قمة بايدن للديمقراطية تثير الانتقادات

محاولة لتأجيج المنافسة بين الولايات المتحدة والصين

الرئيس الأميركي جو بايدن

قمة بايدن للديمقراطية تثير الانتقادات

واشنطن: لقيت قمة الديمقراطية التي دعا لها مؤخرا الرئيس جو بايدن انتقادات كثيرة، ولأكثر من سبب: الدول التي دعيت والتي لم تدع، والمنصة الافتراضية، ومشاكل ديمقراطية أميركا نفسها.

في خطابه الافتتاحي للقمة، قال بايدن: «ظل هذا التجمع في ذهني لفترة طويلة، ولسبب بسيط: تحتاج الديمقراطية إلى أبطال، ونحن نواجه التحديات المستمرة والمقلقة للديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، نحتاج إلى أبطال».

وأضاف: يقول دستورنا: «نحن نتمسك بهذه الحقائق البديهية»، وهي أن كل النساء والرجال خلقوا متساوين. ووهبهم خالقهم بعض الحقوق غير القابلة للتصرف. من بينها حقوق الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة... وأود أن أضيف بأن الديمقراطية لا تتحقق صدفة. وعلينا تجديدها مع كل جيل. وذلك لأن الأوضاع التي نشاهدها اليوم تشير إلى أن العالم يتجه بعيدا عن الديمقراطية».

هذه ثلاثة آراء أميركية حول قمة بايدن، من تغريدات أصحابها، ومواقعهم الإلكترونية، ومقابلاتهم الصحافية:

أولاً، المحك هو: من دعي، ومن لم يدع، كما قال ستيفن فيلدشتاين، خبير في مركز «كارنيغي» للسلام الدولي (في واشنطن العاصمة).

ثانياً، الديمقراطية في أميركا نفسها في خطر، كما قال دان بالز، كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست». ومؤلف مشارك لكتابين: «المعركة من أجل أميركا»، و«اقتحام البوابات: سياسة الاحتجاج».

ثالثا، الأمر كله يتعلق بالصين، كما قال ماثيو يغليسياس، كاتب عمود في مجلة «ستدستاك»، وقبلها في مجلة «فوكس».

 

ستيفن فيلدشتاين: مدعو وغير مدعو

دعا الرئيس بايدن دول الديمقراطيات الليبرالية، ودول الديمقراطيات الأضعف، ودول الأنظمة الاستبدادية، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وباكستان. لكن، كان بايدن يقدر على دعوة الدول الأساسية ذات الديمقراطيات الملتزمة. لكنه اختار سياسة الخيمة الكبيرة التي تسع لكل دولة...

ألاحظ أن البيت الأبيض صنف أكثر الدول التي دعاها، وعددها 77 دولة، بأنها «حرة»، وفيها ديمقراطية كاملة. ثم صنف 31 دولة بأنها «حرة جزئيا». وأخيرا، صنف ثلاث دول بأنها «غير حرة».

كانت هناك ثماني دول دعيت وهي في درجة منخفضة في سلم الديمقراطية. وأثار هذا أسئلة مقلقة حول دعواتهم. هذه الدول هي: أنغولا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، العراق، كينيا، ماليزيا، باكستان، صربيا، وزامبيا.

وخلقت أربع دول دعيت انتقادات كثيرة، وذلك بسبب ارتفاع مستويات الاستبداد فيها، أو انخفاض حرية التعبير فيها، خلال مدى السنوات العشر الماضية. هذه الدول هي: البرازيل، الهند، الفلبين، وبولندا...

بالنسبة للتمثيل الإقليمي، تصدرت أوروبا، وذلك بسبب دعوة 39 دولة فيها. تليها 27 دولة من نصف الكرة الغربي. وتمتعت آسيا، والمحيط الهادي، وأفريقيا جنوب الصحراء بمشاركات قوية بسبب دعوة 21 دولة...

لكن، كان تحديد الدول التي اشتركت في هذا التجمع الدبلوماسي الكبير عملية معقدة. وصار الوصول إلى القائمة النهائية نتاجا لمنافسات بيروقراطية بين الوكالات المختصة، أكثر منه نتاجا لوجود حقائق معترف بها...

وكانت المصالح الاستراتيجية الأميركية هي الأكثر تأثيرا. مثلا: الفلبين، وأوكرانيا دولتان ذات ديمقراطيات ناقصة، وفساد كثير، وانتهاكات لسيادة القانون. لكنهما شريكتان مهمتان للولايات المتحدة. سواء في مواجهة النفوذ الصيني (الفلبين)، أو مقاومة العدوان الروسي (أوكرانيا).

في الجانب الآخر، استبعدت المجر وتركيا، وذلك لأن الرئيس بايدن لا يريد إعادة انتخاب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوروبان، ورئيس تركيا، رجب طيب إردوغان...

 

ستيفن فيلدشتاين

 

دان بالز: ديمقراطية أميركا

جمع الرئيس بايدن ممثلين لأكثر من 100 دولة لما وصفها بأنها «قمة من أجل الديمقراطية». وكان هدفه هو حشد أكبر عدد من الدول لمواجهة الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم...

لكن، قوبلت القمة ببعض الانتقادات. كانت هناك انتقادات فرعية عمن تمت دعوته، ومن لم تتم دعوته. لكن، كان النقد الرئيسي عن الولايات المتحدة نفسها. في وقت تتعرض فيه الديمقراطية للتهديد، هل يمكن أن تكون منارة لبقية العالم في هذا الموضوع الهام جدا؟:

أولاً، صار الأميركيون منقسمين انقسامات حادة. وأثرت هذه الانقسامات على المؤسسات الديمقراطية الأميركية. في الوقت الحاضر، يتمتع الجمهوريون بمزايا هيكلية في مجلس الشيوخ، وفي الهيئة الانتخابية (التي توافق على فوز رئيس الجمهورية) لأنهم، وهم الأقلية، يصوتون أكثر من غيرهم، ويميلون نحو التطرف أكثر من غيرهم. لهذا، فإن السؤال هو: هل الديمقراطية هي أن تحكم الأقلية الأكثرية؟

ثانياً، يقل عدد الدوائر التنافسية في مجلس النواب مع كل عملية إعادة تقسيم الدوائر كل عشر سنوات (بعد الإحصاء العام). ويحدث ذلك بسبب المنافسة في تقسيم الدوائر الانتخابية، حتى صارت حدودها تدعو للتندر. وهكذا، صار كثير من أعضاء مجلس النواب يضمنون دوائرهم، ويضمنون فوزهم.

ثالثاً، صار واضحا أن السلطة التنفيذية (الإدارة) غير مستعدة لمواجهة كثير من الأزمات. سواء متوقعة، أو غير متوقعة، كما كشفت جائحة فيروس كورونا.

رابعاً، صارت المحكمة العليا (التي تفسر الدستور) معرضة لخطر أن يُنظر إليها على أنها انعكاس للانقسام السياسي في البلاد. وذلك بدلا من الاستقلالية المطلوبة، لا المتوقعة، منها...

 

دان بالز

 

 

ماثيو يغليسياس: المنافسة مع الصين    

لا يتطلب الموضوع عبقريا ليقول: إن واحدا من أهداف قمة الديمقراطية التي دعا لها الرئيس بايدن كان محاولة لتأجيج المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. في نفس الوقت، لن يصدق غير أحمق أن هذه الاستراتيجية ستنجح من دون جرعة كبيرة من النفاق الدبلوماسي...

نعم، بايدن محق في نقد اللاأخلاقية الواضحة في مذهب الرئيس السابق دونالد ترامب عن «أميركا أولاً». لكن، كان ترامب منافقا نحو الصين، وذلك لأنه جاملها لأنه كان يريد منها شراء مزيد من المنتجات الأميركية...

وهاهو الرئيس بايدن يريد أن يقنعنا بأن مواجهة ديكتاتورية الحزب الشيوعي في الصين ستكون عن طريق مقاطعة دبلوماسية للأولمبياد القادم في الصين. أو حشد الدول المجاورة ضد الصين.

إذا كان هو التزام أميركا بالديمقراطية، فإنه التزام فضفاض...

مثلا، كانت فيتنام هي عدو أميركا القديم (خلال سنوات التدخل العسكري الأميركي). ثم صارت مختلفة مع الصين (بعد أن دعمتها الصين خلال سنوات الحرب ضد التدخل الأميركي). ثم صارت صديقة للولايات المتحدة (وكأنها نسيت الماضي). لهذا، صارت لها أهميتان:

الأولى، حليفة في محاولة احتواء الصين.

الثانية، شريك اقتصادي مفيد...

لكن، تظل فيتنام هي نفسها الدولة التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي منذ سقوط سايغون (وهزيمة القوات الأميركية)...

 

 

font change

مقالات ذات صلة