شيرين عبادي: الثورة ليست مجرد إسقاط ديكتاتور

شيرين عبادي: الثورة ليست مجرد إسقاط ديكتاتور

[caption id="attachment_55234555" align="aligncenter" width="620" caption="شيرين عبادي"]شيرين عبادي[/caption]



كتبت شيرين عبادي «خلال الأعوام الثلاثة والعشرين الماضية، ومنذ اليوم الذي جُردت فيه من وظيفتي القضائية وحتى سنوات النزاع في المحاكم الثورية في طهران، كنت أكرر عبارة واحدة: إن تفسير الإسلام المتسق مع المساواة والديمقراطية هو التعبير الحقيقي عن الإيمان. ليس الدين هو ما يقيد المرأة ولكنها تعاليم بعينها ينتقيها هؤلاء الذين يرغبون في أن تحيا المرأة بطريقة معينة. وقد عزز هذا الاعتقاد عملي، بالإضافة إلى قناعتي بأن التغيير في إيران يجب أن يحدث بشكل سلمي ومن الداخل».

* في سياق هذه العبارة من كتابك «الصحوة الإيرانية» كيف ترين السيادة الوليدة للإسلام السياسي في شمال أفريقيا؟
- أتمنى أن تكون شعوب الشرق الأوسط قد تعلمت الدرس من مصير إيران. فالثورة ليست مجرد إسقاط ديكتاتور، إن الأسباب الرئيسية للثورة هي تحقيق مكتسباتها الديمقراطية وإضفاء الطابع المؤسسي. وقد يكون الوقت ما زال مبكرا للغاية لمعرفة النتيجة، وفي هذه المرحلة نرى الأحزاب الإسلامية تفوز بالانتخابات في شمال أفريقيا وأعتقد أنه يجب ألا تختلط الآيديولوجيات الدينية أو الطائفية بالسياسة. وعلى هؤلاء الذين يحصلون على السلطة أن يعرفوا أنه يجب أن يستمعوا للشعب ومتطلباته التي قد تتغير في المستقبل، ومع ذلك لا يستطيع الناس التعبير عن مطالبهم المختلفة في ظل إدارة تقوم على الدين.

وفي إطار هذا النظام، يتحول الدين - بما في ذلك الإسلام - إلى أداة لخدمة مصالح شخصية ويمكن للأفراد في السلطة أن يبرروا استخدام العنف باسم الدين فهم يلتزمون بتفسير معين للدين يضمن سلطتهم وأعتقد أن أول شرط لتحقيق نظام ديمقراطي هو وضع مبادئ لحكومة خالية من التفسيرات الدينية. وقد فاز الإسلاميون بالانتخابات في مصر وتونس ومع ذلك لا يمكن أن يسمح الانتصار الانتخابي للأغلبية بفرض معتقداتهم على الأقليات، فالديمقراطية لا تعني حكومة الأغلبية ولكنها تعني اهتمام الحكومة بحقوق الأقليات.

* وماذا عن دور المرأة الناشطة في ثورات الربيع العربي؟
- المرأة نصف المجتمع ومن دون مشاركتها لا يمكن أن يحدث تغيير اجتماعي، فقد تبنت المرأة دور الناشطة ولا يمكن لأي حدث هام أن يقع دون مشاركتها وموافقتها ولكني أجد من المؤلم أن لا تحصل المرأة على حقوقها رغم دورها الكبير في تقدم الدول الإسلامية. وهنا أشير إلى الثورة الإيرانية؛ عندما وقفت المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل حيث اعتقلت وقتلت وسجنت ولكن بعد الثورة وضعت قوانين تمييز ضد المرأة تنتهك حقوقها الإنسانية.




* هل تخشين انتهاك حقوق المرأة في ظل الحكومات المحافظة الجديدة، أم ترين أن النظام الإسلامي أفضل مقارنة "بالبلطجة" التي وقعت عند ضرب المتظاهرات ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر؟
- لقد حاولنا تقديم تفسيرات متعددة للإسلام قبل وضع القوانين في إيران، وعلى الرغم من رفض الحكومة الإيرانية سماع أصواتنا، يمكننا القول إن دول شمال أفريقيا تهتم بزوايا عديدة لموضوع واحد، فعلى سبيل المثال يختلف تفسير آية الله حسين علي منتظري للإسلام تماما عن الممارسات الرسمية للحكومة. وقد وقعت صراعات كبيرة حول حقوق البهائيين ويمكن أن نأخذ قضيتهم كمثال جيد، ففي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة منح حقوق تعليمية للبهائيين أصدر منتظري حكما وأعلن أن الحقوق المدنية والإسلامية تشمل البهائيين في إيران. والنقطة المهمة هنا هي أنه بعيدا عن فصل الدين عن الحكومة يجب أن نقدم تفسيرات مختلفة للإسلام ويجب أن يكون الشعب قادرا على الاختيار بين التفسيرات المتاحة وفقا للوقت والموقف. ويمكن أن تساعد تلك المناهج الثقافية المسلمين على معرفة حقوقهم وإدراك حقيقة أن ليس كل ما تقوم به الحكومة تحت اسم الإسلام هو إسلامي وأنهم لا يملكون مفاتيح الجنة.

* تزداد أزمة العنف في سوريا كل يوم ولا بد من أنك تشعرين بالقلق إزاء ما يحدث هناك، فالعنف ضد مبادئك، كيف برأيك سيؤثر إسقاط نظام الأسد على إيران؟
- يصبح للشعب تأثير على الدول الأخرى عندما يتخلص من الديكتاتورية وتصبح بلاده ديمقراطية فكل الأشياء ترتبط ببعضها البعض في هذا العالم الذي أصبح قرية عالمية وسوف يؤثر إرساء الديمقراطية في المنطقة بلا شك على العملية الديمقراطية في إيران، خاصة أن سوريا، من بين كل دول المنطقة، تتمتع بمنزلة خاصة بالنسبة للإيرانيين، سوريا ليست مجرد صديقة لجمهورية إيران الإسلامية ولكنها أيضا دمية تحركها الحكومة الإيرانية ودائما ما نسمع المسؤولين الإيرانيين يصفون الحكومة السورية وحزب الله اللبناني كخطين أحمرين في السياسة الخارجية للبلاد، وتدعم إيران إدارة بشار الأسد ماليا وهي الأموال التي تستخدم في قمع احتجاجات الشعب، وتنتشر على موقع «اليوتيوب» مقاطع فيديو للشعب السوري وهو يحرق العلم الإيراني ويرفع شعارات مناهضة لإيران التي تدعم سوريا في الوقت الذي أدارت فيه الجامعة العربية ظهرها للبلاد، ولم تفعل شيئا سوى أنها طلبت من الأسد وقف المجزرة المستمرة. إذا سقط الأسد وإذا ما تسلمت حكومة ديمقراطية منتخبة مقاليد السلطة في البلاد، لن تكون تلك الحكومة الديمقراطية مستعدة لتصبح دمية في يد أية دولة أخرى. بالطبع ستفقد إيران أحد أقرب حلفائها في المنطقة.

* أليس من حق إيران امتلاك الطاقة النووية؟ وأليس ذلك حقا وطنيا وفقا لمفاهيم الاعتزاز الوطني؟
- تصر إيران على أن برنامجها النووي هو برنامج مدني يهدف إلى توليد الكهرباء للأغراض المدنية ولا أستطيع التعليق على مدى صحة هذا الزعم، طالما أن سياسات الحكومة الإيرانية تتم حياكتها خلف الأبواب المغلقة وبعيدا عن رقابة المواطنين، ومع ذلك أعتقد أن البرنامج إن كان سلميا فهو لا يزال غير ضروري فإيران تتمتع بإمكانيات كبيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية وكلاهما أرخص من الطاقة النووية. ويمكن لإيران إنشاء مصانع بطاقة نظيفة وبتكلفة قليلة. ويبدو أن إنشاء مصنع بيشاور النووي كان آخر الإنجازات النووية لإيران، وهو ما أجده خطرا، لأن إيران تقع في حزام جبال الألب، ثاني أكثر مناطق النشاط الزلزالي في العالم. وإذا ما وقع زلزال قوي في جنوب إيران سنواجه ما هو أسوأ من كارثة فوكوشيما النووية. وهنا علي أن أطرح سؤالا: كيف نقرر البدء في إنشاء مصنعنا النووي تحت تلك الظروف بينما تقرر دول مثل ألمانيا غلق مصانعها النووية لأسباب بيئية؟

* أقر المرشحون الإصلاحيون بعدم شرعية الانتخابات التشريعية لهذا العام فهل من الحكمة قيام المعارضين بمخاطرة محسوبة ومقاطعة الانتخابات وبالتالي الانسحاب من النظام؟
- أنا شخصيا لم أصوت في أي انتخابات منذ الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2000 ولن أصوت في هذه الانتخابات أيضا، ولكن هناك دائما مستقبلا وعلى الشعب.
font change