الكويت... توقع تحولات إصلاحية مع الحكومة الجديدة

آمال بالارتقاء بالحياة السياسية والاقتصادية نحو التنمية بعيدا من الشعبوية

Shutterstock
Shutterstock
الكويت العاصمة

الكويت... توقع تحولات إصلاحية مع الحكومة الجديدة

بعد انتخابات مجلس الأمة يوم الرابع من أبريل/نيسان، استقالت حكومة الدكتور محمد الصباح سالم الصباح بموجب أحكام الدستور. فوجئ المجتمع السياسي باعتذاره عن عدم تولي منصب رئيس الوزراء مجددا، ليتم اعتماد الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح رئيساً للوزراء وتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.

يلاحظ خلال السنوات القليلة المنصرمة، عدم استقرار الحكومات وكذلك مجالس الأمة في الكويت، نتيجة للتجاذبات والخلافات حول قضايا مختلفة، منها الاقتصادية ومسائل أخرى، مثل الجنسية الكويتية التي أثيرت أخيرا، ومعايير منحها للأفراد، لتفتح ملفات اتضحت من خلالها عمليات تزوير وتجاوزات للقانون رقم 15 لسنة 1959 المتعلق بالجنسية الكويتية.

الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح ليس بعيداً من المجتمع السياسي، وسبق له أن شغل مناصب وزارية مهمة مثل وزارة المالية والتخطيط ووزارة المواصلات ووزارة الصحة ووزارة النفط ووزارة الإعلام. ويعتبر من أفراد الأسرة الحاكمة الأساسيين ويبلغ من العمر 72 عاماً، فهو من مواليد عام 1952، وحظي بتعليم جيد، وتخرج في إحدى الجامعات الأميركية، واكتسب خبرات مهنية جيدة بعدما عمـــــــــل في مؤسسات مالية، منها بنك الكويت المركزي، وترأس مجلس إدارة بنك برقان، أحد المصارف التقليدية في البلاد.

Kuwait times
رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد العبدالله الصباح

لكن التحديات التي تواجه الشيخ أحمد العبد الله، وأي رئيس للوزراء في الكويت، تتمثل بداية في اختيار أعضاء الحكومة أو مجلس الوزراء. ثم يأتي بعد ذلك الاتفاق على برنامج الحكومة الذي لا بد من تقديمه إلى مجلس الأمة والتوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على مختلف القضايا. يهيمن مجلس الوزراء، وفقا للمادة 123 من الدستور، على إدارة الدولة، التي تنص على ما يأتي: "يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة ويرسم السياسات العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية".

أدمن المجتمع الكويتي نظام التنفيع وتخصيص الأموال لزيادة الرواتب والأجور والدعومات المتعلقة بالغذاء والإسكان والمرافق الحيوية، كالكهرباء والماء والوقود، ناهيك عن المخصصات الموسمية

وبدا مجلس الأمة في السنوات الأخيرة، خصوصاً منذ بداية الألفية الثالثة، متجاوزاً مسألة الفصل بين السلطات، وأصبح معوقاً لدور مجلس الوزراء من خلال التدخلات في التعيينات الإدارية، التي تخدم عادة مصالح أعضاء مجلس الأمة انتخابياً. كما أن مجلس الأمة عطل عملية إصلاح السياسات المالية ومراجعة النظام الاقتصادي وإنجاز برامج التخصيص والحد من تكاليف فلسفة الريع ودولة الرفاه.

نظام التنفيعات والدعم 

وقد أدمن المجتمع الكويتي نظام التنفيع وتخصيص الأموال لزيادة الرواتب والأجور والدعومات المتعلقة بالغذاء والإسكان والمرافق الحيوية، كالكهرباء والماء والوقود، ناهيك عن المخصصات الموسمية، مثل تعويض العاملين في فرق مكافحة جائحة "كوفيد-19"، والتعويض عن الإجازات الدورية وغيرها من مخصصات مكلفة ليس لها مبررات مقنعة اقتصاديا واجتماعيا.

الآن، ثمة آمال عظيمة لدى النخبة الإصلاحية في الكويت، التي تشمل المراقبين الاقتصاديين ورجال الأعمال وعددا من الإصلاحيين السياسيين ذوي النزعة التقدمية، بأن يقدم سمو أمير البلاد على دعم الجهود الهادفة للارتقاء بالحياة السياسية وتطوير النظام الانتخابي من أجل حصد نتائج أفضل في أي انتخابات مقبلة، وتعزيز إمكانات الإصلاح الاقتصادي الهيكلي في البلاد. ربما، إذاً، يتمكن الشيخ أحمد العبد الله من تشكيل مجلس وزراء متسق الرؤية ومتمكن بأعضائه من إنجاز مشروع دولة عصري وتجاوز معوقات السياسات الشعبوية ومواجهة الأعضاء المتنمرين المهتمين بمصالحهم، التي قد تكون على حساب المصلحة العامة للبلاد. 

لا بد، أيضا، أن يهتم رئيس الوزراء ووزراؤه بتشكيل لجان المجلس الأساسية، مثل اللجنة المالية والاقتصادية واللجنة التشريعية واللجنة التعليمية، بحيث يتوافق تشكيلها مع متطلبات التنمية وجودة التشريع والارتقاء بالنظام التعليمي وإصلاح سوق العمل في البلاد. قبل ذلك، لا بد من أن يعمل مجلس الوزراء على اختيار رئيس مجلس الأمة ونائبه وأعضاء اللجان البرلمانية، حيث أن أعضاء الحكومة هم دستوريا أعضاء في مجلس الأمة أيضا ويحق لهم ممارسة التصويت. يمثل اختيار الأعضاء للمناصب الرئيسة أهمية خاصة لأنه يتطلب التوافق بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة وتسهيل إنجاز البرامج الحكومية.

يتعين على رئيس الحكومة والوزراء أن يتبنوا سياسات واضحة المعالم في مختلف المجالات وتحمل مسؤوليات المواجهة دون الإذعان للمطالبات غير المفيدة

غني عن البيان أن الأمور ليست بيسيرة، ويتطلب الانتقال إلى أوضاع سياسية أكثر مواءمة للإصلاح، تشريعات ذات جودة عالية ومتوافق عليها بين السلطتين. يبقى دور مجلس الوزراء محوريا، يتعزز بقدرات الرئيس والأعضاء في الحكومة وتمكنهم من مواجهة العقبات والطروحات الشعبوية وإعاقات أعضاء مجلس الأمة. يتوق الكويتيون الى تحسين أوضاعهم، وهم يشتكون من تدهور أوضاع التعليم والرعاية الصحية وتعطل مشاريع الإسكان وعدم صلاحية البنية التحتية، من طرق ومطار وموانىء وغيرها. لكنهم، عند صناديق الاقتراع، ينتخبون أعضاء لا يهتمون بسوى دغدغة متطلباتهم على المدى القصير وزيادة الرواتب والأجور وعمليات التنفيع. 

أ.ف.ب.
مجلس الأمة الكويتي

كيف يمكن الارتقاء بأداء المجتمع السياسي؟ يتعين على رئيس الحكومة والوزراء أن يتبنوا سياسات واضحة المعالم في مختلف المجالات وتحمل مسؤوليات المواجهة دون الإذعان للمطالبات غير المفيدة. الانتقال إلى هذه المرحلة في الحياة السياسية، هو المأمول، ويتطلع المراقبون إلى استقرار يتمثل في استمرار مجلس الوزراء لمدة طويلة، واستمرار مجلس الأمة طوال الأجل المحدد وهو أربعة أعوام.

font change

مقالات ذات صلة