ينطوي عام 2023 في فرنسا على حدثين لافتين وهما إقرار قانون جديد للهجرة مطابق لنهج يميني متشدد، واستكمال انسحاب القوات الفرنسية من النيجر وإغلاق السفارة الفرنسية في نيامي. ويضاف ذلك إلى سلسلة نكسات تعرض لها طوال هذا العام الرئيس إيمانويل ماكرون الذي كان يراهن على سنة مميزة في ولايته الثانية، خاصة أن ولايته الأولى (2017-2022) لم يبق منها عمليا إلا ذكريات أزمتي السترات الصفراء، و"كوفيد-19". والأدهى استمرار تراجع شعبية الرئيس الفرنسي وتلازم ذلك مع وهن نفوذ فرنسا العالمي، مما يدلل على انعكاسات الاضطراب السياسي الفرنسي في أكثر من مكان.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، كان لدى إيمانويل ماكرون ثلاث أولويات في برنامجه: إصلاح أنظمة التقاعد، وإقرار قانون جديد للهجرة، وتعزيز صورة فرنسا على المستوى الدولي. ومن الواضح أنه لم يتمكن من تحقيق أي إنجاز ملموس أو أي نقلة نوعية في هذه المجالات.
ترسيخ وتعميق التصدع الفرنسي
ومما لا شك فيه أن إخفاقات الحكومة على الصعيد الداخلي تعود بنسبة كبيرة منها لعدم تمتع الرئيس إيمانويل ماكرون بأكثرية مطلقة في الجمعية الوطنية، مما تطلب تمرير الكثير من القوانين وفق الفقرة الثالتة من المادة 49 من الدستور عبر طرح الثقة كوسيلة استثنائية لإقرار القوانين.