أُنس... لاعبة ملهمة احترفت العودة إلى النور

خسارتها في ويمبلدون لم تضعف حضورها

Andy Edwards
Andy Edwards

أُنس... لاعبة ملهمة احترفت العودة إلى النور

لم يكن مشهد أُنس جابر الأشهر وهي تقف باكية أمام أميرة ويلز، بعد خسارتها نهائي ويمبلدون أمام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا، قبل أيام، سوى مشهد موقّت، أو مشهد درامي واحد من مشاهد حياتها الملهمة والثرية. البكاء المُتعب، الدمع الذي تحاول مسحه عن وجهها، والكاميرا التي تنتقل بين بكائها وبكاء زوجها وفريقها الفني، صنعت مشهدا مؤثرا لبطلةٍ لا توحي على الرغم من كل انكسارها بأنها خاسرة. شيء آخر خارج النتيجة كان أكثر إلهاما لكل من شاهد لحظات نهاية المباراة. كانت الخسارة حقيقية بلا شك، لكن ما بدا حقيقيا كذلك، القيمة التي كوّنها المشهد برمّته، التعاطف الذي أبدته أميرة ويلز كان جادا، وليس موقفا إنسانيا اعتباطيا وحسب. فملامح شخصية أُنس في تلك اللحظات تتجاوز التاريخ المجرّد الذي يتيحه الرقم، كما تتجاوز النصر والخسارة ولغة الأرقام التي تستحوذ على كل الرياضات. ما تجلى أمام المشاهدين والمتابعين، بطلة ممتعة ورياضية نزيهة تجسد عاطفة نشطة وقادرة على خلق التمركز حولها، وجذّابة لقيمة التقدير والاحترام. أي أنها شخصية تُبرز بنى اجتماعية ونفسية ورياضية في آنٍ واحد. هذا كله ما سيجعل التاريخ لا يتوقف أمام خسارتها، بالمعنى التقليدي للكلمة، بل أمام القيمة التي أُضيفت الى الرياضة أولا، والى موقع أُنس كفتاةٍ تونسية وأفريقية وعربية بصفتها المُلهمة.

كان مشهد خسارة أنس قاسيا على الرغم من كل شيء. لكن المفاجئ أن الجمهور تناسى وجود بطلة متوّجة أخرى، وانصبّ تركيز الجميع على أُنس وانفعالاتها، مترقبا تعليقها على اللحظة الراهنة، ووعودها للمستقبل. وكانت مسيرة أُنس في بطولة ومبيلدون، الأرفع في كرة المضرب، بإقصائها أربعة مصنفين من الأوائل، جعلتها متوّجة مسبقا. حتى الجماهير كانت تنتظر تتويجها منذ المباراة الأولى لها في البطولة. حتى اللاعبة أرينا سابالينكا، قالت في المقابلة الصحافية التي تلت خسارتها أمام أُنس إن "الجماهير الحاضرة في الملعب كانت تشجّع أُنس، أما أنا فقد شعرت بمن يشجعني وهم خلف الشاشات"،

نجاح أنس ليس شأنا رياضيا فحسب، فجماهيريتها العالمية تشكلت منذ المراحل الإقصائية الأولى للبطولة، وفي ظهورها في البطولات الدولية منذ عشر سنين. في رياضة مثل التنس، يكون فيها الرياضي وحيدا في الملعب، فإن الخطوط التي تطرحها اللعبة لمسارات اللعب تجعله في سجنين: سجن المكان المحدود للحركة، وسجن الوحدة الذي يضعك فيه المشاهد، الهادئ، المنتظر، الصامت، الذي يترقّب كل انفعال أو حركة للكرة. لا صوت مدرّب ليقدم الدعم، ولا لاعب زميل سيغيّر مسار الكرة نحو مضربك، والمساحة من الجمهور تشبه المساحة من المسرح، مع مسؤولية اللاعب المفتوحة أمام المناخ، فهو دونا عن المُشاهد لا يستطيع حجب عينيه عن الشمس بنظّارات أو بقبّعة تظلّل وجهه. المشاهد هنا لا يترقّب انتهاء حركة الكرة بين لاعبَين فقط، بل سلوكهما، انفعالاتهما، انعكاس تجربتهما في بلديهما وثقافتهما. الجمهور في هذه اللعبة يتابع بشغف تصرفات اللاعبين وخلفياتهم، نظراتهم إلى الحكام، طريقة مكافأتهم لأنفسهم أثناء تسجيل النقاط، تصرفاتهم خلال فترات الاستراحة، نظراتهم إلى حاملي الكرة، المساحة والزمن المتاحين أمام كل لاعب للتحرّر من تقنية انتظار الكرة والإرسال المفاجئ.

   كان مشهد خسارة أنس قاسيا على الرغم من كل شيء. لكن المفاجئ أن الجمهور تناسى وجود بطلة متوّجة أخرى، وانصبّ تركيز الجميع على أُنس وانفعالاتها، مترقبا تعليقها على اللحظة الراهنة، ووعودها للمستقبل


على الرغم من التباعد الجسدي بين اللاعبين المتنافسين في رياضة التنس، إلا أن الوقت والتركيز يأخذان شكلا بدنيا لمعايرة الجسد وفهمه، ومعايرة ذهنية أيضا، قوة العضلات والسرعة والرقص، التحكم بحركة الساعد، السيطرة على الجسد أثناء الحركات المفاجئة، المساحة بين اللاعبين وتبادل الاندفاع نحو الكرة، الحركة المحسوبة عبر الحنكة والتأمّل، المفاجأة وحبس النفس إلخ. التكتيك المتّبع متغيّر، والإشادة التي ينتظرها اللاعب من الجمهور مشروطة، تنتظر حركات الجسد واستقرار الكرة والانفعال في مساحة يكون فيها اللاعب محكوما بحيز مكاني ضيق في الأصل. هذا كله لا يجعل لاعب التنس مجرّد رياضي يؤدي بحركات بسيطة فيها قائمة على القوة البدنية والمرونة فحسب، بل يجعله مواجها للذات والجسد والخبرة، والاختزان الهائل للألم، حيث يغدو التعبير عن المشاعر والأخطاء مواجهة للنفس فقط، فإما التعويض أو الانهيار، فلا عرقلة، ولا أصوات أو شتائم نتيجة ردود الفعل باحتكاك الأجساد. إنها مواجهة النفس على مساحة من منافس بعيد، سيطرة على الذهن والآخر من خلال فهم حركته وقوته، والأهم أن يكون الآخر جزءا من الشخص نفسه. كل كرة مُرسلة هي رسالة نفسية أيضا، تتكرّر دون هوادة، لتصنع شعورا وإدراكا مختلفين، من الخوف وصولا إلى التيقّظ، والدفع بالإحباط في الخسارات التي قد تتالى في الأشواط،  لتسيطر على مخاوفك أولا من خلال قوتك، ثم استخدام ذاكرتك، والدافع الذي يلازمك لتحقيق النجاح.

EPA
أنس جابر من بطولة ويمبلدون للتنس في لندن، السبت 15 يوليو 2023.

مع كل هذا التعب، كان على أُنس في بداية أي بطولة أن تكون حاضرة الذهن، وقادرة على أن تدفع بكل هذا التركيز لتضيف معنى، مما جعل جمهور المباريات المتتالية يقف خلفها، ويجعل كل دمعة لها مسار تأويل مختلف ليس عنها كلاعبة تنس فحسب، بل كفرد وإنسانة تواجه مجتمعا عالميا رياضيا وإنسانيا في المطاف الأول والأخير.

تجاوزت أُنس البعد الرياضي التنافسي الاعتيادي، فما سِرها؟ ولماذا تتجاوز في شهرتها العالمية؟ كيف تسرد تجربتها دوما ما يبدو عاطفيا ووطنيا، كيف تُشكّل حضورها داخل مسرح اللعب لتزيح المتوّجين بالبطولة عن الكاميرا، ولماذا الجميع ينتظر ما ستقوله؟ 

سردية البطلة

المذيع: من سماكِ أُنس؟

 أُنس: جدي، لقد حلم بالاسم وقاله لوالدي.

 المذيع: لماذا؟

أُنس: لقد كان يسمع كثيرا "ليالي الأُنس في فيينا".

هذا ما تقوله أنس عن اسمها في إحدى المقابلات. كانت تلك أشبه بنبوءة مخبّأة من الجد، أن يكون الاسم لامعا. الأم دفعت نحو هذا أيضا، فوضعت المضرب في يدها مذ كانت في الثالثة من العمر، واصطحبتها معها إلى ملعب التنس، فالأم والأب مارسا اللعبة دون احتراف، ومنذ السادسة وُضعت أُنس في نادٍ محلي للعب التنس، وصولا إلى ناد رسمي وأكثر جدية للعمل على موهبتها، ومن حينها لم تترك المضرب. كان على التجربة ألا تتوقّف عند الحدود التونسية والأفريقية، فالعزم والشدة اللذان امتلكتهما أُنس، وتشجيع الوالدين لها، أوصلتها إلى بطولة الدوقات في فرنسا فأحرزت لقب البطولة. تحققت نبوءة الجد إذا.

أرسلت إلى المشاركة من تونس، ونجحت في المهمة. هذا الدافع بدأ يلتصق فيها، وبدأت سيرة البطلة تتشكّل باكرا،  وفي كل مرة لا تُزيح أُنس شيئا من تفاصيل تطورها، تملك سردا عاطفيا لبطولاتها التي تعاظمت شيئا فشيئا. هذه الصفة السردية التي تقولها دوما توكيد لبطولتها، سيرة متواضعة وأمينة تشكل فيها العائلة، والنادي الاحترافي الأول، مصدرها الداعم والحي.

 قدرة أنس على التفاعل مع هويتها وجذورها تنفتح على الآخرين بوصفها إبداعا وتأسيسا لأصالة في الشخصية المُلهمة 


أثناء النضج والرحلة الاحترافية ساعدها زوجها الرياضي التونسي في الوصول إلى حلمها بالعالمية. لم تحمل نبوءة الجد حظا يسيرا، بقدر ما كانت نبوءة ثقيلة. وصولها إلى أوروبا، أو الى الملاعب العالمية شهد الكثير من الخيبات والإصابات أقله عام 2023، حيث تعرّضت لإصابة في الركبة أتعبتها، وجعلت أداءها في بطولة فرنسا سيئا، وانسحابها من بطولة مدريد. في كل مرحلة من المراحل، تحمل أُنس وجهها الإنساني والعاطفي الذي يظهر في الملعب، فضلا عن جانبها البطولي في ملامسة الظلمة ثم العودة إلى النور.

وصولها في الخمس سنين الأخيرة إلى قائمة أفضل مئة محترفة في التنس كان تجربة فريدة، جعلتها أحيانا تُقصي المصنّفات بقسوة ومرونة وقوة، حملت خيبات مفاجئة، وإصابات بالغة الشدّة. الجانب الحاد والصعب في الوصول يظهر من تقديرها وتفانيها في أثناء الخسارة أو الفوز، قلّما تجد لاعبة تحتضن اللاعبة التي هزمتها بكل هذا الودّ أو العطف. أو حتى في أثناء خسارتها، لن توفر جملة عاطفية مؤثرة إلا وتلقيها على اللاعبة المنتصرة عليها. سردُها وتجاربها يجعلانها شخصا ذا نزعة إنسانية وتجربة اجتماعية وروحية فريدة، أكثر من كونها رياضية بالمعنى المجرد فقط. فهي تضفي ملمحا عاطفيا وعقلانيا على مسيرتها، نراه على مسرحَي حياتها والملعب، بداية من قصة الاسم والعلاقة مع أمها، إلى اللاعبين الصغار الذين يركضون نحوها في النادي الرياضي في حمّام سوسة  عام 2011 بعد فوزها في رولان غاروس. أليس لكل بطل عودة الى أرضه أيضا؟

AP

"أنا تونسية مئة في المئة" قالت أنس يوما، وهذه العودة في كل مرة تكون نحو ناديها وبلدها، ونحو أفريقيا والعرب أيضا. وصولا الى حركة جسدها العاطفية حينما تتصل جسديا باللاعبة المنافسة. جانب من شخصها وجسدها يكون عاطفيا بعنفوانية هائلة ووضوح جذاب. أسست أُنس منذ عشر سنين ما يُسمى المرجعية الاجتماعية، أهلها زوجها ثم الذين أيقظت مواهبهم في تونس ليمارسوا التنس، والذين أصبحوا بالآلاف تيمّنا بها. هذا الانتماء يبدو حيويا وملهما، ليس للمنطقة العربية والأفريقية فحسب، بل كوجهة عالمية، فقدرة أنس على التفاعل مع هويتها وجذورها تنفتح على الآخرين بوصفها إبداعا وتأسيسا لأصالة في الشخصية الملهمة والصانعة. في عام 2022 وضع فريق أُنس شعارا "يلا حبيبي" بالعربية على القمصان الرياضية الخاصة في المشاركة في بطولة أميركا المفتوحة للتنس، وفي بطولة برلين طلبت عبر ميكروفون الملعب، بعد فوزها في النصف نهائي من إدارة بطولة برلين، بعفوية وبابتسامة خجولة، وضع أغانٍ تونسية من أجل الجمهور التونسي الحاضر في الملعب. ولا ينسى أحد خطوات جسدها السريعة عام 2022 في بطولة برلين نحو اللاعبة السويسريةبليندا بنشيتش، فما إن أدركت أُنس فوزها نتيجة إصابة بليندا حتى ركضت نحوها، وهي تحمل صندوقها الخاص المليء بالثلج لإسعاف اللاعبة السويسرية، دون أن تحتفل بتجاوزها بليندا. ضبط الانفعال العاطفي بتجاوز بليندا، وإزاحة فرحة النصر من أجل الخصم، كان موقفا إنسانيا يتجاوز الرياضة والخصومة والرقم المجرد الذي يتحقق بالنقاط والفوز. وضع حساب رابطة اللاعبات المحترفات فيديو إسعاف أُنس لبليندا، وتحولت أُنس إلى ظاهرة عالمية بكل ما تملكه من مرجعية اجتماعية وثقافية تواصلية.تراكُم كل ما تفعله، أوصلها الى مسيرة بطولية، وكل المراحل والنجاحات والإخفاقات حملت طابعا خاصا لها.

   في كل مرحلة من المراحل، تحمل أُنس وجهها الإنساني والعاطفي الذي يظهر في الملعب، فضلا عن جانبها البطولي في ملامسة الظلمة ثم العودة إلى النور


في أثناء الرحلة الطويلة لنيل أول لقب فردي للفتيات في رولان غاروس عام 2011 كان كل شيء يتشكل، بما في ذلك انتظار الجمهور لولادة بطلة. توالت الكؤوس الفردية، ثلاثة ألقاب كبرى برمنغهام كلاسيك 2021 فازت بأكبر لقب لها، مدريد للماسترز 2022 وبطولة برلين 2022،وصولا الى حلم بطولة الغراند سلام، التعب الذهني وحجم الاستعداد يزداد، والتجربة والمشاركات تزداد أيضا، في حلم تحقيق البطولات الكبرى يتغيّر كل شيء، الغراند سلام هي التجربة العظيمة في المهنة، التي لم تكن يوما سهلة. الخسارة للسنة الثانية في ويمبلدون ملهمة أيضا. المسؤولية التي تحملها أُنس، تزيد  من ثقل التجربة، التعب الهائل الذي سيطر عليها، وتجاوز الإصابات يُصعّب المهمة. هذا التعب في رياضة التنس علينا تقديره لأنه يُختزن ويفرّغ في وقت قصير، وبُعده الذهني يتجاوز البدني ويقيّده. 

الاوسترالي آندي موراي خسر 4 نهائيات كبرى قبل أن يحقق لقبه الأول عام 2012، ويبدو أن وعد أُنس بعد النهائي الثاني في العودة ملهم أيضا. بدأ التحدي الشخصي يزداد، وهو يحمل ثقلا معنويا، من انشغالها في قيادة حلمها، وهي تضع عليه ثقل النساء العربيات والأفريقيات. حجم المسؤولية هو ما يجعلها بطلة لأن أثرها ينجح. طبيعة انشغالاتها وتمثيلها الاجتماعي والثقافي يزدادان ويأخذان حيزا عالميا. انتظار العالم لتجربتها التي لم تنتهِ. تقود أُنس ما يتجاوز الرياضي، في سلوكها، على الرغم من أنها ليست مؤسسة، إلا أن دورها وظهورها الرياضي والمشهدي بدآ يشكلان بعدا لشكل الشخصية الرياضية العربية التونسية بطريقة لم يشهدها العرب قبلها. وعلى الرغم من وجود رياضيين عرب على أعلى مستوى رياضي، إلا أن الأثر الثقافي لأُنس يبدو أكثر إشراقا وتفاعلا وإلهاما، وذلك بسبب المواقف الكثيرة وطبيعة الشخصية، واستخدام أنس السردي لتجربتها، وممارسة لعبة تعتبر من أصعب الألعاب على المستوى الذهني والرياضي والتقني. هذا كله يضعها في منزلة مختلفة عن لاعبي كرة القدم والألعاب الفردية الأخرى. طابع ذهني حيوي، وبُعد عاطفي بمرجعية عائلية ووطنية، حوّلاها إلى أيقونة على مستوى السلوك والرياضة، من العائلة الداعمة إلى الوطن الذي احتواها وجعلها مثالا للنجاح والإلهام.

  AP
أنس جابر من بطولة ويمبلدون للتنس في لندن، السبت 15 يوليو 2023.

ما سيكون فريدا في شخصيتها، تكوينها كأصل، على الرغم من تجارب عربية جيدة على مستوى الاحتراف الدولي، إلا أنها في انجازاتها ووصولها الى أعلى المراتب في البطولات جعلت الأصل والإنجاز الأول عربيا في لعبة التنس، وكل حالم عربي وأفريقي سيقف أمام تجربتها مجذوبا ومعجبا. أما انخراطُها في إلهام النساء فهو إلهام للجميع ليأخذ دوره أيضا في ألا يكون رياضيا وحسب، بل في أن يكون متمركزا بصراعه مع جسده وذهنه للنجاح اجتماعيا وثقافيا، أي تضخيم الدور الخاص للتجربة لتصبح عالمية وعاطفية وملهمة في وقت واحد. جرأتها وتصميمها وضعا تونس والعرب في غمار التجربة التي بدت أحيانا مستحيلة. سيرتها كبطلة وشخصية لم تنتهِ بعد. وعدُها الوافر بالدمع بالعودة في المواسم المقبلة، حرب ضد إحباطٍ قد يصيبها بعد خسارات متتالية. عبر هاتفها الخاص صورة لدرع بطولة ويمبلدون، فهي تنتظر ونحن أيضا، وخسارتها الأخيرة كانت يقظة لإبقاء الحلم. إلى وقت طويل ستُذكر أُنس كأول عربية تصل إلى ما وصلت إليه في لغة الأرقام، لكنها ستكون أيضا مدار اهتمام اللاعبين العرب والأفارقة بالأصالة والحضور. التأمّل في سيرة التعب والجهد، وفي لغة الأرقام أيضا، يبدو مفيدا، لكن السيرة الأصدق لفهم أثرها العالمي هي التواصل مع سيرتها ومقاطعها المصورة، والانطباعات التي يمكن مشاهدتها عبر مقابلاتها أو في موجزاتها الصحافية، ثم التفكير في الصعوبات التي مرّت بها، أي ما يكون البطل فيه خارج سياق انتصاراته التي يُتوّج فيها فقط داخل الملعب، بل ما وصل إليه وكيف تكون لكل بطلة سيرة مركّبة، حيث الجانب الأكثر نجاحا يكون في الأثر. 


 

font change

مقالات ذات صلة