إلى أي حد، ينفتح الشعراء، أو الفلاسفة والفنانون من مسرحيين وسينمائيين وتشكيليين وروائيين وغيرهم، على بعضهم، يتبادلون تجاربهم وآراءهم وأعمالهم؟ هل تكفي ثقافة كل من هؤلاء لتغْتَني نصوصهم، أَمْ أن كل جنس من هؤلاء يكتفي بثقافته الخاصة: الشاعر يكتفي بالشعر، والفيلسوف بالفلسفة، والروائي بالرواية؟
من خلال نشاطاتي المسرحية في عشرات المهرجانات، قلما شاهدت زواراً من أنواع أخرى، يتابعون أو يهتمون، بهذا الجزء من الإبداع. ويمكن هنا إدراج الآخرين المختلفين، كل على حِدَة منغلق على نفسه، أو على هاجسه وميراثه وتخصصه.
قال بعضهم: إن كثرة الانفتاح على النتاجات الأخرى قد تؤثر سلباً على صاحبها. فالفنان التشكيلي يخشى من أن يفقد هُويته إذا اهتم كثيراً أو قليلاً بالرواية أو الفكر أو الآداب. إذن كانت هناك بين الإبداعات المختلفة أسوار وحدود مغلقة. هذا ما يمكن تلمسه من الواقع (باستثناء أعداد صغيرة).
فمن خلال مناقشات مع عدد من المبدعين المختلفين في ثقافتهم، تكتشف أن، كلا منهم مرتبط بموقعه، وأن الحديث يشكو فراغات وسوء تفاهم. لكن ألم يُقَل إن الفنون والآداب منفتحة على بعضها، تعطي بقدر ما تأخذ؟ أَلَمْ يُقَل إن الأديب الذي تقتصر علاقته بالأدب، يفقد خزاناً من الأفكار والصور والمتعة من الرسوم واللوحات، والألوان والبنيات؟ والشاعر الذي يعزل نفسه في الشعر ألا يفقد عناصر أساسية من الفلسفة، ويستل منها ما يستل، وتساعده على التعمق في عمله، وخصوصاً في ما يتصل بالبنية ومقاييسها وإيقاعاتها وضبطها مستفيداً من "عقلانية" الفلسفة لشحذ قصيدته، حتى الغنائية منها، بل حتى السوريالية؟