الانتخابات الإيرانية... أزمة التصويت والمشاركة السياسية

استطلاع للرأي: 38 في المئة لا يعلمون موعد الاقتراع

EPA
EPA

الانتخابات الإيرانية... أزمة التصويت والمشاركة السياسية

تناولت الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية موضوع المشاركة الجماهيرية في الاستحقاق الانتخابي الشهر المقبل، وسط تقارير عن احتمال عزوف قطاع كبير من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم.

ونشرت صحيفة "هم ميهن" تقريرا بعنوان "صمت المجتمع قبل موعد الانتخابات بـعشرة أيام". ويقول التقرير: "الأجواء الانتخابية باهتة واستطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون نهاية شهر يناير/كانون الثاني خير دليل على هذا الكلام حيث أشار إلى أن 52 في المئة من الناخبين لا يعلمون موعد الانتخابات المقبلة، وهذا يدعم التكهنات التي تفيد بأن نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية الثانية عشرة ستكون أقل من نسبة التصويت في انتخابات 2020 والتي كانت 42.5 في المئة.

وفُسر العزوف عن المشاركة على كونه فعلا احتجاجيا جماهيريا يمثل الأصوات الصامتة التي تقول "لا للظروف الراهنة". لقد استخدم الناخبون الصمت وعدم التصويت في الانتخابات السابقة كأداة احتجاج غير أن الظروف لم تتحسن بعد تشكيل البرلمان الراهن.

واليوم، يناشد المسؤولون، الذين التزموا الصمت خلال الاحتجاجات الشعبية بعد مقتل مهسا أميني، الناخبين للمشاركة في الانتخابات. وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي إن التصويت في الانتخابات "جهاد" وإن "الأعداء سيفشلون في إبعاد الناخبين عن صناديق الاقتراع وإن الانتخابات ستكون بمشاركة حاشدة من خلال إقبال الناخبين الشباب الذين بلغوا سن الاقتراع وسيصوتون لأول مرة وعددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص. من جهة أخرى أعرب نائب الرئيس في الشؤون البرلمانية محمد حسيني عن أمله بأن تكون نسبة التصويت في الانتخابات القادمة أكبر من الانتخابات السابقة، فيما اعتبر المدعي العام للبلاد محمد موحدي آزاد أن المشاركة في الانتخابات واجب".

وأضاف مقال صحيفة "هم ميهن": "يحاول المسؤولون إيجاد النشاط الانتخابي، يهتفون في الحشد: احملوا كبار السن على أكتافكم ليصلوا إلى صناديق الاقتراع، فيما يقول مسؤول آخر إنه يمكن للناخبات غير الملتزمات بالحجاب الإسلامي التصويت في الانتخابات. ويؤكد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور هادي طحان نظيف على حق الناخبات غير الملتزمات بالحجاب في التصويت قائلا إنهم لا يمنعون أي شخص من حق التصويت".

الأجواء الانتخابية باهتة واستطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون نهاية شهر يناير خير دليل على هذا

صحيفة "هم ميهن"

وقد أجرت "هم ميهن" حوارات مع مواطنين من مختلف فئات المجتمع حول المشاركة في الانتخابات. وقال التقرير إن غالبية المواطنين لن يصوتوا في الانتخابات لأسباب تتعلق بظروف اجتماعية وثقافية ومعيشية وعدم تحسن الأوضاع والمضايقات الخارجة عن القانون حول قضية عدم الالتزام بالحجاب والوعود التي لم تنفذ.

ويرى جزء كبير من المستطلعة آراؤهم أن نواب البرلمان لم يعودوا ممثلي الشعب بل أصبحوا ممثلي النظام. ويعتبر عدم الثقة بالمسؤولين وملفات الفساد المالي بين عدد كبير من كبار المسؤولين في القطاعات السياسية والاقتصادية وتجاهل نواب البرلمان لاحتجاجات العمال وعدم تحركهم لتحسين الظروف المعيشية للشعب من أهم أسباب عزوف الناخبين عن التصويت. وأما عن الفئة التي تريد التصويت في الانتخابات فإنها لا يزال لديها أمل في تحسن الأوضاع وترى أن التصويت في الانتخابات والمطالبة بالحقوق جزآن لا ينفصلان وأن المشاركة في الانتخابات قد توفر في طويل الأمد أسباب الحياة العادية للمواطنين.

متى موعد الانتخابات؟

ونشرت وسائل إعلام معارضة للنظام الإيراني في المهجر نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته مجموعة أبحاث الرأي الإيراني (كُمان) ومقرها هولندا حول الانتخابات القادمة.

وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أُجري بين 31 يناير/كانون الثاني و7 فبراير/شباط أن 77 في المئة من المشاركين في هذا الاستطلاع قالوا إنهم لن يصوتوا في الانتخابات ونحو 15 في المئة قالوا إنهم يصوتون بشكل مؤكد في الانتخابات وأن نحو 38 في المئة لم يكن لديهم علم بموعد إجراء الانتخابات التشريعية مما يدل على أن الانتخابات فقدت أهميتها لهذه الفئة من المجتمع.

يرى جزء كبير من المستطلعة آراؤهم أن نواب البرلمان لم يعودوا ممثلي الشعب بل أصبحوا ممثلي النظام

وأشارت النتائج إلى أن 39 في المئة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية السابقة لا ينوون التصويت في الانتخابات القادمة وأن 65 في المئة من الشباب الذين بلغوا سن الاقتراع قالوا إنهم لا يصوتون في الانتخابات. كما أن 75 في المئة من المشاركين في الاستطلاع للرأي قالوا "لا" وذلك ردا على سؤال "هل تصوتون بنعم أم لا للجمهورية الإسلامية" في حال إجراء استفتاء حر.

ويرى تقي آزاد أرمكي عالم الاجتماع في حوار مع صحيفة "هم ميهن" أن حالة من "التجاهل" تسود المجتمع حول الانتخابات، مضيفا أن "التوقعات كانت تشير إلى تدني نسبة التصويت غير أن الأساليب لم تتغير لاستقطاب الجماهير وحثهم على التصويت... المنافسة تجعل نسبة المشاركة مرتفعة غير أن غياب المنافسة في الانتخابات السابقة هو السبب الرئيس لتدني نسبة التصويت".

وأضاف: "لقد وصل جزء كبير المجتمع منذ عقد من الزمن إلى استنتاج مفاده أن تصويته في الانتخابات للإصلاحيين أو المتشددين لا يؤدي إلى تحسين الأوضاع ولذلك رأينا التجاهل الجماهيري لأخبار الانتخابات وعدم التفاعل مع حملات رفض أهلية المرشحين. ولن يتفاعل المجتمع مع الدعايات الحكومية بشأن الانتخابات وسيبقى متفرجا على ذلك".

AFP
لافتة للانتخابات الإيرانية 2024 على طريق رئيس في وسط طهران

ونشر موقع "إيران واير" المعارض تقريرا بعنوان "الضغوط الأمنية على وسائل الإعلام إبان الانتخابات"، جاء فيه أن "الأجهزة الأمنية أجبرت مسؤولي وكالة أنباء "خبر أونلاين" على إزالة خبر نتائج استطلاع للرأي حول نسبة المشاركة في الانتخابات.

وقد نشر موقع "خبر أونلاين" في نهاية يناير نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة حكومية حول نسبة التصويت، حيث أشارت إلى توقعات بأن تصل نسبة التصويت إلى 22 في المئة في محافظة طهران وأقل من 30 في المئة عبر البلد.

وأضاف تقرير "خبر أونلاين" أن "الذين لا يصوتون في الانتخابات يعتقدون أن مؤسسة البرلمان والعملية الانتخابية في إيران فاشلة وأن الفساد ينخر البلاد ولا أمل في المستقبل وأن الانتخابات ليست إلا حركة استعراضية تقوم بها السلطات".

font change

مقالات ذات صلة