مدينة الخيال

مدينة الخيال

تخوض المملكة العربية السعودية غمار تحد عُمراني وعلمي فريد، وذلك عبر إطلاق مشروع "مدينة الخيال العلمي للفضاء" في أرض جامعة الطائف، في بداية رحلة جريئة نحو تطوير المستقبل، بتكلفة إجمالية رُصِدت للمشروع بقيمة 20 مليار ريال وبالشراكة مع شركات صينية وكورية عملاقة.

ستقدم هذه المدينة مفهوما متكاملا يجمع بين الترفيه والعِلم والخيال، ويهدف إلى إلهام الأجيال المقبلة وربطها بعلوم الفضاء التي تعدّ محل دراساتهم وبحوثهم المستقبلية. ويندرج هذا المشروع الشمولي ضمن استراتيجية متعمقة لدعم الناتج المحلي ودفع عجلة التنمية في المملكة.

هذه المدينة المتكاملة المستوحاة من كوكب المريخ ستكون نموذجا فريدا من نوعه، تمكن الإنسان من اكتشاف العالم الخارجي وخوض مغامرة تنقله إلى كوكب آخر. ويمتلك هذا المشروع قدرات هائلة على تغيير الواقع في المنطقة بشكل جذري، حيث سيشمل جملة من المبادرات الطموحة التي ستعزز سوق السياحة العلمية وتوفر فرص عمل محلية وتنقل الخبرات العالمية إلى السعودية. ومن جملة هذه المبادرات، إقامة منتجعات سياحية فاخرة، وإنشاء مركز طوارئ يتوقع أن يكون مقره الرئيسي بمدينة جدة.

سيساهم المشروع بقوة في جذب استثمارات جديدة، ويشكل مجالا لتطبيق وتجربة تقنيات الطاقة النظيفة

ومن المتوقع أن يلعب هذا المشروع دورا كبيرا في ارتفاع عدد مراكز البحث العلمي، مع إبراز التزامه بالتطور والتقدم في مجالات عديدة تسهّل تحليل النظريات والأفكار المثيرة لفضول الإنسان وتحديدا حول كوكب المريخ الذي أثبت الكثير من الدراسات شبهه الكبير بالأرض، إضافة إلى عددٍ من مفاهيم الخيال العلمي المثيرة للاستكشاف وقراءة ما يمكن أن يكون عليه المستقبل ولو عبر التخييل.

من جهة أخرى، سيساهم المشروع بقوة في جذب استثمارات جديدة، ويشكل مجالا لتطبيق وتجربة تقنيات الطاقة النظيفة، مما يتناغم مع التوجهات العالمية الحالية نحو مواجهة التغير المناخي. فهو يشجع على استخدام التكنولوجيا الذكية في إدارة المدينة وتحسين تجربة المقيمين والزوار، مما يدفع قدما بتطوير الخدمات العامة وتحقيق مكان استثنائي ورحلة تخييلية إلى الفضاء. يأتي هذا المشروع ليكون محط جذب للمستثمرين على الصعيدين الوطني والعالمي، حيث يتضمن تنوعا وعددا كبيرا من المشاريع التي تخدم شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية المعتمدة في المقام الأول على تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي.

أما على الصعيد الفني، فيمكن أن تكون المدينة موطنا لعدد من الأفلام السينمائية والإنتاجات الفنية، نظرا لتصميمها الفريد المستوحى من عالم الفضاء، مما يجعلها مكانا مثاليا لإخراج الأفلام الخيالية، وفرصة لمنح هيئة الأفلام السعودية شراكة قوية مع شركات الإنتاج السينمائي المؤثرة.

تحقق هذه المدينة الفريدة الريادة في مجالات العلم القائم على الخيال، وتحفيز الإلهام في مختلف العلوم والفنون

أما في مجال التعليم فيمكن تأسيس كلية متخصصة في علوم الفضاء، توفر برامج تعليمية وبحثية متطورة، تساهم في تطوير قدرات الشباب السعودي وتعزز المعرفة العلمية التخصصية كالفيزياء الكونية، ودراسة الأجرام السماوية وغيرها بعد أن كان قسم علوم الفلك والفضاء بجامعة الملك عبدالعزيز الذي افتتح في عام 1976 كشعبة ضمن قسم الفيزياء، هو الجهة شبه الوحيدة في العناية بهذا المجال.

تحقق هذه المدينة الفريدة الريادة في مجالات العلم القائم على الخيال، وتحفيز الإلهام في مختلف العلوم والفنون. وبناء على ذلك، يحدونا الأمل بأن يكون هذا المشروع بوابة لغد مشرق، حيث يعمل على بناء القدرات المعرفية، وقد يهيئ فرصا كبرى أقل تكلفة للسفر إلى الفضاء.

من هذا المنطلق، يمكن القول إن مدينة الخيال هذه ستكون رمزا للتطور، وتجسيدا للعمل الدؤوب. بل وستلعب دورا حاسما في تغيير وجه المملكة وإحداث تحول إيجابي في المنطقة برمتها.

font change