الكشف عن كنز "المفصل في تاريخ العرب في الإسلام" لجواد علي

يصدر له مشروع مجهول آخر بعشرة مجلدات

المؤرخ العراقي جواد علي

الكشف عن كنز "المفصل في تاريخ العرب في الإسلام" لجواد علي

في زمن صار الحديث فيه عن تدمير الآثار وهدم المعالم وسرقة المخطوطات في العراق وجعا مستمرا، بدأت تلوح في الأفق مؤشرات مبشرة عن عودة الوهج الحضاري والثقافي العراقي من خلال جهود تبذل لاكتشاف بعض كنوز الثقافة العراقية والعربية وحفظها وإعادة نشرها.

أهم وأبرز هذه المؤشرات الكشف عن العثور على عشرة مجلدات للمؤرخ العراقي الكبير الدكتور جواد علي (1907 – 1987) بعنوان "المفصل في تاريخ العرب في الإسلام"، ومن الجليّ أن هذا الكتاب استكمال للمشروع المعرفي الضخم الذي بدأه جواد علي بـ "موسوعة تاريخ العرب قبل الإسلام" بثمانية مجلدات (1956-1960) و"المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" بعشرة مجلدات (1968-1974)، والذي يعدّ أحد أبرز وأشمل المراجع المعاصرة حول العرب وتاريخهم وعاداتهم وكل ما يتصل بشؤون حياتهم قبل الإسلام.

مستشار رئيس وزراء العراق للشؤون الثقافية الدكتور عارف الساعدي

"المجلة" سألت الدكتور الشاعر عارف الساعدي مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الثقافية عن حقيقة وتفاصيل هذا الكنز، فأجاب قائلا: "هو بالفعل كنز حقيقي فقد عثرنا من خلال أساتذة أجلاء على عشرة مجلدات للمؤرخ العراقي الكبير الدكتور جواد علي بعنوان المفصل في تاريخ العرب في الإسلام، ولم يطبع منه إلا المجلد الأول أما المجلدات المتبقية فلم تر النور سابقا، ونحن الآن في طور التحقيق والتثبت من المادة من خلال محققين أكفاء".

لم يطبع من "المفصل في تاريخ العرب في الإسلام" إلا المجلد الأول أما المجلدات المتبقية فلم تر النور سابقا، ونحن الآن في طور التحقيق والتثبت من المادة من خلال محققين أكفاء

د. عارف الساعدي

صيد كبير

وأضاف الساعدي: "المفصل في تاريخ العرب في الاسلام هو صيد كبير حيث يبدأ به من النبي محمد (ص) حتى وفاة الإمام الحسن (ع) وهي فترة ملتبسة ومؤسسة للخلافة ودارت فيها أحداث جسام، ربما غض الكثير النظر لها لحساسية تناول هذه الموضوعات، ولكن تجرد العلماء وإيمانهم بالبحث العلمي سيمنح هذا الكتاب أفقا كبيرا وحضورا عظيما في الأوساط العلمية والثقافية، ذلك اننا سنستقبل هذا الكنز لجواد علي، صاحب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ذلك الجهد العظيم الذي لم يترك شاردة وواردة الى العرب إلا ودونها توثيقا وإثباتا، وأعطى صورة شاملة لحياة العرب وثقافتهم وعاداتهم وأيامهم بطريقة علمية موثقة، لذلك ننتظر أن يكتمل العمل الثاني لنرى رؤية جواد علي حول ما دار في الخمسين سنة الأولى من الهجرة الشريفة وكيف وثق تلك الأحداث وأثبتها".

من مسودة كتاب "المساند"

قاموس المساند

ولم يقتصر الكشف عن مخطوطة موسوعة "المفصل في تاريخ العرب في الإسلام" بل وجد الباحثون كنزا آخر لا يقل أهمية. وحول ذلك يقول الساعدي:
"وجدنا للراحل جواد علي مشروعا كبيرا غير منشور نعمل الآن عليه في دار الشؤون الثقافية (قاموس الألفاظ الواردة في المساند، بالخط المسند) تحقيق الدكتور حامد الظالمي، والعمل بات مراحله شبه النهائية، عسى أن توفق الدار بطباعته في قادم الأيام، وهو عمل جبار من عشرة مجلدات أيضا، حصل عليها المحقق مكدسة في أكياس مهملة في شقة الراحل، وهو بصراحة فتح في الدراسات اللغوية والمعجمية لأن جواد علي لا يتتبع معنى المفردة فحسب إنما يتتبع أصولها والتفرعات التي قدمت منها تلك المفردة وربطها بمفردات العربية، فالمعجم حمولة ثقافية وليس معجمية فحسب، وعسى أن نوفق في إكمال هذا المشروع وتقديمه للثقافة العربية بوصفه فتحا في ميدان الدرس اللغوي والمعجمي لعالم كبير استطاع في سبعينيات القرن الماضي أن يتعلم خط المسند وأن يذهب إلى الرقم الطينية ليستخرج الدرر ويقرأ ثقافة أجدادنا في تلك الأيام، وهذا نادرا ما يحصل في زمن لا حاسبات فيه ولا إنترنت ولا فريق عمل يساعده، جواد علي هو نموذج عظيم للباحث الحقيقي الصبور الذي يقدم في كل سطر من كتاباته معلومة جديدة مهمة".

ننتظر أن يكتمل العمل لنرى رؤية جواد علي حول ما دار في الخمسين سنة الأولى من الهجرة الشريفة وكيف وثق تلك الأحداث وأثبتها

د. عارف الساعدي

توثيق وتأصيل

واختتم الساعدي حديثه لـ "المجلة" مبرزا جهود دار الشؤون الثقافية في توثيق وتأصيل الأعمال التأسيسية للرواد العراقيين بقوله: "مشروعنا في إعادة طباعة الأعمال الكاملة لرواد الثقافة العراقية هو تقليد بدأناه من باب حفظ تراث مؤسسي ورواد الثقافة العراقية وفتح أفق جديد أمام القراء والباحثين، بحيث يستعادون من جديد جدلا ودراسات ومؤتمرات، وهذا أقل الواجب أمام هذه القامات، فقد طبعنا الأعمال الكاملة للجواهري بستة مجلدات ومذكراته أيضا بمجلدين، وكذلك الأعمال الكاملة للحبوبي وحسب الشيخ جعفر وفوزي كريم وأحمد الصافي النجفي والزهاوي والشاعر الكردي شيركو بي كه سـ ولم نكتف بالأعمال الشعرية، إنما ذهبنا للقصة والرواية والفكر، فطبعنا الأعمال الفكرية والفلسفية الكاملة للمفكر العراقي مدني صالح بستة مجلدات، وحاليا تحت الطبع مجلدان للدكتور مصطفى كامل الشيبي وكذلك الأعمال القصصية الكاملة للقاص فهد الأسدي ، فضلا عن طباعتنا عشرة كتب مختارات قصصية لرواد القصة القصيرة في العراق، وهذا المشروع مستمر ومتواصل، ففي النية طباعة الأعمال التراثية الشعبية للكاتب المعروف باسم عبدالحميد حمودي".

 

font change

مقالات ذات صلة