المولدي الرياحي: التجربة الديمقراطية في تونس على الطريق السوي

المولدي الرياحي: التجربة الديمقراطية في تونس على الطريق السوي

[caption id="attachment_55249520" align="aligncenter" width="620"]المولدي الرياحي رئيس كتلة حزب التكتل من أجل العمل والحريات المولدي الرياحي رئيس كتلة حزب التكتل من أجل العمل والحريات [/caption]


أكد المولدي الرياحي رئيس كتلة حزب التكتل من أجل العمل والحريات في حديث خاص لـ«المجلة» أن المجلس التأسيسي يتقدم في أعماله المتصلة بالمصادقة على الدستور وأنه سيركز في المرحلة المقبلة على صياغة القانون الانتخابي..وفيما يلي النص الكامل لهذا الحوار:


* ماذا تحقق من أهداف الثورة التونسية التي تحل ذكراها الثالثة بعد أيام (14 يناير)؟

- أعتقد أننا حققنا الأهم وهو الحفاظ على ما اكتسبه الشعب من حرية مسلوبة. لقد تخلصنا من نظام بوليسي وشرعنا في إرساء نظام يقوم على الحرية وحقوق الإنسان وبدأنا نقترب من تحقيق مطلب ناضلت من أجله القوى الحية ببلادنا منذ عقود وهو المجتمع الديمقراطي، نحن نبني هذا بالصعوبات التي عرفتها كل الثورات وحتى إذا ما بدا أن النسق بطيء فإن الخطى ثابتة ولا شك عندي في ذلك.
المواطن التونسي يفكر طبعا في ظروف حياته وفي قدرته الشرائية ويفكر في حقه في الشغل وهذه المسائل مشروعة. والتونسي بصفة عامة طموح إلى الأفضل ويتطلع إلى أن تتحقق طموحاته بأسرع وقت ممكن، إلا أن تاريخ الثورات القريبة منا والحديثة يؤكد أن الأهداف السياسية تأخذ دائما الأولوية وأن تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية يأخذ وقتا أطول، خاصة أن النقائص والتراكمات السلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي والتي خلفها نظام الرئيس السابق، تمثل موروثا ثقيلا، ومهما تحقق في السنوات الثلاث الماضية فإن ذلك يبدو ضئيلا أمام الحجم المهول من المطالب والطموحات.

* ما تقييمك لأداء الائتلاف الثلاثي الحاكم والذي يمثل حزبكم (التكتل من أجل العمل والحريات) أحد أضلاعه؟

- أعتقد أن أهم ميزة في الائتلاف الحكومي الذي جمع أحزاب التكتل والنهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية هو أنه أرسى نموذجا سياسيا وثقافة سياسية جديدة، فبعد أكثر من ستين سنة من حكم الحزب الواحد والرجل الواحد عاين التونسيون والتونسيات عن كثب كيف يمكن لأحزاب تختلف في رؤاها أن تجتمع في لحظة فاصلة بعد الثورة حول ما تعتبره مصلحة الوطن وتحقيق أهداف الثورة وهذا مكسب كبير سنبني عليه في تونس ائتلافات ممكنة في المستقبل، إلا أنني أعتبر من ناحية أخرى أن الائتلاف الحكومي كان بمقدوره أن يحقق نجاحات أكبر وخاصة في مستوى العناية بالجهات الداخلية سواء بتحسين ظروف الحياة أو الاستجابة إلى طلبات الشغل الكثيرة في هذه المناطق.


* كيف ترى النسق الذي يسير عليه الحوار الوطني بين مكونات الساحة السياسية في تونس على المسارات الثلاثة (الحكومي، والانتخابي، والتأسيسي)؟


- إن حزب التكتل من أجل العمل والحريات ما فتئ منذ نشأته يدعو إلى الحوار الوطني، فذلك بمثابة الثقافة في حزبنا ولنا أرضيات للعمل المشترك في سنوات الجمر مع أهم الأحزاب والتيارات السياسية في البلاد وخاصة مع الأحزاب التي تنتمي إلى وسط اليسار والفضاء الديمقراطي الاجتماعي مثلنا. وهذا ما سمح لحزب التكتل بأن يدفع بكل قوته مع المنظمات الراعية للحوار وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل باتجاه إنجاح هذا الحوار رغم كل الصعوبات والمحاولات التي ظهرت من هنا وهناك من أجل إجهاضه وإفشاله وهذا ما يفسر تعثر المسارات الثلاث إلا أنها ورغم العثرات استطاعت أن تتقدم.
نحن اليوم لنا رئيس حكومة مرتقب يجري مشاورات من أجل تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة ومستقلة تماما عن الأحزاب ومشروط عليها ألا تترشح للانتخابات المقبلة (الرئاسية والتشريعية).
لقد تقدمنا شوطا كبيرا في مناقشة الدستور الجديد، ولنا الآن هيئة عليا مستقلة ستشرف على الانتخابات وهذا يعني أن الفكر التوافقي يفرض نفسه ويحقق نجاحات وأنا متفائل وأعتبر أننا قطعنا الأشواط الضرورية من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي في بلادنا وأن الصعوبات الكبرى قد أضحت الآن وراءنا وعلينا أن نحافظ على قوة الدفع في المسارين الحكومي والدستوري ونحذر إلى جانب هذا من المخاطر على المستوى الأمني، فإذا استطعنا أن نصون بلادنا من هذه المخاطر الأمنية والإرهابية وأن نجعل التونسيين والتونسيات سدا منيعا ضد هذه المخاطر فإننا سنصل ببلادنا إن شاء الله إلى شاطئ الأمان وسنبني الدولة الديمقراطية العصرية المتصالحة مع هويتها وثقافتها العربية الإسلامية والمنفتحة في الوقت نفسه على حضارات العالم وثقافاته.

* ما تعليقك على استقالة رئيس الحكومة علي العريض؟

- هذه الاستقالة محطة من محطات الانتقال الديمقراطي، فقد اقترح حزب التكتل منذ أكثر من ستة أشهر تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب وغير معنية بالانتخابات المقبلة وهو تقريبا نفس الشيء الذي توصل إليه الحوار الوطني في مرحلته التمهيدية قبل أن يترجم إلى ما يسمى بخارطة الطريق، وقد جرى التوافق على هذا الشيء في صلب التنسيقية السياسية التي تجمع أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم ويهدف ذلك إلى استبعاد أي شبهة عن الانتخابات المقبلة حتى لا يتهم الائتلاف إذا بقي في الحكم بأنه سخر وسائل الدولة ومؤسساتها لخدمة أهدافه الانتخابية.
إن الانتخابات المقبلة ستكون أهم اختبار للمسار الانتقالي، والأحزاب الثلاثة متمسكة بصيانة هذه الانتخابات صيانة كلية بالإضافة إلى أنها ستوفر لنفسها المزيد من الوقت لإعداد العدة لخوض الانتخابات المقبلة ونحن في ذات الوقت ملتزمون بمساندة الحكومة المرتقبة (حكومة المهدي جمعة) مساندة تامة لأن نجاحها هو نجاح لتونس ولثورتها.

* ما - حسب رأيك - شروط نجاح الفترة المتبقية من مرحلة الانتقال الديمقراطي؟

- أهم هذه الشروط تحقق بانتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والشرط الثاني وهو هام جدا ويتمثل في توفير الاستقرار والأمن الضروريين لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية ومعالجة القضايا الاجتماعية دون أن ننسى أن ذلك هو الشرط الضروري لتنظيم انتخابات يقبل عليها التونسيون بنسب مشاركة كبيرة وهم في أمن واطمئنان وهذه وظيفة كل الأحزاب وكل المؤسسات ومكونات المجتمع المدني والمنظمات الكبرى في البلاد وليس وظيفة الحكومة وحدها.

* هل تعتقد أن التجربة الديمقراطية التونسية تسير على الخط السوي؟

- أعتقد أن تجربتنا ماضية على الطريق السليم فالتونسيون لهم وعي عميق بالدولة ومتطلباتها يمتد بضعة قرون وقد بيّن التونسيون في كل الظروف الصعبة أنهم قادرون على أن يروا ما يجمع بينهم وأن ينسوا إلى حين خلافاتهم السياسية. إن الشعور بالانتماء إلى الوطن وبضرورة حماية البلاد من كل المخاطر قاسم مشترك بين التونسيين وهذه نقطة قوة أساسية في المجتمع التونسي، بالإضافة إلى أن المجتمع المدني في بلادنا قوي، ضاغط ومؤثر، وقد أصبح ذلك ثقافة منذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 وبلادنا ما زالت عندئذ تحت الاستعمار. ومنذ أن تكونت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سنة 1977 أي في عهد الاستقلال وهذا المجتمع المدني القوي بمختلف مكوناته الحقوقية والمجتمعية والنسائية والثقافية هو صمام الأمان لبلادنا ولا يرى فيه السياسيون منازعا لهم لكنه مكمل لأعمالهم.

هل يمكن أن تؤثر الحركات الاحتجاجية في بعض القطاعات والجهات التي تحصل هذه الأيام على المناخ السياسي العام، وما دور الطبقة السياسية في هذا الإطار؟

- إذا كانت بعض الاحتجاجات مشروعة وينبغي أن ننصت لمن ينظمها وخاصة من الفلاحين وأصحاب المهن الصغرى والطبقات المتوسطة وينبغي أن نعرف كيف نتعامل معها بفكر مفتوح وشعور كبير بالمسؤولية فإنه ينبغي أن نحتاط كل الاحتياط ممن يعمل على ركوب هذه الأحداث وتوظيفها خاصة من قبل الأطراف التي قامت ضدها الثورة والتي تعمل دون هوادة على إذكاء فتيل الاحتجاجات بما قد يثير الفوضى أو الفتنة إلا أن التونسيين يبقون متيقظين لمخططات هؤلاء رغم الصعوبات المعيشية التي يمرون بها.

* يقال إن وزير المالية إلياس الفخفاخ الذي ينتمي إلى حزب التكتل من أجل العمل والحريات قد «فخخ» الميزانية لتوريط الحكومة المقبلة حكومة المهدي جمعة، فما تعليقكم؟

- هذا كلام مردود على أصحابه؛ فالسيد إلياس الفخفاخ هو وزير المالية في حكومة ائتلافية يرأسها السيد علي العريض الذي ينتمي إلى الطرف الأبرز في هذا الائتلاف الثلاثي وهو حركة النهضة. فالميزانية، وكذلك قانون المالية، قد وضعتهما هذه الحكومة وتمت مناقشتهما والمصادقة عليهما صلب المجلس الوطني التأسيسي، فعن أي فخاخ يتحدث هؤلاء، خاصة أن المهدي جمعة كان عضوا في الحكومة المتخلية علاوة على أنه تربطه علاقات جيدة بإلياس الفخفاخ وزير المالية المتخلي، وأريد أن أقول من ناحية أخرى إن المتمعن الموضوعي في قراءة هذه الميزانية وفي قانون المالية يرى حتما القرارات التي اتخذت لصالح الطبقات الوسطى والضعيفة والفلاحين أساسا، ويلاحظ ولا شك في الوقت نفسه الحجم المتصاعد لدعم المحروقات في هذه الميزانية وهو ما يفرض علينا أخذ قرارات قد تكون مؤلمة نسبيا الآن، ولكنها تسمح لنا بالحفاظ على مجهود التنمية والتمويلات الضرورية لذلك في الجهات ولو لم تقدم الحكومة على هذه الإجراءات بشجاعة ومسؤولية وتواصل تفاقم الدعم للمحروقات أساسا فإننا قد لا نجد ما يحقق أدنى نسب التنمية وسيكون ذلك كارثة على مجهود التشغيل بالأساس. وينبغي أن نذكر كذلك بأن الدعم الخاص بالمواد الاستهلاكية الأساسية قد حافظت عليه هذه الميزانية إلى جانب إعفاء ذوي الدخل الذي يقل عن خمسة آلاف دينار سنويا من الجباية وهو ما يعني أنهم يحصلون على راتب شهري إضافي في السنة.

* هل تتوقع أن يلتزم اتحاد العمال بالهدنة الاجتماعية التي يجري الحديث عنها الآن بما يعني الكف عن الدعوة إلى الإضرابات؟

- على ما أعلم لم يتعهد اتحاد الشغل بعد بهذه الهدنة وقد تناولنا هذا الموضوع في الحوار الوطني، واتحاد الشغل حريص (وهو على حق) على أن يناقش موضوع هذه الهدنة في علاقته بالحفاظ على الطاقة الشرائية للطبقات الضعيفة والمتوسطة أي أنه من حيث المبدأ لا يعترض على إقرار هذه الهدنة ولكنه يريد أن يضعها في إطارها الاجتماعي الشامل.


* هناك منظمات مهنية أخرى صارت تدفع منسوبيها إلى الاحتجاج في بعض القطاعات مثل نقابات القضاة والأطباء واتحاد الفلاحين، بمعنى أن اتحاد الشغل لم يعد وحده الذي يدعو إلى الإضرابات والاحتجاجات، فما رأيك؟


- أعتقد أنه يجب التحاور مع كل هذه الأطراف والإصغاء إلى تحليلها وما تطرحه من معالجات؛ فالحرص على إرساء الأسس التي بها يكون القضاء مستقلا هو هدف من أهداف المرحلة الانتقالية وفيما يخص الأطباء فإن الأمر لا يتعلق فقط بضرورة أن يعملوا في المناطق الداخلية، بل أن نوفر لهم كذلك وسائل وظروف العمل في هذه المناطق، كما أنه يجب أن نتعامل بإيجابية وفكر مفتوح مع أصحاب الأعمال لكي نوفر لهم الظروف التي تجعلهم يقبلون على الاستثمار وخاصة في تلك المناطق التي تعاني من قلة المرافق وصعوبة ظروف الحياة منذ عقود. ينبغي في كل هذا أن ندفع مختلف هذه الأطراف إلى الانخراط في الحوار وبالتالي المشاركة في أخذ القرار فذلك هو الشرط الذي يجعلها تنخرط طواعية فيما شاركت في وضعه. ينبغي أن يزول دون رجعة عهد الحكومة التي تسيطر وتهيمن وتقرب من تشاء وتحرم من تشاء، هذا أيضا يدخل في منطق الثورة ومتطلباتها.
طبعا مسألة التوظيف السياسي ستبقى واردة في هذه الاحتجاجات وفي غيرها، المهم هو كيف نتعامل بأسلوب ذكي وبإشراك الأطراف المعنية في أخذ القرار.

* كيف هو وضع حزب التكتل من أجل العمل والحريات وموقعه في الخارطة الحزبية في تونس؟

- إن التكتل بحكم اختلاف الرؤى بينه وبين حركة النهضة في عديد المجالات قد وجد نفسه غداة انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 في صعوبات داخلية حيث كانت نسبة لا يستهان بها من مناضلي الحزب وكوادره تعترض على الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب حركة النهضة ولكن أغلبية هؤلاء كانت تعد مصلحة البلاد في ذلك الظرف الدقيق وضرورة حماية مسار الثورة من كل انتكاس وضرورة تجنب تقسيم المجتمع إلى إسلاميين ومعارضين لهم، كل هذا جعل حزب التكتل يقدم على رفع هذا الرهان وجل المتابعين للشأن التونسي في الداخل والخارج يرون الآن ثمرات سياسة التكتل في تحصين المسار الانتقالي.
إن حزب التكتل بتقديمه المصلحة العليا للوطن على المصلحة الحزبية وعلى المصالح الشخصية بات اليوم يحظى بمصداقية وباحترام تتسع دائرته يوما بعد آخر ولا شك عندي أن حزب التكتل بمحافظته على روحه الوطنية والتقدمية وقيمه ومبادئه ومحافظته على قواه في هياكله داخل البلاد وخارجها سيلعب دورا كبيرا في المرحلة المقبلة لأنه بين أنه حزب ناضج وقادر على أن تكون له رؤية استشرافية وأن يقدم مصلحة الوطن على كل شيء.


* كيف ترى مستقبل الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا) والمتكون من أحزاب التكتل والمؤتمر والنهضة؟


- الترويكا من حيث إنها ائتلاف حكومي هي بصدد التخلي عن الحكم لتترك المكان إلى حكومة كفاءات مستقلة. أما من حيث وزنها في المجلس الوطني التأسيسي وقدرتها على تنسيق المواقف فإن هذا سيستمر وقد يتسع إلى عائلات فكرية وسياسية أخرى. لقد أرسينا في هذه التجربة ثقافة سياسية جديدة في بلادنا، وهي أن نبحث عن القواسم المشتركة التي تقرب بيننا والتي توسع التوافق من حولها وهذا كسب كبير في المشهد السياسي ببلادنا نستطيع أن نبني عليه في المستقبل خاصة إذا عرفنا كيف نرسخ القيم والمبادئ الديمقراطية فيما بيننا وأن ننحت معا مشروعا مجتمعيا حداثيا لا يتنكر لجذوره وأصالته وكل ما يمثل الشخصية التونسية في أعماقها.

* ما تعليقك على اختيار المهدي جمعة رئيسا للحكومة الجديدة وهل ترى فيه الرجل المناسب للمرحلة؟

- إن السيد المهدي جمعة قد نجح في المؤسسات التي عمل بها قبل أن يصبح وزيرا وقد نجح في تسيير وزارة الصناعة التي كان يشرف عليها وقد حققت هذه الوزارة نموا في المجالات التي تدخل في دائرتها، وهو إضافة إلى هذا يحظى باحترام من عملوا معه وله قدرة على الاستماع والإصغاء إلى الغير، وهذا أمر أساسي في العمل السياسي. وهو علاوة على كل هذا يريد أن ينجح في خدمة بلاده، هذا ما لمسته لديه من خلال لقاءاتي معه وهو ما مكنه من الحصول على توافق ولو كان نسبيا حول شخصه من خلال الحوار الوطني الذي شاركت فيه مختلف الأحزاب. ومع هذا فإني أؤكد على ضرورة أن يلقى المهدي جمعة كل السند والمساعدة من الجميع.

* ما أهمية الدور الذي قام به المجلس التأسيسي ارتباطا بالحوار الوطني وكيف ترى دوره في مرحلة ما بعد المصادقة على الدستور؟

- تكتسي أولويات المجلس بصبغة أمنية أولا واقتصادية ثانيا والعمل على توفير كل الإمكانيات المادية التي تؤدي إلى نجاح الانتخابات المقبلة وهو عمل تلتقي فيه مجهودات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع مجهودات الحكومة، خاصة أن هذه الأخيرة لن تكون معنية بهذه الانتخابات من حيث الترشح والنتائج.

لقد اتفقنا على شيء مبدئي عند انطلاق الحوار الوطني وهو أن هذا الحوار يسهل عمل المجلس ولا يعوضه بأية حال. وقد التزمت كل الأطراف بذلك، والجسور ستبقى ممتدة بين الحوار الوطني والمجلس التأسيسي إلى حين انتهاء المرحلة الانتقالية. ما وقع التوافق عليه بين مختلف القوى الفاعلة صلب المجلس التأسيسي هو أن نقلص من الصبغة التشريعية لعمله إلى أبعد الحدود وأن نركز على مشاريع القوانين ذات العلاقة باستكمال المرحلة الانتقالية وخاصة منها القانون الانتخابي، وتبقى طبعا المهمة الرقابية للمجلس على الحكومة وهذا كسب كبير تحقق مع الثورة ولا يجب التراجع فيه أبدا لأنه أساس البناء الديمقراطي اليوم وغدا.

* كيف ترى مستقبل تونس؟

- أنظر إلى مستقبل تونس وكلي اطمئنان. وما أحمله في صدري منذ عقود وفي كل المراحل الصعبة التي مرت بها تونس هو إيمان المناضل بالقضايا التي يناضل ويضحي من أجلها حيث يتقدم في طريق صعب ويعرف في كل لحظة أن عليه أن يعالج مع رفاقه الصعوبات التي تعترضهم في الطريق. إن الإيمان العميق بقيم الحرية والعدالة والمساواة والتضامن هو الوقود الذي يغذي إرادة المناضل وهذا ما يجعلني في هذه اللحظة الفارقة في حياة بلادنا أومن بأن أبناء تونس وبناتها تجمعهم هذه الإرادة رغم اختلاف رؤاهم لأنهم يحبون تونس ويحلمون بأن يروها دائما موحدة وعادلة وراقية على الدوام.
font change