تونس تحتجز نحو 8000 من الشباب الراغبين في الالتحاق بصفوف «داعش»

تونس تحتجز نحو 8000 من الشباب الراغبين في الالتحاق بصفوف «داعش»

[caption id="attachment_55252473" align="aligncenter" width="620"]مقاتل من داعش مقاتل من داعش[/caption]



هناك 3 أسباب رئيسية: اجتماعية، وسياسية، وآيديولوجية، تفسر ارتفاع عدد التونسيين المشاركين في القتال في سوريا بين 2011 - 2014.
- السبب الاجتماعي، ويتمثل في أن معظم التونسيين المشاركين في القتال في سوريا ينحدرون من فئات اجتماعية هشة ومن طلبة متخرجين في حالة عطالة، أما الفئة المرفهة فمشاركتها في القتال محدودة جدا من حيث العدد.
- السبب السياسي، ونعني بذلك تداعيات حكم تيار الإسلام السياسي في تونس الذي ساهم بقسط كبير في تقوية التيارات المتطرفة من خلال غياب استراتيجية دينية تنويرية، ومن خلال ما سماه العديد الصحف المحلية «تواطؤ كوادر من حزب النهضة مع الجهاديين وفسح المجال لنشاطهم».
- السبب الآيديولوجي، ويتمثل في محاولة إيجاد حاضنة فكرية لهذا الفكر المتشدد، وقد كانت حكومة الترويكا التي تترأسها حركة النهضة ذات التوجه الإخواني لا ترى غضاضة في فسح المجال للتيار الديني المتشدد المتمثل في «أنصار الشريعة» لعقد اجتماعات عامة بالآلاف ترفع فيها شعارات موالية لـ«القاعدة»، مثل اجتماع 20 مايو (أيار) 2012 بالقيروان، الذي رفعت فيه شعارات موالية لـ«القاعدة» من بينها: «كلنا أسامة بن لادن»، واكتفت الحكومة التي يترأسها الإسلاميون بالإدانة الشفوية دون أن تتخذ إجراءات في حق المسؤولين عن هذا الاجتماع، بل أبرزت بعض الأشرطة المنشورة حضور عناصر من الرموز المحلية لحركة النهضة هذا الاجتماع، تقول مصادر إنهم حضروا بصفتهم الشخصية (انظر صحيفة «الشروق» 21 مايو 2012)، بالإضافة إلى الاعتراف القانوني بأحزاب سلفية وأحزاب راديكالية مثل حزب التحرير، وهذه التنظيمات تعادي صراحة الدولة المدنية والنظام الديمقراطي. ولا بد من التذكير بأن المساجد كانت تُستخدم في التعبئة للقتال في سوريا تحت أعين حكومة الترويكا. ولم تتحرك هذه الحكومة إلا بعد احتجاج العائلات التي قُتل أبناؤها في سوريا. وكانت حركة النهضة تسمح باستقدام بعض الدعاة المشارقة المعروفين بتطرفهم وتمكنهم من عقد اجتماعات عامة بالناس ونشر أفكارهم المحرضة على الجهاد في سوريا وعلى تبني الفكر الديني المتشدد.


المختبر الليبي وازدهار صناعة الانتحار




تكثف نشاط شبكات انتداب الجهاديين التونسيين نحو سوريا بفضل تدفق الأموال التي كانت توفرها الجمعيات الدعوية والخيرية، وكان التجنيد يشمل الذكور والإناث فيما أصبح يُعرف بـ«جهاد النكاح» (أكثر التقارير تؤكد أن عدد الإناث يُعد بالعشرات، نحو 40 فتاة)، وتُعتبر ليبيا المحطة الأساسية لاستقبال معظم المقاتلين التونسيين، خاصة أن الحكومة والبرلمان في هذا البلد يتكونان من الإخوان المسلمين والسلفيين بوصفهما قوة رئيسية، في حين أن التيار الليبرالي كان محدود العدد والتأثير في الحياة السياسية الليبية في تلك الفترة. ولم يكن خافيا على أحد كثرة مراكز تدريب المقاتلين في مدن درنة وبنغازي وطرابلس وغيرها من المدن الليبية، وكان عدد التونسيين يزداد من شهر لآخر بحكم تدفق الأموال الآتية من بلد خليجي معروف بمناصرته الشديدة لتيار الإسلام السياسي، ومن جمعيات خليجية أخرى مستقلة عن حكوماتها.
ولم يستفد المجندون التونسيون للقتال من تسهيلات الحكومة الليبية فقط، بل وكذلك من الحراك الذي أحدثه حكم الإخوان المسلمين في مصر؛ إذ كان المجندون يخضعون لغسل أدمغة من دعاة التبشير بالموت الآتين من عدة دول عربية، يصورون لهم الموت والانتحار، عن طريق التفجير والتفخيخ، كجسر نحو جنة الخلد. ومع توارد أخبار مقتل العديد من المقاتلين التونسيين، بدأ الغضب يعم عائلاتهم، فاتجهوا للاعتصام أمام مقر وزارة الخارجية التونسية وطالبوا الحكومة بالعمل على استقدام من بقي حيا من التونسيين في ساحات القتال بسوريا والعراق.
كانت الساحة الليبية تعج بمختلف الأطياف الجهادية المحلية والمغاربية والأفريقية والعربية وحتى الأوروبية، وكان التونسيون ينتظرون تذكرة العبور نحو تركيا، ومن هناك إلى سوريا، والبعض منهم كان يحمل جواز سفر مزورا، وهو ما يطرح تساؤلات حول الجهات التي تصدر مثل هذه الوثائق.
وإجمالا يمكن القول إن سنة 2012 - 2013 شكلت الفترة الذهبية في انتقال التونسيين نحو سوريا، وهي الفترة التي تحدث عنها رئيس أركان الجيوش التونسية رشيد عمار في أحد حواراته التلفزيونية (حوار في قناة «التونسية» في 25 يونيو/ حزيران 2013 ونشر بالعديد من الصحف المحلية والعربية)، واتصفت بكثرة عدد الجهاديين التونسيين الذين كان جزء منهم يقوم بتدريبات في جبل الشعانبي بتونس في حين كان المسؤولون السياسيون من حركة النهضة ينفون ذلك ويقولون إن هؤلاء الجهاديين يمارسون الرياضة لا التدرب على القتال، وأصبح «أنصار الشريعة» في تونس وليبيا الإطار الحاضن لهذه التدريبات بمباركة الإسلاميين في كلا البلدين.


حكومة التكنوقراط وبداية تقلص موجة المقاتلين المتجهين نحو سوريا




التحول الكبير في الجاهزية الأمنية والعسكرية:يمكن القول إنه بمجرد خروج حركة النهضة من الحكومة تحت ضغط المجتمع المدني المتمثل في الرباعي الراعي للحوار الوطني (يتشكل هذا الرباعي من منظمة العمال، ومنظمة الأعراف، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية للمحامين)، بدأت الجاهزية الأمنية تتحسن تدريجيا خاصة في مسألتين أساسيتين:
- المسألة الأولى: استباق العمليات الإرهابية.
- المسألة الثانية: تجريم عملية انتداب مقاتلين تونسيين نحو سوريا، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته عدة دول عربية؛ من بينها المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات.


[caption id="attachment_55252472" align="alignleft" width="300"]عناصر من التنظيم الارهابي "داعش" عناصر من التنظيم الارهابي "داعش"[/caption]

لكن لا بد من الإشارة إلى أن محاولات إرسال جهاديين تونسيين نحو سوريا لم تتوقف في عهد حكومة التكنوقراط الحالية التي يترأسها السيد مهدي جمعة، حيث تم القبض في الأيام الأخيرة على شبكة مؤلفة من 5 سوريين في الجنوب التونسي تعمل على انتداب مقاتلين تونسيين للذهاب إلى هذا البلد. وهو ما يؤكد تقلص نسبة التونسيين المنخرطين في شبكات تسفير المقاتلين نحو سوريا بعد أن تشددت حكومة مهدي جمعة في معاقبة كل من يساهم في هذه الشبكات. ويمكن القول إن عدد المقاتلين التونسيين المتجهين نحو سوريا في تناقص كبير، وإن العدد الأكبر الذي تحدثت عنه الصحف كان مرتبطا بظرفية حكومة الترويكا التي كان يترأسها الإسلاميون.
لكن السؤال المطروح بإلحاح هو: ماذا عن العائدين من سوريا إلى تونس، هل ستكون عودة عادية، أم تتبعها مساءلة ومراقبة؟ وماذا تبقى من هذا العدد بعد ورود أخبار عن وفاة 980 تونسيا، حسب تقرير المعهد البريطاني، منذ اندلاع الحرب في سوريا، ووجود 1200 تونسي في عداد المفقودين، وهو ما يبرز أن عدد التونسيين الذين ما زالوا في ساحة القتال إلى غاية أكتوبر (تشرين الأول) 2014 لا يتجاوز 600 مقاتل؟ وهل سيسبب ذلك متاعب أمنية للحكومة المقبلة، حكومة ما بعد الانتخابات؟ علما بأن هناك ما بين 300 و400 مقاتل تونسي رجعوا إلى الوطن خلال الأشهر الأخيرة، فهل تكون عودة المقاتلين التونسيين الستمائة من سوريا لغما قابلا للتفكيك أو للانفجار؟



حقيقة أخطار عودة المقاتلين التونسيين في سوريا إلى الوطن





إن عودة قرابة 600 من المقاتلين التونسيين إلى أرض الوطن سيشكل تحديا وخطرا إذا لم يتم الاستعداد له محليا، لأن هؤلاء المقاتلين قاتلوا ضمن أشرس المجموعات الإرهابية وهي «داعش»، وورثوا عنها أبشع الوسائل في التنكيل والقتل. وأعتقد أن العودة لن تكون سهلة لكامل المجموعة، لأن جزءا من هؤلاء المقاتلين بقوا في سوريا، وآخرين ذهبوا إلى العراق، وجزءا آخر اتجه إلى ليبيا، وستكون العودة مرهونة بجملة من التطورات السياسية والأمنية سواء في تونس أو في ليبيا.
فإذا ربح التيار الإسلامي المتمثل في حركة النهضة الانتخابات في تونس، فإن ذلك سيعطيهم فسحة من الأمل لتسجيل عودة تدريجية بأخف الضغوطات، أما إذا لم يسجل الإسلاميون تفوقا كبيرا في هذه الانتخابات - وهو أمر متوقع - فإن عودتهم ستكون محدودة جدا من حيث العدد. كما أن هؤلاء المقاتلين ينتظرون صدور قانون مقاومة الإرهاب الذي سيصوت عليه برلمان ما بعد الانتخابات لكي يحزموا أمرهم بخصوص مسألة العودة.
أما عن إمكانية استقرار جزء مهم من التونسيين في ليبيا، فإن ذلك مرتبط بمدى تقدم العملية السياسية والأمنية في هذا البلد، فإذا ما تمكن خليفة حفتر والحكومة الشرعية هناك من تسجيل نقاط فوز على حساب «أنصار الشريعة» وخلايا «القاعدة» مثلما حصل في الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر 2014، فإن هؤلاء المقاتلين التونسيين العائدين من سوريا سينقسمون إلى قسمين: قسم يعود إلى الوطن مهما كانت التكاليف ويخضعون للإجراءات الأمنية المتبعة، وأتصور أن هذا القسم سيمثل أغلبية العدد المتبقي من المقاتلين، لأن هناك حوارات عديدة نُشرت عن هؤلاء المقاتلين عبروا فيها عن ندمهم وخيبة أملهم (وقد سنحت لي الفرصة للاستماع إلى تصريحات لجهاديين تونسيين عائدين من سوريا سجلها الصحافي السويسري شتوفر في صائفة 2014 تعبر عن ندمهم على خوض هذه المغامرة). أما القسم الثاني فيشمل الأقلية التي ستبقى تبحث عن جبهات أخرى للقتال، ومعظم أفراد هذه الشريحة ينتمون للمجموعة الجهادية التي تشكلت قبل الربيع العربي وحوكمت سنة 2007، فهذه المجموعة هي التي قاتلت في أفغانستان والشيشان والعراق قبل أن تلتحق بجبهة القتال السورية، وهذه المجموعة مطلوبة أمنيا لدى العديد من الأطراف العربية والدولية.
وبذلك يمكن القول إن تداعيات عودة المقاتلين التونسيين في سوريا إلى أرض الوطن ستكون محكومة بطبيعة التحولات المحلية والإقليمية، وستكون متأثرة، خصوصا، بنتائج العملية الانتخابية في تونس، سواء كانت انتخابات برلمانية أو رئاسية، وانعكاسها على استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.


عودة المقاتلين العرب إلى أوطانهم: ما أفضل الحلول المتبعة؟




بالعودة إلى تقرير «بيو» الأميركي وتقرير المعهد البريطاني للدفاع «آي إتش إس جينز» الذي نشر في الصحيفة اليومية «المغرب» بتونس في 2 أكتوبر 2013، نجد عدد المقاتلين العرب يفوق بقليل العشرة آلاف، موزعين على أقطار عربية متعددة مغاربية وخليجية وأفريقية. وهو رقم مفزع يؤشر إلى اتساع رقعة التطرف والإرهاب بالعالم العربي، ويدفع إلى التفكير بشكل جدي في ضرورة عقد مؤتمر عربي لمقاومة الإرهاب، يتم خلاله ضبط استراتيجية محددة في التعامل مع هؤلاء العائدين من ساحات القتال في سوريا والعراق. وأقترح أن يتضمن هذا المؤتمر 3 محاور أساسية:
- محور أمني، يتضمن معلومات أمنية مفصلة حول المسار القتالي لهؤلاء المقاتلين من حيث نوعية الأسلحة التي تدربوا عليها، والأماكن التي قاتلوا فيها، والمجموعات التي انضموا إليها، ويتم تبادل هذه المعلومات استخباراتيا مع مصالح الاستعلامات بالدول العربية.
- محور فكري آيديولوجي، يتضمن إخضاع هؤلاء العائدين إلى مراجعات داخلية لأفكارهم ضمن حوار ينعقد بحضور علماء دين وعلماء اجتماع وعلماء نفس. ويتم القيام في هذه الجلسات الحوارية بمراجعة جذرية لعدة مفاهيم مثل الجهاد، ومسألة التكفير، وطبيعة العلاقة بين الدين والدولة، في اتجاه استبعاد فكرة التصادم مع السلطة القائمة، والانفتاح على الآخر سواء كان هذا الآخر من المفكرين أو من الدول الأجنبية، والتخلي عن فكرة الجهاد العالمي التي ينادي بها «داعش» و«القاعدة» والتيارات الدينية المتشددة، واعتبار أن مفهوم الجهاد القتالي يمكن أن يتحول إلى جهاد ضد التخلف والفقر والأمية ولا يُسمح بالقتال إلا لمن احتلت أرضه.
- محور اجتماعي اقتصادي، يتضمن وضع حوافز مادية لإشراك هؤلاء المقاتلين العائدين في الدورة الاقتصادية من خلال تمكينهم من الحد الأدنى من توفر الظروف المادية حتى لا يتم انتدابهم ثانية من طرف التيارات الدينية المتشددة.
إن عقد مثل هذا المؤتمر سيساهم في الحد من استشراء ظاهرة القتال في صفوف المجموعات المتطرفة. وهذا لا يعني بحال أن زوال خطر الإرهاب سيصبح أمرا محسوما، بل يمكن احتواؤه وحصره في أدني نسبة. ويتطلب ذلك جهدا محليا وإقليميا ودوليا، وأعتقد أن التحالف الدولي المشكّل حاليا ضد «داعش» سيكون حافزا على عقد مثل هذا المؤتمر العربي المناهض للإرهاب.


صحيفة كويتية تتهم الغنوشي بدعم «داعش».. وحركة النهضة تنفي




لقد أصبح التراشق بالتهم على أشده بين حزب حركة النهضة ومنافسيها بخصوص من يتحمل مسؤولية تمدد الظاهرة الإرهابية بتونس وشمال أفريقيا. وقد فجرت صحيفة «الشاهد» الكويتية بتاريخ 21 أكتوبر 2014 قنبلة إعلامية بتأكيدها على تورط زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في دعم تنظيم «داعش»، فقد جاء في هذه الصحيفة أن الأجهزة الأمنية المختصة في الكويت توصلت إلى 3 شخصيات كويتية متورطة في دعم تنظيم «داعش» بالأموال عبر تحويلها إلى القيادي في حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي، حسب ما ذكره موقع «تانيت براس» بتاريخ 21 أكتوبر 2014.
وقد تحدثت صحيفة «الشاهد» عن أن «الجماعات الكويتية المتورطة في دعم (داعش) قررت نقل نشاطها التمويلي والعسكري من تركيا إلى تونس بعد أن عقدت اتفاقا مع عدد من القيادات الإسلامية هناك وعلى رأسهم زعيم (الإخوان) في تونس» (حسب تعبير الصحيفة. وردت هذه الفقرة في صحيفة «الصباح نيوز» بتاريخ 21 أكتوبر 2014 نقلا عن صحيفة «الشاهد»). وأكدت الصحيفة الكويتية نقلا عن بعض المصادر أن «جماعة متطرفة عقدت اتفاقا مع عدد من الأحزاب الإسلامية لإقامة معسكرات تدريبية ومأوى للمغرر بهم في تونس (تقصد المقاتلين) تمهيدا لإرسالهم إلى مواقع الصراع في العراق وسوريا وانضمامهم إلى (داعش)». وذكرت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية الكويتية تتابع تحركات المشتبه بهم عن كثب، وتكثف تحرياتها للتوصل إلى أكبر عدد من المتورطين في دعم «داعش» («الصباح نيوز» بتاريخ 21 أكتوبر 2014).

وقد أحدث هذا المقال رجّة داخل الطبقة السياسية وهي تعيش الأيام الأخيرة في الحملة الانتخابية . وسرعان ما كذبت حركة النهضة في بلاغ لها هذه المعلومات دون تقديم ردود مفصلة عن مضمون هذه التهم، واكتفت بالتأكيد على أن «رئيس حركة النهضة كان ولا يزال وسيبقى أحد أبرز رموز الوسطية والاعتدال على المستوى الوطني والعربي والإسلامي.
،وأن الاتهامات الموجهة لتونس ولحركة النهضة ورئيسها أقل من أن يُجاب عليها».
ويمكن القول إن ملف المقاتلين التونسيين في سوريا ستكون له تداعيات مهمة، خاصة أن النصيب الأكبر من الثلاثة آلاف مقاتل التونسيين في سوريا، كان قد تكوّن في زمن حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة. وبالتالي فإنه حتى لو اتضح عدم صحة المعلومات الواردة بصحيفة «الشاهد» الكويتية، فإن المسؤولية السياسية والأخلاقية لحركة النهضة عن ارتفاع عدد المقاتلين التونسيين بسوريا أمر لا يمكن إنكاره، وبالتالي، فإن هذا الملف مرشح لمزيد من الجدل في المستقبل المنظور.

إن عودة المقاتلين التونسيين من سوريا بدأت منذ أشهر، وتتضارب الأنباء حول عدد العائدين وأنه بين 300 و400 مقاتل، كما أسلفنا، وأن هؤلاء يمكن أن يشكلوا نواة لـ«داعش» إذا لم يجر تأهيلهم بشكل جدي، خاصة أن أنباء كثيرة تتحدث عن تمدد الظاهرة الداعشية في ليبيا. وعموما، أستبعد شخصيا أن تكون هناك نسخة تونسية لـ«داعش»، لأن البيئة التي أنشأت «داعش» في العراق وسوريا لا توجد في تونس، إلا أن عودة قوية لتيار الإسلام السياسي في الانتخابات المقبلة بتونس ربما تعطي نفسا جديدا للتيارات الدينية المتشددة بما فيها «داعش»، لأن معظم هذه التيارات المتطرفة ولدت من رحم تيار الإسلام السياسي. ويداعب التونسيين أمل في أن تصحح الانتخابات المقبلة صورة تونس لدى الرأي العام العربي والدولي، وهي الصورة التي تتحول بها من أنها أول بلد عربي مصدر للإرهاب، نحو صورة جديدة لدولة مدنية ديمقراطية متجذرة في هويتها ومنفتحة على محيطها.
font change