القصة الكاملة لشريحة "ماسك" الدماغية... من قنديل البحر إلى ما بعد الإنسانية

أمل جديد لمرضى الأعصاب وقدرتهم على التواصل ومخاوف من اختراق الخصوصية

Sara Gironi Carnevale
Sara Gironi Carnevale

القصة الكاملة لشريحة "ماسك" الدماغية... من قنديل البحر إلى ما بعد الإنسانية

في أواخر الشهر المنصرم، أعلن الملياردير إيلون ماسك على منصة التواصل الاجتماعي التي يملكها، "أكس"، نجاح عملية زرع شريحة دماغية تنتجها شركته "نيورالينك" في رأس مريض بشري. من المفترض أن تسمح تلك الشريحة للمريض باستخدام أفكاره للتحكم بأجهزة خارجية مثل الكومبيوتر أو الهاتف، أو حتى بعمليات فسيولوجية تساعده على التنفس أو الحركة.

تبدأ قصة الشريحة الدماغية حين اشترى ماسك تلك الشركة في عام 2016، الشركة التي يقول عنها البعض إنها ستصبح أعظم شركاته.

فعلى الرغم من أن الملياردير يملك شركات عدة من ضمنها "تسلا" و"سبيس أكس" اللتان تهدفان إلى إعادة تعريف ما سيفعله البشر في المستقبل، إلا أن شركة "نيورالينك" لها هدف أكبر وأكثر طموحا بكثير، إذ تهدف إلى إعادة تعريف ما سيكون عليه البشر في المستقبل.

أعصاب حديد

لكن الأمر لم يبدأ فعليا بشراء تلك الشركة، فرحلة "نيورالينك" تبدأ قبل نحو 600 مليون عام.

كان قنديل البحر أول الكائنات التي تملك جهازا عصبيا. كان ذلك الجهاز بدائيا على صورة شبكة من الخلايا تجمع المعلومات عن البيئة المحيطة. مكنت تلك الشبكة قنديل البحر من التفاعل مع التغيرات البيئية المختلفة؛ بصورة منفصلة، فالجهاز العصبي لم يكن مركزيا في ذلك الوقت.

ثم جاءت الدودة المفلطحة؛ التي كونت جهاز عصبيا مركزيا تُرسل فيه الأعصاب المعلومات المختلفة إلى الدماغ. ثم يعالج الدماغ تلك المعلومات، ويرسل تعليمات محددة الى أقسام جسم الدودة المختلفة. من ذلك الوقت، انتشرت الأجهزة العصبية المركزية في جميع الكائنات. بعد فترة، وصلت الثدييات، التي كانت تحتاج الى تنظيم تلك الإشارات؛ ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، ولكن أيضا للتواصل بمجموعات مختلفة من المشاعر المعقدة؛ كالحب والكراهية والخوف والغضب والقسوة.

على مدى ملايين السنوات تطور دماغ الدودة المفلطحة البسيط في ملايين الكائنات، ليصل إلى ذروة تطوره في الرئيسيات، وتحديدا الإنسان.

 كان قنديل البحر أول الكائنات التي تملك جهازا عصبيا. كان ذلك الجهاز بدائيا على صورة شبكة من الخلايا تجمع المعلومات عن البيئة المحيطة. مكنته تلك الشبكة من التفاعل مع التغيرات البيئية المختلفة بشكل غير مركزي

تحول الدماغ إلى مصنع الأفكار، ومكن الإنسان من التعلم، اكتشف أسلافنا طريقة إشعال النار؛ وإلى الآن، تتوالى الاكتشافات، وتُصنع المنجزات. في منتصف القرن العشرين تقريبا، بدأ الدماغ البشري العمل على اختراعه الأكثر طموحًا حتى الآن وهو الكومبيوتر.

ظهرت أجهزة الكومبيوتر الرقمية الأولى في الأربعينات من القرن الماضي. كان أحد أنواع العمل الدماغي الذي يمكن لأجهزة الكومبيوتر القيام به هو تخزين المعلومات. أصبح البشر في ذلك الوقت يستخدمون مصادر خارجية للذاكرة، ثم تمكنت تلك الأجهزة من معالجة المعلومات، والقيام بعمليات حوسبة معقدة. في أوائل تسعينات القرن الماضي، أصبحت تلك الأجهزة قادرة على التواصل بعضها مع بعض بواسطة شبكة الانترنت.

Shutterstock
قناديل البحر أول المخلوقات التي امتلكت جهازا عصبيا

تلك الشبكة أعطت أجهزة الكومبيوتر أول نظام عصبي. لكن، وعلى عكس الأعصاب البشرية التي يمكن أن تتلفها الأمراض، وتُميتها السموم العصبية، كانت أعصاب الكومبيوتر "حديدية" غير قابلة للتلف. من تلك الفكرة، انبثقت فكرة شركة "نيورالينك".

فإذا كانت الأعصاب الإلكترونية غير قابلة للتلف، فلماذا لا ندمجها في مواقع الأعصاب الحيوية التالفة لتقوم بدورها؟

تعزيز التجربة الإنسانية

اكتسب مصطلح "ما بعد الإنسانية" مكانة بارزة في القرن العشرين، ولعب عالم الأحياء جوليان هكسلي دورا محوريا في نشره. تصور هكسلي مستقبلًا حيث يمكن للبشرية تجاوز حدودها، واحتضان التقدم التكنولوجي لتعزيز التجربة الإنسانية.

تدعو تلك الحركة إلى تحسين الحالة الإنسانية من خلال تطوير وإتاحة تقنيات متطورة على نطاق واسع يمكنها أن تعزز بشكل كبير طول العمر والإدراك والرفاهية. من أجل ذلك الهدف تأسست "نيورالينك".

تعمل شركة "نيورالينك" في ولاية كاليفورنيا الأميركية، في مجال واجهات الدماغ والحاسوب القابلة للزرع (BCIs).

اجتذبت الشركة منذ إنشائها، أفضل المواهب، بمن في ذلك علماء الأعصاب المشهورون من الجامعات الرائدة، مما عزز مكانتها كشركة رائدة في هذا المجال. وبدعم من التمويل الكبير، بما في ذلك مساهمة كبيرة قدرها 100 مليون دولار من ماسك نفسه، وسعت الشركة قوتها العاملة إلى 90 موظفا بحلول يوليو/تموز 2019.

وسط الابتكارات المتعددة التي تحاول الشركة صناعتها لصياغة مستقبل البشرية، يكمن جهاز ثوري يشبه ماكينة الخياطة، مصمم لزرع خيوط رفيعة بشكل لا يصدق مباشرة في الدماغ. هذا الجهاز هو الشريحة الدماغية التي يتحدث عنها ماسك.

تتكون تلك الشريحة من خيوط يبلغ عرضها من 4 إلى 6 ميكرومتر فقط، قادرة على التواصل مع الخلايا العصبية الحيوية بدقة وقدرة غير مسبوقة. كما أن لديها نظاما قادرا على قراءة المعلومات من فأر المختبر عبر 1500 قطب كهربائي، وهو الأمر الذي مهد الطريق للتطبيقات التحويلية في التجارب البشرية.

تتكون مجسات "نيورالينك" بشكل أساسي من مادة البوليميد، وهي مادة متوافقة حيويا، مع موصلات رقيقة من الذهب أو البلاتين. يتولى عملية إدخالها في الدماغ روبوت جراحي

واجهات الدماغ والآلة

تعتمد تلك الشريحة على مفهوم واجهات الدماغ والآلة المعروف منذ سنوات طويلة، وهي تقنية تتيح الاتصال المباشر بين الدماغ وجهاز خارجي، مثل الكومبيوتر أو الطرف الاصطناعي، دون الحاجة إلى طرق الإدخال التقليدية مثل لوحات المفاتيح.

تعمل واجهات التواصل بين الدماغ عادة من طريق اكتشاف وتفسير إشارات الدماغ، مثل النشاط العصبي أو النبضات الكهربائية، وترجمتها إلى أوامر يمكنها التحكم بالأجهزة أو تقديم ردود فعل.

هناك أنواع من تلك الأجهزة، أشهرها على الإطلاق واجهات الدماغ والآلة غير الغازية التي لا تتطلب إجراء عملية جراحية وتعتمد بدلاً من ذلك على أجهزة استشعار خارجية للكشف عن نشاط الدماغ. تشمل الأمثلة أجهزة تخطيط كهربائية الدماغ (EEG)، الذي يقيس النشاط الكهربائي على فروة الرأس، والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، الذي يكتشف التغيرات في تدفق الدم في الدماغ.

Shutterstock
تشتمل الشريحة على خيوط إلكترونية مدمجة لمعالجة الإشارات العصبية التي تكتشفها الأقطاب الكهربائية في الدماغ.

أما النوع الآخر، وهو النوع الذي تنتمي إليه شريحة "نيورالينك"، فواجهات الدماغ والآلة الغازية، الذي يتضمن زرع أقطاب كهربائية أو أجهزة استشعار مباشرة في أنسجة المخ أو على سطح الدماغ، مما يسمح بتسجيلات عصبية عالية الدقة والتحكم الدقيق لكنه يتطلب عملية جراحية وينطوي على بعض الأخطار.

تواجه تلك الواجهات سؤالين جوهريين: كيف تُخرج المعلومات الصحيحة من الدماغ؟ وكيف تُرسل المعلومات الصحيحة إلى الدماغ؟

يتعلق السؤال الأول بمحاولة التقاط مخرجات الدماغ من الإشارات العصبية وتسجيل ما تقوله الخلايا العصبية. أما الثاني فيتعلق بإدخال المعلومات في التدفق الطبيعي العصبي للدماغ، أو تغيير ذلك التدفق أو تحفيز الخلايا العصبية.

في الدماغ السليم المعافى، يحدث الأمران بشكل طبيعي. فعلى سبيل المثل، حين يشاهد المرء سيارة مسرعة في اتجاهه، تستخرج الخلايا العصبية المعلومات وترسلها بصورة مباشرة الى الدماغ لتقوم بدورها بتحفيز الخلايا العصبية الموجودة في الفص القذالي -منطقة دماغية تتصل بالرؤية- لتحليل المشهد ومعالجة المعلومات، وإرسال أوامر الى الأطراف بالتحرك سريعا بعيدا من مسار السيارة. في أدمغتنا، توجد مليارات الخلايا العصبية التي يتفاعل بعضها مع بعض بشكل طبيعي على مستوى الجهاز العصبي المركزي. لكن ذلك الجهاز قد يتعطل جراء الإصابة بالمرض أو بحادث مفاجئ.

زرع شريحة "نيورالينك"

هنا يأتي دور شريحة ماسك الدماغية. في عام 2019، خلال عرض تقديمي مباشر في أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، كشف فريق "نيورالينك" عن تقنية النموذج الأولي الأول الذي كانوا يعملون عليه، وهو نظام يتضمن إدخال مجسات رفيعة للغاية في الدماغ، وروبوت لجراحة الأعصاب لإجراء العمليات، ونظام إلكتروني قادر على معالجة المعلومات من الخلايا العصبية.

تتكون مجسات "نيورالينك" بشكل أساسي من مادة البوليميد، وهي مادة متوافقة حيوياً، مع موصلات رقيقة من الذهب أو البلاتين. يتم إدخال هذه المجسات في الدماغ من خلال عملية آلية يقوم بها روبوت جراحي، ويحتوي كل مسبار على أقطاب كهربائية متعددة قادرة على اكتشاف الإشارات الكهربائية في الدماغ، بما يصل إلى 3072 قطبا كهربائيا في كل تشكيل. كما صممت الشركة روبوتا جراحيا مصمما لإدخال مجسات مرنة بسرعة في الدماغ، مما يقلل تلف الأنسجة.

طورت الشركة دائرة متكاملة خاصة بالتطبيقات (ASIC) لإنشاء نظام تسجيل يضم 1536 قناة. يشتمل هذا النظام على مكبرات للإشارة ومحولات تناظرية إلى رقمية وأجهزة تحكم بالدوائر الطرفية لرقمنة المعلومات العصبية ومعالجتها

رأس الإدخال الخاص بالروبوت هو عبارة عن إبرة مصنوعة من التنغستن والرينيوم، قادرة على إدخال ما يصل إلى ستة أسلاك (192 قطبا كهربائيا) في الدقيقة. كما توفر مجموعة التصوير الموجودة في رأس أداة الإدخال إمكان عرض الإدخال والتحقق منه في الوقت الفعلي.

Shutterstock
تعمل شركة "نيورالينك" في ولاية كاليفورنيا، في حقل شرائح الدماغ والحاسوب القابلة للزرع (BCIs).

وطورت الشركة دائرة متكاملة خاصة بالتطبيقات (ASIC) لإنشاء نظام تسجيل يضم 1536 قناة. يشتمل هذا النظام على مكبرات للإشارة ومحولات تناظرية إلى رقمية وأجهزة تحكم في الدوائر الطرفية لرقمنة المعلومات العصبية ومعالجتها.

وفي يوليو/تموز 2020، حصلت شركة "نيورالينك" على تصنيف جهاز متطور من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، مما يسمح بإجراء اختبارات بشرية محدودة بموجب إرشادات إدارة الغذاء والدواء للأجهزة الطبية.

وأجرت شركة "نيورالينك" تجارب على القرود بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا، وظهرت ادعاءات في عام 2022 من لجنة الأطباء للطب المسؤول تتهم فيها شركة "نيورالينك" وجامعة كاليفورنيا في ديفيس بإساءة معاملة العديد من القرود، مما أدى إلى ضائقة نفسية ومعاناة شديدة والتهابات مزمنة بسبب العمليات الجراحية.

ادعت تلك اللجنة وقتها أن ما لا يقل عن 15 قردا من أصل 23 قردا مشاركة في التجارب ماتت أو تم قتلها بطريقة رحيمة نتيجة لزراعة الشرائح، واتهمت جامعة كاليفورنيا بحجب الأدلة على سوء المعاملة.

تشتمل الشريحة على إلكترونيات مدمجة لمعالجة الإشارات العصبية التي تكتشفها الأقطاب الكهربائية، والتي تتضمن تضخيم الإشارات وتصفية الضوضاء، وتحويل الإشارات التناظرية إلى بيانات رقمية يمكن تحليلها ونقلها

وكانت شركة "نيورالينك" أنكرت قبل عامين مزاعم إساءة معاملة الحيوانات، بعد تقارير عن موت قرود المكاك والقتل الرحيم لها بعد التجربة. اقترح إيلون ماسك طريقة بديلة محتملة لزرع أجهزة "نيورالينك" عبر الوريد الوداجي بدلا من فتح الجمجمة. وبعد أشهر عدة، خضعت الشركة لتحقيق فيديرالي من قبل وزارة الزراعة الأميركية بسبب انتهاكات مزعومة لرعاية الحيوان، لكن التحقيق لم يجد أي دليل على انتهاكات حقوق الحيوان بخلاف حادث تم الإبلاغ عنه ذاتيا في عام 2019.

نقل البيانات لاسلكيا

تحتوي شريحة "نيورالينك" على مجموعة من الأقطاب الكهربائية التي تم وضعها بشكل هندسي دقيق للتفاعل مع الأنسجة العصبية. هذه الأقطاب الكهربائية قادرة على اكتشاف الإشارات الكهربائية التي تولدها الخلايا العصبية ويمكنها أيضا تقديم تحفيز كهربائي لتعديل النشاط العصبي.

بمجرد زرعها، تكتشف الأقطاب الكهربائية الموجودة على الشريحة الإشارات الكهربائية التي تنتجها الخلايا العصبية في أنسجة المخ المحيطة. تمثل هذه الإشارات تحفيز الخلايا العصبية الفردية وتوفر معلومات قيمة حول نشاط الدماغ. تشتمل الشريحة على إلكترونيات مدمجة لمعالجة الإشارات العصبية التي تكتشفها الأقطاب الكهربائية والتي تتضمن تضخيم الإشارات وتصفية الضوضاء وتحويل الإشارات التناظرية إلى بيانات رقمية يمكن تحليلها ونقلها.  بعد ذلك، يتم نقل البيانات العصبية المعالجة من الشريحة لاسلكيا إلى أجهزة خارجية لمزيد من التحليل والتفسير. يتيح نقل البيانات هذا، مراقبة نشاط الدماغ في الوقت الفعلي ويسمح بالاتصال الثنائي الاتجاه بين الدماغ والتكنولوجيا الخارجية.

Shutterstock
تتيح شرائح الدماغ الخاصة بشركة "نيورالينك" استخدام الأفكار للتحكم في أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية

بالإضافة إلى تسجيل النشاط العصبي، يمكن لشريحة ماسك توفير التحفيز الكهربائي لمناطق معينة من الدماغ. تسمح هذه القدرة للباحثين بالتحقيق في كيفية تأثير تحفيز دوائر عصبية معينة على وظائف المخ وسلوكه، ومن خلال توصيل الشريحة بهذه الأجهزة، يمكن للمستخدمين التفاعل مع التكنولوجيا باستخدام أفكارهم فقط، متجاوزين طرق الإدخال التقليدية مثل لوحات المفاتيح أو شاشات اللمس.

ويمكن استخدام واجهات الدماغ والحاسوب للتحكم بالأطراف الاصطناعية أو الهياكل الخارجية، ومن شأن حالة الاستخدام هذه أن تمكن الأشخاص المصابين بالشلل أو بتر الأطراف من استعادة مستوى معين من الحركة والاستقلالية.

ينصب التركيز على مساعدة الأشخاص غير القادرين على التحدث أو الكتابة، للتواصل مع الآخرين من خلال السماح لهم بالتحكم بـ"ماوس" الافتراضي لكومبيوتر أو لوحة المفاتيح وإرسال الرسائل من طريق الإشارات الدماغية

لكن حاليا، ينصب التركيز الرئيس لشركة "نيورالينك" على مساعدة الأشخاص غير القادرين على التحدث أو الكتابة على التواصل مع الآخرين من خلال السماح لهم بالتحكم بـ"الماوس" الافتراضي لكومبيوتر أو لوحة المفاتيح أو إرسال الرسائل من طريق الإشارات الدماغية.

عقبات أمام الشريحة

على الرغم من أن الشريحة تمتلك إمكانات هائلة لإحداث ثورة في مختلف جوانب الرعاية الصحية والاتصالات والتفاعل بين الإنسان والحاسوب، إلا أن هناك العديد من العقبات والتحديات الكبيرة لتحقيق هذه الإمكانات بشكل كامل.

فالدماغ معقد بشكل لا يصدق، حيث تتواصل مليارات الخلايا العصبية عبر شبكات معقدة. ويشكل فك رموز هذه الإشارات وتفسيرها بدقة تحديات كبيرة، خاصة بالنظر إلى تباين نشاط الدماغ بين الأفراد والسياقات. كما أن التقاط ومعالجة الإشارات الكهربائية من الدماغ يمكن أن يكونا عرضة للضوضاء والتداخل وتدهور الإشارة، بينما يعد تحقيق جودة وموثوقية عالية للإشارة أمرا ضروريا للتفسير الدقيق والتواصل الفعال بين الدماغ والأجهزة الخارجية.

كما أن ضمان الاستقرار والمتانة على المدى الطويل للشريحة المزروعة أمر أساسي لعملها وفاعليتها، إذ يجب معالجة مشكلات مثل انجراف القطب الكهربائي واستجابة الأنسجة وتدهور الجهاز بمرور الوقت للحفاظ على أداء موثوق به وتقليل الحاجة إلى استبدال الجهاز أو مراجعته.

كما تثير واجهات التواصل بين الدماغ العديد من المخاوف الأخلاقية والخصوصية، خصوصا في ما يتعلق بسرية البيانات العصبية وأمنها. لذا، تعد حماية خصوصية المستخدمين والموافقة المستنيرة وضمان الوصول العادل إلى تقنية "BCI"، من الاعتبارات الأساسية في تطويرها ونشرها.

font change

مقالات ذات صلة