صناعة الدراما وأزمة النصوص... أين الأدب العربي؟

ازدهار روائي يوازيه تراجع في مستوى المسلسلات

Hassan Moharam
Hassan Moharam

صناعة الدراما وأزمة النصوص... أين الأدب العربي؟

في السنوات الأخيرة، يتحدث نقاد وخبراء ومهتمون بالفن عن أزمة نصوص تعيشها الدراما العربية. وتعود هذه الأزمة إلى التداول بقوة في النقاشات، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، في معرض تقييم الأعمال الدرامية التي تقدم بغزارة خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، وتظل متداولة شهورا بعد ذلك.

تلقي هذه الأزمة بظلالها على الهوية الثقافية للسوق الدرامية العربية. ضعف النصوص وركاكتها يضيعان الجوهر النبيل للأعمال الدرامية ويحولانها من صناعة ورسالة الى استهلاك وأرباح فقط. ذلك أن النصوص المتينة والمسبوكة بعناية هي التي تمنح هوية مميزة للعمل وللسوق الدرامية التي ينطلق منها. من أهل الفن أو الكار، ثمة من ينحو باللائمة على الذائقة الفنية للمشاهدين كدليل على الانحدار الفكري. وهذا في حدّ ذاته يعكس أزمة ثقافية عميقة.

لا ريب أن هناك أزمة نصوص، لكن هل حقا هناك أزمة ثقافية، أم فجوة بين صنّاع الدراما والأوساط الأدبية؟ وما تأثير ذلك على الهوية الثقافية العربية؟ وما دور شبكات التواصل والأجيال الناشئة؟

أثار مسلسل "النار بالنار" الذي عرض أخيرا الكثير من الجدال بسبب قصته، والخلاف العلني بين المخرج محمد عبد العزيز والمؤلف رامي كوسا، بسبب تعديلات الأول على النص، والمنحى الدرامي الذي ذهب اليه العمل، وصبّت أغلب تعليقات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي ضده.

إن نجوم الفن العربي الذين لم تنجح أعمالهم في مقارعة نظيرتها التركية هم أنفسهم يمثلون النسخ المعربة منها، فلماذا نجحت هذه وفشلت تلك؟

يدافع عبد العزيز عن نفسه وعن عمله في تصريحات إعلامية بالحديث عن أزمة إبداع، "فالكتاب الذين يستطيعون تحويل مخزونهم الفكري الى مشهد بصري هم قليلون جدا". يتفق معه العديد من الكتاب والكاتبات العرب الذين يعتبرون أن أزمة النصوص هي ظاهرة متفشية في العالم لأن نسبة الكتاب المبدعين قليلة جدا. ما الحل إذا؟

البديل بالنسبة إلى شركات الإنتاج كان اللجوء الى ورش الكتابة التي تضم كتابا عدة، وهو نمط جديد بدأ يشيع في العقد الأخير، مستورد من سوق الدراما التركية، ويتصف بكونه أسرع إنتاجا وأقل تكلفة. وقد دفع الرواج الكبير للأعمال الدرامية التركية في العالم العربي بمجموعة "إم بي سي" الى إبرام شراكة مع شركتي الإنتاج التركيتين "Medyapım" و "Ay Yapım" لإنتاج عدد من المسلسلات التركية بمحتوى عربي أصلي، على أن تعرض حصريا على "إم بي سي" ومنصة "شاهد".

كانت البداية مع مسلسل "عروس إسطنبول" الذي عُرّب ليصبح "عروس بيروت"، وانطلق عرضه في سبتمبر/أيلول 2019، واستمر الى مارس/ آذار 2022 في ثلاثة أجزاء بمجموع حلقات بلغ 220 حلقة. اللافت أن العمل بنسخته المعربة حقق شعبية ضخمة بين المتابعين تفوق الأصلية، مترجمة أو مدبلجة للعربية. الأمر الذي زاد حجم التهافت على تعريب الأعمال التركية، إلى اليوم، عرض ثلاثة منها، وواحد انطلق عرضه أخيرا، واثنان آخران قيد الإنتاج حاليا.

اللافت أن جميع هذه المسلسلات نجح في تحقيق نسب مشاهدات عالية، وحظي بتفاعلات كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي. حتى إن الكثير من مشاهدها تصدر الترند مرات ومرات. لكنها تعرضت الى الانتقاد خصوصا في ما يتعلق بالنصوص.

ينحو البعض باللائمة على مجموعة "إم بي سي" في إغراق السوق الدرامية العربية بالأعمال التركية المعرّبة لكونها الجهة المنتجة. لكن التدقيق في ما تقدمه المجموعة على قنواتها، ولا سيما عبر منصة "شاهد"، يبين أنها تقدم محتوى شديد التنوع من مسلسلات وأفلام، وتنتج وتعرض أعمالا من كل أقطار العالم العربي. ويندرج ذلك ضمن حرص المجموعة على التجدد ومواكبة التحولات والتطورات الهائلة في المشهد البصري وعوالمه الجديدة وخاصة المنصات، وسعيها الدائم الى جذب الجمهور العربي بجميع أطيافه وشرائحه العمرية ولهجاته وأهوائه وتفضيلاته.

Synergy films
"كيرة والجن"

وهذا ما مكّنها من تصدر السوق العربية حسبما تشير الأرقام في مواجهة منصات عالمية شهيرة. فإذا ما عدنا قليلا الى الوراء، وجدنا أن منصة "نتفليكس" تصدرت اهتمامات المشاهدين العرب في السنوات الأخيرة، الى أن قامت مجموعة "إم بي سي" بإعادة تجديد وإطلاق منصة "شاهد" عام 2020، التي انطلقت رسميا عام 2008. خلال سنة واحدة ازداد عدد مشتركي المنصة بنحو 10 أضعاف. ونجحت في مخاطبة أذواق العرب، ليس في العالم العربي فحسب، بل أيضا في المهاجر، وخاصة المقيمين في أميركا وكندا.

 

الأمية الثقافية

لماذا ينجح مسلسل تركي، مترجما أو مدبلجا أو معربا، في التفوق على عشرات الأعمال العربية؟ أكثر من ذلك، إن نجوم الفن العربي الذين لم تنجح أعمالهم في مقارعة نظيرتها التركية هم أنفسهم من يمثلون النسخ المعربة منها، فلماذا نجحت هذه وفشلت تلك، علما أن الإنتاج الأدبي العربي يوحي بالعكس تماما حيث تلاحظ غزارة الإنتاج الأدبي وتنوّعه. إذن، لماذا ابتعدت الدراما العربية عن الأدب والرواية؟

يستخدم صنّاع الدراما معزوفة "ما يطلبه الجمهور" لتبرير ابتعادهم عن الأدب. ذلك مردّه بحسبهم إلى الأمية الثقافية المنتشرة لدى الجمهور العربي. لكن الانحدار الفكري والمعرفي في عدد من الأعمال الفنية في السنوات والعقود الماضية يعبر حقيقة عن ضعف المخزون الثقافي والفكري لصنّاع المشهد الدرامي أنفسهم من شركات إنتاج ومخرجين وحتى ممثلين. من دون إغفال دور مقص الرقيب القاسي في الحدّ من القدرة على الإبداع. بيد أن ذلك لا يلغي حقيقة أن الجمهور العربي يشكل قاعدة واسعة ومتنوعة الأذواق، ولا يمكن أن يكون محصورا فقط في فئة تميل الى الأعمال السطحية.

تنبغي إعادة الاعتبار الى الأدب والروايات في صناعة الدراما العربية، والعمل على تقليص الفجوة الموجودة بينهما وصولا الى إزالتها، ولا سيما أن المجال الأدبي رحب ويزخر بالكثير من المواهب


مع ذلك، فإن الأدب هو الذي يترك أثرا في الذاكرة، وقد يؤدّي الى تغيير الناس والمجتمعات، في حين أن الدراما عابرة ينتهي أثرها بانتهاء عرضها، وإن كان الجيل الصاعد هو الأكثر تأثرا بهذا المستوى من التسطيح والسيولة. من هذا المنطلق، ينبغي إعادة الاعتبار الى الأدب والروايات في صناعة الدراما العربية، والعمل على تقليص الفجوة القائمة بينهما وصولا إلى إزالتها، ولا سيما أن المجال الأدبي رحب ويزخر بالكثير من المواهب التي تتفتح مثل البراعم التي تنبت على أرض قاسية ومعقّدة.

 

طفرة المواهب: الشابة سارة مثلا

من المواهب البارزة نذكر الشابة الجزائرية سارة ريفانس التي اعتبرت ظاهرة عالمية، وتبلغ من العمر 24 عاما، واسمها الأصلي سارة براهيمي. اللافت أن سارة موظفة إدارية في إحدى المؤسسات الرياضية في الجزائر العاصمة، وبعيدة عن عالم الأدب. لكن ذلك لم يحد من شغفها وطموحها، فهي بعد أن تنهي عملها كانت تنزوي في بيتها وتتفرّغ للكتابة باللغة الفرنسية. وعلى الرغم من أنها تعيش بعيدا عن النجومية، استطاعت أن تصل إلى العالمية من وسط لا يقرأ لها، بفضل سحر الإنترنت وشبكات التواصل.

أطلقت سارة روايتها الأولى عام 2019 عبر منصة "واتباد" المتخصصة في نشر الروايات الإلكترونية مجانا، وحصدت مئات الآلاف من القراء. ثم حظيت بشهرة أسطورية عقب نشر روايتها الثانية "الرهينة" في أغسطس/آب 2022، التي حققت ما يتجاوز 9 ملايين قراءة. أصدرت الجزء الثاني منها في يناير/كانون الثاني 2023، فحققت نحو 8 ملايين قراءة على المنصة نفسها، الأمر الذي جذب اليها أنظار دار النشر الفرنسية الشهيرة "هاشيت" التي نشرت الرواية في جزءيها باللغة الفرنسية، لتتصدر مبيعات الكتب ضمن كل التصنيفات في فرنسا، وتترجم الى 9 لغات، ويتجاوز مجموع مبيعاتها 3.5 مليون يورو في فرنسا وحدها. وذلك على الرغم من تزامن صدورها مع إصدارات مهمة مثل رواية "الصمت والغضب" للروائي الفرنسي الشهير بيار لوماتر، ومذكرات الأمير هاري.

سارة أحدثت ما يمكن اعتباره زلزالا حقيقيا في المشهد الأدبي الفرنسي، واعتبرتها الصحافة الفرنسية إحدى عجائب الزمن، ليس لأنها حطمت أرقاما قياسية في المبيعات والانتشار الرقمي فقط، بل لأنها "بارقة تعيد الأمل في جيل الألفية الثالثة الذي يوصف بأنه مدمن على الشاشات وغير قادر على  فتح الكتب". التعبير هنا لإذاعة "فرانس إنتر"، بعد انتشار صور الشبان والشابات المصطفين في طوابير طويلة للحصول على توقيع سارة، أو صورة للذكرى عندما زارت فرنسا منذ أشهر قليلة.

يعتبر الكاتب والروائي الجزائري واسيني الأعرج أن "الرهينة" في جزءيها "تنتمي الى أدب المنصات، ومن نوع الرومنطيقية السوداء. وهذا النوع من الأدب حرّ في لغته ولا رقابة عليه مطلقا إن كان في الوقائع أو الأحداث أو اللغة". بحسب الأعرج فإن "المادة الأدبية المتعلقة بقضايا اجتماعية معاصرة، مثل تعدّدية العلاقات والاغتصاب والمخدرات والعنف المرضي، تجذب الشباب"، وهذا ما برعت فيه سارة التي وضعت كل ذلك في "نظام قصصي محكم وسردية سلسة بلا تعقيدات لغوية".

وطالما أن رواية "الرهينة" في جزءيها حققت هذه الشهرة الأسطورية، فلماذا لا تحوَّل الى عمل درامي بعد إجراء معالجة لها من أجل تنقيحها لغويا واجتماعيا على يد الكاتبة نفسها؟

 

تجارب ناجحة 

ثمة العديد من الأعمال الأدبية تحول إلى مسلسلات أو أفلام وحظي بنجاح كبير. منها رواية "ساق البامبو" للروائي الكويتي الشاب سعود السنعوسي، الحاصلة على الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" عام 2013، والتي حوّلت إلى مسلسل بالاسم نفسه عام 2016 تصدّر نسب المشاهدات وبفارق كبير عن باقي المسلسلات، على الرغم من قرار السلطات الرقابية الكويتية منع تصويره وعرضه في الكويت، مما زاد فضول الجماهير لمتابعته. ذلك أن الرواية استثنائية في جرأتها حيث ناقشت قضايا ساخنة من أزمة الهوية لمن يطلق عليهم "البدون" إلى وضع العمالة، وصولا الى تخبط الفرد بحثا عن اسم ووطن وحقوق.

Saud Alsanousi
الروائي الكويتي الشاب سعود السنعوسي

كذلك لدينا عشرات الأعمال المصرية المقتبسة من روايات حققت نجاحا هائلا. نذكر منها العمل الخالد "لن أعيش في جلباب أبي" المقتبس من رواية بالاسم نفسه للأديب المصري الشهير إحسان عبد القدوس، والذي لا تزال تعرض عشرات المقاطع القصيرة منه على شبكات التواصل الاجتماعي وتلقى رواجا كبيرا. وأيضا مسلسل "حديث الصباح والمساء" المقتبس من رواية بالاسم نفسه للأديب المصري العالمي نجيب محفوظ. وكذلك مسلسل "ما وراء الطبيعة" وهو عمل درامي مبني على سلسلة بالاسم نفسه من فئة الرعب والغموض للكاتب والروائي المصري المعروف أحمد خالد توفيق.

هذا الأخير كان من إنتاج "نتفليكس" وعرض عام 2020 وهو الإنتاج الأول للمنصة العالمية الشهيرة في مصر، ويتألف من 6 حلقات تمثل كل واحدة منها قصة أو رواية من هذه السلسلة، وتوالى على إعداد السيناريو لها 4 كتاب سيناريو. ونال العمل عند عرضه إشادات واسعة من الجمهور، وتصدّر محركات البحث. ودبلجت "نتفليكس" العمل الى 9 لغات، مع إعداد نسخة صوتية باللغة العربية لضعاف البصر والمكفوفين. فضلا عن أعمال أخرى مقتبسة من روايات حقّقت نجاحات جماهيرية كبيرة عند عرضها، الأمر الذي كان يجب أن يدفع بصناع الدراما إلى التركيز على هذه الثيمة. لكن من المؤسف أن "نتفليكس" هي التي فعلت ذلك في السنوات الأخيرة.

إذا كان صناع الدراما في مصر قد أهملوا الإنتاج الأدبي في السنوات الأخيرة، فإن ذلك لم يسرِ تماما على صناعة الأفلام، حيث شهدنا أعمالا عدة ناجحة جدا على الرغم من تراجع الإقبال على دور السينما

ويحسب لـ"نتفليكس" إدخالها منتج العمل المؤلف من بضع حلقات إلى السوق الدرامية العربية، والتركية أيضا. بذلك استطاعت أن تحفر مكانة خاصة لأعمالها التي تعدّ منتجا وسيطا ما بين الأفلام والمسلسلات الثلاثينية الحلقات، التي غالبا ما تتصف بالتطويل الباعث على الملل. ولعل هذا النجاح هو ما دفع بصنّاع الدراما في مصر إلى اعتماد المنتج الدرامي الوسيط في الموسم الرمضاني المنقضي، حيث شهدنا أعمالا مؤلفة من 15 حلقة، كان من بينها "نحو الوصاية" للفنانة منى زكي الذي حصد نجاحا جماهيريا، وخلق تفاعلا إيجابيا على شبكات التواصل، وداخل أروقة البرلمان المصري.

 

وفي قطاع الأفلام أيضا

وإذا كان صنّاع الدراما في مصر قد أهملوا الإنتاج الأدبي في السنوات الأخيرة، فإن ذلك لم يسرِ تماما على صناعة الأفلام، حيث شهدنا أعمالا ناجحة جدا على الصعيد الجماهيري على الرغم من تراجع الإقبال بصفة عامة على دور السينما لصالح دراما التلفزيونات والمنصات. وقد برز في هذا الإطار الروائي المصري الشاب أحمد مراد الذي يعتبر من أكثر الكتاب الذين ذاع صيتهم في الفترة الحديثة، إذ حازت رواياته التي تنتمي إلى نمط الإثارة والتشويق إقبال الآلاف وخاصة الشباب، واحتلّ بعضها مركز الأعلى مبيعا في سوق الكتب المصرية.

لذا حوّل عدد منها إلى أفلام حققت نجاحا جماهيريا كبيرا. نذكر منها: "الفيل الأزرق" في جزءيه الأول (2014) والثاني (2019)، "تراب الماس" (2018)، "الأصليين" (2017)، "كيرة والجن" (2022). والأخير حقق نجاحا هائلا وتصدر إيرادات السينما في مصر، كما حظي بتفاعل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي.

لكن اللافت أن أول أعمال أحمد مراد التي اقتبست لم تكن في سوق الأفلام إنما في الدراما، حيث جرى تحويل روايته "فيرتيجو" الى مسلسل بالاسم نفسه، عرض عام 2012 ولقي نجاحا جماهيريا جيدا. مع ذلك ابتعد صنّاع الدراما عن روايات أحمد مراد في حين تلقفه صنّاع الأفلام ليشكل ثنائيا ناجحا مع المخرج الشاب مروان حامد، الذي عهد إليه كتابة وإعداد السيناريو في جميع الأفلام التي ذكرناها. وهذا النجاح ينبغي أن يشكل حافزا لصنّاع الدراما للعودة الى الأدب، وكذلك للاستعانة بالروائيين أنفسهم في كتابة السيناريو.

Synergy films
"كيرة والجن"

فأحد أسرار نجاح الأعمال الدرامية الخالدة في الذاكرتين المصرية والعربية كان السيناريست، مثل مصطفى محرم في "لن أعيش في جلباب أبي"، ومريم نعوم التي تعد من أبرز السيناريست في مصر في الوقت الحالي ولديها في رصيدها 3 تجارب ناجحة في هذا المضمار.

السيناريست كان العنصر المفقود في مسلسل "سرّه باتع" الذي عرض في الموسم الرمضاني المنصرم بإنتاج هائل جدا ومشاركة عدد كبير من نجوم الفن في مصر. فعلى الرغم من أن العمل مقتبس من رواية بالاسم نفسه للأديب المصري يوسف إدريس، إلا أنه تعرض لانتقادات واسعة بسبب الأخطاء والسقطات التاريخية. وهذا عائد الى أن مخرج العمل خالد يوسف هو من تولى القيام بالمعالجة الدرامية وإعداد السيناريو، ولم يوفق في تقديم الرواية بالحلة المناسبة.

 

السوق الأدبية الملهمة

الانتقادات التي طالت "سرّه باتع" كما "رسالة الإمام" عن سيرة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، يجب ألا تدفع بصناع الدراما إلى صرف النظر عن الأدب والتاريخ والإرث الثقافي كثيمات درامية، بل يجب أن تدفعهم إلى العودة إلى القواعد الأصلية للعمل بأن "يوسد الأمر لأهله"، أي للروائي نفسه أو لكتّاب بارعين، ولا سيما مع غزارة الإنتاج الأدبي الذي يشهده العالم العربي في السنوات الأخيرة، مع الحرص على مواكبة أدب الشباب وشبكات التواصل التي باتت رقيبا وناقدا، وتشكل قوة تأثير لا يمكن الاستهانة بها.

إن المجال الأدبي العربي رحب وشديد التنوع، وذلك عائد إلى وفرة المواهب خصوصا الشبابية، والدعم الكبير الذي تقدّمه جهات رسمية في عدد من الدول للثقافة وصناعة الأدب. فلدينا جائزة "كتارا" للثقافة العربية في قطر، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، والجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" في أبوظبي  وهي الأبرز، وجائزة نجيب محفوظ في مصر، وجائزة الملتقى للقصة القصيرة، وجائزة الطيب صالح العالمية في السودان.

تركز هذه الجوائز كلها على الإبداع وعلى تشجيع الثقافة والأدب، وعلى دعم المواهب الجديدة من الجنسين في عالم الكتابة والرواية. وهذا ما يطرح أمام صنّاع الدراما فرصا كثيرة لاستثمار هذا المخزون الأدبي الكبير بهدف تقديم محتوى متميز يمنح الدراما العربية الناشئة هوية ثقافية جديدة أكثر عمقا وإبداعا وتجددا وريادة.

font change

مقالات ذات صلة