لقاءان مهمان على صلة بالتطورات في المنطقة عقدا الأسبوع الماضي. الأول حاز على تغطية إعلامية واسعة وهو اللقاء الذي جمع الوفدين الأميركي والإيراني في العاصمة العمانية مسقط للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني. والثاني لم يحظ بالكثير من الاهتمام وهو اللقاء الذي جمع الوفدين التركي والإسرائيلي في أذربيجان، لمحاولة التوصل إلى "آلية ثابتة لمنع وقوع احتكاكات بين الطرفين"، ورسم "الخطوط الحمراء" بينهما في سوريا.
قبل هذين الاجتماعين عقد لقاء على صلة وثيقة بهما بين دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وقد كانت خلاصته الرئيسة أن الرئيس الأميركي الذي يسعى ليكون "رجل سلام"- على طريقته- مصمم على التفاوض مع إيران والتوصل إلى اتفاق معها، كما أنه يريد أن تمتد جهوده لـ"تحقيق السلام" إلى سوريا، حيث تدور مواجهة لم تكتمل معالمها بعد بين صديقيه رجب طيب أردوغان وبنيامين نتنياهو.
لقاء آخر عقد، الأحد، لا يمكن التقليل من أهميته، جمع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ونظيره الأميركي كريس رايت الذي أعلن أن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من توقيع اتفاقية أولية للتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية.
هذا الإعلان يستعيد المناخات التي سادت في المنطقة إبان التوقيع على اتفاق 2015 بين إدارة باراك أوباما وإيران، والذي أثار مخاوف سعودية وعربية أثبتت التطورات اللاحقة مشروعيتها؛ وقتذاك ازداد الكلام عن سعي الرياض لبناء مشروع نووي مدني.
لكن أهمية هذا الإعلان الآن أنه يأتي عشية الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي إلى الرياض منتصف مايو/أيار المقبل، وهي أولى زياراته الخارجية في ولايته الثانية، مع ما قد تحمله هذه الزيارة من كشف لعناوين الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. والسؤال هنا هو هل يسعى ترمب لـ"صفقة كبرى" في المنطقة، وهذه مسألة تزداد تعقيدا كلما أمعنت إسرائيل في سياساتها العدوانية في الأراضي الفلسطينية والمنطقة، أم إنه يسعى إلى صفقات "بالمفرق" من ضمن تصور مرن لملامح المنطقة في الأمد المنظور، وتأجيل أو عدم الاكتراث بالحلول بعيدة الأمد؟
في السياق، كان لافتا رد الفعل الإسرائيلي على إعلان وزير الطاقة الأميركي من الرياض، إذ اعتبر زعيم المعارضة يائير لبيد أن على تل أبيب مطالبة واشنطن بفرض حظر صريح على تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. وهو ما يؤشر إلى ارتباط ملفات المنطقة ببعضها البعض، من محاولة واشنطن توسيع عملية إدماج إسرائيل في المنظومة الإقليمية، إلى نتائج الحرب المتواصلة على قطاع غزة التي تعوق هذا الإدماج، إلى محاولة رسم خريطة جديدة لموازين القوة في المنطقة، بعد تراجع النفوذ الإقليمي لإيران.