التيار الديني غول سوف يظهر في مصر وتونس.. وكل مكان آخر

التيار الديني غول سوف يظهر في مصر وتونس.. وكل مكان آخر

[caption id="attachment_55237174" align="aligncenter" width="620"]صدام حسين صدام حسين[/caption]

يصف الموقع «مجموعة صدام حسين» على انها تسجيلات من نظام صدام حسين مؤلفة من ملفات حكومية وتسجيلات صوتية لاجتماعات رفيعة المستوى، بالاضافة الى خطابات لصدام وكبار مسؤوليه، ومراسلات بين الوزارات، وتسجيلات تابعة للديوان الرئاسي، وتسجيلات متفرقة مخصصة لمواضيع الامن القومي، والسياسات الدفاعية، والديبلوماسية العراقية. وقام المعهد بتصنيف التسجيلات حسب مصدرها، على سبيل المثال جهاز الاستخبارات العراقية، او المديرية العامة للاستخبارات العسكرية.
وحسب الموقع، فان المعهد يملك اكثر من 850 تسجيلا، دونها في 31 الف صفحة، وكل الوثائق يعود تاريخها الى ما قبل 9 نيسان 2003، تاريخ دخول القوات الاميركية بغداد.
«جامعة الدفاع الوطني» تابعة لوزارة الدفاع الاميركية، ومقرها مجاور لمقر البحرية الاميركية. اما “معهد الدراسات القومية الاستراتيجية”، فوظيفته اعداد الدراسات التخصصية لاطلاع وزير الدفاع، ورئيس اركان الجيش.
«المجلة» تنشر بعض هذه التسجيلات التي أصبحت من التاريخ في محاولة لمعرفة كيف كان صدام وعدد من كبار معاونيه يفكرون وأيضا في محاولة لفهم حقبة من الزمن تجاوزت أحداثها حدود العراق لتطال تبعاتها الشرق الأوسط والعالم.


صدام حسين ومستشاروه يناقشون رغبتهم في التوصل إلى تسوية مع الإسلاميين، الإخوان المسلمين في هذه الحالة، وحدود مثل ذلك التعاون (24 يوليو/ تموز 1986)


صدام: ..لا أعتقد أنه من الحكمة أن نصطدم بالتيار الديني في العالم العربي فيما هناك فرصة لتجنب ذلك. ولكننا سنشن عليهم حملة قوية إذا ما اقتربوا من الاستحواذ على السلطة. فأحد الأشياء التي فهمتها من الرفيق بدر هي أن الهدنة ستمكنهم من القفز على السلطة. وسبب إثارتي لتلك القضية الآن التطورات التي تحدث في السودان، فعلى الرغم من أنهم لا يمثلون تهديدا دائما فإنهم يمثلون تهديدا مؤقتا ومحتملا. ومن ثم، فحتى يتحولوا إلى تهديد دائم، فلنتركهم يمروا بتلك المرحلة حتى نصبح أقوى ونتمكن من شن هجمات عليهم إذا أصبحوا يمثلون خطرا دائما بالنسبة للحكم. فمن المنطلق السياسي، سيكون مسموحا لنا في ذلك الوقت أن نفتح عليهم النار، أي أن نعمل على كشفهم، وشن الهجمات عليهم وما إلى ذلك نظرا لأن الاستحواذ على السلطة يتناقض مع المصالح الاستراتيجية لحزبنا على المستوى العربي. ولكن إضعاف الحكام ليس ضد مصلحة حزبنا، فهناك العديد من الحكام في العالم العربي، سواء كانوا من التيار الديني أو غيره، الذين لا يتعارض عمل الإسلاميين على إضعافهم مع مصلحة حزبنا. أعني على المستوى المباشر. فلماذا ندخل في نزاع معهم؟
إن خطر استفادة الخميني من التيار الديني في العالم العربي يرجع لأننا كنا دائما مع الأنظمة نظرا لأن لدينا نظاما ودولة، بينما ليس لدى الخميني نظام بالمعنى العام. فمن الواضح أن الخميني ليس ضد الأنظمة السورية والليبية رغم أن المسلمين يتعرضون للاضطهاد في كلا البلدين. فهناك اضطهاد للحركات الدينية والسياسية والإسلامية في كلا البلدين ومع ذلك فهو صديق حاكمي البلدين. وحقا نحن ندرك الموقف، ويجب علينا أن نعي أنه عندما يظهر تيار ديني في المملكة العربية السعودية التي تربطنا بها صداقة، فإن ذلك التيار الديني سوف يكون أقرب إلى إيران من العراق. ومن ثم، فإذا ما دخلنا في معركة معهم، ستصبح إيران ضد العراق بغض النظر عن القضايا الأخرى.
بدر: في المغرب وتونس.
صدام: أجل في كل تلك الأماكن. ومن ثم، فهناك عامل إضافي يجعلنا نتعامل مع تلك التيارات الدينية بمرونة حتى لا يتمكن عدونا الاستراتيجي من الاستحواذ عليها، وهو ما يمكنه أن يؤثر في النهاية على مستقبل أي منا. أو دعنا لا نقول مستقبل أي منا، لأن مستقبل الخميني محسوم، كذلك مستقبل أي شخص يتبع خطاه ولكنه سوف يؤثر استراتيجيا، وليس تكتيكيا، على مستقبل حزبنا. دعونا نعد صياغة الأمر على ذلك النحو. لماذا لا نتعامل مع الحركات الدينية السياسية بمرونة كلما كان ذلك ممكنا، دون عزلها أو تمهيد الطريق أمامها لكي تصبح خطرا دائما يحاول أن يصل إلى السلطة. ومن جهة أخرى، النقد مسموح دائما، ولكن النقد على نحو ما - أعني أن النقد الذي يأتي من اتجاهات سياسية ليست متعارضة يختلف عن النقد الذي يأتي من مواقف متعارضة تماما كخصمين سياسيين مثلا. فيكفينا أن نحدد (نوع) الدولة التي نؤمن أنها الأصلح للسودان، ونحن نؤمن أن الدولة الدينية لن تكون (في صالح) السودان لتلك الأسباب.
بدر: ربما يعتبرونها معركة (ضحك)
صدام: ولذلك نستطيع إقامة حوار معهم يوضح أن شن الهجوم شيء والتعبير عما نعتقده شيء مختلف تماما. كما يمكننا أن نخبرهم: «أنتم إخوتنا وحديثكم حول الدولة الدينية يعد هجوما ضدنا». وعندما يسألوننا لماذا تعتقدون ذلك سنجيب: «نحن لا نؤسس الدول على الدين، بل نؤسس دولة علمانية، فنحن نؤمن بالدين كشعائر وسبيل للمتدينين ولكننا لا يجب أن نستخدم الدين كصيغة للدولة. فإذا ما توقفتم عن الحديث حول الدولة الدينية سوف نتوقف عن انتقادها. وإذا ما استمررتم في الحديث حول الدولة الدينية سوف نستمر في انتقادها ولكن ليس الإخوان المسلمون (غير مسموع) في الماضي. لقد تم خلع النميري مؤخرا وكانت مواطن ضعفه معروفة، فقد اختاره الناس – اختاروا 28 عضوا من الإخوان المسلمين في البرلمان.
(أصوات متداخلة تتجادل حول عدد الأعضاء).
صدام: حسنا، 53. وهو ما يعني أن لهم شعبية وإلا ما تم اختيارهم.
بدر: كان من الممكن أن يصبح العدد أكبر بكثير سيدي الرئيس.
صدام: حقا. حقا أيها الرفيق بدر.
بدر: إذا لم يكن ذلك لكي...
صدام حسين: بالطبع، هناك عوامل أخرى! حسنا إذن، هم ليسوا في السلطة الآن لكي نستهدفهم ولا يمثل أي من الموجودين في السلطة الآن هدفا لنا، كما أن مواقفهم السياسية الانتهازية أصبحت جزءا من موقف النميري فلماذا لا نعقد هدنة معهم؟ فالاختلاف الوحيد بين الخطر الذي يمثلونه وخطر الآخرين هو أنهم وصلوا للسلطة – أعني أنهم كانوا في السلطة مؤخرا أكثر من غيرهم. ومن ثم، فهم معروفون لدى البعض في الجيش، الذين ينتمي بعضهم للنظام القديم. لذلك، فإن الإخوان المسلمين هم الأقرب لهم نظرا لأنهم كانوا جزءا من النظام القديم...
بدر: (غير مسموع).
صدام: .. نعلم أننا إذا خلعنا الخميني، سوف تتأثر تلك التيارات (الدينية)، حيث إن أعداء التيارات الدينية، بخلافنا، حتى الحكام، سوف يقولون بعد خلع الخميني وبدء التيارات الدينية في (غير مسموع)، حتى المحققين والجلادين سوف يقولون: «إلى أين تذهبون، تعالوا لتروا ماذا فعل الخميني بإيران؟». أعني أنهم سوف يستفيدون من هذا الموقف. ولكن على مستوى الممارسة اليومية، لا يجب أن نترك التيارات السياسية الدينية تعتقد أن سقوط الخميني يعني انهيارهم. لذلك، فمن العوامل التي سوف تخفف ذلك الإحساس هي علاقتنا الطيبة معهم لأن ذلك الوضع القدري ليس مفيدا – ليس مفيدا بالنسبة لنا كحزب اشتراكي وطني أخذا في الاعتبار طبيعة النزاع بيننا وبين الخميني. وهذا عرض مختصر وسريع حتى نتمكن من حل تلك المشكلة.


لن نقبل الدولة الدينية






[blockquote]صدام: ..لا أعتقد أنه من الحكمة أن نصطدم بالتيار الديني في العالم العربي فيما هناك فرصة لتجنب ذلك. ولكننا سنشن عليهم حملة قوية إذا ما اقتربوا من الاستحواذ على السلطة. فأحد الأشياء التي فهمتها من الرفيق بدر هي أن الهدنة ستمكنهم من القفز على السلطة
[/blockquote]


طارق:.. لا يحارب التيار الديني في مصر الآن حكومة ملحدة والحقيقة أننا مؤيدون لذلك. حيث يحارب التيار الديني نظاما مدنيا عاديا يريد خلعه و(من ثم) يهيمن على البلاد – وبالتالي ليس مفاجئا أن نظام الشاه نفسه كان ضد الدين. فنحن نتحدث عن مبارك وحكومته التي تتألف من أشخاص مسلمين. فمبارك يصوم ويصلي ويؤمن بالإسلام كما أن سلوكه الاجتماعي طيب ولكنهم يرغبون في خلعه كحكومة مدنية عادية ولديهم الفرصة ويرغبون في استغلالها على النحو الأمثل. حسنا، إذا كنا حزبا كبيرا الآن في مصر، ألم نكن لنشارك في المعركة السياسية والآيديولوجية؟ فالناس في مصر مشاركون. أعني أن هناك كتابا وسياسيين بعضهم من حزب الوفد وبعضهم من الحزب الحاكم وهم مشاركون في تلك المعركة حتى الآن، أعني أنهم ليسوا مشاركين في معركة ضد الدين ولكن ضد رؤية الجماعات المتدينة أو الإسلامية للدولة سواء كانت تلك الجماعات هي الإخوان المسلمين أو غيرها.
(57 ثانية من الصمت في ذلك التسجيل).
طارق: أعتقد أننا يجب أن نشارك في تلك المعركة. فلا يمكن أن نفعل أي شيء في مصر سوى المشاركة بطريقة أو بأخرى! فقد خبرنا الأمر في العراق. أعني أن ما قاله الرفيق صدام في السبعينيات أوضح موقفنا من الدين نظرا لأننا تأثرنا، فقد كانت لدينا حركات دينية قوية شنت علينا هجوما بالرصاص. فقد كانت لدينا مظاهرات مسلحة شنت هجمات ضدنا. ومن ثم، كان علينا مواجهة موقفهم الآيديولوجي واتخاذ الإجراءات الشعبية بل وحتى القمعية التي كانت ضرورية. ومن ثم تحدث الرفيق صدام بوضوح قائلا: «لن نقبل الدولة الدينية ولكننا مسلمون ومؤمنون».
ومن ثم، فإن الأمر يعتمد على الموقف الذي نواجهه. فإذا ما أوقفنا الصراع الآيديولوجي ضد الإخوان المسلمين في السودان، هل سيوقفون هم صراعهم الآيديولوجي ضد المفهوم القومي؟ يجب أن نجد طريقة نتوصل من خلالها لتفاهم، رفيق أبو نادية (طه حسين رمضان). فلم يضع الرفيق بدر أجندة لكي يستحوذ هو نفسه على السلطة في السودان. فربما يقوم بتسويات تكتيكية، ولكن الترابي لن يفعل ذلك. فهو يرغب في الاستحواذ على السلطة في السودان وهو محق في ذلك. كنت سأفكر بنفس الطريقة إذا كنت مكانه! هل سيتخلى عن صراعه الآيديولوجي والحراك الآيديولوجي في مقابل خطة، حتى نتخلى عن صراعنا؟ وفي هذه الحالة، أكنا سنترك الساحة في السودان لهم أو للضعفاء من حزب الأمة والاتحاديين الذين ليست لديهم الأسلحة الآيديولوجية الملائمة لمواجهة ذلك التيار. يجب أن نأخذ ذلك في اعتبارنا أيضا. لا نستطيع القول بأن الحزب الآخر مستعد للتفاوض حتى نفعل مثله. أجل، إذا ما استطعنا التوصل إلى تسوية تضمن أنهم لن يهاجموا الآيديولوجيا القومية أو المفهوم القومي للدولة، لن نهاجم نحن مفاهيمهم. ويمكن أن يكون ذلك مقبولا على المستوى السياسي، ولكن أن نتخلى نحن عن الصراع الآيديولوجي فيما يبقون هم ويستمرون في جلب الشباب (المقاتلين)، وحشد الرأي العام لصالح الدولة الدينية، فإن ذلك يعني أن نتخلى عن السودان بل وعن مصر طواعية! حقا لسنا نتحكم في كل شيء، ولكننا سنكون خارج ذلك الصراع.
أما بالنسبة للموقف من إيران – موقف الجماعات الإسلامية من إيران - فهو متناقض تماما ومعروف بالنسبة لنا. فمن جانب، تنظر كافة الجماعات الإسلامية، باستثناءات قليلة، للنظام في إيران كقوة ونموذج يرغبون في محاكاته. أو على الأقل، فإن ما حدث في إيران جعل من يؤمن بإقامة الدولة الدينية يشعر بأن ذلك ممكن حتى في القرن العشرين - نظرا لأنه وكما تعرفون وكما أعتقد، كان هؤلاء الناس يقولون في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات: «أجل نحن مؤمنون ونرغب في إقامة دولة إسلامية ولكن ربما لا يسمح العصر بذلك».
ولكن بعد تأسيس الدولة الإسلامية في إيران، ربما تكرر تلك التجربة ما حدث بالنسبة للشيوعية، فعندما تأسست دولة شيوعية في الاتحاد السوفياتي، دعمتها الشيوعية في جميع أنحاء العالم قائلة: «في هذه الحالة، أصبحت الشيوعية ممكنة!» ولكن المشكلة هنا أن إيران دولة شيعية، فهم لم يتمنوا أن تكون أول دولة إسلامية دولة شيعية. فقد كانوا يرغبون أن تكون التجربة الأولى سنية. وتلك هي الحقيقة من وجهة نظر طائفية. فهم كانوا يرغبون أن يحدث ذلك في مصر، أو باكستان أو غيرها، أعني حيث يستطيعون التفاعل آيديولوجيًا معها بسهولة. كما أن هناك عاملا آخر وهو أن ما حدث في إيران كان يتعارض مع العراق ومع الوطنية التي تعد جوهر الإسلام بالإضافة إلى الأفعال الإيرانية التي يصعب الدفاع عنها. وكل ذلك جعل بعضهم يتردد في اتباع إيران ولكنني أعتقد حقا، باستثناءات قليلة، أنه لا يوجد أحد يعتقد في تأسيس دولة دينية ولا ينظر لإيران باعتبارها تجربة حليفة على نحو أو آخر. ليست حليفة بالمعنى المطلق – فهي ليست الحليف الذي كانوا يرغبون فيه، أو الحليف الذي يتمنونه ولكنها حليف على النحو الموضوعي وسوف نشهد صحة ذلك. فتلك حقيقة.


القومية العربية ضد الاضطهاد الأجنبي للعرب





[blockquote]صدام: من الواضح أن الخميني ليس ضد الأنظمة السورية والليبية رغم أن المسلمين يتعرضون للاضطهاد في كلا البلدين. فهناك اضطهاد للحركات الدينية والسياسية والإسلامية في كلا البلدين ومع ذلك فهو صديق حاكمي البلدين[/blockquote]



صدام: لقد جاء الرفيق طارق متأخرا، ونحن نتفق مع كافة المفاهيم التي ذكرها بشكل عام. فنحن نرغب في الحديث حول المرحلة، بالإضافة إلى الخلفية الآيديولوجية التي ذكرها السيد (غير مسموع)، حيث إن التيار الديني في العالم العربي تحكمه (توقف)، إنه يسعى ضد الحكومات العربية، ضد توجهات الحكومات العربية. ولدينا أيضا بعثيون يناضلون ضد تلك الحكومات، فهل نحن نشن حربا ضد التيار الديني أم أننا نشن حربا ضده عندما تكون لديه خصائص محددة؟ الإجابة هي أننا نشن المعركة ضد التيار الديني عندما يتسم بخصائص سياسية وسلوكية محددة. فإذا ما شن هو معركة ضدنا، سوف نشن معركة ضده وإذا ما حصل على السلطة أو اقترب منها، سوف نشن معركة ضده، وإذا ما اقترب من السلطة وحده، سوف نضطر إلى التقدم من خلال النقد لكشفهم، أسلوب الكشف. فإذا ما وصل إلى السلطة، فإنه سيشن، قطعا، حربا ضدنا أينما كنا سواء كحزب أو كدولة. وذلك مؤكد سواء كانوا الإخوان المسلمين في السودان أو مصر أو غيرهما. فإذا كانت (هناك) استثناءات، فتلك قصة أخرى. فنحن أناس عاديون كذلك هم.
فنحن غير قانعين بالدفاع عن نظريتنا عبر مستوى الدولة الذي وصلنا إليه فقط عبر وصولنا للسلطة، بل إننا صنعنا من ذلك نموذجا يساعد على نحو أو آخر رفاقنا على النضال في أماكن أخرى..
فهؤلاء الذين يتحدثون حول الوحدة العربية – هؤلاء الناصريون لا يفهمون من لا يتحدثون حول القومية العربية في الأساس. فهم لا يفهمون الدين الإسلامي، وإلا كانوا قد أسسوا أولا قاعدة في العالم العربي لكي يتمكنوا بعد ذلك من نشر الإسلام في غيرها من الدول الإسلامية – الدولة الدينية! فهم لهم خصوصيتهم ولنا خصوصيتنا أيضا. فنحن نريد بناء دولة وهم يريدون بناء دولة، ومن ثم، فإن الصدام أمر مرجح في مكان ما حول قضية بناء الدولة وبشأن من منهما هو الأحق، الدولة القومية الاشتراكية أم الدولة الإسلامية؟ وذلك متوقع. نحن لا نتمناه وربما لا يتمنونه ولكن ذلك أحد أقوى الاحتمالات وأكثرها توقعا. ولكن عندما يكونون في حالة نزاع، يمكننا تجنب الصدام معهم إذا ما كانت فرصة تجنب الصدام متاحة. ألم يحدث ذلك بعد في السودان. كلا، فنحن نتحدث حول السودان. وما يجعل هذه القضية مطروحة للمناقشة هو أن هناك وضعا سياسيا قائما بالفعل ووضعا ظرفيا يختلف عن الوضع في العراق، والوضع في سوريا. ذلك يحدث في السودان، ومن ثم، فإنه مطروح للمناقشة لتحديد المتغيرات.
ومن ثم، هل من الضروري وقف النزاع الآيديولوجي؟ الإجابة هي لا، لأننا إذا ما أوقفنا النزاع السياسي، سنتوقف عن عملية الاستقطاب تجاه طريقة تفكيرنا بالإضافة إلى عملية نهضة أعضائنا والقدرة على التأثير في بيئتنا. ولكن عملية النزاع السياسي تلك تتخذ أشكالا متعددة وفقا لملابساتها. فمما لا شك فيه، عندما تتحول الآيديولوجيا من آيديولوجيا عامة إلى آيديولوجيا خاصة، تلعب الملابسات دورا مهما. وبالتالي، فعندما يتحدثون، وعندما يرفعون شعارات تعبر عن استحواذهم على السلطة في السودان، لا يكون أمامنا خيار آخر سوى مواجهتهم. ولكنهم إذا رفعوا شعارات لتطوير السلطة في إطار العمل الجماعي، يصبح ذلك أمرا عاديا بالنسبة لهم ولنا ولغيرنا.
بدر: (غير مسموع). في البداية يجب..
صدام: لا أستطيع الخوض في التفاصيل يا رفيق بدر. فسوف أناقش في النهاية ما سوف نفعله. أعني القيادة الإقليمية للسودان في ضوء ذلك الحديث.. فقد تحدثنا من قبل. فقد بدأ الرفيق طارق وسأل لماذا شهد التيار الديني عملية إحياء. أعني من أحد النواحي وليس من جميعها، لأن هناك العديد من المناحي التي تحدثنا عنها من قبل في لقاءين للإدارة القومية بما في ذلك أن القومية العربية ضد الاضطهاد الأجنبي للعرب. فقد وجدت القومية العربية نفسها في مواجهة مباشرة مع الدولة الدينية الأجنبية التي تضطهد العرب.
رجل 1: العثمانيون؟
صدام: العثمانيون، أجل، ضد الدولة العثمانية التي استخدمت الغطاء الديني ولكنها اضطهدت العرب ومارست اضطهادا قوميا ضدهم. ومن ثم، يمثل شعار القومية العربية سلاحا سياسيا، بالإضافة إلى الخلفية الآيديولوجية والتاريخية، في مواجهة احتلال الغزاة الأجانب. أعني تحت الأغطية المختلفة.. فذلك أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت عبد الناصر يظهر كزعيم عربي. فإذا ما ظهر عبد الناصر الآن، كانت فرصته ستصبح مختلفة عما قبل عندما كانت الفرصة سانحة أمامه لرفع شعار الدولة القومية العربية في مواجهة الناس الذين أتى بهم الإنجليز والإمبراطورية العثمانية التي كانت تضطهد العرب والقوميين العرب بل وحتى المسلمين، فقد كانت تضطهد المسلمين باسم الإسلام وتضطهد القوميين باسم الدولة الإسلامية.


التيار الديني سوف يظهر في العالم العربي







[blockquote]صدام: نحن لا نؤسس الدول على الدين، بل نؤسس دولة علمانية، فنحن نؤمن بالدين كشعائر وسبيل للمتدينين ولكننا لا يجب أن نستخدم الدين كصيغة للدولة. فإذا ما توقفتم عن الحديث حول الدولة الدينية سوف نتوقف عن انتقادها[/blockquote]



طارق: لدي توضيح، في الحقيقة، لم أعبر عن نفسي بدقة، فأنا لا أنظر لمهمتنا سواء من قبل أو في الوقت الراهن باعتبارها صراعا ضد التيار الديني على حساب المهام الرئيسية الأخرى. وأتفق مع ما قاله رفيقنا الرئيس حول ضرورة التعامل مع تلك القضية وفقا للملابسات الواقعية. فإذا كان هناك خطر، علينا التعامل معه، وإذا لم يكن هناك خطر، فنحن لا نشارك في مواجهات آيديولوجية أو سياسية غير ضرورية. ولكن دعونا نفحص تجربتنا في العراق بمزيد من العمق وننظر إذا ما كان التيار الديني سهلا أم لا وبالتالي فهل يمكننا الوصول معه لاتفاق أم لا؟
في النصف الثاني من السبعينيات، كان نظامنا الرئيسي في العراق ضد التيار الديني، وكنا نحاربه ولم نكن نحارب الدولة الغربية. فإذا ما كان العراق هو دولة غربية خالصة مثل تركيا – ليست مسلمة وليس لديها نزعة دينية - لكانت الأمور مختلفة. حيث إن الناس الذين قاموا بالثورة – بعضهم ما زال يقاومنا فيما أصبح الآخرون هم جيل الثورة نفسه. أعنى، لقد كنا في السلطة منذ 18 عاما وكل من يرغب في مقاومتنا لا يتجاوز عمره 24، 26، 28، 30 أو حتى 36 عاما أي أنه نشأ في عصر الثورة.
ونحن لسنا شاه إيران ولكننا قومية عربية مناهضة للنظام الإمبريالي، ونحن اشتراكية تعمل من أجل العدالة الاجتماعية، وكما قال الرئيس فإننا وفرنا حياة حتى للمجانين. وقد تمكنا من خفض معدل البطالة من خلال نظامنا، كما أصبح العامل الذي كان يتقاضى 300 فلس في اليوم يتقاضى ثلاثة دنانير. فليس نظامنا فاسدا ولسنا لصوصا كما أننا صالحون بخلاف شاه إيران وأخواته وزوجات رجاله في السلطة الذين كانوا يعربدون في باريس، ولندن، وسويسرا. ومع ذلك، ظهر عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يرغبون في ذبحنا نحرا. وكنا قد ذبحنا عشرات الآلاف منهم هنا في العراق. وفي تاريخ النضال القومي في العراق، لم يتعرض أي من أصحاب العقول المحدودة للذبح.
صدام: (مقاطعا) لا ليس هناك (أصوات متداخلة).
طارق: هاه؟ بالآلاف. في تاريخ النضال القومي.. في تاريخ النضال القومي، لم يتم ذبح ضيقي الأفق، أو الشيوعيين أو غيرهما بخلاف من وصلوا عبر الطريقة التي سلكوها إلى مستوى مرتفع من الخيانة العظمى، عندما استخدموا الطائرات والصواريخ ببساطة في بداية الحرب، فقد قتلوا المسلمين العرب العراقيين الذين كانوا زملاءهم في القاعدة الجوية لمصلحة إيران رغم كونهم عراقيين أيضا. ربما يكون بعضهم من أصل إيراني ولكن الجانب الآخر منهم كان عراقيا. وقد فعلوا ذلك لأن تلك الآيديولوجيا ليست بالأمر السهل. أعني دعونا نتأمل ذلك. أجل، ليست هذه هي مهمتنا الرئيسية نظرا لأن نضالنا ضد الإمبريالية والصهيونية والوحدة والاشتراكية ما زال قائما. أجل، ولكن تلك آيديولوجيا بسيطة، ويجب أن نتعامل معها دبلوماسيا حتى نرى سببا يجعلنا نعتقد أن ذلك الغول (التيار الديني) سوف يظهر في العالم العربي. وربما يكون أحد الأسباب الرئيسية وراء ظهوره هنا هو التسامح الآيديولوجي تجاهه، أن تكون أكثر مجاملة من أن تقاومه. وهو ما سوف يساعد على ظهور الغول في مصر والسودان وتونس والمغرب وكل مكان آخر. نحن أقوياء آيديولوجيا، أقوياء للغاية كنظام، كزعيم، وكإدارة. ومن ثم، فلا يجب أن نقلل من شأن ذلك التيار، ونعتقد أن التعامل معه سهلا. فالإخوان المسلمون في السودان، عند دراستنا للأوضاع هناك، لم يهيمنوا على السلطة. فقد أصبحوا مثل الشيوعيين في عهد عبد الكريم قاسم. أعني أن لديهم محكمة أو صحيفة أو نقطة بوليس يهيمنون عليها وانظر ماذا فعلوا بالناس هناك. ألم نناقش هنا في الإدارة ما يجب علينا عمله فيما يتعلق بمحاكمة قيادات البعث؟ إنه يرغب في قطع رؤوسهم. هل تعرفونه. ماذا كان اسمه؟ (حديث في الخلفية غير مسموع). ماذا؟ أجل، إنه الحاكم الذي يحمل اسما غريبا مثل مغاشي. فقد أراد إعدام البعثيين باعتبارهم ملحدين بينما هو لم يصل للسلطة بعد: أعني لم تكن لديه السلطة!
رجل 2: النميري، كان النميري ضد البعثيين (غير مسموع).
طارق: وبالتالي فإن المعارضة في السودان ضد حزب البعث وغيره ليست معارضة عادية أو محدودة لنتسامح معها. فهي تشكل معارضة خطيرة للغاية! (ضحك).
رجل 2: (غير مسموع).
صدام: حسنا، ذلك أمر طيب.
رجل 2: (غير مسموع).
رجل 3: قضية المغرب.
رجل 2: غير مسموع.
صدام: إنه فقط (توقف). لذلك، فإننا خولنا قيادتنا في السودان بالتصرف لأنه إذا لم تأخذ الاستراتيجية الخصوصية في اعتبارها، سوف تفشل وكذلك التنفيذ. أذكر تحليلا للقيادة القومية يفيد بأن علينا أن نمنع الصدام مع الشيوعيين على نفس النحو – ولكن عندما حان وقت التنفيذ - فإننا إذا كنا نفذنا ذلك قبل 1974، ما كان ليحظى بفرصة للنجاح – أعني قبل عام 1972 - ولكننا أدرنا العملية في ذلك الوقت حتى أقمنا علاقة مع الشيوعيين، وإن لم تكن ناجحة! ومن ثم، يجب علينا ترك التحديد للقائد الميداني ومنحه الحرية في التصرف في ذلك الإطار.
font change