحٍ أو شاملٍ ولا ينهي المواجهة بين الطرفين، ولا يمنع من استئنافها، وربما تم بنوع من الطُّعم أو دس السم في العسل، قدمته إيران لواشنطن على "طبق" من وقف هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة البحرية وإسرائيل، وإن كانت مصادر الحوثيين تؤكد أن الأخيرة غير مشمولة بالاتفاق، في حين أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عدم اكتراثه بالأمر، وأن إسرائيل ليست بحاجة إلى أخذ الإذن من أحد لمهاجمة الحوثيين.
القرار الأميركي بوقف الحرب جاء، على الأرجح، أملا في "التهدئة" قبيل زيارة الرئيس دونالد ترمب للمنطقة، غير أن الأمر يتطلب وقفة لقراءة أكثر عمقا لنتائج الحملة العسكرية الأميركية-الإسرائيلية على مناطق سيطرة الحوثيين، وما إذا كانت قد حققت أهدافها، وما هي كلفتها وعواقبها ومضاعفاتها على مستقبل اليمن "غير السعيد" بكل ما جرى ويجري.
قال الرئيس الأميركي إن قراره بوقف الحرب جاء بعد إعلان الحوثيين "الاستسلام" ووقف هجماتهم البحرية على السفن واستهداف إسرائيل، فيما لم يصدر عن الحوثيين تعليق على ذلك، لكن بعض أوساط الجماعة صوَّرت قرار ترمب بإيقاف الحرب بأنه جاء نتيجة لتعذر منع هجمات الجماعة.
استسلام بشروط أو لا شروط
لا نعلم الكثير عن بنود الاتفاق الأميركي-الحوثي، وماذا يمكن البناء عليه مستقبلا، وذلك باستثناء ما صرح به الرئيس الأميركي، وما أشار إليه المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبدالسلام، بأنه تم بعد "مراسلات" واتصالات قادتها مسقط، العاصمة العمانية، عن طريق غير مباشر، لكننا نستنتج من ذلك أن هذا الاتفاق كان ظرفيا وجزئيا، ولا يمكن التعويل عليه كثيرا، بأي حال.