هل تصبح عائشة القذافي أول رئيسة جمهورية عربية؟

الليبيون يعتبرونها نموذجاً للمرأة التي تجمع بين العصرنة والتحرر والتمسك بالوقار الاجتماعي والقيم المحافظة

خلال استراحة رياضية تجمع عائشة مع والدها العقيد معمر القذافي وأحد إخوانها تعود إلى عام 1984... وإلى اليمين صورة عائلية التقطت عام 1986

هل تصبح عائشة القذافي أول رئيسة جمهورية عربية؟

بالرغم من مرور أكثر من 3 سنوات على صدوره، إلا أن شريط «عائشة» لمغني «الراي» الجزائري الشهير، الشاب خالد، ما يزال الأكثر رواجا فى أوساط الشباب الليبي.

قائل هذا الكلام ليس ناقدا فنيا من المتحمسين لغناء «الراي»، وهم كثر منذ أن غزا هذا الصنف الغنائي المغاربي أوروبا في السنوات الأخيرة، بل هو مصدر دبلوماسي غربي مرموق في العاصمة الليبية طرابلس.

 والأغرب في الأمر ليس هوية الدبلوماسي صاحب هذه المقولة، بل طبيعة الحجة التي يفسر بها هذا الرواج الفني، حيث يقول: إنه يعكس مدى الشعبية التي تحظى بها فتاة ليبية شابة تحمل هذا الاسم ذاته، ليست سوى ابنة القائد الليبي العقيد معمر القذافي.

المصدر الدبلوماسي يضيف قائلا: إن عائشة القذافي تمثل بالنسبة لآلاف الشباب الليبيين نموذجا للمرأة التي تجمع بنجاح بين الطابع العصري والمتحرر في نشاطاتها المرتبطة بالشأن العام والتمسك بالتقاليد الإسلامية المحافظة فيما يتعلق بحياتها الخاصة واحترامها للوقار الاجتماعي الذي تتسم به الحياة في ليبيا حيث ما تزال البنى القبلية والقيم البدوية تحظى بنفوذ قوي في المجتمع.

 

كان العديد من المتتبعين للشأن الليبي لاحظوا منذ فترة تزايد شعبية عائشة القذافي وبروزها إلى الواجهة من خلال العديد من النشاطات السياسية والاقتصادية، مما يوحي بأن والدها العقيد القذافي يعدها لأداء دور سياسي بارز، ويتوقع بعض العارفين بخفايا الشأن السياسي الليبي، أن هذا الدور من المرجح أن يصل إلى حد توليها رناسة الجمهورية لتكون بذلك أول امرأة عربية تصل إلى مثل هذا المنصب .

وبالرغم من أن مثل هذا السيناريو يمثل مفاجأة كبيرة بالنسبة للمجتمع الليبي الذي ما تزال تتحكم فيه العقليات التقليدية المحافظة، إلا أن العقيد القدافي عوّد شعبه طوال سنوات حكمه، مند ثلاثين سنة، على مثل هذه الخطوات والمبادرات المفاجئة، التي يسعى من خلالها لإعطاء دفع قوي لعصرنة وتحديث الحياة السياسية والاجتماعية في بلاده.

کما أن تولي عائشة القذافي لمثل هذا الدور السياسي يستجيب للآراء التي ينادي بها العقيد القدافي، المعروف بتأييده لتحرر المرأة وتشجيعها على اقتحام مختلف مجالات الحياة. وقد اشتهر القائد الليبي بأنه أول رئيس دولة اعتمد على حرس شخصي كل عناصره من النساء. كما أن المؤلف المرجعي للثورة الليبية (الكتاب الأخضر) يتضمن أفكارا جريئة  في تأييد حقوق المرأة في التحرر والمساواة بالرجل.

وفضلا عن هذا المعطى الآيديولوجي، فإن المصادر التي ترشح عائشة القذافي للعب أدوار سياسية كبيرة تستند أيضا إلى العلاقة الوثيقة التي تربطها بوالدها، حيث تعد الأقرب والأحب إليه من بين أبنائه. البعض يرجع ذلك لكونها ابنته الوحيدة، من بين أربعة أولاد، بعد أن اغتيلت ابنته الثانية بالتبني «هانا»، خلال القصف الأميركي لإقامة القائد الليبي في «العزيزية»، سنة 1986، بينما يقول متابعون آخرون إن ما يزيد من تعلق العقيد الليبي بابنته عائشة، أنها تحمل اسم والدته، التي لعبت دورا بارزا في طفولته، حيث تربى في كنفها بعد وفاة والده «أبو منيار» في سن مبكرة.

 

جاذبة للاستثمار الأجنبي

 وتفيد العديد من المصادر الدبلوماسية العاملة في طرابلس أن العقيد القدافي خلال الفترة الأخيرة لم يعد يفوت فرصة للإشادة علنا، وفي أكتر من مناسبة بتفوق ابنته عائشة، مفتخرا بالمساعي الاقتصادية الناجحة التي تبذلها منذ أشهر لاستقطاب مستثمرين أوروبيين، للإسهام بتطوير قطاع السياحة في ليبيا، ضمن خطة القائد الليبي لتحديث وخصخصة البنى الاقتصادية في بلاده مند رفع الحصار الاقتصادي.

وبالرغم من أن عائشة القذافي لا تتجاور الثانية والعشرين من العمر إلا أنها اكتسبت بسرعة حنكة وتمرسا اقتصاديين لفتا الأنظار إليها. فبعد تخرجها من جامعة الفاتح بطرابلس، حيث حصلت على البكالوريوس في القانون، دخلت مجال الاستثمار في القطاع السياحي، في العديد من المناطق الأوروبية والآسيوية، كما تشير إليه مصادر من عالم الأعمال تتحدث عنها بكثير من الإطراء والإعجاب.

ومنذ رفع الحصار الاقتصادي عن ليبيا، في ربيع السنة الماضية، سعت عائشة القذافي لتفعيل العلاقات التي كونتها في هذا المجال، من أجل استقطاب مستثمرين أوروبيين لتطوير الطاقات السياحية البكر التي تتوفر عليها ليبيا، بشريطها البحرى الممتد لأكثر من 1900 كيلومتر من الشواطئ غير المستغلة حتى الآن، فضلا عن الواحات الخلابة التي تشتهر بها الصحراء الليبية.

وبالرغم من تحفظ أصحاب رؤوس الأموال في المغامرة بدخول مجال الاستثمار السياحي في دولة مثل ليبيا، التي كانت حتى الآن منغلقة تماما على نفسها، إلا أن الشخصية الجذابة التي برزت بها عائشة القذافي كفتاة عربية عصرية شديدة الاهتمام بجمالها وأناقتها، وتحرص على اقتناء أزيائها من بين أحدث ما تنتجه كبريات دور الموضة في باريس وروما اللتين تتردد عليهما بكثرة، وتمسكها في ذات الوقت بالتوفيق بين هذه الشخصية الحديثة والمتفتحة والقيم المحافظة التي تطبع المجتمع الليبي، لعبت دورا كبيرا في إقناع المستثمرين بأن هذا البلد يتجه نحو آفاق مستقبلية أكثر تفتحا وعصرنة.

 

غياب البديل

وفي غمرة الاتجاه الذي برز في السنوات الأخيرة بخصوص احتمال «توريث الحكم» في العديد من الأنظمة الجمهورية العربية، اتجهت الأنظار بشكل خاص نحو ليبيا، نظرا لكون تركيبة الحكم «الجماهيري» الذي أقامه العقيد القدافي لا يتضمن بنى سياسية تقليدية كفيلة بتحديد قواعد وأسس انتقال الحكم، كما أن أعضاء مجلس الثورة، الذين اشتركوا مع العقيد القذافي في الانقلاب عل الملك إدريس السنوسي، سنة 1969، غابوا عن الساحة السياسية الواحد تلو الآخر. بدءا باعتزال أربعة منهم العمل السياسي بشكل مبكر خلال السبعينات، وهم : بشير هواري، ومختار القروي، ومحمد نجم، وعوض حمزة. بينما غادر ثلاثة آخرون الحكم تباعا قبل نهاية عقد السبعينات، حيث قضى محمد المقيرف في حادث سیر سنة 1972، وأعدم عمر عبد الله المحيشي بعد اتهامه بتدبير محاولة انقلابية سنة 1975، بينما غادر عبد المنعم الهوني خلال السنة ذاتها ليلتحق بصفوف المعارضة التي أصبح أحد أبرز وجوهها واستقر في مصر إلى غاية تصالحه موخرا مع العقيد القدافي وتعيينه في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي سفيرا لليبيا لدى الجامعة العربية.

ولم يعمر طويلا في مواقع  القرار من بين رفقاء العقيد القذافي في مجلس الثورة سوى الرائد عبد السلام جلود الذي اعتبر لفترة طويلة بمثابة الرجل الثاني في النظام الليبي، قبل أن يختفي من مراكز القرار بشكل مفاجئ، في منتصف التسعينات مقررا اعتزال العمل السياسي والانصراف إلى أعماله التجارية ولم يظهر الرائد جلود في أية مناسبة عمومية منذ مغادرته العمل السياسي باستثناء مرة وحيدة حين زار العقيد القذافي في المستشفى إثر حادثة الكسر التي تعرض لها سنة 1998.

 

طرح مسألة الخلافة

وبتغييب كل تلك الوجوه السياسية التي كانت تنتمي إلى الجيل المخضرم من قادة الثورة الليبية، بقي العقيد القذافي لوحده في الواجهة، وكان إعلانه قيام «سلطة الشعب المباشرة» عبر اللجان الثورية الشعبية حائلا دون بروز قيادات أو كوادر سياسية جديدة من بين الأجيال اللاحقة.

الشيء الذي جعل الأنظار تتجه بشكل طبيعي نحو أبناء العقيد القذافي بمجرد أن بدأت تثار قضية «الخلافة». ورغم أن القائد الليبي لم يدل بأية تصريحات تجزم بأنه يتجه لتوريث الحكم لأبنائه من بعده، إلا أن مسألة الخلافة بدأت تطرح بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وكان اعتزال الرائد عبد السلام جلود أول مناسبة طرحت فيها مسألة «الخلافة» هذه في أوساط المتتبعين للشأن الليبي، وخاصة أن اعتزال عبد السلام جلود تزامن مع تخرج ثالث أبناء العقيد القذافي الساعدي (26 سنة) خلال الفترة ذاتها من  الكلية العسكرية برتبة رائد، وهي الرتبة ذاتها التي كان يتولاها جلود، مما أعطى الانطباع لعموم الليبين بأن اختيار العقيد القذافي وقع على ابنه الساعدي لتوريثه الحكم. ولا تستبعد بعض المصادر أن يكون هذا الاحتمال قد طرح آنذاك، لكن الطبع المتهور، الذي برز به الساعدي الذي سرعان ما أصبح يقارن بعدي صدام حسين، بسبب تعصبه المبالغ فيه لكرة القدم، وظهوره باستمرار وسط حاشية ضخمة من الحرس والأتباع، لم يلبث أن تسبب في إبعاده نهائيا من معركة «الخلافة» المفترضة. وكانت الخلافات قد نشبت سرا في خضم معركة «الخلافة» هذه، بين الساعدي وأخيه غير الشقيق محمد (30 سنة) الذي يعد أكبر أبناء العقيد القذافي من زوجته الأولى «خيرية النوري»، التي ارتبط بها لفترة قصيرة في بداية السبعينات قبل أن يتزوج بزوجته الحالية «صافية البراصعي» التي أنجب منها بقية أبنائه: سيف الإسلام، والساعدي، وعائشة، والمعتصم بالله.

 

صراعات رياضية

وبالرغم من طبع محمد القذافي الهادئ والخجول، المناقض تماما لأخيه الساعدي، إلا أن شيئا واحدا يجمع بينهما، وهو حب كرة القدم، وفي حين تولى الساعدي رئاسة الفيدرالية الليبية لكرة القدم، ورئاسة نادي الأهلي الطرابلسي، ترأس محمد القذافي اللجنة الأولمبية الليبية، ونادي الاتحاد الطرابلسي لكرة القدم.

وكانت القطرة التي أفاضت الكأس في خلافات محمد والساعدي، وتنافسهما على النفوذ، الأحداث التي انفجرت علی هامش مباراة في كرة القدم جمعت، خلال شهر يوليو (تموز) 1996 بين فريقي الأهلي والاتحاد، اللذين يملكانهما في طرابلس، حيث قام حرس الساعدي بفتح النار على عدد من أنصار فريق الاتحاد الذي يملکه أخوه محمد، لأنهم رفعوا شعارات مناوئة للساعدي. ولم يتردد بعض الشبان المسلحين في صفوف أنصار فريق الاتحاد في الرد  بإطلاق النار على حرس الساعدي، وامتدت المواجهات وأعمال العنف بين أنصار الفريقين إلى خارج الملعب مخلفة 8 قتلى و39 جريحا.

 

انعكاسات سلبية

وتسببت الانعكاسات السلبية لتلك الحوادث على شعبية محمد والساعدي القذافي في تراجع حظوظهما نهائيا في معركة التنافس على «الخلافة»، خاصة وأن الساعدي سرعان ما تسبب في حوادث أخرى متعلقة هي الأخرى بكرة القدم آخرها قيام أنصار فريق الأهلي في مدينة بنغازي بمظاهرات وأعمال شغب، بسبب قرار اتخذه الساعدي بوصفه رئيسا للفيدرالية الليبية لكرة القدم، واعتبر من قبل هؤلاء الأنصار قرارا غير منصف في حق فريقهم. وتسببت تلك الحوادث التي هزت بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، في تدخل العقيد القذافي شخصيا لإرغام الساعدي على الاستقالة من رئاسة فيدرالية كرة القدم، بعد أن خيره بين هذا المنصب أو منصبه كرئيس لفريق الأهلي الطرابلسي.

ومنذ استبعاد محمد والساعدي، بدأت الأنظار تتجه نحو اثنين من أبناء العقيد القذافي هما سيف الإسلام (28 سنة) وعائشة (22 سنة)، اللذان رجح المتتبعون أن يقع اختيار العقيد القذافي على أحدهما لإعداده للخلافة، نظرا لحداثة  سن ابنه الخامس المعتصم بالله (20 سنة)، المتخرج حديثا من معهد الطب بجامعة الفاتح في طرابلس.

 

سيف الإسلام غير متحمس للسياسة

وكانت الأضواء قد سلطت بشكل بارز على سيف الإسلام، خلال الوساطة الليبية في مفاوضات إطلاق رهائن جزيرة جولو، في الفلبين، خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، نظرا للدور الذي لعبته «مؤسسة القذافي الخيرية»، التي يرأسها سيف الإسلام في إنجاح تلك الوساطة، الشيء الذي دفع ببعض الملاحظين، خاصة في الأوساط الدبلوماسية الغربية، إلى الحديث عن سيف الإسلام كمشروع «قائد ثورة» بالوراثة، خلفا لوالده. لكن من يعرفونه عن قرب يؤكدون أن سيف الإسلام القذافي لا يبدي حماسا كبيرا للعمل السياسي، بالرغم من محاولات والده المتكررة لتكليفه بمهام سياسية، كمبعوث خاص لدى بعض قادة الدول العربية، ويؤكد المقربون من سيف الإسلام، أنه يميل أكثر نحو عالم التجارة والأعمال، لذا حرص على متابعة دورة دراسية خاصة في التجارة بأحد فروع جامعة  Websterالأميركية في العاصمة النمساوية فيينا.

 

مهام سياسية

وهي الدورة التي تخرج منها في شهر يوليو (تموز) الماضي قبيل أحداث الوساطة بشأن رهائن «جولو»، وبالرغم من العلاقات الوثيقة التي تجمعه بقادة الجماعات الإسلامية الفلبينية، من خلال العديد من المشاريع الخيرية التي مولها في المناطق التابعة لتلك الجماعات، مند مطلع التسعينات، إلا أن سيف الإسلام تفادى التدخل في تفاصيل المفاوضات السياسية مع قادة جماعة «أبو سياف»، تاركا ذلك للسفير الليبي السابق في الفلبين، رجب الزروق، مكتفيا من جهته بالتكفل فقط بالشق المالي الذي التزمت به مؤسسة القذافي الخيرية التي يرأسها في ما يتعلق بدفع فدية الرهائن في شكل هبات لتمويل مشاريع خيرية في المناطق التابعة للجماعات الإسلامية في جنوب الفلبين.

وتشير مصادر خبيرة في الشأن السياسي الليبي إلى أن العقيد القذافي بدأ يتقبل رغبة سيف الإسلام في الابتعاد عن السياسة والاكتفاء فقط بالعمل الخيري الذي يستهويه منذ بداية شبابه، والانصراف إلى عالم الأعمال والتجارة، وهو المجال الذي تقول المصادر إنه يمتلك فيه موهبة أكيدة، وحسب المصادر ذاتها فإن مسؤول أجهزة الأمن الليبية، أحمد قذاف الدم، وهو من المقربين من العقيد القذافي، وأحد أبناء عمومته لعب الدور الأبرز في إقناع القاند الليبي بالاستجابة لرغبة سيف الإسلام في التفرغ فقط لعالم الأعمال والمشاريع الخيرية، الشيء الذي يفسر الاهتمام الخاص الذي باتت المصادر الدبلوماسية توليه لعائشة القدافي، في الفترة الأخيرة، مرجحة أن تعود لها الورقة الرابحة في سباق خلافة القائد الليبي، وكان أول مؤشر على أن العقيد القذافي بدأ يعد ابنته عائشة للعب أدوار سياسية، اصطحابها في زيارته إلى جنوب أفريقيا، في شهر يونيو (حزيران) من السنة الماضية، حيت ظهرت أمام كاميرات التلفريون لأول مرة، في محادثات جمعتها بالزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا.

وتجسدت أهمية الدور السياسي الذي باتت تضطلع به عائشة القذافي مؤخرا، من خلال إيفادها من قبل والدها القائد للقاء الرئيس العراقي صدام حسين، يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتطويق الأزمة التي كانت قد تولدت بين القذافي وصدام، بخصوص انعقاد القمة العربية.

 

الغرب مرتاح

وتنظر أكثر من عاصمة أوروبية بكثير من الارتياح والترحيب لبروز عائشة القذافي، كونها الأكثر اتزانا وانفتاحا على الحداثة الغربية من بين إخوتها، لكن روح الدبلوماسية واللباقة التي تتسم بها، لا تعني أنها غير قادرة على إحداث المفاجآت حيث تقارن بعض المصادر الدبلوماسية المعتمدة في طرابلس، في العديد من الجوانب والصفات بين شخصية عائشة القذافي وشخصية والدها، وخاصة من حيث اتسامها بالكبرياء والعناد السياسيين وميلها إلى تجاهل قواعد البروتوكول، وحب المفاجآت والمواقف المرتجلة. ولعل خير دليل على هذه السمات التي ورثتها عائشة القذافي عن والدها القائد، الحادثة الطريفة التي تسببت فيها خلال شهر يوليو الماضي، حين سافرت برفقة أخيها غير الشقيق محمد لقضاء عطلة في لندن، بعد مساع حثيثة بذلها السفير البريطاني الجديد في طرابلس، ريتشارد دالتون لتسهيل تلك الزيارة الخاصة، وقد رافق مسؤول أجهرة الأمن الليبية أحمد قذاف الدم بشكل شخصي، عائشة وأخاها خلال تلك الزيارة، إلى جانب 30 حارسا شخصيا. لكن ذلك لم يمنع عائشة القذافي من إحداث المفاجأة، حيث غادرت إقامتها بـ .Dorchester Hotel  في غفلة من الحرس وتوجهت بمفردها إلى speakers corner حيث ارتجلت خطبة سياسية. وبالرغم من الحرج الدبلوماسي الذي أثارته فقرة في تللك الخطبة وصفت فيها عائشة القذافي أفراد الجيش الأيرلندي بأنهم «مقاتلون من أجل الحرية» إلا أن التعليقات الإعلامية والدبلوماسية التي أثيرت حول تلك الحادثة غلب عليها الانبهار والإعجاب بشخصية عائشة القذافي وشجاعتها الأدبية.

ونقلت مصادر دبلوماسية في طرابلس عن العقيد القذافي أنه حين أثيرت تلك الحادثة في حضوره، علق بكثير من الإعجاب على ما أقدمت عليه ابنته، قائلا: «منذ الصغر كانت عائشة دوما تعشق إلقاء الخطب»، فهل سيكتب لها أن تلقي خطبها، ذات يوم، بوصفها «رئيسة للجمهورية»، أو «قائدة» للثورة الليبية خلفا لوالدها؟ من يدري؟

 

 

 

 

 

 

font change