"المجلة" وقصة الغلاف

"المجلة" وقصة الغلاف

منذ كلفتني الرئيس التنفيذي لـ "المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام" جمانا راشد الراشد، قبل أشهر، بإطلاق مجلة "المجلة"، ضمن استراتيجية التحوّل الشاملة التي تخوضها المجموعة" لتطوير مؤسساتها ذات التاريخ الحافل، وضعت جميع الإمكانات لتحقيق هذا الهدف، وتعاونت مع فريق مميز في "المجموعة" للتعاطي مع الأسئلة والتحديات خلال جميع المراحل وصولاً إلى المحطة الأخرى، وهي إطلاق "المجلة" في نسخة ورقية بحلة جديدة ومنصات رقمية متعددة.

في البداية، الأسئلة التي خطرت إلى ذهني: هل لا يزال هناك مكان لمجلة ورقية في العالم الرقمي؟ هل هناك مكان لمجلة عربية في العالم العربي؟ هل بقي زمن للمقالات الطويلة في عصر التغريدات؟

نعم، لا يزال هناك مكان لمجلة ومتسع للقراءة العميقة وزمن للمقالات الطويلة، إذا تكيّفت مع لغة العصر، وتحدثت إلى القارئ بأدوات القرن، وقدمت محتوى عميقا يمس همومه العصرية، واستخدمت جميع الوسائل والمنصات، الورقية والرقمية والمسموعة والمرئية. هذا ما توصلت اليه "المجموعة" بعد دراسة حاجات القراء والإعلام والسوق وتجربة كبريات المجلات في العالم.

ما سهّل المهمة، أن الهدف ليس تأسيس مجلة جديدة، بل إعادة إطلاق "المجلة" ذات الإرث العريق منذ ولادتها قبل أربعة عقود، وإعادة دورها الرائد في معالجة القضايا الراهنة وتلبية حاجة القراء في المنطقة العربية والعالم ومساهمتها بلغة مهنية وجريئة في تقارير دقيقة وتحقيقات شاملة ومقابلات حصرية، في صناعة محتوى ثري من منظور منطقتنا.

في الأشهر الأخيرة، كان العمل مكثفاً ومركزاً على مسارات مختلفة. وبعد صوغ الاستراتيجية وتوفير الأدوات والوسائل اللازمة لتنفيذها، تشكل فريق لـ "المجلة" يؤمن برؤيتها، وضم أفضل الصحافيين والكتاب والخبراء في جميع جوانب العمل، بما يعكس رؤيتها القائمة على التكامل بين الورقي والرقمي والتناغم بين المضمون والتصميم والتفاعل بين عمق الفكرة وانسياب الكلمة، والإفادة من جميع جوانب الإنتاج الإعلامي والمنصات التقليدية والعصرية.

وخلال فترة قياسية، وبفضل رعاية الأستاذة جمانا راشد الراشد ودعمها، وتفاني وعطاء وجهود فريق "المجموعة" و"المجلة"، وبعد الكثير من التجارب والاختبارات، استكملنا الاستعدادات وصرنا جاهزين للإطلاق، فكان السؤال الجديد ضمن فريق التحرير، عن موضوع الغلاف في العدد الأول مع الانطلاقة الجديدة، خصوصاً أن الرؤية تتضمن أن يشغل بين 20 و40 في المئة من صفحات النسخة الورقية.

السؤال الذي طرحناه: "هل يسقط النظام الايراني؟". الإجابة ليست سهلة ولا مباشرة. وتنشر "المجلة" بمنصاتها الرقمية، مقالات كتبها صحافيون وخبراء عرب وأجانب في النسخة الورقية، وتتناول هذا السؤال من جميع جوانبه

تداولنا في فريق "المجلة" مقترحات كثيرة، وجربنا عناوين أخرى، إلى أن وقع خيارنا التحريري على إيران، لأسباب مهنية كثيرة، ذلك أن شباط/فبراير الجاري، يصادف الذكرى الـ 44 لـ "الثورة" التي قادها الخميني. ذكرى "الثورة" مؤلمة للبعض وملهمة للبعض الآخر، اذ تمر البلاد، على الرغم من القبضة الأمنية ومسلسل الإعدامات، بموجة غير مسبوقة من الاحتجاجات، بعد قتل الشابة الكردية مهسا أميني.

خارجياً، زادت عزلة طهران غربياً وأممياً، اذ انها طُردت من مؤسسات دولية بعد الاحتجاجات والإنغماس عسكريا لصالح روسيا في الحرب الأوكرانية، وانتقلت المواجهة مع اسرائيل إلى الداخل الإيراني بعد ضربات المسيّرات الأخيرة، في وقت تراجعت الرهانات على رفع العقوبات وتوقيع "الاتفاق النووي"، بل ان دولاً غربية تتحدث عن تصنيف "الحرس" تنظيما ارهابيا.

خبت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة وتريثت توقعات عن تغيير عاجل في الهيكلية، لكن أسئلتها لا تزال قائمة وتفاعلاتها واردة، ولا شك أن السيناريوهات المحتملة بعد غياب "المرشد" علي خامنئي، تضفي على مآلات الاحتجاجات بعدا إضافيا.

السؤال الذي طرحناه: "هل يسقط النظام الايراني؟". الإجابة ليست سهلة ولا مباشرة. واعتباراً من اليوم، تنشر "المجلة" بمنصاتها الرقمية، مقالات كتبها صحافيون وخبراء عرب وأجانب في النسخة الورقية، وتتناول هذا السؤال من جميع جوانبه، بدءاً بالهيكلية الأمنية والعسكرية وكيفية تعاملها مع الاحتجاجات وسياقها التاريخي، ودور المرأة في الثورة والثقافة وصولاً إلى مقتل مهسا أميني، وتمدد إيران في الاقليم ودور دمشق في ذلك بعد تسهيلها تأسيس "حزب الله" في لبنان بداية ثمانينات القرن الماضي، قبل أن تتحول سوريا في السنوات الأخيرة إلى ساحة لـ "حرب الظل" بين اسرائيل وايران بمظلة اميركية-روسية.

كما تبحث المقالات في ارتدادات أي تغيير محتمل في جانب من جوانب الهيكلية الأمنية-السياسية في طهران على تغلغل إيران في الاقليم واختراقاتها للحدود من العراق إلى سوريا ولبنان وصولاً إلى اليمن ومأزق "مشروعها الامبراطوري" بالمنطقة.

إضافة إلى موضوع الغلاف، تقدم "المجلة" في إطلالتها الجديدة تحليلات ومقالات وتحقيقات ومقابلات تتناول جوانب مختلفة بالسياسية والاقتصاد والثقافة والمجتمع والعلوم وقضايا متفاعلة في المنطقة والعالم.

وستواكب هذه العلاقة التكاملية بين الورقي والرقمي، انطلاقة جديدة لـ "المجلة" على منصات التواصل الإجتماعي والفيديو والمسموع، في تجربة رائدة تنطلق من إرثها العريق لتحاكي المستقبل بلغة المستقبل.

font change