المبادرة الكويتية... هل ينجح لبنان بكسب ثقة دول الخليج مجدداً؟

جواب بيروت على المبادرة خلال أيام

وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح

المبادرة الكويتية... هل ينجح لبنان بكسب ثقة دول الخليج مجدداً؟

بيروت: يعقد في الثلاثين من الشهر الجاري الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الدول العرب في الكويت، حيث يشارك فيه وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب الذي سيحط في الكويت يوم السبت في التاسع والعشرين من الشهر، حاملا معه ردّ لبنان الرسمي على بنود الورقة الكويتية إلى نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، على أن يلتقي على هامش الاجتماع عددا من نظرائه العرب والخليجيين للبحث في الملف اللبناني.

وفي الوقت الذي بات معلوما أن كلمة بوحبيب في الاجتماع سوف تعكس الموقف اللبناني الرسمي من العلاقات اللبنانية- الخليجية لجهة الحرص على تعزيزها وتطويرها، فضلا عن شروع لبنان في الإصلاحات لمعالجة الأزمات التي يمرّ بها وحاجته إلى دعم عربي ودولي في هذه المرحلة، فإن الأسئلة كثيرة حول ما تحمله المرحلة المقبلة، حيث يبدو حتى الساعة أنّ الأزمة عصيّة على الحل.

وزير الخارجية الكويتي ونظيره اللبناني

 

وزار وزير خارجية الكويت بيروت يوم السبت في أول زيارة لمسؤول خليجي كبير منذ الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بعد تصريحات أدلى بها مسؤول حكومي لبناني سابق حول حرب اليمن، ما فاقم المصاعب التي يعاني منها لبنان وهو يئن تحت وطأة أزمة مالية وصفها البنك الدولي بأنّها واحدة من أشدّ الأزمات الاقتصادية في العالم.

وتزامنت زيارة وزير خارجية الكويت مع تردّد بعض المعلومات عن أن وزارة الداخلية الكويتية تدرس إعادة فتح تأشيرات أبناء الجالية اللبنانية خلال الأسبوع المقبل، وذلك بعد توقف دام لنحو 3 أشهر، تحديدا منذ العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي 2021 على خلفية الأزمة التي أحدثتها تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي.

وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح الذي جال على المسؤولين اللبنانيين، قدّم المذكرة التي تضمّنت أفكارا واقتراحات هدفها «إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج»، مجدّدا تأكيد «عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وعدم الرغبة في أن يتدخل لبنان في شؤون دول أخرى».

وقال: «لهذا التحرك الكويتي والخليجي والعربي والدولي ثلاث رسائل:

- الرسالة الأولى: هي رسالة تعاطف وتضامن وتآزر مع شعب لبنان الشقيق.

- الرسالة الثانية: هناك رغبة مشتركة لاستعادة لبنان رونقه وتألقه، كون لبنان أيقونة متميزة في العالم العربي، ولكي يكون هذا الأمر فعّالاً، ينبغي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بشكل عام، والخليجية بشكل خاص، وأن لا يكون لبنان منصة عدوان لفظي أو فعلي تجاه أي دولة كانت.

- الرسالة الثالثة هي رؤية كويتية وخليجية حيال لبنان، وأن يكون واقفا وصلبا على قدميه، فلبنان القوي هو قوة للعرب جميعاً، وهنا تأتي أهمية إيفاء لبنان بالتزاماته الدولية».

وفي السياق، أكّد الصباح على ضرورة «أن لا يكون لبنان أداة تُستخدم للإساءة إلى دول الخليج من قبل بعض الأفرقاء»، مطالبا بآليات «لضمان عدم مرور شحنات المخدرات إلى الكويت والمنطقة، وبأن تكون كل المنافذ إلى الدولة اللبنانية بأيدي السلطات الرسمية والشرعية».

من جهته، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، خلال استقباله له في قصر بعبدا: «ترحيب لبنان بأي تحرّك عربي من شأنه إعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج العربي، انطلاقا من حرص لبناني ثابت على المحافظة على أفضل العلاقات بين لبنان والدول العربية».

وأكّد للصباح «التزام لبنان تطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة»، مشيرا إلى أن «الأفكار التي وردت في المذكرة التي سلّمها الوزير الكويتي ستكون موضع تشاور لإعلان الموقف المناسب منها»، مشدّدا على أنّ «دول الخليج لا تُرسل إلّا حمام سلام».

إلى ذلك، أكد عون للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان السفيرة يوانّا رونيسكا خلال استقباله لها في قصر بعبدا، أن «لبنان أبدى ترحيبه بالمبادرة الكويتية الهادفة إلى إعادة الثقة بين لبنان والدول العربية عموما والخليجية خصوصاً، لا سيما أن دولة الكويت الشقيقة كانت دائما إلى جانب لبنان وقدمت له الدعم في مختلف الظروف التي مر بها»، مشيرا إلى أن «الأجوبة اللبنانية سيحملها معه وزير الخارجية والمغتربين إلى الاجتماع الوزاري العربي الذي سيعقد في الكويت في نهاية الأسبوع الجاري».

 

عضو كتلة «الوسط المستقل» النائب علي درويش

 

المبادرة الكويتية مؤلفة من 12 بنداً

من جهته، أكد وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، أن وزير خارجية الكويت أتى حاملا رسالة «كويتية خليجية عربية ودولية كإجراءات وأفكار مقترحة لبناء الثقة مجددا مع لبنان»، مؤلفة من 12 بنداً، ولا تحمل أي شروط.

وقال: «قد يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي للاتفاق على رد على رسالة الوزير الكويتي، وأحمل الجواب إلى الكويت لأعرضه أمام جلسة وزراء الخارجية العرب في 29 يناير (كانون الثاني) المقبل».

وأضاف: «الوزير الكويتي أطلع الدول الخليجية وعددا من الدول العربية إضافة إلى بلدان أجنبية، ولاقى دعما على مبادرته».

 

الجواب على المبادرة الكويتية خلال أيّام

وفي هذا الشأن، كشف عضو كتلة «الوسط المستقل» النائب علي درويش في حديث لـ«المجلة» أن «الأجواء كانت إيجابية جدا بين وزير الخارجية الكويتي والرئيس نجيب ميقاتي، علما بأن لبنان تربطه علاقات تاريخية مع الكويت وكانت هناك عدة محطات مشرقة يمكن أن تستكمل من خلال هذه المبادة لتعزيز التعاون بين لبنان والخليج، لأن هذا الموضوع يهم الطرفين وضروري خصوصا في هذه المرحلة المفتوحة على أكثر من صيغة في المنطقة».

وأضاف: «سرّب الكثير حول الرسالة الكويتية، وما سرّب قد يكون صحيحا وقد لا يكون، فهي أتت في وقت نحن فيه على مشارف انتخابات نيابية وكذلك تزامنا مع اعتكاف الرئيس سعد الحريري في هذه المرحلة عن العمل السياسي»، مشددا على أن «المبادرة كانت مقرّرة سابقا وبالتالي أتت في السياق بالتقاطع مع الأحداث المستجدة فقد يكون الموضوع مرتبطا وقد لا يكون».

وأشار درويش إلى أن الزيارة الكويتية هي «استكمال للاتصال الثلاثي الذي حدث بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالرئيس نجيب ميقاتي».

ووصف درويش الزيارة بـ«الخطوة الإيجابية»، قائلاً: «هي أول زيارة منذ فترة لوزير خارجية إلى دولة خليجية وهي الكويت».

وكشف أن «الحكومة تعكف حاليا على دراسة المبادرة وخاصة وزير الخارجية وسيكون هناك جواب قريب خلال فترة زمنية قريبة خلال أيام، وجواب الحكومة سيكون بالتنسيق مع الرئيسين عون وبرّي».

وقال: «قد يكون جزء من الجواب على هذه المبادرة البيان الوزاري حيث شدد على أهمية علاقات لبنان مع الأشقاء والأصدقاء وأن يكون لبنان صيغة إيجابية للجميع وهو ما يخدم لبنان في هذه المرحلة للخروج من الكبوة الاقتصادية بدعم من الأشقاء والدخول في عملية الاستقرار والنمو».

ولدى سؤاله: هل تبلغ الرئيس ميقاتي برسالة ما من دول الخليج، عبر الوزير الكويتي، قال: «قد يكون هناك رسالة من الخليج، ومهما بلغ حجم الاختلاف في الرأي حول هذه المبادرة إلّا أن هناك رغبة لتوجية رسالة متوازنة وإيجابية للدول العربية والخليجية تحديدا تعكس نيّة لبنان ببناء أفضل العلاقات، ولبنان يترجم ذلك إن كان بمكافحة التهريب أو التأكيد على أن من يتكلم باسم لبنان هو الدولة اللبنانية ممثلة بالحكومة وعلى رأسها ميقاتي».

أما عن تطبيق القرار 1559 في ظل الانقسام السياسي، فقال: «نعيش في صراع ما يزال مستمرّا وجواب الحكومة سيعكس الواقع اللبناني ورغبة لبنان بالالتزام، كما أن هناك تفهما عربيا ودوليا للوضع اللبناني».

 

 

font change

مقالات ذات صلة