فيما سلطت العناوين الرئيسة من المحطات الثلاث في جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الشرق الأوسط– خلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية– الضوء على وابل من الصفقات الاقتصادية والتجارية، مما دفع البعض إلى تسميتها بـ"جولة البهرجة الربيعية"، فقد شهدت الرحلة أيضًا تحولات استراتيجية هامة في السياسة الأميركية. ولعل أبرز هذه التحولات وأطولها أثرا هو تعميق الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية علاقتهما الثنائية في مجالات متعددة، من الطاقة والرعاية الصحية، إلى البنية التحتية والتقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. لقد بات البلدان يربطان مصيريهما بطرق كانت لتبدو مستبعدة قبل عقد واحد فقط.
وكما هو الحال في جميع الزيارات الرئاسية رفيعة المستوى، يكمن الاختبار الحقيقي في متابعة هذه الاتفاقيات وتنفيذها، وفي كيفية تفاعلها مع تطورات الأوضاع في المنطقة– بما في ذلك المفاجآت الحتمية التي لطالما ميزت مشهد الشرق الأوسط– والتي ستُحدّد ملامح المدى الذي يمكن أن تبلغه هذه الشراكة الثنائية.
الأمن قبل الرخاء
لا يزال الشرق الأوسط أحد أكثر المناطق تقلبا واشتعالا في العالم. فقد شهد العام الماضي أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، إلى جانب حرب شرسة بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة، وأخرى مدمرة بين "حزب الله" وإسرائيل في لبنان أودت بحياة الكثيرين. وزادت الأوضاع توترا الهجمات التي شنّها الحوثيون على حركة الملاحة العالمية في البحر الأحمر، إلى جانب التهديد المستمر الذي تشكله شبكات إرهابية مثل تنظيم "داعش"– ما يجعل البيئة الاستراتيجية الإقليمية محفوفة بالشكوك وعدم الاستقرار.