إبراهيم آل سنان: نعيش ثورة في النشر السعودي

اهتماماته تشمل الكتابة الإبداعية والإعلام والنشر

إبراهيم آل سنان

إبراهيم آل سنان: نعيش ثورة في النشر السعودي

تتعدّد المجالات التي يبرز فيها اسم الكاتب السعودي إبراهيم آل سنان فهو كاتب ووكيل أدبي مرخّص وخبير في مجال النشر والتسويق، وفي كل هذه المجالات خاضأكثر من تجربة، إذ كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية، كما نشر المقالات في صحف عدة، وشغل أكثر من منصب في دور النشر آخرها منصب رئيس تحرير في "رف للنشر": "نعمل في الفترة المقبلة على شكل جديد ومتطور ومبتكر من النشر الحديث بتطبيق أفضل الممارسات العالمية، وتكوين شركة تغير النشر التقليدي العربي حاليا".

لعلّ الاتجاه الواعد في "رف" هو السعي إلى دراسة سوق النشر واستشراف آفاقه، في سياق البحث عن هذا المنتج الجديد الذي يتحدث عنه آل سنان: نسعى إلى صناعة الكتاب، فلا ننتظر المؤلفين ليقدموا إنتاجهم فحسب، بل نستبق ذلك بمراجعة المحتوى العربي والبحث عن مواضع الضعف التي تحتاج إلى الإثراء من خلال العمل على اختيار المواضيع واستكتاب المؤلفين والمتخصصين المؤهلين في هذه المواضيع. وكذلك نحرص على التقاط كل توجهات القراءة الحالية من خلال الأبحاث ومحاولة التنبؤ بالتوجهات القرائية المستقبلية".

نعمل في "رف للنشر" على شكل جديد ومتطور ومبتكر من النشر الحديث بتطبيق أفضل الممارسات العالمية، وتكوين شركة تغير النشر التقليدي حاليا مع الحرص على التقاط كل توجهات القراءة الحالية


تنوع إبداعي

خلال مسيرته الأدبية أصدر إبراهيم آل سنان رواية بعنوان "برزخ بين قلب عذب وعقل مالح" ومجموعة قصصية بعنوان "خمس دقائق آثمة" ومسرحية "مزاد الدم". عن هذا الانتقال بين الأنواع الأدبية، يقول: "في مجموعها هي فن السرد، والتنقل بينها محاولة للتثبت من كافة العناصر المتفاوتة بين جنس وآخر، وللتجريب، ولفهم الفروقات الفنية وتقنيات الكتابة، ولكن الأصل فيما أميل إليه أكثر هو القصص القصيرة، فحتى الرواية كانت في سرديتها عبارة عن بنية قصصية يكاد كل فصل منها يعبر عن نفسه منفردا حال عزله عن حبكة الرواية المتصلة".

وعن بدايته مع الرواية الوحيدة والتي أصدرها في العام 2007 يذكر: "الرواية هي الاختبار الأهم والأكبر لكل من يمارس السرد، لصعوبتها وكثرة عناصرها التي تحتاج إلى بناء دقيق ومُركب، وما تتطلبه من التزام وتفرغ، فكنت أريد اختبار نفسي وإثبات قدرتي على إتقان هذا الجنس الأدبي، على الأقل بما يرضيني، كما أن الرواية أوسع تعبيرا من القصص وتقول ما لا تستطيع قوله القصة، وفي تلك الرواية احتجت إلى قول الكثير كونها رواية واقعية اجتماعية تمتد أحداثها على مدى زماني طويل".  

أما عن مسرحيته التي خرجت من الورق وجسّد شخصياتها عدد من الممثلين خلال عرض مسرحي في مهرجان الجنادرية، يوضح آل سنان: "ما لا يتوقعه الجميع أن اهتمامي بالمسرح كان التمثيل، ولذلك عندما كتب العمل لعبت جميع الأدوار في مخيلتي بشكل دقيق، وهذا ما جعلني ممتعضا بعض الشيء عندما وضع المخرج رؤيته واحتاج إلى التغيير والاختزال لمشكلات تتعلق بالإنتاج، وكنت أنظر إلى أداء الممثلين وأحاول ربطه بأدائي المتخيل للأدوار نفسها، ومدى ارتباطي بفكرته، مما جعل تقييمي نرجسيا للمسرحية عندما عرضت أول مرة". ويفسّر: "لكنني وجدت بعد ذلك أن هذا الأمر يحدث كثيرا وأن المسرحية على الورق جسد متخيل حالما تدب فيه روح الأداء تأخذه إلى حياة أخرى لم يكن لمخيلة الكاتب القدرة على الوصول إليها".

إبراهيم آل سنان في ملتقى الأدباء

مفاهيم جوهرية

خاض إبراهيم آل سنان تجربة العمل والكتابة الصحافيين، عبر منابر عدة، وهي التجربة التي يرى أنها أثرت تجاربه الإبداعية والمهنية الأخرى: "عندما يكون الكاتب الصحافي أديبا، سيمتلك القدرة على قول الكثير، فالأدب يلين ويجمل الكثير من جوانب الصحافة القاسية والقبيحة في كثير من الأحيان، والتي إما سيرفضها القارئ لفجاجتها أو الرقيب لصراحتها. وقد حرصت في الكتابة الصحافية على التعبير عن المفاهيم الجوهرية في الأدب والفكر والمجتمع أكثر من الشؤون الخاصة والمحدّدة، مبتعدا في ذلك عن لغة الإثارة، ومعتمدا على قدرة الأدب واللغة على شدّ الانتباه".  

ضعف التسويق في صناعة النشر العربي مرتبط بقوة الصناعة اقتصاديا، فماليا لا يمكن للدور وأغلبها مؤسسات فردية أو عائلية أن تملك القدرة المالية على التسويق لكل الكتب التي تنشرها. أما ضعف المحتوى أو قوته فيحدّده القارئ


عالم النشر

يكشف آل سنان عن مهامه كرئيس تحرير في "رف للنشر": "رئيس التحرير في الدار مهامه متخصصة في المحتوى، لناحية اختياره وفرزه وتقييمه وتجويده وتحسينه والإشراف على خطوط إنتاج هذا المحتوى من تدقيق وتحرير وترجمة للكتب الأجنبية، حتى يصل إلى المرحلة الأخيرة ليصبح جاهزا للإنتاج بشكله النهائي ككتاب صوتي وإلكتروني وورقي". 

و"رف للنشر" هي أحدث محطات آل سنان في عالم النشر، إذ عمل من قبل مديرا للنشر في دار "مدارك" ومن ثم مديرا للنشر في منصة "معنى"، وانطلاقا من خبرته في عالم النشر كان لا بد من سؤاله عن شكوى كثير من المؤلفين العرب حول عدم انتشار الكتاب العربي، هل تكمن المشكلة في ضعف التسويق، أم ضعف المحتوى، أم انشغال الجمهور العربي بيومياته القاسية في بعض البلدان؟

يجيب آل سنان: "السؤال رغم بساطته يحتاج إلى إجابة موسعة وسأحاول اختصارها. بداية جميع هذه الأسباب صحيحة، ولكن لتصبح أكثر دقة يجب أن نأخذها من مصدر آخر غير المؤلفين، فضعف التسويق في صناعة النشر العربي مرتبط بقوة الصناعة اقتصاديا، فماليا لا يمكن للدور وأغلبها مؤسسات فردية أو عائلية أن تملك القدرة المالية على التسويق لكل الكتب التي تنشرها. أما ضعف المحتوى أو قوته فيحدّده القارئ، ذلك أن توجهات القراءة الحديثة تبتعد عن المحتوى الإبداعي في الأجناس الأدبية، لترجح كفة محتوى المعلوماتي والمهاري والعلمي والثقافي بشكل عام. وفي العموم، يجد الكتاب نفسه في منافسة مع وسائل النشر الحديثة الصوتية والمرئية، الأفلام والمسلسلات وقنوات يوتيوب والبودكاست التي وفرت للمتلقي ما لا يمكن للكتاب توفيره".

المبادرات التي تقودها هيئة الأدب والنشر والترجمة، فتحت المجال لاستكشاف المواهب الجديدة في الكثير من المجالات الإبداعية والفكرية، بل إنها عززت الاهتمامات المتزايدة للقراء والمتلقين

فلسفة

عمل إبراهيم آل سنان على إصدار العدد الأول من مجلة "الفيلسوف الجديد" التي تعني كما يشي عنوانها بالفلسفة، وعن هذه التجربة يقول: "في العشر السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بالفلسفة، وكانت منصة معنى قد بدأت المشاركة في هذا الاهتمام من خلال منصاتها الإلكترونية، فبنت قاعدة من القراء والجماهير وقدمت لهم الكثير من المواد التي لا تعتبر فلسفة متخصصة بل فلسفة عامة، وهي مواضيع تربط الفلسفة بالواقع المعاش يوميا، ومن هنا جاءت فكرة مجلة 'الفيلسوف الجديد' والتي تقدم المحتوى الفلسفي الذي يمكن لأي قارئ أن يقرأه، فيجد الفلسفة متمثلة في تفاصيل حياته اليومية، وهذا ما جعل المجلة تحقق انتشارا واسعا في أعدادها الأولى، وأضافت معنى لها مجلات أخرى منها مجلة "الفلسفة الآن" ودار معنى للنشر تخصصت في النوع والموضوع، مما جعلها متفردة في كتبها ومطبوعاتها وما زالت كل منشوراتها تصدر".

آل سنان في أحد اللقاءات

أخيرا، يتناول آل سنان حركة النشر والإنتاج الإبداعي السعودي: "نعيش هذه الأيام ثورة كبيرة في مجال النشر السعودي لجهة المبادرات التي تقودها هيئة الأدب والنشر والترجمة، والتي فتحت المجال من خلال العديد من برامجها لاستكشاف المواهب الجديدة في الكثير من المجالات الإبداعية والفكرية، بل إنها عززت الاهتمامات المتزايدة للقراء والمتلقين، فدعمت مثلا الفلسفة والترجمة من اللغة العربية وإليها، ووفرت الجمعيات والبرامج والمؤتمرات التي بحد ذاتها أفرزت إنتاجا أدبيا وفكريا جديدا ومختلفا عن العقود الماضية. وبدأنا نرى نتاجات في أدب الطفل والمسرح واليافعين والكتب المصورة والخيال العلمي".

font change

مقالات ذات صلة