كانت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط محطة تاريخية بحق، تناولت عناوينها العريضة مجمل قضايا الولايات المتحدة والمنطقة، لكن هدفها الأساسي كان اقتصاديا بامتياز ولم يكن سياسيا بالمطلق، ففي منطق رجل مثل ترمب المصالح الاقتصادية هي من ترسم توجهات السياسة وليس العكس.
كان اللافت تماما هو غياب اليمن بكل أزماته المعقدة عن اهتمامات ترمب ورؤيته بشأن الترتيبات المستقبلية في المنطقة، كأنه بلد خارج معادلات الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي رغم ما يمثله موقعه الجغرافي بالقرب من دول الجزيرة والخليج وثقله السكاني وتاريخه العريق، من أهمية كبيرة في ضمان ديمومة أمن وازدهار الشرق الأوسط الجديد الذي يتطلع الكثير إلى بنائه بعيدا عن النزاعات التي تسبب فيها الخلاف مع إيران حول طموحاتها النووية والسياسية وما ترتب على ذلك من توترات في عموم المنطقة.
لأسباب عدة متداخلة، غاب اليمن عن أجندة زيارة ترمب، وتم استبعاد ملفه من طاولة القمة الأميركية الخليجية المنعقدة في الرياض الأربعاء الماضي 14 مايو/أيار.
أول تلك الأسباب، ليس فقط أن اليمن لم يمثل أولوية اقتصادية ولا سياسية أو أمنية بالنسبة لترمب بعد تفاهمه غير المباشر مع الحوثيين على "التهدئة" ووقف تبادل الهجمات على المصالح الأميركية في البحر الأحمر.
ثانيها، أن اليمن بلد "منقسم" بين إرادات داخلية متضاربة، وبلا قيادة واحدة، ورهن لمنافسات محلية وإقليمية كل منها يريد أن يأخذه في الاتجاه الذي يريد، وكذلك "مأزوم" بضوائق اقتصادية طاحنة أربكت حكومته "الشرعية" التي باتت شرعيتها تتآكل أمام الاحتجاجات الشعبية المتزايدة على ضعف أدائها وما يوصف بفسادها المالي والإداري.