تاريخ حافل بالنجاح والفشل... القمم العربية منذ عام 1946

قمة بيروت (14 نوفمبر/تشرين الثاني 1956)

لقد تمت الدعوة إلى تلك القمة في وضع طارئ للتعامل مع العدوان الثلاثي الذي شُنّ على مصر بعد تأميم قناة السويس عام 1956، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر، والذي كان مشغولا في القاهرة بمواجهة الجيوش البريطانية والفرنسية والإسرائيلية تجاهل تلك القمة. فقد كان الرئيس ناصر وزملاؤه قد أطاحوا بالملك فاروق، والذي كان الرجل الذي بدأ كلاً من جامعة الدول العربية وقممها.

وحضر قمة بيروت تسعة من الزعماء العرب، برئاسة الرئيس اللبناني كميل شمعون، والذي لم يكن مغرما بعبد الناصر أو سياساته المعادية للغرب. لقد أكدت القمة دعمها لمصر والجزائر، والتي كانت تخوض ثورتها الوطنية ضد الفرنسيين. وبحلول عام 1952، عُيّن أمين جديد لجامعة الدول العربية، وهو الدبلوماسي المصري عبد الخالق حسونة، والذي خلف الأمين العام المؤسس لجامعة الدول العربية، عبد الرحمن عزام باشا، في سبتمبر/أيلول 1952 وشارك في رئاسة كل القمم العربية التي عُقدت حتى عام 1972.

قمة القاهرة (13-16 يناير/ كانون الثاني 1964)

استغرق الأمر ثماني سنوات أخرى حتى يجتمع القادة العرب مرة أخرى، وهذه المرة اجتمعوا في القاهرة. انضم كل من المغرب وتونس إلى جامعة الدول العربية في أكتوبر/تشرين الأول 1958، تلتهما الكويت في يوليو/تموز 1961، ثم الجزائر في أغسطس/آب 1962. وقد وُجهت دعوة لهم جميعا إلى قمة القاهرة عام 1964. وكان من الواضح الآن أن ناصر قد انفصل عن الغرب وانضم بقوة إلى الاتحاد السوفياتي. وكان قد مات الملك عبد العزيز آل سعود وأسلم الروح فحلّ محله ابنه الملك سعود. وأطاح انقلاب جرى في يوليو/تموز 1958 بالنظام الملكي في العراق، وكان يحكمه آنذاك مجموعة من الضباط. وكذلك كان الحال في سوريا.

لم ينسجم رئيس الدولة، أمين الحافظ، مع عبد الناصر علماً أنه كان ذا حرصٍ شديد على إغضاب عبد الناصر علانية. وحضر أمين الحافظ قمة القاهرة وكذلك فعلت الدول العربية الثلاث عشرة. وهز رأسه موافقا على جميع مطالب الرئيس المصري، والتي تضمنت، من بين أمور أخرى، إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري. كان أمين الحافظ والبعثيون أقرب إلى الشاب ياسر عرفات، والذي كان آنذاك نجما صاعدا في السياسة العربية ورئيسا مؤسسا لحركة "فتح". إذ كانوا يعتقدون أن عرفات كان مؤهلا أكثر لقيادة المقاومة الفلسطينية، ولكن ناصر الذي رمى بكل ثقله وراء الشقيري هزمهم. وكانت المخابرات المصرية قد حذرت الشقيري من العمل مع عرفات، الذي اتهمته بأنه مناصر للإخوان المسلمين.

قمة الإسكندرية (11 سبتمبر/أيلول 1964)

دعا عبد الناصر بعد ثمانية أشهر إلى قمة أخرى، هذه المرة في مدينة الإسكندرية الساحلية، حضرها 14 رئيس دولة. ورحبوا بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وتعهدوا بإنهاء الوجود العسكري البريطاني في قبرص وعدن، وتحرير فلسطين "إما على نحو جماعي أو فردي" من الاحتلال الإسرائيلي.

قمة الدار البيضاء (13-17 سبتمبر/أيلول 1965)

عُقِدت القمة في المغرب بدعوة من ملكه الحسن الثاني، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحتل فيها منظمة التحرير الفلسطينية مقعدا رسميا في قمة الجامعة العربية، ممثلة للدولة الفلسطينية غير الموجودة بعد. وقد قرر المؤتمر إنشاء المجلس الوطني الفلسطيني ووضع استراتيجية للتحرك نيابة عن الفلسطينيين، سواء في الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى. وقد اكتسب المؤتمر سمعة سيئة بسبب المهاترات الصاخبة والغاضبة التي جرت بين جمال عبد الناصر والملك حسين ملك الأردن... فقد كانا يقفان على طرفي نقيض، وانتقد عبد الناصر الأردنَ وملكه وسياسته الخارجية بقضها وقضيضها منذ نهاية الخمسينات.

قمة الخرطوم (29 أغسطس/آب-1 سبتمبر/أيلول 1967)

عُقِدت القمة ردا على الهزيمة العربية الجماعية في حرب الأيام الستة عام 1967، وصيغت فيها القرارات الشهيرة المعروفة بـ"اللاءات الثلاث"، والتي أصبحت معيارا للسياسة العربية للعقد المقبل: عدم التفاوض مع إسرائيل، وعدم الاعتراف بإسرائيل، وعدم التصالح مع إسرائيل. واتصف الاستقبال الذي نظم لجمال عبد الناصر في السودان- الذي كان سابقا تابعا لمصر– بأنه تاريخي. وقد قرر قادة العرب في قمة الخرطوم الاستثمار في النفط كوسيلة لزيادة الضغط على إسرائيل وداعميها الغربيين.

 قمة الرباط (21 سبتمبر/أيلول 1969)
انعقدت قمة الرباط للتصدي لحريق متعمد في المسجد الأقصى، سببه شخص أسترالي يعتقد العرب أنه يعمل لصالح الموساد. فقد أشعل النار في منبر يعود للقرن الثاني عشر، الأمر أدى إلى مواجهات عنيفة دارت حول المسجد. واختتمت القمة دون تبني بيان نهائي ومع ذلك لم توجد خلافات كبيرة أيضا في القمة، ولا دراما مثيرة. وحضر أربعة عشر رئيس دولة على رأسهم الملك الحسن الثاني ملك المغرب، وناقشوا ما وُصف بـ"الإستراتيجية" للوقوف على ما يحدث، كما تناقشوا حول الأقصى.

قمة القاهرة (27 سبتمبر/أيلول 1970)
هي قمة استثنائية، دعا إليها الرئيس ناصر على عجل لمناقشة اندلاع الأعمال العدائية التي نشبت في الأردن (المعروفة باسم أيلول الأسود) بين جيش الملك حسين ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي كان يرأسها آنذاك ياسر عرفات.

وستثبت هذه القمة باعتبارها القمة الأخيرة لعبد الناصر الذي توفي وهو يودّع ضيوفه العرب في المطار. قاطعت كل من الجزائر، والمغرب، وسوريا، والعراق هذه القمة، ودعا البيان الختامي إلى إنهاء الأعمال العدائية في الأردن والإشراف على وقف إطلاق النار. وصدرت أوامر لمقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بالانسحاب من عمّان. وانتهى الاجتماع على نحو إيجابي، حيث جرت مصالحة بين عرفات والملك حسين بعد سفك كثير من الدماء في شوارع الأردن. وسيعود جميع الزعماء العرب إلى القاهرة خلال الساعات القليلة التالية للقمة للمشاركة في جنازة ناصر الضخمة التي جرت مراسمها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1970.

 

قمة الجزائر (26 نوفمبر/تشرين الثاني 1973)
استغرق الأمر ثلاث سنوات أخرى لانعقاد لقاء بين العرب، وتحديداً بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973. إذ انعقدت قمة الجزائر في خضم حملةٍ ممنهجةٍ نفذتها المخابرات الإسرائيلية ضد فلسطينيين بارزين يعيشون في أوروبا، قُتلوا بسبب دورهم المزعوم في "منظمة أيلول الأسود" التي تبنت الهجوم الذي شُنّ على الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ أوائل سبتمبر/أيلول 1972.

وكان هذا أول اجتماع يحضره رئيسا مصر وسوريا الجديدان: أنور السادات، وحافظ الأسد. وشارك عشرة زعماء عرب في قمة الجزائر الأولى، وحدّد أحد قراراتها شرطين لعقد سلام مع إسرائيل: الشرط الأول هو الانسحاب من جميع الأراضي العربية التي احتلتها خلال حرب 1967، أما الثاني فتأمين "الحقوق الطبيعية" للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وحقه في حياة آمنة وتأمين حق العودة. 

كما طالبت القمة بتقديم 2.3 مليار دولار أميركي لمصر، وسوريا، والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية لمواصلة حربهم ضد إسرائيل، ولإعادة إعمار ما دمره الجيش الإسرائيلي خلال حربي 1967 و1973. وفي الختام، قررت القمة قبول موريتانيا في جامعة الدول العربية، وتلتها الصومال في فبراير/شباط عام 1974. بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه هي القمة الأولى التي حضرها وزير الخارجية المصري السابق محمود رياض، الذي خلف عبد الخالق حسونة في منصب الأمين العام الثالث لجامعة الدول العربية في يونيو/حزيران 1972.

قمة الرباط (26-29 نوفمبر/تشرين الثاني 1974)

إنها واحدة من أكثر القمم العربية التي خلدت في الذاكرة، إذ إنها اختُتِمَت بنتائج ملموسة. فحضرت جميع الدول العربية، وفوضت منظمة التحرير الفلسطينية بالتحدث نيابة عن الشعب الفلسطيني، وهو التفويض الذي سيستمر عرفات في الاعتماد عليه حتى وفاته في عام 2004. ومن ثمّ قُبلت منظمة التحرير الفلسطينية في جامعة الدول العربية في 9 سبتمبر/أيلول 1976، قبل أسابيع فقط من القمة العربية المقبلة التي ستعقد في الرياض.

قمة الرياض (16 أكتوبر/تشرين الأول 1976)

عُقدت القمة بدعوة من المملكة العربية السعودية، وتمثّل هدفها الرئيس في مناقشة الحرب الاهلية في لبنان. فقد اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 1975 وكان عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية أحد اللاعبين الرئيسيين في القمة. وعُقدت القمة في الرياض بعد أشهر من اغتيال الملك فيصل والذي خلفه في الحكم الملك خالد بن عبد العزيز. وكانت هذه الجلسة طارئةً فحضرتها ست دول عربية فقط (المملكة العربية السعودية، ومصر، وسوريا، والكويت، ولبنان، ومنظمة التحرير الفلسطينية). ودعا المشاركون فيها إلى وقف فوريٍ لإطلاق النار في لبنان، وطرحوا فكرة إرسال جيشٍ عربي للمساعدة في السيطرة على العنف المتصاعد من دون إصدار بيانٍ نهائي يتطرق لجوانب متعددة.

قمة القاهرة (25 أكتوبر/تشرين الأول 1976)

عُقدت هذه القمة خلال أقصر فترة ممكنة تفصلها عن القمة السابقة (تسعة أيام فقط) ودعا إليها الرئيس أنور السادات لمناقشة الحرب الأهلية اللبنانية على نحو معمق؛ إذ أخفقت جميع محاولات وقف إطلاق النار، وفي مايو/أيار- يونيو/حزيران 1976، تدخل الجيش السوري في الصراع، بناء على طلب حكومة لبنان ورئيس الجمهورية سليمان فرنجية. اتفقت الدول العربية على المساهمة، كل حسب قدرتها، في إعادة إعمار لبنان. وبعد أحد عشر شهرا، انضمت جيبوتي إلى جامعة الدول العربية، في الوقت المناسب تماما لعقد القمة المقبلة في العراق.

قمة بغداد (2-5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1978)

وهذا المؤتمر كان لقاء القمة الأول الذي عُقد في العراق، وقد أدار المؤتمر نائب الرئيس صدام حسين، والذي لم يهدر أي وقت لإصلاح مقابر العائلة المالكة في بغداد قبل زيارة الملك حسين المقررة، وتوقع منه أن يرغب في إظهار الاحترام لابن عمه المقتول، الملك فيصل الثاني. وقد استخدم صدام هذه القمة ليُظهر للعالم أنه الشخص الذي يدير السياسة العراقية، وليس الرئيس أحمد حسن البكر. انعقدت قمة بغداد للرد على زيارة أنور السادات للقدس عام 1977 وتوقيعه على اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر/أيلول1978 .

وانتقد القادة العرب بإيحاء من الزعيم الليبي معمر القذافي، والسوري حافظ الأسد، وياسر عرفات، السلام المنفصل للسادات بشدة، واتهموه بإلحاق الأذى بالشعب الفلسطيني وإهانته والتخلي عنه. ونتيجة لذلك، تم تعليق عضوية مصر في وقت لاحق في جامعة الدول العربية في مارس/آذار 1979، لتصبح أول دولة عربية تفقد عضويتها منذ عام 1946. ونقلت مكاتب الجامعة من القاهرة إلى تونس، وعادت المكاتب إلى القاهرة بقبول مصر مرة أخرى في جامعة الدول العربية في 23 مايو/أيار 1989، خلال رئاسة الرئيس الذي خلف السادات، أي الرئيس محمد حسني مبارك. وخلال الأعوام 1979-1990، ترأس الشاذلي القليبي، السياسي التونسي البارز، جامعة الدول العربية.

قمة تونس (29 نوفمبر/تشرين الثاني 1979)

عُقدت القمة برئاسة الرئيس التونسي الطاعن في السن، الحبيب بورقيبة، وقد اعترفت القمة بأن الصراع مع إسرائيل هو صراع طويل الأمد ولن ينتهي في المدى المنظور، على عكس كل التصريحات العربية السابقة. وحرص القادة العرب على إعادة التأكيد على انتقاداتهم للسادات واتفاقات كامب ديفيد، وانتقدوا أي حديث عن نقل عاصمة إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وإدانة الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان الذي حدث عام 1978، تحت ستار دفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى العمق اللبناني بعيدا عن المنطقة الحدودية.

قمة عمان (25-27 أكتوبر/تشرين الأول 1980)

وهي قمة أخرى على قدرٍ ما من الهدوء، وقد حضرها خمسة عشر زعيما أكدوا على رغبة عربية جماعية بالتخلص من اتفاقية كامب ديفيد. وأدانوا العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان، وطالبوا بوقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت قبل شهرين.

كما أعرب القادة العرب عن رغبة جماعية في مواصلة مقاطعة مصر، طالما ظلت اتفاقيات كامب ديفيد قائمة، وانتقدوا إدارة كارتر لاستمرارها في تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها "منظمة إرهابية". واتفقوا أخيراً على ميثاق اقتصادي عربي جماعي لمدة عشرين عاما ينتهي تقنيا عام 2000.

قمة فاس (25 نوفمبر/تشرين الثاني 1981)

وحضرت مؤتمر قمة فاس جميع الدول العربية الكبرى باستثناء مصر، لكن المؤتمر انتهى بعد خمس ساعات بسبب الخلاف السعودي- السوري على خلفية مبادرة السلام التي اقترحها الملك فهد والمكونة من ثماني نقاط. ودعا إلى الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي أُنشئت على الأراضي التي احتُلت بعد عام 1967، وأكد حق العودة للفلسطينيين. وقدم تصورا عن قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، تعيش بسلام مع جميع جيرانها (بمن فيهم الإسرائيليون).

قمة فاس (6-9 سبتمبر/أيلول 1982)

بعد الموافقة على خطة الملك فهد الخاصة بالسلام، قررت القمة كذلك تشكيل لجنة لبدء الاتصالات مع مجلس الأمن لمتابعة مبادرة الملك السعودي. وكان الموضوع الرئيس على أجندة القمة هو لبنان بعد أن اقتحم الجيش الإسرائيلي بيروت واحتلها في وقت سابق من ذلك الصيف، وتمثل الهدف الوحيد للغزو في سحق منظمة التحرير الفلسطينية ردا على محاولة اغتيال فاشلة للسفير الإسرائيلي في لندن شلومو أرغوف.

قمة الدار البيضاء (7-9 أغسطس/آب 1985)

ترأس الملك الحسن الثاني القمة مرة أخرى، ودعا إلى تشكيل لجنتين لحل الخلافات البينية بين الدول العربية، كالخلاف المزمن بين حافظ الأسد من جهة وصدام حسين والملك حسين من جهة أخرى. وانتقد بيان القمة إيران بشدة واتهمها بالامتناع عن كل مبادرات السلام من أجل إطالة أمد حربها مع العراق. أنهت أربع دول عربية مقاطعتها لقمة الدار البيضاء (سوريا ولبنان وجنوب اليمن والجزائر). وكانت ليبيا قد أرسلت وفدا إلى لجنة التخطيط في وقت سابق للقمة، لكنها انسحبت من المؤتمر الفعلي.

قمة عمان (8-11 نوفمبر/تشرين الثاني 1987)

ترأسها العاهل الأردني الملك حسين، وانتقدت قمة عمان إيران بشدة لاحتلالها الأراضي العراقية، وأعربت عن تضامنها الكامل مع صدام حسين وتقديره لقبوله قرار مجلس الأمن رقم 598، والذي سمح بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية- العراقية.

قمة الجزائر (7-9 يونيو/حزيران 1988)

عُقدت برئاسة الرئيس الشاذلي بن جديد، والتأمت على خلفية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987، والتي فاجأت إسرائيل والقادة العرب. وحتى ياسر عرفات بدا غير مستعد لها، ولكن لم يكن لديه خيار سوى احتضان رماة الحجارة الشباب في شوارع فلسطين انطلاقاً من منفاه الكائن في تونس. لقد وعد العرب المجتمعون في الجزائر بدعم الانتفاضة ماليا وسياسيا، وتعهدوا بدفع مبلغ قدره  128 مليون دولار لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقُطع وعد بدفع مبلغ قدره 43 مليون دولار أخرى تدفع شهريا للانتفاضة، لكنها لم تنجح أبدا ونقضت الدول العربية التزامها. كما دعمت القمة المقاومة اللبنانية التي تحدت الاحتلال الإسرائيلي لجنوب البلاد بالكلام، وأكدت مجددا دعمها لصدام حسين.

قمة الدار البيضاء (23-26 مايو/أيار 1989)
قُبلت مصر مرة أخرى في جامعة الدول العربية وكانت حاضرة في قمة الدار البيضاء، لأول مرة منذ اتفاقية كامب ديفيد. لم يصدر أي بيان ختامي عن القمة، لكن قرر القادة العرب زيادة دعم الانتفاضة الفلسطينية، ودعوا إلى احترام "الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين المستقلة".

 

قمة بغداد (28-30 مايو/أيار 1990)

عُقدت في فترة هدوء نسبي شهده العراق، قي الفترة الفاصلة بين الحرب الإيرانية وغزو الكويت الذي حصل عام .1990 دعا إليها وترأسها الرئيس صدام حسين. لم تحضر سوريا مؤتمر القمة هذا بسبب الخلافات التي استمرت لعقود مع صدام، وكذلك غاب لبنان عن مؤتمر القمة، والذي كان بالغ الانشغال بالفصل الأخير من الحرب الأهلية التي كانت على مشارف النهايات. وقد عقدت القمة لمناقشة التدفق المقلق لليهود السوفيات إلى إسرائيل، والذين بلغ عددهم آنذاك 30 ألفا منذ يناير/كانون الثاني، وكان من المتوقع وصول العدد الإجمالي إلى 250 ألفا بحلول ديسمبر/كانون الأول. وأدانت جامعة الدول العربية الهجرة، كما رحبت بوحدة اليمن، وأعربت عن دعمها لاستمرار الانتفاضة، وانتقدت بشدة اعتراف الكونغرس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.

قمة القاهرة (15 أغسطس/آب 1990)

هي قمة استثنائية دعا إليها الرئيس حسني مبارك ردا على غزو صدام للكويت في وقت سابق من أغسطس/آب. وكان أمير البحرين هو الوحيد من دول مجلس التعاون الخليجي الذي حضر المؤتمر، بينما أرسلت الكويت ولي عهدها الأمير سعد العبد الله الصباح. وقد انتقد هذا المؤتمر، الذي تم تنظيمه على عجل، غزو صدام للكويت وضمه لها، ودعا إلى انسحابه الفوري من الكويت.