لوائح المعارضة في جنوب لبنان تواجه «الثنائي الشيعي» باللحم الحيّ

«الدولة مخطوفة» والخوف من سحب المندوبين لـ«ترهيب» المرشحين

صورة متداولة لمرشحي لائحة «معاً نحو التغيير» التي تنافس الثنائي الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة

لوائح المعارضة في جنوب لبنان تواجه «الثنائي الشيعي» باللحم الحيّ

بيروت: تزامناً مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات النيابية المزدحم بتحذيرات إمكانية التطيير أو التأجيل، وعلى الرغم من ترنّح الأجواء السياسية والاقتصادية وكذلك الأمنية بين الغموض والجمود، مرّ خبر قطع عناصر حزبية الطريق في الصرفند جنوب لبنان أمام مشاركين في إطلاق لائحة «معاً للتغيير» التي تخوض الانتخابات في دائرة الجنوب الثانية مرور الكرام كغيره من الأخبار السوداء التي تطرب مسامع المواطن اللبناني بشكل شبه يومي.


وبين نعوت «الفردي» و«العفوي»، مرّت الحادثة مع ركلة من هنا ولكمة من هناك وكأن شيئاً لم يكن، مع حفنة شتائم واتهامات بالعمالة والخيانة الوطنية، وضعت أعضاء اللائحة ومؤيديها في قفص الاتهام دون حجج مقنعة!

عناصر من «حركة أمل» يقطعون الطريق على المشاركين في إطلاق لائحة «معاً للتغيير»


المكتب الإعلامي لحركة أمل نفى أيّ علاقة بالحادثة. أمّا بلدية الصرفند، فأوضحت أنّ «بعض المحتجّين من أبناء البلدة والجوار قطعوا الطريق المؤدي إلى الاستراحة وأطلقوا شعارات وهتافات مناهضة للائحة ولوجودها في المكان، فضلاً عن حصول إشكالات ومشادات كلامية محدودة»، أمّا لائحة «معاً للتغيير» فسألت: «أهكذا تتجلّى حرية التعبير والمنافسة الشريفة؟».

معركة مباشرة مع أقوى مكونين في السلطة
«الدولة في الجنوب مصادرة ومخطوفة وهذا جزء من معركتنا»، بهذه الكلمات يصف المرشح عن المقعد الشيعي في بنت جبيل علي مراد حادثة الصرفند، قائلاً: «هذا عدا استغلال النفوذ وموارد الدولة لدعم لائحة معيّنة».


ويضيف أنّ «ما جرى مرفوض ولا يجب أن يتكرّر، فالدولة مستقيلة من دورها والأجهزة القضائية والعسكرية يجب أن تتحمل مسؤولياتها».
وفي حديث لـ«المجلة»، يوضح مراد أن أسباب ترشّحه للانتخابات منّها ما هو شخصي ومنّها ذو جانب عام، قائلاً: «هناك قرار بعدم ترك البلد والبقاء فيه معركة أخوضها بشكل يومي وهذه المعركة يجب أن تتابع على المستوى العام لأن هناك مسؤولية تجاه مواجهة هذه السلطة بكل المناطق بما فيها الجنوب، فهو غير منفصل عما يحصل في البلد سيّما أن الرغبة بالتغيير في 17 تشرين لدى الجنوبيين جوبهت بأقصى درجات الترهيب من صور إلى بنت جبيل وغيرهما».

المرشح عن المقعد الشيعي في الجنوب الثالثة الدكتور علي مراد


ويتابع: «الظرف السياسي للانتخابات في 2018 يختلف عما يجري اليوم. فانتخابات 2018 تلت التسوية الرئاسية دون عنوان واضح للمعركة الانتخابية وسط هيمنة لأحزاب السلطة على المشهد في ظل تحالفات مصلحية بين أركانها. امّا اليوم، فهناك قوى تغييرية بطور التشكل تخوض معركة مباشرة مع السلطة إن كانت بلائحة معارضة أو اثنتين للدفاع عن حقوق الناس».


«نحن نواجه من دون أي وهم أقوى مكونين في السلطة هما حزب الله، وحركة أمل، وحلفاؤهما». يؤكد المرشح عن المقعد الشيعي في بنت جبيل، على «حالة الخصومة السياسية الواضحة مع هذين المكونين»، مشدداً على ضرورة الوقوف بوجه هيمنتها، قائلاً: «لكننا لا نتعاطى بمنطق العداء معها، مع أن القوى السياسية تتعاطى بهذا المنطق إلى حد اعتبار أنه لا يحق لأحد أن يترشح أو حتى يقدّم نقضاً».


ويردف: «نعم هناك مقاربات مختلفة لموضوع حزب الله ولكن هناك إجماع على أن الحزب مكوّن رئيسي من هذه السلطة ويتحمل المسؤولية إذ يستخدم فائض القوة في الصراع اللبناني الداخلي كما أن لديه حركة على المستوى الإقليمي تنعكس على كل الشعب اللبناني والشعب يدفع الثمن في ظل دولة متحللة وعاجزة ولا تملك سياسة خارجية في هذا الإطار».


يلفت مراد إلى أن «ما جرى لنا في الجنوب ليس قضاء وقدر وأهل الجنوب يدركون كيف تم خلق شبكة الزبائنية وكيف ساهمت القوى بتعطيل البلد لسنوات»، مؤكداً على أن صوت الناخب «مسؤولية تجاه ما حصل في البلد وتجاه إعادة بناء المستقبل».

السلطة تستشرس
أمّا المرشحة عن المقعد الشيعي في صور سارة سويدان، فتؤكد لـ«المجلة» أنّها «اتخذت قرار الترشح في هذه الظروف لأن الوضع لم يعد يحتمل. فالشعب اللبناني بحاجة إلى حل والحل لا يمكن أن يكون عبر السلطة الفاسدة لأن من يدمّر لا يستطيع أن يعمّر. نحن بحاجة لفريق ودم جديدين لكي نصل إلى دولة العدالة والمؤسسات والمواطنة».


وعن حادثة الصرفند، تقول سويدان: «لا يمكن مقارنة انتخابات 2018 بما يجري اليوم. نعم كان هناك معارضة ولكن قليلة جداً فما جرى قبل 17 تشرين ليس كما بعده، ولكن مع تغيّر بسيط أن السلطة تستشرس أكثر. نحن ذهبنا لإعلان إطلاق لائحة معاً للتغيير فتهجموا علينا ووقفوا في وجهنا. هم يمارسون أشرس أنواع الدفاع عن المنظومة الفاسدة بينما في 2018 خاصة في الجنوب لم يكن هناك حاجة للتخويف والقمع فالمعارضة كانت طفيفة أماّ اليوم فنحن- التغيريين- كثر».

المرشحة عن المقعد الشيعي في صور سارة سويدان


«السلطة تقف بوجهنا وبوجه مندوبينا من خلال الترهيب»، تقول سويدان، لافتةً إلى أن «أموراً كثيرة تغيّرت بعد حادثة الصرفند فمن كان ينتخبنا في العلن سينتخبنا بالسر. هذه السلطة السياسية على مدى 30 سنة تعاملت مع اللبنانيين بزبائنية فخلقت جيشا حولها تهدّده بلقمة عيشه ما يؤثر سلباً على مجريات عملية الاقتراع. نعم حصلت حالة من الالتفاف الشعبي ولكن أخشى سحب المندوبين من لوائحنا ترهيباً».


وتضيف: «نحن لا نلتقي أبداً مع القوى السياسية الموجودة في المنطقة، أمّا القوى المعارضة فنحن نلتقي في أماكن ونختلف في أماكن أخرى. ولكن جميع المعارضين، أي كل المعارضة في جنوب لبنان تلتقي تحت سقف واحد وهو محاربة ومواجهة هذه السلطة الفاسدة».


وتتابع: «هناك بعض المعارضين مثلاً الذين يستثنون حزبا معيّنا أو فئة ما، أمّا أنا فألتقي أكثر مع من يحمل شعار (كلّن يعني كلّن) فالجميع مسؤول عمّا وصل إليه البلد من انهيار».


تعتبر سويدان أن «المصارف متواطئة مع الطبقة السياسية، فمعظم أصحابها سياسيون استفادوا من الهندسات المالية التي قام بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونحملّها الجزء الأكبر من مسؤولية ما وصلنا إليه فأموال المودعين أمانة».


وحول القضايا الخلافية الكبرى في البلد مثل سلاح حزب الله، تشدّد المرشحة عن المقعد الشيعي في صور على «ضرورة قيام الدولة القوية القادرة والعادلة وجيش قادر على أن يحمي فيبقى السلاح محصوراً بيده، ونحن نسعى إلى استراتيجية دفاعية حتى لا يكون السلاح إلّا بيد الجيش اللبناني وحده».


وتختم: «نحن طرحنا أنفسنا كتغيريين انتدبنا أنفسنا للوقوف بوجه هذه السلطة بوجوه جديدة لنصل إلى برّ الأمان عبر المعارضة والتغيير، أمّا اختيار نفس الأشخاص فهو انتحار وبالتالي مستقبل أولادنا إلى الهاوية».

 

الحلم بفكرة التغيير
من جهته، يقول المرشح عن المقعد الشيعي في صور حاتم حلاوي لـ«المجلة» إنّ «هناك جوا ترهيبيا كبيرا في جنوب لبنان يخضع له المواطن وسيتأثر به من خلال الخوف من الاقتراع وبالتالي عدم التصويت، أقل الإيمان».


ويضيف: «يتم التلاعب بعقول أهل المنطقة عبر تصويرنا على أننا جزء من مشروع مؤامرة تارة وضدّ المقاومة تارة أخرى وبالتالي البعض يأخذ خطوة إلى الوراء قبل اختيارنا. حتى من هم مقتنعون بنا ربّما يخافون من انتخابنا في مكان ما، ويبقى الناس التي يئست والتي تبحث عن خيار آخر. أي معركة تخاض في الجنوب خصوصاً ضد حزب الله تسمّى وكأنها معركة ضد المقاومة وهذا ما يؤثر في الرأي العام بشكل سلبي تجاهنا، نحن نريد أنا نبنى دولة للجميع ونأخذ حقنا منّها ومن الأحزاب التي وضعت يدها على كل شيء».

المرشح عن المقعد الشيعي في صور حاتم حلاوي


ويتابع: «أعتقد أن التغيير قادم، نعم لن يكون تغييراً جذرياً على صعيد لبنان ولكن على الأقل يمكن الاستناد عليه لخلق نوع من التغيير التراكمي عبر الوقت. وفي الجنوب تحديداً الأمر مرهون ووارد في حال استطاعتنا خلق ماكينة انتخابية قادرة على مواكبة وتغطية جميع الصناديق وحتى الآن نحن عاجزون عن ذلك بسبب الترهيب الذي نتعرّض له».


ويشرح المرشح عن المقعد الشيعي في صور أن «خصوصية المعركة في الجنوب، هي الأحادية السياسية الممثلة بالثنائي الشيعي فنحن نخوضها في وجه كل السلطة وهذا أمر غير موجود في الدوائر الأخرى حيث إن قوى السلطة تتنافس فيما بينها إلى جانب بعض قوى المعارضة».


ويقول: «نريد جيشا واحدا قويا يحمي اللبنانيين، وغياب الدولة أدى إلى نشوء عدد من حركات المقاومة المختلفة وبالتالي علينا أن نبدأ بحل المشكل الأساسي وهو حضور الدولة والرادع للجيش الإسرائيلي ونؤكد على أننا مع الدولة القوية والجيش القوي الحامي».


الحلم بفكرة التغيير دفع حلاوي للترشح للانتخابات، ويقول: «ثورة 17 تشرين خلقت خضّة في البلد ورسّخت فكرة التغيير وكنّا مبادرين في هذا الإطار».

font change