تجدّدت المعارك في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان رغم مساعي تهدئة تقودها حركتا "فتح" و "حماس". وأدّى تجدد المعارك لسقوط سبعة قتلى، لترتفع بذلك حصيلة المواجهات المتواصلة بشكل متقطع منذ أسبوع الى 16 قتيلاً.
تزامن هذا مع الذكرى الثلاثين لاتفاق اوسلو بين رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" ياسر عرفات واسرائيل في 13 سبتمبر/أيلول.
يوم الاثنين، تم الإعلان عن وقف إطلاق نار جديد في المخيم، ذلك عقب اجتماع دعا إليه مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء إلياس البيسري، ضم ممثلي الفصائل وعزام الأحم موفد الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي الوقت الذي كان يجري فيه الاجتماع، كانت سماء المخيم تمطر رصاصا وقذائف صاروخية طالت كثيرا من الأماكن خارج جغرافيا المخيم. ومع ذلك فقد هدأت المعارك وعاش المخيم الذي يطلق عليه "عاصمة الشتات الفلسطيني" في لبنان ليلة هادئة نسبيا، خرقتها أصوات عدد من القنابل.
وقف إطلاق النار هذا ليس الأول من نوعه، ولم يصمد طويلا في ظل معطيات التي تشير إلى إمكانية عودة القتال من جديد، لا بل إن هناك بعض المعلومات التي تشير إلى احتمال تمدد رقعة الاشتباك إلى مخيمات أخرى. في الشكل العام، فإن الاشتباكات تدور بين مقاتلي حركة "فتح" من جهة، ومقاتلين ينتمون إلى تنظيمات إسلامية فلسطينية متشددة. أما في المضمون، فالقتال بين الشرعية الفلسطينية، وتنظيمات متحالفة مع "حزب الله" ومحور "الممانعة" تسعى للتخلص من حركة فتح، والسيطرة على مخيمات الشتات الفلسطيني، وذلك بهدف تحويلها إلى ورقة للاستخدام السياسي.
ولا تنفصل المعارك في عين الحلوة عما يجري داخل الأراضي الفلسطينية من محاولة إنهاك الشرعية وحركة فتح في صراعات بينية مع أبناء المدن والمخيمات. والمستفيد النهائي من كل ما يحصل هو "حزب الله" الذي يسعى للإمساك بكامل الورقة الفلسطينية تحقيقا للهدف الذي أعلن عنه أمينه العام حسن نصرالله غير مرة، وعدد من قياداته، وهو وحدة الساحات، ولا سيما بعد أن آل إليه ملف تنظيمات محور "الممانعة" في الساحة الفلسطينية وجوارها، عقب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني. حتى إن الحزب يعمل حاليا على إنشاء تنظيم جديد في لبنان يحمل اسم "شباب وحدة الساحات" كي يحل مكان تنظيم "سرايا المقاومة" الذي استخدمه لبث الرعب وإدامة القلق في مناطق الكثافة السنية لنحو عقدين من الزمن.
ضغوط "حزب الله"
وكانت الاشتباكات التي عادت وتجددت في الأيام الماضية بمخيم عين الحلوة أدت إلى مقتل 8 أشخاص معظهم من المدنيين، لبنانيين وفلسطينيين، وجرح نحو 140 شخصا، ونزوح عشرات العوائل. وتشير المعلومات إلى أن بين القتلى واحدا من المتهمين الإسلاميين الثمانية باغتيال قائد قوات الأمن الفلسطيني في عين الحلوة العميد أبو أشرف العرموشي في 30 يوليو/تموز الماضي.
وهؤلاء الثمانية هم الذين توصلت تحقيقات اللجنة الخاصة التي تولت التحقيق في القضية إلى تحديدهم، وجرى الاتفاق بين ممثلي الفصائل تحت إشراف السفارة الفلسطينية في بيروت وبرعاية الأمن اللبناني على تسليمهم إلى القضاء في لبنان. بيد أن الاتفاق لم ينفذ بسبب رفض الإسلاميين، وهو ما تسبب في إشعال فتيل المرحلة الثانية من القتال.
والجديد في هذه المرحلة هو دخول تنظيمات إسلامية جديدة على خط قتال "فتح"، مثل "عصبة الأنصار" الأصولية، والحركة الإسلامية المجاهدة، وذلك ردا على منع الجيش اللبناني قياداتهما من الخروج من المخيم. فضلا عن معلومات من مصادر أمنية وعسكرية لبنانية تشير إلى أن بعض الأطراف الفلسطينية مثل حركة حماس تلعب أدوارا مزدوجة، وذلك من خلال مشاركتها في مفاوضات التهدئة، في الوقت الذي يشارك فيه مقاتلوها في المعارك إلى جانب الإسلاميين ضد حركة فتح.