أعلن الرئيس دونالد ترمب، خلال زيارته إلى الرياض في 13 مايو/أيار، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وتبع ذلك، في اليوم التالي، لقاء جمعه بالرئيس السوري الشرع. وعلى الرغم من غياب التفاصيل الدقيقة في تصريحاته، فقد أكد ترمب عزمه على منح سوريا فرصة جديدة للنهوض والازدهار.
غير أن ما لم يحظ بالقدر نفسه من الاهتمام، رغم ثقله الاستراتيجي، هو أن هذه الخطوة وضعت حدا لصراع داخلي محتدم داخل الإدارة الأميركية، وأعادت رسم الاصطفافات بين واشنطن وتل أبيب من جهة، وشركائها العرب والأتراك والأوروبيين من جهة أخرى. والأهم من ذلك، أنها أغلقت فعليا الباب أمام طموحات طهران في استغلال هشاشة المشهد السوري لإحياء مشروعها التوسعي المتمثل في "الهلال الشيعي".
يحمل هذا القرار في طياته أثرا تاريخيا بالغا، إذ جاء تتويجا لسلسلة من الانتكاسات التي لحقت بإيران ووكلائها، وأسهم في توحيد المجتمع الدولي حول قضايا الشرق الأوسط.
ورغم أن إسرائيل بدت في حالة من العزلة نتيجة نهجها العدواني تجاه حكومة الشرع وحليفتها التركية، فقد بدأت في الآونة الأخيرة تظهر مؤشرات على تغيّر في موقفها، تجسدت في نقاشات هدفت إلى خفض التصعيد مع أنقرة حول الملف السوري، خاصة في أذربيجان، إضافة إلى تصريحات أكثر إيجابية صدرت حديثا عن وزير خارجيتها المتشدد. لكن التحول الأهم تمثل في خطوة ترمب لتضييق الخناق على النفوذ الإيراني في سوريا، والسماح للجيش الإسرائيلي بتقليص وجوده العسكري على إحدى الجبهات، الأمر الذي عزز الشعور بالأمن في إسرائيل، وأسهم في استقرار أوسع على مستوى الإقليم.
ومع ذلك، لا يزال طريق التسوية طويلا وشاقا، بدءا بالاجتماع المقرر هذا الأسبوع في تركيا بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره السوري. وحتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على موعد رفع العقوبات رسميا من قبل الكونغرس، إذ يختلف هذا المسار عن الاستثناء الرئاسي الذي استطاع ترمب إقراره بسرعة، بينما يتطلب قرار الكونغرس مسارا تشريعيا أطول. وعلى الرغم من أن ردود الفعل الأولية من الكونغرس جاءت إيجابية، فإن التفاصيل الدقيقة تبقى مهمة.
وفي هذه الأثناء، لا تزال واشنطن تُدرج "هيئة تحرير الشام"، التابعة للشرع، على لائحة المنظمات الإرهابية، ولا تزال تعتبر سوريا دولة راعية للإرهاب، كما أنها لم تعترف رسميا بالحكومة الجديدة التي يترأسها الشرع. وإضافة إلى ذلك فإن قائمة المطالب الأميركية، التي نُقلت إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال لقائه في بروكسل، ما زالت محل نقاش ومتابعة. ومن المتوقع أن يركز اجتماع الشيباني مع وزير الخارجية ماركو روبيو على هذه المطالب الجوهرية.