في روايته الجديدة "فيلق الإبل" (دار تشكيل، الرياض، 2025) يحفر الروائي السعودي أحمد السماري في طبقات مطمورة من التاريخ العربي، ويعيد ترميم تفاصيل تاريخية غير واضحة المعالم، ويستدعي ملامح الصحراء بوصفها كيانا حيا يتذكر، حيث يسير الناس والإبل معا في رحلة تتجاوز حدود المعيشة إلى اختبار الوجود.
يعود السماري في روايته إلى حادثة تاريخية موثقة، حين قرر الجيش الأميركي منتصف القرن التاسع عشر تأسيس "فيلق الإبل" في أراضي تكساس وأريزونا، حيث كان العالم يشهد انقلابا في أنماط التنقل والحرب. ومع ذلك، عادت البصيرة الإنسانية إلى الصحراء العربية لتستعير منها وسيلتها في الحياة.
فالجمل الذي عرف في نجد والحجاز والعراق وسوريا رفيقا للترحال، صار في تلك اللحظة التاريخية رسولا بين قارتين. أرسلت السفن إلى جدة والإسكندرية وبيروت، واشتريت مئات الجمال، وجيء بجمالة عرب ليدربوا الجنود على قيادتها في البراري الأميركية. كانوا من أبناء البيئات التي تعرف سر الصبر، يعرفون كيف يروى الجمل في القيظ، وكيف يساق في ظلمة الليل، وكيف يستدل الماء في الأرض القاحلة.
إعادة تركيب التاريخ
يستخدم السماري التفاصيل التي سجلها التاريخ الأميركي عن الحاج علي وعن تجار الجمال من نجد والشام، ويوظفها بطريقة روائية تشهد على تداخل حضاري لم يحتف به بما يكفي، بحيث تتبدى كأنها الصورة العكسية لتاريخ اعتاد أن يروى من جهة واحدة.




